أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الكتالوج الرباني














المزيد.....

الكتالوج الرباني


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7392 - 2022 / 10 / 5 - 16:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ليس فقط قَدَر علينا أن نأتي إلى الحياة مسلمون، بل نحن أيضاً مجبرون على أن نعيش حياتنا بطريقة إسلامية إلزامية تخلو من الحريات والحقوق الفردية. وكما لم نختار أبوينا أو أحدهما المسلمين، لا يحق لنا كذلك اختيار أي طريقة أو أسلوب للحياة مغاير لما يقره الإسلام والمسلمون. لا يحق لك أن تأكل وتشرب ما تشتهي، بل ما يحلله ويحرمه الإسلام؛ ولا يحق لك أن ترتدي ما يناسبك من ملابس، بل الزي الشرعي والإسلامي؛ ولا يحق لك الكلام والاختلاط والتلامس مع الجنس الآخر، بل فقط مع أهلك ومن لا يحلون لك؛ ولا يحق للرجل مصاحبة النساء ولا المرأة مخالطة الرجال، بل الزواج الشرعي فقط المباح، ومن مذهب واحد فقط. حتى لا يحق لك أن تتكلم، ولو بينك وبين نفسك، إلا بكلام يبيحه الإسلام دون غيره، أو أسلمت نفسك لشياطين ومهالك الدنيا والآخرة. باختصار، كونك مسلماً، ليس أمامك إلا حياة واحدة تحياها- الإسلام ذاته.

ذات يوم، تحدث الشيخ الشعراوي عما أسماه ’الكتالوج الرباني‘. قال في حديثه الأسبوعي حينها أن المصانع حين تنتج السيارات تضع لها كتالوجاً مكتوباً بتعليمات دقيقة وتفصيلية حول الطريقة الأمثل لتشغيل وصيانة هذه الآلات. وسأل الحاضرين، هل هناك من هو أفضل من المصنع ذاته الذي صنع هذه الآلة لكي يضع لها تعليمات التشغيل والصيانة؟! بالطبع لا. ليشع وجهه بابتسامة الانتصار ويضيف منتشياً: هكذا الحال معنا نحن معشر البشر، ليس في الكون من هو أعلم بنا من خالقنا، الذي هو حتى أعلم بنا منا. فمن يدعي علماً فوق علم الخالق بمخلوقه! وحيث أن كل خالق بطبعه يحرص أشد الحرص على حفظ مخلوقه (ثمرة جهده) وصونه مما قد يضره أو يفسده، فيضع الإرشادات الصحيحة لاستخدامه وإصلاحه، كذلك فعل الله معنا- خلقنا ثم وضع لنا الإرشادات الصحيحة لحياتنا وصلاحنا في الدنيا والآخرة. لا يخفى على أحد أن القرآن كان بيت قصيد الشعراوي من وراء حديث الكتالوجات ذلك.

طالما أن الله قد خلقنا، وتمكن بطريقة أو بأخرى من أن يبلغنا كلمته، أو كتالوجه، فبالتأكيد لن يوجد خيراً منه موجهاً وحاكماً لحياتنا وصلاحنا دنيا وآخرة. إذا كان القرآن بين أيدينا، لماذا نتعب أنفسنا في البحث شرقاً وغرباً عن دستور ننظم به أحوالنا؟ هكذا كان لسان حال الشيخ الشعراوي وبالطبع كافة الشيوخ السابقين عليه والمعاصرين له. في الحقيقة، هكذا كان ولا يزال لسان حال العالم الإسلامي بأسره- عالق بحبال قصة الخلق ومضامينها وتبعاتها. من جهة أخرى، كما كان الشعراوي ليس هو من ابتدع لا المصنع ولا السيارة ولا كتالوج تشغيلها، هو كذلك لم يبتدع فكرة الخالق والمخلوق والكتاب المقدس. مثل هذه الأفكار والتصورات قديمة قدم الإنسان نفسه، ومنتشرة عبر كل زمان ومكان. كل ما هنالك أن الشعراوي قام بالتقاط بعض الأشياء الموجودة بالفعل من حوله ليجمع بينها ويؤلفها في نَظْم جديد بثوب إسلامي ودعم به تصور مسبق في مخيلته، الذي هو بدوره ليس من صنعه كذلك بل من صنع البشرية جمعاء وعمره من عمرها.

في الحقيقة، الشيخ الشعراوي يتصور ويتحدث عن عملية خلق غير موجودة من الأصل، سواء لإنتاج السيارة أو الإنسان أو أي شيء آخر. فكرة الخلق في حد ذاتها وهم، أو بتعبير آخر مجرد أسطورة قديمة صدقها العقل البشري من كثرة ترديدها. السيارة التي يتحدث الشعراوي عن خلقها لم تُخلق كما يتصور، بل هي ’تطورت‘ من أسلاف أقدم ومن نفس جنسها. ويمكن لشيخنا إذا ما أراد دقة الحديث أن يتتبع رحلة تطورها منذ العجلات الحربية زمن الفراعنة قبل ملايين السنين. لا يوجد لها خالق أو مصنع واحد محدد ومعروف حتى نتوجه نحوه بالحمد والشكر، وإذا كان لابد فهم كثر، البشرية كلها. كذلك كتالوجها قد تطور منذ بدايات الكتابة الأولى في مصر والعرق والصين قبل ملايين السنين. لا كتاب مصنع واحد، بل كتباً لا تحصى، عبر رحلة طويلة في الزمان والمكان. لا أحد أو كيان يصنع أو يخلق شيئاً مرة واحدة وللأبد من عدم. هذا إعجاز لا وجود له حقيقة وسط البشر على الأرض، حتى لو كان وجوده متخيل في أذهانهم منذ الأزل في شكل معجزات. هكذا حين يتصور الشعراوي وجود شيء ويفيض في الحديث عنه، هذا لا يعني أن هذا الشيء صحيح أو موجود في الحقيقة بالضرورة. مجرد تصور.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلمون بحالة المصنع
- ماذا تعني ’التعبئة الجزئية‘ الروسية؟ 2
- ماذا تعني ’التعبئة الجزئية‘ الروسية؟
- آلهة وبشر في علاقة تبادلية
- ثلاث سيناريوهات لنهاية حرب بوتين 2
- ثلاث سيناريوهات لنهاية حرب بوتين
- البيض الأمارة - نظرة ثقافية
- الدين في العالم القديم 4
- الدين في العالم القديم 3
- الدين في العالم القديم 2
- الدين في العالم القديم
- -حاجة لله- - المفهوم الاجتماعي للنص
- شرعية المحكومين المهدرة
- استعلاء الثقافة العربية على الفرد
- في الحكم في تربية العجول
- ورثة الملك وخبيئة الباشا
- مَكْؤُونات مصطنعة
- الأزمة السورية: خطة تركيا الكبرى
- معضلة فلاديمير بوتين الفكرية.
- معضلة فلاديمير بوتين الفكرية


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الكتالوج الرباني