أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد اسماعيل السراي - شر الانسان.. مابين الظرف الطبقي والحضاري والشخصي















المزيد.....

شر الانسان.. مابين الظرف الطبقي والحضاري والشخصي


محمد اسماعيل السراي

الحوار المتمدن-العدد: 7496 - 2023 / 1 / 19 - 13:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كثيرا ما نجد الشر متوافرا لدى افراد الطبقات الدنيا من طبقات المجتمع المندحرة اقتصاديا واجتماعيا- مع التأكيد طبعا ان كثيرين اخرين من افراد هذه الطبقة خيّرون وطيبون ومتمسكون بالقيم-
ونحن إذ نجد الشر بين افراد الطبقات المرفهة او البرجوازية، فهو غالبا شرمن النوع المهذب يتعلق غالبا بفساد المال والاستغلال الاقتصادي، او الفساد الاخلاقي، الذي ينتج بشكل طبيعي نتيجة ظروف الرفاهية التي تتمتع بها هذه الطبقة. ومن الممكن اعتبار هذا الشر هو شر مخلوق محدث، احدثته ظروف حضارية تتعلق بالاقتصاد والوفرة والمدنية والحضارة. لكن بالنسبة لشر الطبقة الدنيا او الفقيرة الكادحة، وهي تشكل اغلبية في كثير من المجتمعات- ولا نقصد هنا ان الطبقة جميعها شريرة بل نستخدم تلك العبارة اصطلاحا فقط ونعني بها الافراد الشريرين في هذه الطبقة فقط- فهل لنا ان نفترض بان ظروف هذه الطبقة ؛ اي ظروف الجهل والعوز والجوع والتخلف، هي من انتجت هذا الشر لدى افراد هذه الطبقة ؟ وهل من الممكن تعميم ذلك تاريخيا وسحب ذلك الامر على اغلب تاريخ الانسان، بان نقول ان الشر قديم في الجنس البشري، حيث ان اغلب حقب الانسان التاريخية كانت تعاني فيها المجتمعات وافرادها الفقر والحرمان والجهل والتخلف. لذا فهل ان الشر الموجود حاليا في المجتمعات الحالية بين افراد الطبقات الفقيرة او الدنيا يمكن ان تكون قد عرفته البشرية طوال حقب طويلة لما كانت مجتمعات تلك الحقب تعاني ظروف الفقر والحرمان والجهل والتخلف ؟ وعليه هل يمكن ان نصوغ هذه الفرضية: انه مادامت المجتمعات او الجماعات البشرية وافرادها يعانون تاريخيا وبطبيعة الحال بسبب الظروف البيئية والحياتية وغيرها، يعانون الجهل والتخلف والجوع والحرمان، اذن فالشر البروليتاري- او انموذجه- كان موجودا وبقوة طوال الفترات التاريخية للأسباب ذاتها التي خلقت الشر في الفترات الحديثة والمعاصرة والتي اسبابها لا تتعلق بحقيقة وجود الطبقة حضاريا بقدر ما تتعلق بحقيقة ظروف هذه الطبقة والتي هي ظروف مرت بها البشرية خلال حقب زمنية كثيرة طوال تاريخها؟ ام ربما لا، وانما الظروف الحضارية هي من خلقت الشر بين افراد هذه الطبقة؟ اي نعني بذلك ان ظروف هذه الطبقة الحتمية من تخلف وجوع وحرمان وجهل ليست هي بحد ذاتها من خلق شر افراد هذه الطبقة بل خلقتها الظروف الحضارية نتيجة وقوع البشرية في مرحلة الحضارات البشرية مع صراعات هذه الحضارة وآلياتها التي تحركها، اضافة الى ظروف هذه الطبقة الخاصة بها ايضا والتي خلقتها بطبيعة الحال الظروف او الواقع الحضاري، وهي بالتالي من ادت الى ايجاد او خلق الشر بين كثير من افراد هذه الطبقة ؟ وبالتالي ستكون ،وكما في شر الطبقة البرجوازية والمرفهة المخلوق والمحدث، ستكون هذه الظروف الحضارية هي المسؤولة عن خلق الشر بين افراد الطبقات الفقيرة او الدنيا وان ظروف الطبقة الحتمية والخاصة بها كالحرمان والجوع والجهل والتخلف وان كانت مسؤولة حتما عن خلق وايجاد الشر في هذه الطبقة الا ان فاعليتها تكون ضمن نطاق الظرف الحضاري، اي بدون الظرف الحضاري لا تشكل هذه الظروف الطبقية شرا بمعزل عنه، وعليه هل نستطيع اذن ان نبرأ البشرية على طوال تاريخيها او في اغلب حقبها والتي عانت ظروفا قاهرة كالتي عانتها الطبقة الدنيا الفقيرة حاليا من جهل وتخلف وجوع وحرمان، ولكن بعيدا عن سياق الظرف الحضاري، ان نبرءها من الشر؟ اي ان تلك الظروف القاهرة بمعزل عن الظرف الحضاري لاتخلق شرا بين افراد المجتمعات البشرية تاريخيا ؟
مع التأكيد طبعا على ان ظروف الجهل والجوع والتخلف ممكن ان تؤدي الى التنافس بين البشر وممكن ان تخلق شرا في اي حقبة تاريخية بمعزل عن الظرف الحضاري، سواء بعدمه ام مع توافره. لكن التساؤل الاساسي يتمحور حول امكانية تعميننا لوجود الشر في حقب البشر التاريخية الطويلة اذا ما قسناها على ظروف الطبقة والمقصود هنا الطبقة الدنيا الفقيرة. او ان هذه الظروف الطبقية انتجت شرا لاقترانها بظرف حضاري انتجته الحضارة البشرية في حقب تاريخية متأخرة وخصوصا ما يعنينا هنا ظرف هذه الطبقة الدنيا الاقتصادي والاجتماعي مع ظرفها الحضاري الحالي سواء الطبقة الدنيا المعاصرة او الحديثة، او حتى انه يمكن لنا تعميم ذلك على تاريخ الطبقات الدنيا منذ بدايتها، اي منذ بروز وتشكل ظاهرة الطبقية في المجتمع البشري بصورة مميزة خصوصا بعد ظهور تقسيم العمل والوفرة في الانتاج والملكية الخاصة والعبودية والمدن والسلطة . وبصورة اكثر تفشيا للشر واكثر انقساما وبروزا للطبقية بعد الثورة الصناعية واكتظاظ المدن وازدحامها بالبشرية وبروز الطبقية بحدة مع ما رافق هذه الحقبة من ظهور اخلاق العمل وأخلاقيات الطبقات المتباينة واخلاق المدنية، واندحار القيم الروحية والاخلاقية والدينية بشدة امام اخلاقيات العصر الصناعي.
ولكن ايضا نعود للتاكيد بان هذه الطبقة الفقيرة تتميز بثراء او تفشي الخير فيها على الصعيد القيمي والاخلاقي بين كثير من افرادها، فلا ظرف الطبقة ولا الظرف الحضاري حتم ان يكون جميع افراد هذه الطبقة اشرارا. وهذا يستدعي اضافة الاستعداد النفسي(الشخصي) والاجتماعي( المتعلق بالتنشئة الاجتماعية) الذي يضاف الى الظروف الطبقية والحضارية في خلق دافع الشر لدى الافراد. مع التأكيد طبعا على حجم الطبقة البشري فهكذا طبقة تشكل اغلبية المجتمع في الكثير من المجتمعات وعليه فمن الممكن ان تتشكل في هكذا طبقة واسعة ظواهر عده ومنها ظاهرة الشر طبعا بصورة اكثر وضوحا من الطبقات البرجوازية والمرفهة الصغيرة الحجم والتي تشكل اقلية بشرية والظواهر فيها والانقسامات والتباين لا يكون واضحا كما في طبقة الاغلبية البروليتارية الفقيرة. ونعود الى سؤالنا الجوهري، هل ان الظروف الطبقية التي خلقت الشر لدى كثير من افراد الطبقة الفقيرة او الدنيا يمكن تعميمها على تاريخ البشرية في غالبه كونه عانى نفس ظروف هذه الطبقة تاريخيا من جوع وحرمان وجهل وتخلف فنقول ان الشر كان طابعا عاما في اغلب الحقب التاريخية البشرية، ام ان ظروف هذه الطبقة فقط عندما تكون مقترنة بالظرف الحضاري مع استعداد نفسي واجتماعي هي من خلقت هذا الشر، وبالتالي ربما نبرأ البشرية التاريخية من ان طابع الشر كان يدمغ تاريخها البشري في اغلبه، او في جُلِ حقبه المختلفة؟



#محمد_اسماعيل_السراي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثول الماضي في قعر شخصية الفرد العراقي..ما الاسباب؟
- الشريحة المتوسطة من اصحاب الكفاءات والخبرات المتوسطية، واسبا ...
- تكالب وقتال على عرش النبي المتوفي
- سسيولوجيا الشر..
- تبدل القيم..
- متى نتخلص من معضلة ازدواجية اللغة في مجتمعاتنا العربية؟
- السجين..بين نير العقاب ونعمة الإصلاح..
- البدو والحضر..وظاهرة تقديس الاضرحة والمزارات...
- دائرة الحمار المفرغة، بين خدمات قطاعية حكومية بائسة واسعار خ ...
- الظاهرة السجنية
- أسطورة الدم النقي، والأصل او المنحدر الواحد للشعوب العربية..
- اشتراكية الطعام والسكن والجنس، لدى انسان ماقبل التاريخ ..
- العقل العربي لا يتعامل مع الحقيقة بالمنطق العقلي ..بل بالمصد ...
- العنف، الجماعة، والتطور المجتمعي...
- من هنا بدات الحكاية..
- مقولات الايجاز عند العرب
- كفار الأمس..مؤمنين اليوم..
- العنف..والانقراض البشري
- اعتلالات التنشئة الاجتماعية في الحضارة الحديثة سواء التنشة ف ...
- حفريات في الشخصية العراقية (الانتماء والعنف)


المزيد.....




- -عبر السعودية-.. لبيد يرسم مسارا لنتانياهو للإفلات من المحاك ...
- هجوم إيران يطلق حربا عالمية في مواقع التواصل
- العثور على خاتم رئيسي في موقع الحادثة، ما قصة الشيعة مع الخو ...
- بعد أعمال العنف.. ماكرون يتوجه إلى كاليدونيا الجديدة
- طيران سنغافورة: وفاة شخص وإصابات إثر تعرض رحلة بين لندن وسنغ ...
- مظاهرة في اليونان ضد محاكمة 9 مصريين متهمين بإغراق سفينة مها ...
- هذه المرة أوروبياً...ليفركوزن يسعى لمواصلة كتابة التاريخ
- الماء الدافئ يذيب -نهر يوم القيامة الجليدي- ويثير قلق العلما ...
- استخدام الأسلحة النووية: أحلى على قلب زيلينسكي من العسل
- عواقب مقتل الرئيس الإيراني على بلاده


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد اسماعيل السراي - شر الانسان.. مابين الظرف الطبقي والحضاري والشخصي