أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي فريح عيد ابو صعيليك - من لاجئ فلسطيني إلى لاجئ سوري: لابد أن تشرق شمس الحرية














المزيد.....

من لاجئ فلسطيني إلى لاجئ سوري: لابد أن تشرق شمس الحرية


علي فريح عيد ابو صعيليك
مهندس وكاتب أردني

(Ali Abu-saleek)


الحوار المتمدن-العدد: 7478 - 2022 / 12 / 30 - 20:42
المحور: القضية الفلسطينية
    



البرد لا يعترف بالفقراء، ولا باللاجئين ولا بشيء، بل يحتاج للدفىء لكي يكسر جموده، ليس مجرد موقد حطب أو مدفأة كهربائية من يكسر هذا الجمود، بل "الإنسانية" هي الوقود الحقيقي الذي يفعل ذلك بل وإن مفعولها أكثر من ذلك، وبدونها لا تستقيم الحياة وينتصر البرد وأشياء أخرى.

على مدار خمسة وسبعون عاماً عرف العرب والكثير من شعوب المعمورة عن معاناة الشعب الفلسطيني الذي أصبح بين ليلة وضحاها لاجىء في وطنه ودول الجوار بسبب الاحتلال الصهيوني المدعوم من كل القوى الإمبريالية القذره، وعاش في الخيم والمخيمات أيام وأشهر وسنوات، حتى أصبحت المخيمات جزء من هويته وتطورت من خيم إلى بيوت وتفاصيل كثيرة صنعها من رحم المعاناة، وكل ذلك لم يكسر في داخله الثقة بحتمية العودة إلى فلسطين محررة من الاحتلال.

لم يكن البرد رحيماً بأطفال الفلسطينيين في المخيمات، وقد روى لي والداي تفاصيل يقشعر لها البدن عن رحلة اللجوء من فلسطين إلى الأردن في تلك الأيام، وفي داخل الأردن كان أهلي وأقاربي مضطرين للتنقل من جنوب عمان في مخيم الطالبيه وزيزيا ومحيط المطار إلى مناطق الأغوار الدافئة بسبب المطر والريح والثلج، وقد أسموها في ذلك الحين "رحلة الشتاء والصيف".

لم تتوفر لهم الكثير من الحلول لمواجهة الشتاء القاسي، فصراع الخيمة مع المطر والريح والثلج صراع غير عادل منتهي بهزيمة الخيمة الهشة قبل أن يبدأ، فكان الحل الوحيد الذي يقرره الكبار هو الهجرة مشياً على الأقدام وأيضا على الدواب المتاحة إلى دفىء مناطق الأغوار وهناك البرد مهزوم دائماً حتى اليوم، ويبدأ نبض الحياة يتجدد في عروقهم حتى ينتهي الشتاء، وبعد عدة أشهر تبدأ رحلة العودة مجدداً إلى زيزيا وقرب المطار بحثاً عن أمل جديد في الحياة، كل ذلك والقلب والعقل والأمل كلهم متعلقين ب"العودة إلى فلسطين"، حتى أن العديد من مواليد تلك المرحلة تم تسميتهم "عودة".

وتتلاقى الكثير من تفاصيل معاناة اللاجئ الفلسطيني مع معاناة أشقاءهم السوريين، مع وجود فارق أن نكبة فلسطين كانت من احتلال عصابات اليهود، بينما نكبة سوريا أنها بين الأخوة في الدم والتاريخ أبناء الوطن الواحد! "وظلم ذوي القربى،،، أشد مضاضة على المرء من الحسام المهند"

ويستمر الأطفال السوريين في المخيمات بدفع أكبر قدر من فاتورة الحرب، ضياع بهجة طفولتهم التي لن تعود أبداً، وهذه المعاناة تقتل الطفولة بمعنى الكلمة، بل إن الأطفال في المخيمات يولدون مباشرة فتيان وفتيات بلا طفولة بالمعنى الحرفي، فمن شاهد فيديوهات لبعض الأطفال السوريين وهم يتحدثون عن جحيم البرد في المخيمات يعلم جيداً أنهم لا يعيشون مرحلة الطفولة أبداً.

الطفلة السورية التي نقلت في أقل من دقيقتين معاناتها وأسرتها مع البرد بعد رحيل والدها، ولأنها صادقة وبريئة جداً فقد وصلت رسالتها بدون حواجز ونقاط تفتيش إلى عمق قلوب من لازالت فيهم بقايا من الإنسانية، لاشك أن بعضنا قد بكى حالها وهذا أحد دلائل على بقايا الإنسانية في داخلنا، ولا أعتقد أن بروفيسور في جامعة هارفارد تستطيع أن توصل رسالتها لطلابها كما فعلت تلك الملاك السورية البريء.

تعلمنا في طفولتنا المزعومة في مخيمات اللجوء الفلسطيني أن الإبداع في كثير من الآحيان يولد من رحم المعاناة، وهذا ما قد يكون لهؤلاء الفتية والفتيات في مخيمات اللجوء السوري، والأمنيات بأن تكون هذه المعاناة مصدر إلهام لصناعة مستقبل جديد في سوريا، التي ورغم صعوبة ما تمر به إلا أنها وطن يشهد له تاريخه وحضارته بأن أبناءه وبناته يستطيعون في مرحلة ما تجاوز الآلم وصناعة المستقبل وبناءه من جديد كما فعل أجدادهم.

ولا يمكن الكتابة عن معاناة اللاجئين وتجاهل المسببين الحقيقيين لمعاناة الشعوب المقهورة ومصادر الفتنة فيها، الدول الإمبريالية التي جعلت مفهوم الرأسمالية يمسح الإنسانية على الأقل من قلوب شعوبهم، بحيث أصبحت دول عميقة في التاريخ بحجم سوريا وفلسطين والعراق واليمن وغيرها من الدول العربية المنكوبة مجرد مصدراً للثروات لهم حتى لو سالت شلالات الدم كما حدث فعلاً ولازال الجرح ينزف.

لا شيء يستقيم بدون صفة "الإنسانية" ومن فقدها فقدْ فَقَدَ الكثير، ولا أشك للحظة أن فكرة الديموقراطية التي روجت لها الدول الإمبريالية لم تكن إلا أداة لتحقيق أهداف استعمارية، فالديمواقرطية اكبر كذبه أنتجتها أسواق الغرب وصدرتها لأسواق الشرق ولاقت لها زبائن مؤمنين بها أكبر من منتجيها المخادعين!

كاتب أردني



#علي_فريح_عيد_ابو_صعيليك (هاشتاغ)       Ali_Abu-saleek#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومتى كان وجه أوروبا جميلاً أيها الواهمون، بل هو قبيح منذ الأ ...
- هل انتهت كأس العالم، يبدوا أنها مستمرة حتى تتغير موازين القو ...
- اللغة العربية أحد أبرز أسلحتنا المعطلة
- وتستمر المغرب في صناعة أسباب الفرح لأمة في أشد الحاجة للفرح
- ليست مجرد فرحة بانتصار رياضي، بل هي صفعات للمحتل الصهيوني
- على ماذا راهنت الصهيونية في تواجد صحافتها في قطر وسط الشعوب ...
- الصهيونية قائمة على التّطرّف، فلماذا نفضل يسارهم على يمينهم؟
- نظرية لافروف حول احتلال فلسطين ليست مجرد أقوال ساخرة
- سياسة الاغتيالات التي يمارسها الكيان الصهيوني تؤكد حقيقته ال ...
- لماذا ننتظر الحرب على أحر من الجمر!‎‎
- التجربة السريلانكية.. دروس وعبر قبل أن تتكرر عربياً
- خرج بينيت بجرائمه من المشهد وبقيت فلسطين رمزاً للحرية
- الجريمة لا دين لها ولا جنس ولا هوية...‎‎
- القتل والتهجير والاستيطان هو المنهج الصهيوني الثابت برغم تغي ...
- تأثيرات مسيرة الأعلام على الكيان الصهيوني
- رائحة تراب فلسطين التي عجز الصهاينة عن استنشاقها.
- تفاعُل الأردنيين مع مقتل شيرين أبوعاقلة شاهد على وحدة المصير
- لماذا لا تتوقف الفضائيات العربية عن استضافة المتحدثين بلسان ...
- ماذا لو كانت شيرين أبو عاقلة صحفية في أوكرانيا وقتلت برصاصة ...
- شهر رمضان المبارك أوفى بوعده، وجيل التحرير جعله وبالاً على ا ...


المزيد.....




- سبب قد يصدمك.. إقبال شديد للسيّاح على بلدة صغيرة بأمريكا
- تغريم رجل بعد نشر مقطع فيديو لقفزه فوق حوت قاتل ومحاولة لمس ...
- مصر.. رئيس معهد البحوث الفلكية يعلن عن أول أيام عيد الأضحى
- شاهد: طلعة قتالية لطائرة روسية من نوع سوخوي 25 في سماء أوكرا ...
- مصر: 120 عاماً على تأسيس المدرسة الألمانية لراهبات شارل بورو ...
- النظام الغذائي للأبقار.. هل هو صديق للبيئة؟
- انهيار أرضي مدمر في بابوا غينيا الجديدة (صور+ فيديو)
- إيران تعلن بدء تسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسية المبكرة
- تفاصيل التحقيقات مع -سفاح التجمع- في مصر
- غانتس يطلق ردودا نارية على قرار -العدل الدولية- وقف العملية ...


المزيد.....

- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي فريح عيد ابو صعيليك - من لاجئ فلسطيني إلى لاجئ سوري: لابد أن تشرق شمس الحرية