أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل تُفْلِس مصر؟














المزيد.....

هل تُفْلِس مصر؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7428 - 2022 / 11 / 10 - 12:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الحقيقة، ربما الدولة المصرية مفلسة بالفعل منذ حرب اليمن، وهي كذلك يقيناً بعد هزيمة 67. هناك نوعان من الإفلاس: الحقيقي والقانوني. يتحقق الأول حين يكون حجم الإنفاق أكبر من الدخل، سواء مع الفرد أو الشركة أو الدولة. في هذه الحالة ينشأ ما يسمى ’عجز الموازنة‘، الذي يمكن معالجته بوسائل عديدة من ضمنها المعونات والقروض. في حالة مصر منذ ذلك التاريخ، كان العلاج في أغلب الأحيان يتم عبر تلقي المنح والمعونات والمساعدات والهبات والتبرعات وكل ما لا يلتزم المتلقي برده ثانية من هذا القبيل من دول شتى عبر العالم، على رأسها الاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان ودول الخليج. وتحت ظروف ملحة، مثل الحروب والأزمات الكبرى، كانت الحكومات المصرية تلجأ إلى الاقتراض سواء من نفس هذه الدول الغنية أو من البنوك والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية مثل البنك الدولي. بهذا المعنى، أن الحكومة تنفق أكثر مما تكسب، كانت مصر مفلسة بالفعل منذ 1967 على الأقل. لكنها، في المقابل، لم تفلس إطلاقاً حسب التعريف القانوني طوال تلك الفترة الطويلة من الإفلاس الحقيقي، أي أنها كانت دائماً قادرة على سداد فوائد وأصول القروض التي تقترضها في آجالها. الإفلاس القانوني- العجز عن سداد فوائد وأصول الديون في آجالها- شهدته مصر مرة واحدة فقط خلال تاريخها الحديث- عام 1882- في عهد الخديوي إسماعيل.

ما من مؤرخ منصف يمكنه أن يطعن في وطنية الخديوي أو حبه لمصر. هو من بنى القاهرة الخديوية، قلب مصر النابض إلى الآن؛ أنشأ مدناً كاملة لا تزال إحداها تخلد اسمه- مدينة الإسماعيلية؛ أحدث نقلة نوعية في الحياة السياسية المصرية بوضع دستور للبلاد ارتقى بنظام الحكم من الملكية المطلقة إلى الدستورية، ليفتح أمامها أبواب النهضة على شتى الصعد، وميلاد شخصيات من أمثال سيد درويش وسعد زغلول وطلعت حرب؛ حتى الجيش يدين له بالتمصير. وكمثال واحد فقط على جدوى مشروعاته، لك أن تتخيل أن مصر طلبت 916 مليون دولار كتعويضات عن تعطيل الملاحة في قناة السويس لبضعة أيام بسبب جنوح السفينة "إيفر جيفن"! رغم ذلك، ما من مؤرخ منصف يمكنه أيضاً أن يشكك في أن إسماعيل، بسبب هذا الحب الجارف والمشروعات الجامحة، هو من ’أفلس‘ مصر وأفقدها استقلالية وسيادة وطنية انتزعها جده الأكبر محمد علي بعرق المصريين ودمائهم من الدولة العثمانية.

يُنسب الفضل للرئيس الأسبق حسني مبارك أنه الوحيد الذي نجح في تخليص مصر من عبء الديون الخارجية. ويعزو البعض ذلك إلى تجنيب البلاد مخاطر الحرب والمغامرات غير المحسوبة العواقب خارج حدودها، علاوة على ما نعمت به مصر في عهده من استقرار وأمن داخلي وتنمية. لكن رغم سداد الديون القديمة والتوقف عن الاقتراض، ظلت مصر في عهدة دولة مُفْلسة بالمغزى الحقيقي كما كانت من قبل، بمعنى أن إنفاقها ظل دائماً أعلى من دخلها وظلت موازنتها تعاني من ’عجز‘ مزمن كان لابد من سده عبر المعونات والمساعدات الخارجية، وربما حتى الدين الداخلي، لكن من دون الحاجة إلى الاقتراض من الخارج. وكان ذلك، في الحقيقة، هو أفضل وضع مالي لمصر على الإطلاق خلال تاريخها الحديث بأكمله. لكن، حين آن الأوان لكي يسلم مبارك الحكم، ترك البلاد حقيقة غير مدينة لأحد، لكنه غادرها أيضاً وهي تعمها الفوضى وعدم الاستقرار.

الاضطرابات الداخلية التي أعقبت 25 يناير 2011 كان لابد أن تفتح الباب مجدداً أمام الاقتراض الخارجي. ماذا أمام دولة مُفْلِسة بالمعنى الحقيقي أن تفعل إذا ما تعرضت لأي هزة أو طارئة مهما كان حجمها؟ حين تستطيع بالكاد أن تمشي على قدمين ثابتتين، مجرد هبة ريح متوسطة القوة تكفي لطرحك أرضاً وغرس وجهك في الوحل. هذا ما كان. وخلال أكثر من عقد من الزمن من هذه الاضطرابات لا تزال مصر توحل أكثر فأكثر في الاستدانة والاقتراض من الخارج، إلى أن بلغت الحد الذي عنده تستطيع بالكاد سداد فوائد القروض في آجال استحقاقها. هذا وهي تنعم بالأمن والاستقرار والتنمية حالياً. فما بالنا إذا ما اعترتها هزة مثل 25 يناير؟



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب الجمهوريات
- أساطير الأولين
- تحيا جمهورية مصر العربية
- رعايا في مملكة الملك
- حرب بوتين في أوكرانيا قد تضيع منه روسيا
- التمثيل النسبي للإرادة العامة
- ديكتاتورية العامة- الجمهورية
- ديكتاتورية القلة/الكادر واغتصاب الإرادة العامة
- الديكتاتورية الأفلاطونية
- توحيد وقومية
- الفيل في المنديل- شيطنة الفضول
- إلهٌ بحجم الجيب
- الكتالوج الرباني
- مسلمون بحالة المصنع
- ماذا تعني ’التعبئة الجزئية‘ الروسية؟ 2
- ماذا تعني ’التعبئة الجزئية‘ الروسية؟
- آلهة وبشر في علاقة تبادلية
- ثلاث سيناريوهات لنهاية حرب بوتين 2
- ثلاث سيناريوهات لنهاية حرب بوتين
- البيض الأمارة - نظرة ثقافية


المزيد.....




- عضو في الكونغرس يتهم مكتب التحقيقات الفيدرالي بحجب معلومات ح ...
- تركيا تؤكد استعدادها لإسقاط الطائرات الإسرائيلية في حالة -دع ...
- نائب مصري يوجه رسالة -للناعقين- عن مصر بعد أحداث سوريا (فيدي ...
- -i24NEWS-: الولايات المتحدة وإسرائيل تنسقان هجوما ضد إيران ل ...
- أحمد الشرع: نعتزم تحويل سجن صيدنايا إلى متحف
- الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا يمشي للمرة الأولى منذ خضوعه ل ...
- إعلام إسرائيلي: أغلبية ساحقة مع صفقة شاملة ونتنياهو يناقض نف ...
- تركيا تحذر إسرائيل من الاستفزاز بسوريا وتعيد فتح سفارتها بدم ...
- مصر.. وفاة -طبيب الغلابة- في الإسماعيلية
- تركيا تحذر إسرائيل من خطورة استراتيجيتها لتدمير امكانات قياد ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل تُفْلِس مصر؟