أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - اعتذار واجب للكافرين














المزيد.....

اعتذار واجب للكافرين


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7455 - 2022 / 12 / 7 - 17:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد لا يعرف أغلبنا، أو لا يريد أن يعرف، أن والد رسول الإسلام كان مشركاً ومات جاهلاً بهذا الدين وكافراً به حتى قبل ولادة النبي الكريم. كذلك كانت والدته وأجداده والكثيرين من أعمامه وعماته وأخواله وخالاته وأهله وعشيرته، سواء من أتتهم المنية قبل أن يبلغ النبي عامه الأربعين أو حتى بعد ادعائه النبوة، من شاكلة عمه أبو لهب. في قول آخر، هؤلاء المشركون والكفار هم أنفسهم الذين من مورثاتهم الجينية تشكل المبعوث رحمة للعالمين في لحمه ودمه وهيئته، تربى وسطهم وتعلم منهم كل شيء. أو، لولاهم، ما كان هو.

كذلك الحال مع كل أهل مكة والمدينة وكافة ربوع الجزيرة العربية الذين سيشكلون فيما بعد المسلمون الأوائل، ومن بينهم وعلى رأسهم الصحابة الأبرار والخلفاء الراشدين والملوك والأئمة والفقهاء والعلماء والفلاسفة والكثيرين معهم. جميعهم من دون استثناء يدينون بالكامل في نشأتهم البدنية والنفسية والفكرية والاجتماعية والثقافية إلى آخره لآبائهم وأجدادهم الوثنيين والمشركين مع الله إله آخر، والكافرين بالإسلام سواء لكونهم قد سبقوا ظهوره أو رفضوا التسليم له وظلوا متمسكين بأديانهم. لولا هؤلاء، ما كانوا هم.

يضاف إلى ما سبق أن مكة ذاتها، مع المدينة وكافة المدن والعمران في شبه جزيرة العرب، كانت من إنجازات هؤلاء المشركون والكافرون أنفسهم؛ هم اللذين بنوها وحفظوها من أن يدمرها الأغراب، وأورثوها مع أراضيها سليمة وحرة من الاحتلال الأجنبي معارضة بآخرين كثر حولهم لم يستطيعوا ذلك. بل شمل هذا الإرث أيضاً معالم إسلامية أكيدة مثل الكعبة ومراسم الحج ذاتها، وذات الصلوات الخمس، والصوم عن الطعام والشراب، ورفع الآذان، والركوع والسجود والتسبيح وكل شيء آخر، حتى الإله المعبود ذاته- الله- هو نفسه إله آبائهم الوثنيين الكفرة.

ليس ذلك فحسب. بل قرآن المسلمين ذاته حرفاً حرفاً، وكلمة كلمة، هو من إبداع هؤلاء المشركين الكافرين أنفسهم- لغتهم اليومية والأدبية. حتى لو ادعى المسلمون ابتكار النظم والبناء الجديد، كانت كل تراكيب القرآن ومعانيه ومضامينه وبلاغته لا تزال، بالدليل القاطع، موجودة ونابضة بالحيوية من قبل ظهور الإسلام بمئات السنين. المسلمون الأوائل لم يضيفوا شيئاً جديداً لإرثهم من المشركين والكفرة لأنهم- منطقياً- لم يكن لديهم بعد متسع من الزمن لإضافة شيء، أي شيء. كل ما في الأمر أنهم دثروا إرثهم عن الآباء والأجداد الكافرين بغلاف براق جديد أسموه "الإسلام" بينما بقي الجوهر هو هو نفسه بالحرف والمعنى بالضبط كما كان. هم بالتأكيد سوف يضيفون لمستهم فيما بعد بمرور الزمن، وفق العملية التراكمية المعتادة والمستمرة منذ القدم وسط كافة الجماعات البشرية. لكن إضافتهم تلك لا تعنينا الآن. بل نحن معنيون بالجحود الإسلامي الواضح لكل ما قد سبقه، حتى لو كان جلياً أن لولاه ما وجد الإسلام ذاته. كيف نفسر هذا الردم والتشويه المتعمد والعداء المستحكم من طرف الإسلام ليس لكل ما كان قبله أو عاصره فحسب، بل حتى لكل ما لا يزال في غيب المستقبل ولم يبلغه علم البشر بعد؟!

هذا العداء سافر وقوي في العصر الحاضر. لكن، من جهة أخرى، هل كان موجوداً حقاً بنفس السفور والقوة طوال الحقبة الإسلامية منذ نحو ألف ونصف ألف عام؟! في قول آخر، نحن المسلمون في الزمن الحاضر نناصب المشركين والمرتدين والكفرة، ومؤخراً الملحدين والعلمانيين والمثليين، الكراهية والعداء إلى حد القتل، هل كان أجدادنا المسلمون الأوائل في الماضي مثلنا نحن اليوم يناصبون هذا الصنف من البشر هذا القدر من الكراهية والعداء؟ على سبيل المثال نحن، المسلمون المعاصرون، نعيش مضطرين مكرهين مع أمثال د. مجدي يعقوب، لا نترفع على دراسة أبحاثه والاستفادة من علمه ومداواة أوجاعنا تحت أصابعه ومشرطه، لكننا في الوقت نفسه نأبى أن نترحم عليه أو ندعو له بحسن المغفرة وثواب الجنة لأنه في نهاية المطاف- "كافر!". هل كان المسلمون الأوائل هكذا مثلنا اليوم- جاحدين، ناكرين الجميل، غير شاكرين المعروف للكافرين بدينهم؟



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمل الفساد في السلطة
- زنا العيون لا يُنتج حملاً
- السلطة والثروة والدين
- لديَّ حُلْمُ كُوردي
- السلثردي
- هل القوة وحدها تكفي؟
- سوريا، أَنْتِ هُنَا؟
- الهيمنة الأوروبية قديماً وحديثاً
- أساطير الأولين2
- هل تُفْلِس مصر؟
- حرب الجمهوريات
- أساطير الأولين
- تحيا جمهورية مصر العربية
- رعايا في مملكة الملك
- حرب بوتين في أوكرانيا قد تضيع منه روسيا
- التمثيل النسبي للإرادة العامة
- ديكتاتورية العامة- الجمهورية
- ديكتاتورية القلة/الكادر واغتصاب الإرادة العامة
- الديكتاتورية الأفلاطونية
- توحيد وقومية


المزيد.....




- حماة: مدينة النواعير التي دارت على دواليبها صراعات الجماعات ...
- استطلاع رأي -مفاجىء- عن موقف الشبان اليهود بالخارج من حماس
- ولايات ألمانية يحكمها التحالف المسيحي تطالب بتشديد سياسة الل ...
- هل يوجد تنوير إسلامي؟
- كاتس يلغي مذكرة -اعتقال إدارية- بحق يهودي
- نائب المرشد الأعلى الإيراني خامنئي يصل موسكو
- الجيش السوري يسقط 11 مسيرة تابعة للجماعات التكفيرية
- بالخطوات بسهولة.. تردد قناة طيور الجنة الجديد علي القمر الصن ...
- TOYOUER EL-JANAH TV .. تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر ا ...
- أنس بيرقلي: الإسلاموفوبيا في المجتمعات الإسلامية أكثر تطرفا ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - اعتذار واجب للكافرين