|
اشكالية الصديق والعدو لدى الكرد
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7442 - 2022 / 11 / 24 - 23:24
المحور:
القضية الكردية
وطن الكرد التاريخي مقسم منذ قرون وعقود ، ويتوزعون فيما بينهم الان بالإضافة الى صفتهم القومية الكردية أربعة انتماءات وطنية : تركية – إيرانية – عراقية – سورية ، حيث تموضعوا من دون ارادتهم ، وإرادة شركائهم الجدد من الشعوب الأخرى في الأوطان الجديدة من الناحية الرسمية الواقعية ، الدستورية ، والقانونية ، واندمجوا في مجتمعات بصور متفاوتة بعد ان تحولوا الى الطرف الأقل عددا ، وخضعوا لثقافاتها السائدة ، وأنظمتها السياسية التي لايسمح لهم المشاركة في وضعها وإقرارها . انتقلت حركتهم القومية التحررية التي قامت على مبادئ حق تقرير المصير ، والاستقلال منذ بدايات القرن التاسع عشر ، وكافحت عقودا كحركة تحرر اسوة بحركات الشعوب الأخرى بالمنطقة والشرق عامة ولم تحقق أهدافها لاسباب ذاتية وموضوعية ، داخلية وخارجية ، و في مرحلة مابعد التقسيم ، تحولت الى حركات وتعبيرات سياسية ثنائية الانتماء ( قومية – وطنية ) تنطلق من جغرافية ، وضمن حدود البلدان الأربعة المستقلة بهوياتها التركية ، والفارسية ، والعربية . الكرد من الشعوب النادرة بالمنطقة التي لم تحقق تقرير المصير ابان الحربين العالمتين اللتان خلفتا عشرات الدول المستقلة الجديدة غم كل التضحيات ، والانتفاضات ، والثورات ، وعجزت حركاتهم القومية التحررية عن منع تقسيم كردستان التاريخية ، ليس هذا فحسب بل ان حركاتهم السياسية والحزبية منها على وجه الخصوص مابعد الحرب العالمية الثانية فشلت في تحقيق نوع من العلاقات الإيجابية فيما بينها ، او وضع ميثاق ملزم للتعاون بين الاشقاء ، بدلا من الاحتراب ، والصراع التناحري ، ومصادقة أعداء الآخر . مايحصل الان للكرد في الأجزاء الأربعة وفي وقت واحد وبغض النظر عن الأسباب ، والمسببات ( اعتداءات إيرانية وتركية ، على إقليم كردستان العراق – واعتداءات تركية على معظم المناطق الكردية السورية – ومواجهة نظام ايران لشعب كردستان ايران بالحديد والنار الان – وحرمان كرد تركيا من حق تقرير المصير ، وكذلك الامر للكرد السوريين ) كل ذلك وقد يحصل الأسوأ هو نتيجة طبيعية للاخطاء القاتلة التي سبق ذكرها أعلاه في عجز الحركة القومية الكردية من تحقيق تقرير المصير قبل عقود ، وعجز الحركة الحزبية السياسية الراهنة في وضع أسس متينة للعلاقات القومية ، وترسيخ مبدأ الحوار الديموقراطي بين المختلفين ، وقبول الاخر المقابل . في إشكالية العدو والصديق في المشهد الراهن فان كلا من نظامي ايران وتركيا اللذان يستحوذان على اكثر من ٨٠٪ من كرد المنطقة ووطنهم التاريخي ، والتجسيد الحي لمعركة – جالديران ١٥١٤ – والاصطفاف السني ، والشيعي ، يقومان بدور رئيسي في الصراع الدائر ليس على الصعيد الكردي فحسب بل على مستوى المنطقة برمتها من بغداد الى بيروت ، ومن صنعاء الى دمشق ولهما التاثير المباشر على مسالتي الحرب والسلام ، والصراع العربي الإسرائيلي ، وعلى مصير القضية السورية ، فايران حليف لمركز – ب ك ك – في قنديل ، وتوابعه خصوصا سلطة – ب ي د – بسوريا ، وعدو بالوقت ذاته لكرد ايران وقيادة إقليم كردستان العراق ، وتركيا عدوة ل ب ك ك وتوابعه ، وحليف لإقليم كردستان ، لذلك فان الحركة السياسية الحزبية الكردية الراهنة في الأجزاء الأربعة لاتتفق على تعريف العدو ، والصديق فحسب ، بل تنطلق ضمنا واحيانا علنا من مقولة ( عدو عدوي صديقي ) ؟! بمعنى ان تركيا عدو هنا ، وصديق هناك ، وايران صديق هنا وعدو هناك . اين الكرد السورييون من كل ذلك ؟ انعكست المعادلة المتحكمة بالمنطقة ، والصراع الإقليمي ، والهجمات التركية ، والقضية السورية ، سلبا على الشعب السوري برمته والكرد منهم خصوصا ، فاضافة الى اخلاء مناطقهم بسب الهجرة ، والتهجير ،وتعرضهم للظروف المعيشية والأمنية الصعبة ، فان النتيجة كانت وبالا على حركتهم القومية والوطنية السياسية ، التي تعرضت الى التفكك ، والانقسام ، وتحريف الفكر القومي الديموقراطي ، والعبث بميراثها النضالي ، لقد كان الهدف الأساسي للعقلية الحزبوية في طرفي الاستقطاب ، تأزيم الوضع الى حدود الانهيار ، وقطع الطريق على إرادة الخلاص ، من جانب المجموعات المستقلة ، والوطنيين ، والنخب الناشطة الداعية الى حل الازمة ، وتحقيق الخلاص ، وكذلك ومساعي إعادة بناء الحركة بالطرق المدنية الديموقراطية ، وذلك حفاظا على سلطاتها ، ومصالح المسؤولين المتنفذين . فضيحة ( أمريكا باعتنا ) نحن نعلم بحكم الاطلاع على تاريخ الحركة الكردية وتجاربها المريرة ، ومعرفة الجوهر الفعلي لاحزاب طرفي الاستقطاب وخصوصا الحزب الحاكم الفعلي لسلطة الامر الواقع ، ووقائع علاقاته الموزعة على اكثر من طرف إقليمي ودولي والمبنية على الأوهام ، ان الطرف الأمريكي – وليس دفاعا عنه – لم يلتزم يوما لاسياسيا ولا عسكريا بوجود وحقوق الكرد السوريين ، وقد اعلنها السيد – دونالد ترامب – بكل وضوح وعندما كان رئيسا للولايات المتحدة الامريكية " بانهم قد ينسحبون من سوريا باية لحظة ، وان هناك مقاتلون من – قسد – معنا ، مقابل مساعدتهم ماديا " ، كما صرح اكثر من مسؤول امريكي في عهدي – ترامب – و – بايدن – ان تركيا دولة حليفة ، وعضو بالناتو ، ونقدر هواجسها الأمنية . هناك عامل آخر يدفع باتجاه – بيع قسد – وهو تغيير الموقف الأوروبي نحو التشدد مع ايران ، وكذلك الأمريكي ، وكلما تعمق هذا الموقف كلما ازداد الضغط على – الحليف الفعلي – لإيران ، وهو الخط المتنفذ المرتبط بمركز قنديل . لقد اوهم المسؤولون المتنفذون في أحزاب طرفي الاستقطاب ، ان أمريكا ليست صديقة فحسب بل طرف ضامن من اجل الاتفاق الكردي الكردي ؟! ، اليس من الواجب محاسبة هؤلاء على تضليلهم المتعمد للشعب الكردي ؟ الم يظهر ان كل علاقاتها المحلية ، والوطنية ، والإقليمية ، والدولية مجرد أوهام ، ووسيلة إعلامية لتحقيق المكاسب الحزبية ، فكل صلات سلطة الامر الواقع ماهي الا تحقيق حاجات الاخرين من القوى الكبرى خصوصا أجهزتها العسكرية والمخابراتية ، التي تتنافس على النفوذ في سوريا وحولها ، وجميع صلات – الانكسي – تقوم بفضل تدخلات الاشقاء في إقليم كردستان العراق ، فحتى لو سلمت القوى الدولية باحقية ومشروعية القضية السورية فانها لن تتعامل مع – ب ي د – كممثل للمعارضة الوطنية السورية ، وحتى لو اعترفت تلك القوى بالكرد السوريين وجودا وحقوقا فانها لن تعتبر أحزاب طرفي الاستقطاب – ممثلا شرعيا للكرد . القرار الكردي السوري مغيب اذا كان الشعب السوري برمته غائب عن تقرير مصيره ، فان غياب الكرد تحصيل حاصل ، ومايجري بمناطقهم ، ومايحصل بين الحين والأخر يتم بإرادة خارجية ، وقد انكشفت جوانب اللعبة منذ حين واهمها ان كل الأطراف المحتلة بمافيها تركيا بشروطها الأخيرة الخمسة ، وامريكا ، وروسيا بمواقفهما الواضحة من الاحداث ، وايران ، وحتى إسرائيل ، وخصوصا سلطة – ب ي د – تسعى جميعها الى عودة إدارة ، وأجهزة النظام ، حتى وصل الامر الى درجة اقنعت اوساطا من الناس بارجحية سلطة النظام ليس حبا فيه بل تخلصا بماهو قائم وهذه حقيقة يتداولها الكثيرون ، وهي مرة بطبيعة الحال ، وغير مقبولة لان عودة النظام المجرم الذي لم يحاسب هو أسوأ الخيارات على الاطلاق ، واكثرها إهانة لدماء مئات الالاف .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ندوة حوارية ببرلين حول الحركة الكردية السورية
-
مسرحية فاشلة بكل المقاييس
-
قراءة سياسية عامة لحراك - بزاف -
-
عشية المؤتمر ( ١٤ ) للحزب الديمقراطي الكردستاني
...
-
الكرد في حقبة حافظ الأسد (
...
-
في الحالة الكردية السورية الراهنة
-
لا تضعوا العصي في دواليب التغيير
-
لامستقبل للكرد السوريين من دون حل أزمة حركتهم
-
فلنفتح كل الدروب المغلقة امام الحوار
-
لن تتشكل شخصية ثقافية للكرد السوريين الا باستعادة الشخصية ال
...
-
مؤتمر وطني جامع ولا مائة مؤتمر حزبي
-
في السياسة التعليمية للكرد السوريين
-
شروط الحوار الناجح بين الكرد السوريين
-
اعادة بناء الحركة الكردية السورية مهمة أولى وعاجلة
-
عود على بدء : نحن والخط الثالث
-
العراق رهينة الشيعية السياسية
-
كانت الفرحة اكبر لو شملت الوحدة كل أطياف كردستان ايران
-
أعيدوا بناء حركتكم قبل فوات الأوان
-
من تزييف التاريخ الى تزوير الوقائع
-
التفاعل بين الثقافي والسياسي في تطور الفكر القومي الكردي
المزيد.....
-
سوريا: 13 قتيلاً في حمص خلال حملات اعتقال وتصفية.. واحتجاجات
...
-
احتجاجات في سلوفاكيا رفضا لقانون مثير للجدل يهدد حرية التعبي
...
-
الأمم المتحدة: أكثر من 480 قتيلا في ولاية شمال دارفور بغرب ا
...
-
رفع العلم السوري الجديد بالأمم المتحدة
-
الأمم المتحدة: الوضع في غزة وصل لنقطة الانهيار
-
واشنطن تعلن مطالبها من سوريا بالأمم المتحدة ودمشق تسعى لتخفي
...
-
وزير الخارجية السوري يرفع العلم الجديد بمقر الأمم المتحدة بن
...
-
اعتقال بودريقة الرئيس السابق للرجاء البيضاوي المغربي
-
برنامج الأغذية العالمي يعلن نفاد مخزونه الغذائي في غزة
-
برنامج الأغذية العالمي يعلن نفاد مخزونه الغذائي بالكامل في ا
...
المزيد.....
-
“رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”.
/ أزاد فتحي خليل
-
رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر
/ أزاد خليل
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
المزيد.....
|