أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - الانسان,الفضاء, الزمن، والانسان 2018 (كيم كي دك): العروس المغتصبة















المزيد.....

الانسان,الفضاء, الزمن، والانسان 2018 (كيم كي دك): العروس المغتصبة


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 7496 - 2023 / 1 / 19 - 08:09
المحور: الادب والفن
    


يتحرك كيم كي دك في الماورائيات،في تلك العوالم التي لانستطيع لها من ادراك،ولا يمكن أبدا ان نتغاضى-مهما حاولنا-أن هذا الفيلم يحاول فيه دك تاويل قصة الخليقة بكاملها بطريقة حتى اغرب من طريقة لارسن فون تراير نفسه،لأن هذا التأويل بالأساس قائم على فكرة الشر والقسوة،اللذان هما بالأساس أحد المعطيات الرئيسية التامة في سينما كيم كي دك.
الكثير من شخصيات كيم كي دك كانت ترفض الارادة-كما يراها شوبنهور-كمحرك أعمى أحمق وجبري يفرض على هذا الكون طبيعته من خلال السلوك البشري المثير لإشمئزاز،مثل بطل فيلم ثلاثة أقنعة،بينما-وعلى طرفي نقيض-كان الكثير منها يمشي ممتقعا بارادة عمياء،مثل ابطال فيلم الحارس الشخصي وبييتا،ومنها ايضا من كان يمشي على هدى الارادة الرافضة لمبدأ الارادة نفسها مثل فيلم العزلة.
وهناك ايضا الجهة الخفية-التي تحمل على الاله-التي تتحكم تماما بالحركة مثل فيلم ربيع وصيف وخريف وشتاء ومن ثم الربيع.
كل تلك المسارات السابقة مرتبطة اشد الارتباط بالقسوة،كعامل مشترك مهم واساسي في كل افلام كيم كي دك.
ولولا سوريالية (آرتو)،لقلنا ان شخصيات كيم كي دك من الممكن ان تكون وبسهولة أحد شخصيات مسرح القسوة...لكن هناك استثناء كبير،فشخصيات دك مرتبطة بالواقع الفعلي أكثر من الواقع السوريالي،بحيث من الممكن القول في حكم لايخلو من الصحة أبدا وفي مجمل أعماله،ان مجمل أعمال دك كانت ضمن المدرسة الطبيعية الواقعية والتي كان من ابرز روادها بيير باولو بازوليني.
في هذا الفيلم كما قلنا،فالاحالة واضحة جدا الى قصة نشوء الكون من منظور لايمكن القول عنه سوى انه شخصي بل غاية في الشخصانية من قبل كيم كي دك،ويضفي عليه عناصره الأثيرة من حيث القسوة،فلا ريب بأنك ستجد وجبة دسمة من الدماء والقتل والجنس والاغتصاب.
ولكن،هل شخصيات الفيلم تتحرك ضمن الارادة الخاصة بها،اي الارادة التي تحكم الطبيعة البشرية،أم أن هناك محرك الهي ميتافيزيقي خفي يضفي ارادته على الموضوع برمته...؟!
لنبدأ في تحليل الفيلم ضمن قصته في مساره الواقعي على اننا سنحيله الى المعنى العام الذي هو كما قلنا قصة النشوء والتي لو اخضعت لمنظور جاك دريدا التفكيكي لبدت ينقصها الكثير جدا من المنطق.
يقسم دك فيلمه هذا الى عدد من الفصول حسب تفصيلات العنوان:فالقسم الأول يدعى الانسان
سفينة حربية قديمة أصبحت تستخدم لأغرا ض السياحة...إثنان في شهر العسل،ومرشح للرئاسة مع ابنه،وثلة من المتسكعين ومجموعة من المجرمين وثلاثة عاهرات.
وهناك رجل عجوز يجمع التراب الاقرب الى الغبار من زوايا السفينة...
سيددي...لماذا تجمع الاتربة في فنجان...؟...يبتسم فقط
الارادة...على من تحال في الجزء الأول من الفيلم...هل تحال على الاله المتمثل بشخصية الرجل العجوز،أم تحال على الارادة البشرية نفسها...؟!
إذا كنا نعتقد،ونؤيد الخيار الثاني،فالتكوين الانساني-الأقل من الحضاري-بدأ اصلا نتيجة السلوك الطبيعي غير السوي أو بالاحرى الشرير.
هذا المجتمع،أو هذا التشكيل الاجتماعي هو اختصار لفكرة المجتمع البشري،الموجود منذ البدء ولكن بدأ من خلاله التكوين...ربما كانت نقطة البداية بالنسبة لكيم كي دك هي سفبنة نوح،وهذا الافتراض اجدى بالطرح،بدلا من العودة الى فكرة التكوين الأكثر قدما ورسوخا أي نقطة آدم وحواء.
يبدأ الاحتجاج في السفينة طلبا بالمساواة،فمرشح الرئاسة يتمتع بالمزايا المتوقعه من حيث نوعية الطعام ونوعية السكن،ولكن،ومع التفاف عصبة الاجرام من حوله يكتسب العنصر الرئيسي الذي يجعل منه القوة المسيطرة على السفينة.
يعمد دك الى عدم اعطاء أي مسميات لشخصياته،فالإسم الوحيد الذي ذكر في الفيلم (تشاتشكي)،وهو صورة المثالية الذي كان يطالب بالعدالة محتجا وكانه نبي،فيقتل من قبل زعيم السلطة الاجرامية ومن ثم يجتاح جنون الجنس السفينة،فتغتصب عروس تشاتشكي من قبل ثلة المتسكعين،ومن ثم من قبل مرشح الرئاسة،ومن ثم من قبل زعيم العصابة،ومن ثم من قبل ابن المرشح السياسي.
ولتكتمل حلقة الفساد،تقوم ثلة المتسكعين باغتصاب فتاة اخرى،بينما تقوم العاهرات الثلاثة باحياء ليلة ساخنة مع المتبقين من طاقم السفينة واعضاء الفرقة الاجرامية الآخرين.
الرجل العجوز يرى كل ذلك ولكنه لايحرك ساكنا ولايبدي اي ردة فعل،لكنه يقرر ان يرفع السفينة الى الفضاء أو دعونا نقول الى السماء.
السماء:رفعت السفينة نتيجة الخطيئة البشرية التامة،والتراب الذي كان يجمعه الرجل العجوز كان من اجل اعادة الحياة،فالتراب كان من اجل النبات ومن اجل فقس البيض.
وحصلت الشراكة،فالعروس حامل،لكن ممن...؟!
من زوجها الميت تاكاشي،أم من القائد السياسي أم من ابنه أم من البلطجي...؟!
سيقول لنا دك ذلك،ولكن بمواربة ومع قراءة ما بين السطور.
باختصار شديد،تدور حرب طاحنة بين كل اعضاء السفينة على الشيء الأساسي في هذه المحنة وهو الطعام،بحيث يقتل اعضاء السفينة بعضهم بعضا بعد ان يصلوا الى مرحلة أكل لحوم بعضهم البعض.
لكن الرجل العجوز يتصرف بحكمة شديدة،يقطع الجثث ويطحنها بعد حرقها ليحصل على التراب الذي هو المادة الأساسية للإنسان وبذلك ستستمر الحياة.
يضع على جرح القتل لكل جثة بذرة ويغطيها بحفنة من التراب لتنمو الحياة على الجثث،وعلى ان لارسن فون تراير قال أيضا في فيلمه الأخير (المنزل الذي بناه جاك)،بان الحضارة في الأساس قامت على الجثث،قامت على القتل وعلى العداء البشري المستفحل.
فلا يمكن انكار ان دك أراد الوصول-بشكل أو بشكل آخر-الى نفس النتيجة التي تحدث عنها لارسن فون تراير،ولكنه يعود الى اصل أكثر قدما واكثرا حفرا في التاريخ،فهو يعود الى اصل الانسان نفسه وليس الى اصل الحضارة التي قام بها وعليها الانسان،خاصة ان ما شاهدناه كان محملا بقسوة لم يقدمها تراير سابقا على الاطلاق حتى في ثلاثيته عن القلب الطيب.
يمر الزمن،ويقتل الهجوز نفسه رحمة بالعالمين-وكأنه كناية عن السيد المسيح-مقدما لحما كطعام لابن السياسي ويغادر بشكل مفاجئ وخفي.
ذات مرة قتلت العروس زعيم البطجية والذي كان قد اغتصبها ذات مرة،وقبل موته بلحظة نظر لها نظرة مريبة مبتسمة وكأن قتله ليس سوى انتصارا له،وها هي قد انجبت ولدا يهوى اللعب بالمسدسات،وعند كبره اكثر نلاحظ بأنه شرير...يمتلك نزعة ميالة الى الشر ليرغب باغتصاب والدته لاحقا...
ولكن...لو لم يكن شريرا لما فكر اصلا باغتصاب والدته ولا استمرت الحياة.....
فالنزوع الى الشر هي ارادة مستحكمة بالانسان للبقاء قبل كل شيء،فالانسان عند ذلك ليس مسؤولا عن طبيعته الشريرة إذا كانت محكومة بالنجاح والبقاء في النهاية،كما أن هناك جانب تبريري مستحكم للطبيعة البشرية،بأن اصل بذرتها شيطانية شريرة،كما انه يتغذى من طبيعة اساسها جثة قتلت من اجل تحقيق رغبة انانية غاية في الانانية وهي البقاء ولو على حساب الأخر،أذا البقاء هو العلة الأصلية أو هو علة كل العلل.
الفيلم مليء بالقتل والعنف حد عدم القدرة على التحمل وان كان هذا مبررا فبعض افلام كيم كي دك،فنحن نبرره في هذا الفيلم ايضا،وعلى اننا لسنا ضد هذه الرؤية ولا هذا الابداع،على اننا نرى ان الفلسفة اختلطت عنده بالميتافيزيقيا والتي كما يبدو ميتفيزيقيا ملحدة.
وان كان يكفي ان دك اوجد الحكمة التي كانت مختفية عن اصل النشوء القابع تحت طبيعة بشرية شريرة،ولكن ومن ناحية اخرى،فالحبكة مجتمعه ينقصها الكثير من المنطق...على الاقل منطق عقلاني يبرر هذه الحبكة الغاية في السوداوية،وحتى شوبنهاور لم يدفعه منطقه العقلاني للوصول مثل هذه النتائج،والتي على الرغم من انها تفسيرية ولكنها غاية في التشاؤمية.
التشاؤمية التي جمعت منطقين:
منطق كيف وجد الانسان،ومنطق لماذا خلق الانسان على هذه الشاكلة
ولكنها لم تقدم حلا للسؤال الأهم وهو:لماذا وجد الانسان...؟
10/09/2022



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاتنظر الى الأسفل 2008(اليسو سوبيلا): الأمر أكثر شاعرية وسور ...
- قفزات القلب 2005(اليسو سوبيلا):بقيت الأمور كما هي صغيرة وغير ...
- الجانب المظلم من القلب 2001 (2) أليسو سوبيلا: الحب عبارة عن ...
- المغامرات الالهية(اليسو سوبيلا): نحن لسنا الا معطيات حلمية ل ...
- استيقظ ايها الحب 1996(اليسو سوبيلا):الانسان ليس سوى حصيلة ما ...
- لاتمت قبل ان تقول لي الى اين ذاهب 1995(اليسو سوبيلا):وداعا ه ...
- ورحل مخرج سينما الكائنات: كيم كي دك-فيلم آمين 2011
- فينوس في الفراء 2013(رومان بولونسكي):الوضع الطبيعي البسيط لل ...
- الجانب المظلم من القلب1992(اليسو سوبيلا):كمن يبحث عن الحقيقة ...
- الصورة الأخيرة لحطام السفينة 1989(اليسو سوبيلا): رؤية الهية ...
- عن المخرج الأرجنتيني إليسيو سوبيلا والرجل الذي يوجه وجهه للج ...
- ياسمين الزرقاء(ياسمين الكئيبة) 2013 وودي الن: نساء على شفا ا ...
- عيد ميلاد مجيد سيد لورنس 1968(ناغيسا أوشيما):قبلتين على الخد ...
- الولد 1969(ناغيسا أوشيما):المنتج الفيلمي التقليدي
- ميديا 1988(لارس فون تراير):عن الاسطورة والبدايات
- يوميات لص شينجوكو 1969 (ناغيساأوشيما): اللغز المحلول غير الق ...
- الجوع 1966: بؤس الواقع الذي يعيش فيه الكاتب
- ثلاثة سكيريين مبعوثين من الموت 1968(ناغيسا أوشيما):مفارقة
- صيف ياباني-انتحار مزدوج 1967(ناغيسا أوشيما):قناع الموت
- كم من الغريب ان يكون اسمك فيدريكو فليني 2013(ايتوري سكولا): ...


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - الانسان,الفضاء, الزمن، والانسان 2018 (كيم كي دك): العروس المغتصبة