أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - السلطة والثروة والدين














المزيد.....

السلطة والثروة والدين


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7443 - 2022 / 11 / 25 - 10:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثلاثي انتشر في الجسد السياسي العربي وينخر في العظم حتى النخاع، ليُبقي المجتمعات تتألم من أعراض بطش السلطة وجشع الثروة وتغييب الدين للعقل. هذه حقيقة. دول الإقليم تتصدر قائمة العالم في مؤشرات الاستبداد والفساد وضعف البحث والإنتاج العلمي. مرض مزمن نتوارثه أباً عن جد من آلاف السنين ويقف حجر عثرة بيننا وبين الانخراط المثمر مع بقية بلدان العالم، المتقدم أو النامي أو حتى المتأخر منها. حتى أنه ينزع منا القدرة على استكشاف ذواتنا واستغلال طاقاتنا المحدودة، لأنه يُنهك قوانا ويشل تفكيرنا ويتركنا هزال غير قادرين على شيء نافع. غير أن السلطة والثروة والدين وجدت في الأصل ضمن الجماعة البشرية لأغراض نهضتها ورفعتها. لماذا هي عندنا على وجه الخصوص سبباً رئيسياً للضعف والانحطاط؟!

هذا الثلاثي لا ينشأ إلا وسط مجتمع من الناس، وهو حاصل ضرب قوى وأموال ومعتقدات أعضائه. ولكي يُفَعَّل، لابد من تجسيده أو تمثيله أو احتكاره في شخص طبيعي أو مجموعة منهم، لأنه شخص اعتباري لا يملك الكيان الفيزيائي المستقل بمعزل عن أعضاء المجتمع. وكلما كبرت الجماعة، زادت الحاجة أكثر لتنظيم مجهودات أعضائها للحد من الصراعات فيما بينهم ولتعظيم العائد الكلي لمساعيهم مجتمعين. وفي ذلك مصلحة عامة، أو منفعة لكل واحد منهم. الشخص أو الجهة التي تتعهد تنظيم الجماعة للحد من الصراعات وتعظيم العائد الكلي تُسمى ’السُلطة‘؛ و’الثروة‘ هي العائد الكلي لمجهودات الجماعة بعد تنظيم نشاطاتها والحد من التضارب والصراع فيما بين أفرادها، أو ما يُصطلح عليه ’الناتج القومي الإجمالي‘؛ و’الدين‘ هو كل منتج فكري يهدف إلى تبرير تعليمات وتصرفات السلطة لاستمالة أفراد الجماعة للانصياع لها طواعية وليس إلزاماً بحجة أن في ذلك منفعة شخصية أكيدة لهم.

الفوضى عدو الجماعة اللدود، يفتت لحمتها ويبعثرها في عصبيات وخلايا متناحرة يمكنها الفتك بوجود الجماعة ذاته. لهذا ينجذب فرد الجماعة غريزياً باتجاه القوة، العنصر القادر على فرض النظام والحفاظ على حياة الجماعة من التحلل في الفوضى. كل من يُفلح من أعضاء الجماعة في تحشيد القدر الأعظم من هذا العنصر الحاسم في حياة الجماعة، القوة، تحت سيطرته يصبح هو صاحب ’السلطة‘. ولكي تتوسع السلطة وتسود على القسم الأعظم من أرض الجماعة ومواردها وأصولها تحتاج إلى من يدعمها، من يدفع نفقات بسط السيادة ومحاربة الفوضى وإنفاذ النظام. هنا يأتي دور ’الثروة‘، لأنها المستفيد الأكبر في الحالتين- من تحالفها مع السلطة التي تملك حصراً الحق لتوزيع امتيازات استغلال موارد وأصول الجماعة، وكذلك من حفظ النظام والأمن وسط الجماعة الذي سيمكنها من الاستثمار في هذه الموارد والأصول بغرض كسب ومراكمة المزيد من الثروة. بيد أن تحالف السلطة والثروة معاً لتحقيق أغراضهما المتبادلة لا يكفي وحده لاستدامة أي منهما أو كلاهما معاً سوى لفترة وجيزة من الزمن. ولضمان الاستدامة، لابد من استدراج الجمهور الأوسع- أفراد الجماعة- إلى داخل قواعد اللعبة. هنا تحديداً تحضر وظيفة ’الدين‘، الذي من جهة يبرر تعليمات وتصرفات السلطة لرأي عامة الجماعة، ومن الجهة الأخرى يغويهم ويواسيهم للرضا بالحال والوضع القائم، النظام الذي فرضته السلطة.

الجماعة لا تنشأ إلا على نظام، الذي من دونه يفنى وجودها في الفوضى. وتعد السلطة والثروة والدين عناصر أساسية وضرورية لفرض النظام واستدامته. هكذا يمكن بسهولة حشر الجماعة في مأزق لا تُحسد عليه إذا ما خُيرَت بين ’النظام‘ (مرادف الحياة) وبين ’الفوضى (مرادف الفناء). لكن وضع حياة الجماعة (النظام) في كفة وفنائها (الفوضى) في الكفة الأخرى يستلزم من العناصر التكوينية للنظام (السلطة والثروة والدين) أن تكون متحدة وعلى قلب رجل واحد في مساومتها تلك إزاء جمهور الجماعة. يمكن أن يتحقق هذا الوضع في حالتين: 1- أن تكون كل (أو معظم) العناصر الثلاثة مجسدة أو ممثلة أو محتكرة في شخص واحد (طبيعي أو اعتباري)، وهو من أسميه "السلثردي" الذي رغم وجوده الثقافي حتى الزمن الحاضر لا يزور التاريخ الفعلي سوى نادراً؛ و 2- أن تكون العناصر الثلاثة متصلة أو قريبة أكثر من اللازم من بعضها البعض رغم توزيعها بين عدة أشخاص (طبيعية أو اعتبارية)، وهو الوضع الأقرب إلى الواقع في بلداننا. ونلاحظ أنه حين يصطف ثلاثي السلطة والثروة والدين في جانب وجمهور الجماعة في الجانب الآخر، ينشأ ما يسمى ’سوء الاستخدام‘، الذي يشوه السلطة إلى ’استبداد‘ والثروة إلى ’فساد‘ والدين إلى ’تغييب‘.

لا شك أننا كمجتمعات لا يزال يطلع منا النفس، لكن بصعوبة. وهذا دليل على أن الوجه المشوه للسلطة والثروة والدين (الاستبداد والجشع والتغييب) لم يستحكم فينا بعد حتى منتهاه، وإلا كان الجمود قد أكلنا وسلمنا الروح وعدمنا الإرادة والرغبة في البقاء والتغيير. في المقابل، نحن أيضاً كمجتمعات لا ننعم بالنظام والاستقرار كما ينبغي، بل تعمنا الأزمات والصراعات والاضطرابات والحروب الأهلية والانقلابات العسكرية من وقت قصير لآخر، بما يحرم أي نظام مهما كان من إحكام سيطرته وبسطها على نحو مستدام. وفي هذا دليل آخر على ضعف الثلاثية كذلك في وجهها الغريزي، وعجزها عن بسط سيطرتها وفرض النظام والحفاظ على الوضع القائم كما تتمناه. في النهاية، كلا وجهي الثلاثية الغريزي والمشوه يعاني، مثلنا كمجتمعات، من الضعف والهزال.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لديَّ حُلْمُ كُوردي
- السلثردي
- هل القوة وحدها تكفي؟
- سوريا، أَنْتِ هُنَا؟
- الهيمنة الأوروبية قديماً وحديثاً
- أساطير الأولين2
- هل تُفْلِس مصر؟
- حرب الجمهوريات
- أساطير الأولين
- تحيا جمهورية مصر العربية
- رعايا في مملكة الملك
- حرب بوتين في أوكرانيا قد تضيع منه روسيا
- التمثيل النسبي للإرادة العامة
- ديكتاتورية العامة- الجمهورية
- ديكتاتورية القلة/الكادر واغتصاب الإرادة العامة
- الديكتاتورية الأفلاطونية
- توحيد وقومية
- الفيل في المنديل- شيطنة الفضول
- إلهٌ بحجم الجيب
- الكتالوج الرباني


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - السلطة والثروة والدين