أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد اسماعيل السراي - البدو والحضر..وظاهرة تقديس الاضرحة والمزارات...














المزيد.....

البدو والحضر..وظاهرة تقديس الاضرحة والمزارات...


محمد اسماعيل السراي

الحوار المتمدن-العدد: 7418 - 2022 / 10 / 31 - 01:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ان من طبيعة الحضريين ان تشيع لديهم ظاهرة تقديس وتبجيل المزارات والاضرحة المقدسة. ولذا نلاحظ ان اهل الجنوب (الشراكوة، اي الشروقيين نسبة الى القبائل القاطنة شرق العراق) هم من اكثر قبائل المجتمع العراقي زيارةً لهذه الاضرحة والمزارات والتبرك بها، اكثر من القبائل الذين هم من اصول بدوية او حديثي عهد بالبداوة. ولو لاحظنا فأن المزارات المقدسة المهمة لأئمة اهل البيت تتوزع في مناطق بدوية او شبه بدوية في غرب العراق تقريبا سواء المنطقة الفراتية او الجزيرة. فنجد ان مرقد الامام علي يقع في النجف ومرقدي الامامين الحسين والعباس يقعان في كربلاء وكذلك جملة من اصحاب الحسين، وان ضريحي أئمة سامراء علي الهادي و الحسن العسكري يقعان في مدينة سامراء. وهذه مناطق غربية تقع غرب العراق، وتسكنها قبائل حديثة العهد بالبداوة كسامراء والمنطقة الغربية التي وفدتها قبائل بادية الشام، وكذلك قبائل النجف وكربلاء التي وفدتها قبائل بدو الجزيرة العربية، وان كانت هذه القبائل اقدم عهدا في الهجرة الى العراق من قبائل الجزيرة، لكنها اقرب عهدا بالبداوة من قبائل الجنوب، كما يذهب الى ذلك الرأي المفكر علي الوردي* . وسنجد هنا ان هذه القبائل سواء في سامراء او كربلاء والنجف قبائل بدوية خشنة الطباع لا تميل الى تقديس الاضرحة كثيرا كما قبائل الجنوب الشراكوه، فمعروف عن اهل سامراء وماحولها انهم من المذهب السني، وكذلك حتى شيعة سامراء فهولاء القوم كما هو معروف انهم قليلي الزيارة والتبرك بهذه الاضرحة التي اصبحت بعهود معينه شبه مهجورة من الزائرين والمتهجدين والمتبركين بها حتى شاع بين شيعة العراق هذا القول بان ليس غريب طوس-ويقصد به الامام الرضا الذي يقع ضريحه في ايران- هو الغريب، بل ائمة سامراء هم الغرباء ، كون ضريحيهما يقع في بلدة غير معروف عن اهلها زيارة الاضرحة المقدسة والتبرك بها. وايضا نلاحظ ذلك الجفاء عند النجفيين والكربلائيين بانهم بالرغم من وجود هذه الاضرحة في مدنهم وانهم اغلبيتهم من المذهب الشيعي، الا انه وكما سمعت كثيرا من الشيعة الجنوبيين، ان اهل النجف وكربلاء اقل الناس زيارة لهذه الاضرحة المقدسة، واعتقد هنا ان طبيعة القبائل التي تسكن تلك الجغرافيا سواء في سامراء او النجف وكربلاء كونها من منحدر بدوي او قريبة العهد بالبداوة فهي لازالت متطبعة بطابع البداوة ذلك في عدم تقديس او شيوع تقديس واقامة الاضرحة والمزارات في مواطنها القديمة لذلك هي غير معنية شيئا ما بالتردد والتبرك بتلك الاضرحة، عكس الافراد من القبائل الشروكية والتي اغلبها من اصول حضرية عراقية من السهل الرسوبي او هي خليط من قبائل عربية بعيدة العهد بالأصول البدوية ومن اقوام عراقية قديمة تفاعلت وانتجت هذا الخليط العراقي القومي الذي يميل في هذه الجزئية كثيرا الى تقديس الاضرحة والمزارات، والذي اكتسب هذه الخاصية ارثاً من حضارات عراقية قديمة كانت تشيع فيها ظاهرة تعددية الاديان وتعدد الالهة وبالتالي تعدد مزارات هذه الالهة قديما، وانتشارها في نواحي الحضارة القديمة التي كان المجتمع العراقي القديم يتبرك بها لذلك انعكس هذا التاريخ الروحي على معتقداته الجديدة بعد وفود الدين الاسلامي الى ارض العراق. وايضا سنجد ان مرقد الإمامين الكاظميين يقع جغرافيا في مدينة الكاظمية في بغداد، لكن الكاظمية مدينة حضرية تختلف عن مناطق ومدن غرب العراق والفرات الاوسط لذا سنجد ان المجتمع في الكاظمية دائم الزيارة والتبرك بضريحي الاماميين الكاظمين كون هذا المجتمع الحضري تشيع لدية ظاهرة التقديس تلك، بالضبط كما هو شائع لدى قبائل اهل الجنوب في السهل الرسوبي .
ومن المعروف ان زوار الاضرحة والمزارات في تلك المناطق الغربية والمحافظات غرب العراق المشار اليها اعلاه هم اغلبية الشيعة من اهل جنوب العراق اي الشراكوه بالتعبير العامي ، ولكن لم يكتفي هولاء القوم بزيارة تلك الاضرحة المهمة فقط والتي افتقدتها مناطقهم الجغرافية، لسبب يستحق الدراسة والبحث، لذلك هم عمدوا لخلق اضرحة ومزارات وان كانت اقل شأنا من اضرحة الائمة، كمقامات لشخصيات دينية او(السادة) اي الافراد العادين من الناس ولكنهم من المنتسبين دمويا الى نسل النبي محمد حيث يعتبرون من اصل دموي ارقى واكثر قدسية. لذلك تقام لهم الاضرحة والمقامات او المزارات وتقدم النذور في حضراتهم ويتم التبرك بهم كما يفعلون ذلك مع اضرحة اهل البيت . والاكثر من ذلك ان هنالك مزارات لاعلاقة لها بشخوص مقدسين بل هي اشياء مادية نالت القدسية، كذلك المزار الذي شاعت زيارته مؤخرا، لعجلة قديمة عاطلة عبارة عن جرار زراعي( دركتل) حيث يتبرك به الاهالي وتعلق عليه قطع القماش( العلك) وتقدم له النذور. وليس غريبا شيوع مثلك تلك المزارات للاشياء المادية في تلك المواطن.
اني اعتقد ان للبيئة الحضرية والثقافة الحضرية المتوارثة الاثر الاكبر في شيوع تلك المظاهر، ولا نعيب على القوم افعالهم فليس بالهين التنصل من الارث الحضاري الروحي الذي اكتسبوه خلال آلاف من السنين.



#محمد_اسماعيل_السراي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دائرة الحمار المفرغة، بين خدمات قطاعية حكومية بائسة واسعار خ ...
- الظاهرة السجنية
- أسطورة الدم النقي، والأصل او المنحدر الواحد للشعوب العربية..
- اشتراكية الطعام والسكن والجنس، لدى انسان ماقبل التاريخ ..
- العقل العربي لا يتعامل مع الحقيقة بالمنطق العقلي ..بل بالمصد ...
- العنف، الجماعة، والتطور المجتمعي...
- من هنا بدات الحكاية..
- مقولات الايجاز عند العرب
- كفار الأمس..مؤمنين اليوم..
- العنف..والانقراض البشري
- اعتلالات التنشئة الاجتماعية في الحضارة الحديثة سواء التنشة ف ...
- حفريات في الشخصية العراقية (الانتماء والعنف)
- عن الشعر ، وعن عريان والنواب، واخرين
- نظام المراحل الثلاث
- لاشيء اطيب من العافية..
- هبوط اضطراري
- الرسالة الاخيرة
- الاصل العرقي..من نحن..؟
- البخاري والشايب..اقصوصة
- عن البروليتاريا، والكرسمس...


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد اسماعيل السراي - البدو والحضر..وظاهرة تقديس الاضرحة والمزارات...