أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - صيف ياباني-انتحار مزدوج 1967(ناغيسا أوشيما):قناع الموت















المزيد.....

صيف ياباني-انتحار مزدوج 1967(ناغيسا أوشيما):قناع الموت


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 7309 - 2022 / 7 / 14 - 01:05
المحور: الادب والفن
    


من ضمن مجموعة الستينيات الشهيرة –OutLow Collection
التي حققها أوشيما كانجاز خاص خارج نطاق وأساليب الأستوديو المتبعة،يشكل صيف ياباني-انتحار مزدوج،قطعة فنية خاصة جدا،غاية في التجريد وغاية في الغموض والفنتازيا وحتى الخيال،وحتى حبكة الفيلم تبدو غير مترابطة على الاطلاق،تفتقر الى هدف واضح،أو مؤشر يمنطق مسارها،بحيث يبدو الفيلم ككل عبارة عن اكتشاف،ومن ضمن هذه الاكتشافات الطبيعة الانسانية المضطربة...
إذا،كما قلنا، وكأنه عبارة عن خلط عميق ومكثف للكثير من الاساليب الفنية،ومنها حتى مسار الجثة الشهية التي برعت فيه السوريالية...فعن ماذا يتحدث الفيلم تحديدا
من ناحية منطقية،فهو لايتحدث عن أي شيء،ولايمكن عقلنة الحبكة إلا من خلال التخمين والنظر عميقا من خلف السطور لشخصيات اجتمعت ولكن لايوجد اي سبب حقيقي يربطها،وفي بعض الأحيان تتفق على اهداف عشوائية تفتقر حتى الى المحفزات....
(نيجيكو) والتي نتعرف على اسمها مع آخر جمل الفيلم تحاول الوصول الى حمام عام،ولكن هناك اشخاص يرتدون الأبيض مشغولون جدا في اعمال الدهان،واللقطة تسير-كما الفيلم-في أجواء غرائبية وفنتازيا مرتبطة اشد الارتباط بالواقع...
تتكأ على الحائط ومن خلفها الحائط الذي يحمل علامة (حمام نساء)...تقول:
حاول فقط أن تطلي عليه...
تتحرك الشخصية الأنثوية الوحيدة في الفيلم ويقبع ظلها من خلفها في مكانه ويسلط أوشيما الضوء عليه...يطبع الجسد البشري على الحائط انطباع لوحة فنية.
الجسد المنطبع على الحائط كلوحة فنية،وان كانت احدى ثيم الفيلم هي الموت،فالجسد هو الاشارة الوحيدة المتبقية بعد الموت أو بعد الانتحار أو بعد القتل.
مفهوم الجسد المنطبع يتكرر لاحقا كجثة غرائبية ذات وضع غرائبي متبقية بعد حالة الموت
الشارع فارغ تماما،والعالم يكتسي بالغموض،يكتسب صفة خدمة غموض القصة وغموض السرد نفسه.
تسير وهي معصوبة العينين...ترمي ملابسها الداخلية من فوق النهر:لقد انفصلت توا عن صديقي
لاحقا،تلتقي بجماعة دينية يلفون بانتظام حول دائرة في منتصفها صورة مرسومة أو مطبوعة على اسفلت الشارع،وكانها تشكيل لجثتين مختفتين الوجه ذات ابعاد تشكيلية واضحة.
تسأل نيجيكو:ماذا تفعلون...هل هذه جنازة...ماهذا...هل هو رجل أم امرأة...؟!
يرد رجل،-سوف يدعى حتى آخر الفيلم بالرجل فقط-:كائن بشري
لكن هل انت تميز بين الرجل والمرأة...؟
يختفي الموكب...يبقى الرجل والفتاة وحيدين ويتمدد على صورة من الصورتين ويحاكيها تماما حجما وطولا وتقوم نيجيكو بنفس الفعل،وهو يتمدد على ظهره بينما هي تتمدد على بطنها
تطلب نيجيكو في حوار مضطرب ملغز الجنس من هذا الرجل-كما ستطلبه لاحقا من عدد كبير من الرجال-ومن ثم يبدأ الرجل بتشكيل لوحة على التراب لجثة،ويتمدد في داخلها،أي انه يحاكي هذا النحت الترابي.
الرجل-الذي يبدو من خلال لباسه بأنه فار من الخدمة-يطلب الموت...يرغب به،وهو يلاقي نيجيكو
،ومن هنا نستطيع أن نمسك خيطا واحدا مؤكدا يضفي على هذه الحبكة بعض المنطقية،أو دعونا نقول-الكثير من المنطقية....
فجأة،يأتي رجال غرباء ويبدأون بالحفر...يخرجون شيئا وكأنه تابوت،ويعرفون أن في هذا التابوت أسلحة من نوع البنادق والمسدسات بالذات وتقوم هذه العصابة بخطفهم.
نيجيكو:ترغب بالتبول...تكرر هذه الجملة بحيث اصبحت وكأنها لازمة موسيقية
ارغب بالتبول...ارغب بالتبول...أرغب بالتبول
سوف اتبول هنا اذا لم تدعوني أخرج خارجا
الرجل يستفزهم لكي يقومون بقتله،بينما لازالت نيجيكو تصرخ:أريد التبول
هذا المشهد الغامض محاط من كل الاطراف بالتهكم من ناحية...الرغبة الملحة الكيتشية للتبول من قبل نيجيكو
في الحقيقة،هذه الرغبة في التبول اكسبت المشهد نوعا كبيرا عميقا من الغموض ومن التوتر،فهذا الاقحام الابداعي سيجعل المشاهد يهم بالتساؤل:
ما الذي يحدث هنا...ما هو مبرر فكرة التحاكي مع صور ومنحوتات الجثث،وكيف وصل هذا الرجل وتلك الفتاة الى هنا...؟!
ومن ثم:هل ستتبول نيجيكو فعليا
تتابع نيجيكو:أنا لا أرتدي سروالا داخليا...سأقوم بالتبول حالا
هو يحاول استفزازهم ليقوم بقتله ونيجيكو لازالت تصرخ :أريد التبول
المشهد الأول برمته عن دهان حمام النساء ذو علاقة من ناحية أخرى بالبول،ومن ثم هذا الرابط:
هل من الممكن النظر الى هذه الفتاة بأنها حالة أقل عقلية...؟!
نوع من سذاجة طفولية لفتاة في عمر المراهقة...أم هي ارتباط لايتجزأ من توتر ناغيسا أوشيما نفسه...؟
تحقيقا وتأكيدا،فالفتاة-نظر لارتباط اوشيما الشديد بباتاي-هي الموت نفسه،انها الموت الذي يتصرف بخبث وتهكم شديد كصورة مألوفة،وهو يحاول اقتناص الآخرين.
ومن خلال هوسها بالجنس الذي تطلبه من جميع من حولها،على انهم يبدون منشغلين بأشياء أخرى تكون هي الوجه الآخر للموت،أي الجنس عند باتاي كما هو معروف
البول،هو تأثر ناغيسا أوشيما بشخصيات باتاي النسوية اللواتي عندما تلح عليهن الرغبة بالبول،ويقومون بالتبول في العراء أو على رأس احدهم بلا تحفظ على الاطلاق...
حضور الموت كشخصية ضروري جدا لهذه الحبكة التي يحكمها الموت في كثير من النواحي..القتل بدون مبرر أو سبب...الموت بحد ذاته
ينتهي بهم الأمر في سرداب عميق تحت الأرض محبوسين حتى الصباح...فتاة واحدة وسبعة رجال
أحدهم مجرم سفاح مغرم بالقتل،وآخر طالب ساذج حلم حياته أن يمسك مسدسا ويقتل شخصا ما،والثالث هو الرجل الذي تعرفنا عليه في البداية يرغب بالموت ويبحث عن عدو لايعرف ولا نعرف من هو،وآخر مجرم خمسيني يحمل مسدسا قديما لانعرف عن ماضيه اي شيء،ومن هنا،يتحول الفيلم من القتل أو من الموت نفسه الى تجربة القتل مجهول الدوافع المفتقر الى اي حافز....
الفيلم مشهدي بامتياز،يعتمد على الحواربشكل كبير،وفكرة سبعة رجال وأمرأة واحدة يتوهون في فراغ سجن محكم حتى الصباح فكرة بناءة واثيرة مخترعة مرجعية بحد ذاتها.
والحبكة تدور في واقع غارق بالفنتازيا مع وجود خيوط تامة تربطه بالواقع وتطلقه في نفس الوقت في عالم الذهن او عالم الخيال،على ان الفيلم –كما قلنا-لايدور في عالم الخيال على الاطلاق..كل مايحدث وكل ما يدور هو روعة تشكيل ناغيسا أوشيما.
يحضر شخص معه تلفاز وكأنه زعيم عصابة أخرى...
هناك قناص أجنبي غامض يقوم بقتل وقتص الآخرين من دون هدف واضح...
أنها الضحية الثالثة لهذا القناص الغامض...ليس أجنبيا...رجل ابيض...ثلاثة اشخاص في ساعة واحدة
هل ينتقل أوشيما من تجريم الداخل للالتفات الى الخارج...؟
بعد هذا الحوار تبدأ نيجيكو بالرقص...رقص مثير...تلتصق بالرجل الذي يبدو بأنه غير ملتفت لها على الاطلاق...ثلاثة رجل ينظرون نظرات شهوانية...يشغل احدهم التلفاز على اغنية:
Good After Noon,Dear World….Good After Noon
تصرخ نيجيكو:هذا يقتلني
تستلقي على مصطبة والرجل من فوقها:.جريمة وانتحار من اجل الحب
تهم في تقبيله،تهم في قبل عشوائية والرجل غير ملتفت اليها...خالي من الادراك...خالي من المشاعر...يركز تفكيره على المعنى الحقيقي للموت...وعلى المعنى الرمزي لفكرة العدو..
تستمر الأغنية:
Good After Noon Dear Japan,Good After Noon in 1970
الذي يحدث أمامنا بكل تفصيلاته هو واقع مختلط بشدة،حتى في أفكاره مختلط بالرمزية والكناية...مختلط بالواقع وبالواقع غير المالوف...مختلط بالفنتازيا والرعب والاغتراب...مختلط بسؤال المشاهد القسري:
ما الذي يحدث بالضبط...؟
من هو العدو الخفي الذي تترقبونه،ومن ثم لماذا يقتلون بعضهم البعض وينضمون الى الى القناص الأجنبي؟!
كل ذلك يحيط به ايضا نشوة مضطربة...نشوة شهوانية جنسية مضطربة...توتر تكثيفي محيط غير محسوس متشكل بشخصية نيجيكو.
يبقى الرجل هو الوحيد على قيد الحياة،وفي ظل اطلاق نار مكثف للنيران عليه من قبل رجال الشرطة...تسأله:
ما أسمك...؟!
أنا لا امتلك أي اسم...أنا الرجل الذي سوف يتبخر...
ويمارسان الحب،وفي ظل الرعشة تقول نيجيكو:رائع...الحب:انتحار مزدوج
يرد الرجل عليها:ليس ذلك الانتحار الارادي
فيلم صيف ياباني: انتحار مزدوج 1967
هو فيلم عن قصة ظاهريا تسير بلاهدف،أنها أحد انواع القصص التي تسير لتعبر عن ذاتها فقط مع تجريدية عاليه للرغبات والمشاعر،واوشيما ينظر الى الحالة الخاصة لكل شخصية من دون (تفنيد)،ومن دون أن يقدم القواعد البنيوية للتشخيص.
هل من الممكن القول عن الفيلم بأنه عن اشخاص يقتلون بعضهم البعض وينتشرون لااراديا بلا هدف واضح،أو سبب ملموس لدرجة ان الموت يظهر بينهم متجسدا في رمز جنسي...؟!
3/5/2022



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كم من الغريب ان يكون اسمك فيدريكو فليني 2013(ايتوري سكولا): ...
- من يخاف من فرجينيا وولف 1966: مسرح الانكشافات والاندفاعات غي ...
- أناس روما 2003(ايتوري سكولا): في النهاية هم شعب كمثل اي شعب ...
- لنغني اغنية عن الجنس 1967(ناغيسا أوشيما):469
- منافسة غير عادلة 2001(ايتوري سكولا):الانتصار الاجتماعي على ا ...
- عنف في الظهيرة 1966(ناغيسا اوشيما):القاتل الوهمي
- االعشاء 1998(ايتوري سكولا):انه يقتنص الحياة
- كم الوقت الآن 1989:(مايكل وأبوه)
- مقبرة الشمس (ناغيسا أوشيما)1960:الرغبة المتسامية على الواقع
- روعة 1989(ايتوري سكولا): فيلم عن بكاء ماستروياني نفسه
- فيلم معكرونة 1985(ايتوري سكولا):البهجة التي تنقص افلام انتون ...
- قصة قاسية عن الشباب 1960(ناغيسا أوشيما): فيلم عن احباط اجتما ...
- تلك الليلة في فيرنا 1982(ايتوري سكولا):الأدب الأيروسي في الق ...
- عاطفة الحب 1981(ايتوري سكولا): التعليق بحس جمالي
- الأسير 1961(ناغيسا أوشيما):الغريب الذي قال شيئا عن المجتمع ا ...
- شارع الحب والأمل 1959:الفيلم الأول لناغيسا أوشيما
- يوم خاص(ايتوري سكولا)1977: الواقع هو استسلام وبحث مؤقت عن نص ...
- نيتشة الصغير فيلم الأم 2003(جورج باتاي):
- قبيحة وقذرة وسيئة 1976 (ايتوري سكولا):خلية النحل
- نحن نحب بعضنا البعض 1974: كنا نظن بأنننا سنغير العالم،لكن ال ...


المزيد.....




- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...
- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - صيف ياباني-انتحار مزدوج 1967(ناغيسا أوشيما):قناع الموت