أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - آلهة وبشر في علاقة تبادلية














المزيد.....

آلهة وبشر في علاقة تبادلية


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7384 - 2022 / 9 / 27 - 14:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اختلفت مع زميل اللعب حول من يسبق الآخر في القدسية والأهمية للبشر، الله أم النبي. هو يقول "الله" وأنا "النبي". لأننا نذكره أكثر، نحكي عنه أكثر، نصلي عليه أكثر، نحبه- أو نؤمر بأن نحبه- أكثر...الخ، ظننت أنه الأجدر بمكانة الرئيس لا المرؤوس. لكن بعد احتكامنا لطرف ثالث أكثر رشداً، تبين لي أنني كنت مخطئاً: الله هو الإله الذي يُعبد بينما النبي ليس سوى بشر من خلق الله مثلنا مُرسل من طرف الأول عن طريق الوحي ليهدينا إلى السراط المستقيم. لكن الجواب لم يطفئ فضولي: كيف بالله يكون مجرد بشر مثلنا؟!

نحن، في الإسلام، نعيب على المسيحية ادعائها كون عيسى بن مريم ابن الله. نحن ننزه الإله عن أن يلد أو يولد، أو يتخذ له ولداً أو زوجة. لكننا، في الوقت نفسه، ننفي أن يكون لعيسى بن مريم أب من البشر، بل نفخ الإله من روحه في أحشاء أمه لتحمل به وهي عذراء لم يمسسها بشر. وهذا، في الإسلام، هو معتقدنا الصحيح. لكن رغم اقرارنا بكون عيسى هو نفخة من روح الله، لكننا ننفي بشدة أن يكون ’ابناً‘ لله كما تدعي المسيحية أو بعض من مذاهبها على الأقل. وهل هناك فارق حقاً بين ابن النفخة وابن المني؟!

نحن، في الإسلام، نكره بشدة أن تعلق بالإله صفة بشرية. ومن أكثر صفات البشر التي تثير الحساسية الدينية والأخلاقية فينا ممارسة الجنس، أو الجماع، أو العلاقة الحميمة. لذلك حين نقر بكون عيسى ابن مريم ابناً لله، فهذا إقرار ضمني من جانباً بممارسة الإله الجنس مع مريم العذراء حتى تحمل منه ابناً. معاذ الله! هذا تدنيس للذات الإلهية يستحيل أن تتحمله أو تتهاون معه عقليتنا الذكورية. من جهة أخرى، ماذا لو قلنا إن عيسى بن مريم هو ابن الله بالروح وليس بالمني؟ عندئذ ستبقى معضلة الخزي الأخلاقي عالقة في كلمة ’ابن‘ التي لابد أن تحمل دلالة ما من الاتصال الجسدي بين الإله ومريم. وهكذا لا يكون أمامنا مفر سوى أن نقطع علاقة البنوة البيولوجية كليتاً سواء بين الله وعيسى، أو بين الله وأي بشر آخر مهما كان.

رغم ذلك، لا يستفزنا أبداً القول مجازاً بكوننا جميعاً أبناء الله- لكن بمغزى خلق الله وعبيده لا أبناءه البيولوجيين. بهذا المعنى، جميع من في الأرض من البشر وسائر الكائنات خلق الله وعبيده، وبهذا المغزى أبناءه الذين يتوسلون رحمته وعطفه وغفرانه.

يبقى هناك بُعد آخر للمسألة لم نلتفت له بعد. حتى لو كان الله هو الإله وعيسى ومحمد مجرد بشرين، الأول ليس بابنه والثاني لا يسبقه في التقديس والاهتمام، ماذا عن ارتباطهما به وارتباطه بهما؟ ألم يحدث ذلك الارتباط الحتمي امتزاجاً أو تداخلاً ما بين ألوهية الله وبشرية عيسى ومحمد؟ في قول آخر، هذا الارتباط الحاصل ما بين الإلهي والبشري ألم يأخذ من الأول إلى الثاني، ومن الثاني إلى الأول؟ بصراحة أكثر، ألم يؤدي الارتباط بين الإله والبشر إلى ’بشرنة‘ الإله و’تأليه‘ البشر؟

حتى يعرف البشر بالآلهة كان لابد من أفراد بشر منهم يعرفونهم بها. هؤلاء في دينينا نسميهم الرسل والأنبياء ولهم أسماء أخرى في الأديان الأخرى. وحتى يقربوا صور الآلهة إلى مخيلة الناس البشرية المحدودة كان لابد من إلباس الآلهة صفات بشرية، لكن في نطاق المطلق. هذا هو ما أسميه ’بشرنة‘ الآلهة. كذلك، كان لابد أن يؤدي ارتباط هؤلاء الوسطاء البشريين بعالم الآلهة إلى أن يأخذوا هم بدورهم بالضرورة بعضاً من قدسية الآلهة وصفاتهم المطلقة. ومن ثم أصبحوا بشراً ’مؤلهين‘ أو معصومين. بالتالي تصبح العلاقة، أو هكذا أتصورها، بين الإله ورسوله ليست كتلك بين الابن وأبيه البيولوجي، بقدر ما هي كتلك بين وجهي العملة الواحدة، بحيث لا يصح أحدهما من دون الآخر. والاثنان هما نفس الشيء والشيء نفسه.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث سيناريوهات لنهاية حرب بوتين 2
- ثلاث سيناريوهات لنهاية حرب بوتين
- البيض الأمارة - نظرة ثقافية
- الدين في العالم القديم 4
- الدين في العالم القديم 3
- الدين في العالم القديم 2
- الدين في العالم القديم
- -حاجة لله- - المفهوم الاجتماعي للنص
- شرعية المحكومين المهدرة
- استعلاء الثقافة العربية على الفرد
- في الحكم في تربية العجول
- ورثة الملك وخبيئة الباشا
- مَكْؤُونات مصطنعة
- الأزمة السورية: خطة تركيا الكبرى
- معضلة فلاديمير بوتين الفكرية.
- معضلة فلاديمير بوتين الفكرية
- كيسنجر مقابل سوروس بشأن روسيا وأوكرانيا
- الغرب منقسم حيال مآل الحرب في أوكرانيا
- بوتين يحكم روسيا كمصحة نفسية
- لعبة الشياطين والملائكة


المزيد.....




- الشرع يتسلم دعوة رسمية من العراق للمشاركة في القمة العربية
- كورسك.. كيف سقطت أهم ورقة أوكرانية؟
- الجيش الأميركي يكشف تفاصيل عملياته ضد الحوثيين
- ترامب: أعتقد أن زيلينسكي مستعد للتخلي عن شبه جزيرة القرم
- نتنياهو يردّ على اتهامات رئيس الشاباك -الخطيرة-
- واشنطن تتحدث عن -أسبوع حاسم- أمام أوكرانيا وروسيا
- زيادة قياسية في الإنفاق العسكري العالمي خلال 2024
- الحداد يتحوّل إلى غضب في إيران بعد مقتل 40 شخصاً خلال انفجار ...
- فولغوغراد تستضيف المنتدى الدولي.. -إرث عظيم - مستقبل مشترك- ...
- نائب عن -حزب الله- يعلق على استهداف إسرائيل للضاحية الجنوبية ...


المزيد.....

- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - آلهة وبشر في علاقة تبادلية