أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - تَاشُورْتْ















المزيد.....

تَاشُورْتْ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7472 - 2022 / 12 / 24 - 20:52
المحور: الادب والفن
    


لعبة"تَاشُورْتْ"عند أمازيغ آيتْ وراين المغرب، تشبه تقنية الهوكي الجليدي أو البُّولُو التي يستعان فيها بالخيول ركضا لا يفتر وراء هدف معين، أو هي تضارع كرة القدم المستديرة الحديثة(تَاشُورْتْ نْ وُوطَارْ)(٢)في بعض مناحيها،..يطلقُ على هذه الرياضة الجماعية التراثية في اللسان الأمازيغي كذلك لفظة:"تاقُورا"و"ثاكورث" و"تاڭوهات Tagouhate"..قد تكون(الكرة/تاشُورْتْ)فيها من خشب أو لفافة من خيوط صوف وقماش وكتان وما شابه، تُلْعََبُ في أرضية متربة منبسطة يطلق عليها(آلْمُو/almu) يتحركون فيه بتنافسية يتسارعون يتسابقون يتنافسون بعصي صلبة معقوفة في إطار فرقيْن متساويين في العدد يحتدم بينهم الصراع من أجل إدخال الكرة داخل مرمى المنافس.كلٌّ من الفريقين يروم هزم خصمه بقواعد معينة متفق عليها سلفا.كانت تمارس المنافسة بين الذكور والإناث سيان، ربما الآن آنقرضت بفعل عامل السنين وتوالي حقب الزمن المديدة وتغير العادات في مجتمعات تيمُورانَّغْ(١)نتيجة الهجرات المتواترة والترحال الشديد إلى المدن، وميلاد أجيال جديدة في الحواضر بعيدا عن قُرانا الجبلية وعاداتها القديمة مما جعل أواصرَ هذه الأجيال المتعاقبة لا ترتبط بعلاقة حميمية بتراب تامُورتْ وما كان يروج في أحضانها من طقوس وأعراف وتقاليد وحكايات إلا سماعا عن رواة أغلبهم وراهم الثرى، لتمسي هذه اللعبة وغيرها من ميراث الأجداد مجرد عادة يطويها النسيان مع توالي السنين والأعوام...
لقد ظلت فِطرة الإنسان،رغم ذلك، متشبتة بجينات لعبتها الأثيرة، رغم تحولات الأزمنة وآلأمكنة،وكثرة المؤثرات الخارجية التي رامت آختزال موروثها العتيق في مواصفات مستحدثة تسعى الصناعة الغربية جهدها برأسمالها المتوحش في جعلها سلعة استهلاك عالمية قابلة للترويج والإشهار والانتشار؛ لكن الإنسان المغربي البسيط ظل في جميع المراحل محافظا على توابل بصمة الوراثة بوعي أو بغير وعي يُكَيِفها مع ما يراه ويتعلمه ويجربه في ملاعب ومدارس الكرة العالمية، فينقل بسَلاسَة تجربته الجماعية الخاصة الى آفاق أكثر شمولية يُكَيفها مع المستجدات والمتغيرات؛ مما ساعده في الانسجام مع التوابل العالمية للعبة، ويغدو محط أنظار أكبر الأندية لاستقطاب مواهب الفطرة الكامنة في أنساغه وصقلها بملاءمات الحداثة الكروية حسب ما تقتضيه السوق العالمية في هذا المجال؛ وبالتالي، ليس غريبا أن نجد أقدام الكرة المغربية بنكهة تامَغْرَبيتْ تفرض طريقتها وأسلوبها وشخصيتها على مُحبي هذه الرياضة في العالم الرياضي الكروي، حتى إذا توفرت لها شروط إظهار وتفعيل بصمة الإبداع، ألفيناها تبرزه بسلاسة ودَعة ورواء وفعالية، ولعل آنتشار هذه الأقدام عبر الأندية الكبرى في أوروبا خير دليل على هذا التكيف المغربي الذي يستطيع التكيف وآلتعايش مع مختلف الثقافات دون تنفلت منه سحنة الوراثة التي ورثها عن أسلافه.
إن الذي ورث شهقات شعاب مرتفعات الجبال وزفرات فجاج المنحدرات، لن يصعب عليه لحاق كرة في مدة تسعين دقيقة ونيف، فالعيش في المرتفعات له دور في تشكيل بدن الإنسان، إذ يميل غالبا الى النحالة والصلابة والمتانة وقلة الدسم والدهون في الدم، وغالبا ما يكون القفص الصدري لقاطني الجبال واسع أسطواني الشكل مقارنة مع غيره، وذلك لتوسيع طاقة الرئة لاستنشاق كميات أكبر من الهواء، لأن القمم العالية تعرف آنخفاضا في كمية الأكسجين؛ لذلك، نجد تداريب المنتخب المغربي لألعاب القوى وكرة القدم والرياضات الفردية الجماعية التي تتطلب قدرا كبيرا من الصبر والتحمل، غالبا ما تقام في بلدات الأطلس المتوسط والكبير(طوبقال وإفران مثلا و...)(٢)للرفع من طاقة أجسام الرياضيين ومنسوب تحملهم ومقاومتهم وصبرهم لنقص الضغط الجوي وقلة الأكسجين، الشيء الذي يؤهلهم لا لتحقيق نتائج مرضية فقط، بل لتحطيم أرقام قياسية عالمية في مجال تخصصهم؛ لذلك، فلا غرابة أن نجد المغاربة الذين ألفوا أجواء المرتفعات ينافسون الكينيين والإثيوبيين ويتفوقون عليهم في سباقات عدو المسافات الطويلة والمتوسطة في كل الأزمنة، وما آختيار الرياضي العداء(سفيان البقالي)أحسن رياضي في موسم(٢٠٢٢)في إفريقيا الا دليل على ذلك..وأغلب تربصات الأندية المغربية والمنتخبات الوطنية لكرة القدم لجميع الفئات السنية عبر مواسم عديدة كانت تقام ومازالت بالهضاب والنجود العليا من أجل الرفع من القوة البدنية والاحتمال والصبر وتطويع أجساد الرياضيين للتكيف وأجواء الاستثناء التي تشهدها ضغوط المباريات المتتالية في منافسات دولية قارية وعالمية..أما الرشاقة في المهارات والمناورات والمراوغات، فأمر يمكن إرجاعه لنمط وراثة العيش الجبلي الذي يتطلب السرعة والخفة في الحركة التي تستدعيها الشعاب والفجاج والأودية والمرتفعات والمنحدرات بعيدا عن دَعَة وثقل الحركات في السهول والمنبسطات، ثم إن أغلب الرياضيين الذين لمع آسمهم في المنتديات، تجدهم فضاءات معيشهم إما كانت بدوية من هذا القبيل أو هي عبارة عن تجمعات سكنية في أحواز المدن الكبرى، في شكل أحياء شعبية ضيقة يمارس فيها الصغار هواياتهم المفضلة يناورون بكُرتهم ضغط حركة المرور والزحام وتكدس الباعة ببضائعهم المتراكمة، غير مبالين بما يقال او لا يقال حتى انتبه المتتبعون لهذه الظاهرة وجعلوا يلتفتون الى هذه الفئات العمرية يشيدون لها ملاعب قرب بأحيائهم من أجل آستثمار مهاراتهم وتطويرها الشيء الذي سمح بقنص الكثير من المواهب ونقلها الى مراكز تدريب خاصة جدا مثلما وقع مع لاعبين من أمثال (أوناحي)وآخرين أضحوا يشار اليهم بالبنان من لدن كبار المدربين في العالم، الى درجة جعلتِ المدرب الاسباني(لويس إنريكي/Luis Enrique)يجأر ملتاعا وقد هالته المباغتة أثناء وبعد مبارة بلده..“يا إلهي! من أين خرج هذا الفتى؟من أين آنبجس! كان يلعب بطريقة رائعة، ولم يتوقف عن الركض أبدًا، لقد فاجأني بمستواه الرائع”...

☆إشارات:
١_tunnunt:الرياضة
٢_تَاشُورْتْ نْ وُوطَارْ:بالامازيغية الوراينية تعني(كرة القدم)
٣_تيمورانَّغْ:بلداتنا وتعني في الأصل (أراضينا)جمع تامُورتْ(أرض)
٢_إفران:مدينة صغيرة في جبال الأطلس المتوسط المغربي.تقع جوار فاس
٢_طوبقال:أعلا قمة في مرتفعات المغرب وشمال إفريقيا، يبلغ ارتفاعه أزيد من ٤٠٠٠ متر على سطح البحر



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قَارِعَة
- دْوَايْرْ الزمان
- ثُمَّ آخْتَفَى كُلُّ شَيْءٍ فِي خَيْرٍ وَسَلَام...
- غُرْفَةُ بِيتِيزْ
- Supernova
- تَمَهَّلِي
- برقية
- أتَعَثَّرُ أسْقطُ أنهضُ أكْمِلُ آلمَسير
- رَمَادُ آلْهَفَوَاتِ
- فُوَّهَةُ آلْمُحَال
- أُوَاصِلُ آلْمَسِير
- اَلْمُنْبَتُّ
- قِيَامَه
- صَبَاحُ آلْخَيْر
- إِدْمَان
- الأَنَكُولُوجِيَا
- اِرْتِقَاء
- ثُمَّ تُورِقُ
- وُجُوهٌ مُخْتَلِفَة
- نَقَاهَة


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - تَاشُورْتْ