أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - صلاح بدرالدين - التفاعل بين الثقافي والسياسي في تطور الفكر القومي الكردي















المزيد.....

التفاعل بين الثقافي والسياسي في تطور الفكر القومي الكردي


صلاح بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 7343 - 2022 / 8 / 17 - 14:01
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


التجربة الشخصية للشاعر الكردي السوري – قدري جان – تلخص لنا العلاقة التاريخية التفاعلية بين السياسي ، والثقافي ، والتنازع حول الأولويات في الأفكار ، والتوجهات الأممية ، والقومية ، والوطنية ، عندما بدل وجهة " كعبته " من موسكو الى بارزان .
في اول زيارة وفد حزبي رسمي من الحركة الكردية السورية الى المناطق المحررة بكردستان العراق بعد اندلاع ثورة أيلول عام ١٩٦١ ، استقبلنا الزعيم الراحل مصطفى بارزاني ( الشهيد محمد حسن وانا ) في مقره الشتوي – قصري – بمنطقة بالك ، والى جانبه الراحل ادريس بارزاني ، في بداية حزيران ١٩٦٧ ، ومكثنا بضيافته بحسب البرنامج المقرر يومان ، وكانت لدينا ليلتان للمحادثات ، نستكملها بعد ذلك بالمكتب السياسي للحزب الشقيق ، وفي الليلة الأولى ومابعد طعام العشاء ، افتتح بارزاني اللقاء حول اربعة شخصيات كردية سورية وهم ( اوصمان صبري ، و د عصمت شريف وانلي ، وخالد بكداش ، وقدري جان ) ، وانطباعاته حول كل واحد منها بكل صراحة ووضوح والتي غلب عليها النقد والعتاب مع شيئ من الاستحسان ، ويجب الاعتراف اننا وفي تلك اللحظات النابضة بالمشاعر الجياشة من تاثيرات اول لقاء مع شخصية عظيمة مهيبة ، لم يكن هناك متسع حتى للتفكير بمغزى افتتاح بارزاني اللقاء حول تلك الشخصيات ، ولكننا فهمنا فيما بعد ان ماقاله كان بمثابة رسائل ، وتوضيحات ، لها مغزاها العميق حول القضية الكردية ، وتطور الفكر القومي ، ومضار الكوسموبوليتية ، واخلاقية العلاقات القومية واصولها ، وشروطها .
في تلك الجزئية من المحادثات فقط كان لدي تعقيب على التساؤلات الغاضبة المتعلقة بالمرحوم اوصمان صبري ، واعتقدت حينها انني قدمت الصورة الإيجابية الملطفة عنه ، وصححت جوانب من النظرة السلبية تجاهه ، فقد كان سكرتير حزبنا آنذاك ، ولم يكن من وظيفتنا التطرق الى مسائل الاخرين الذين لم نكن على بينة من امرهم اكثر من بارزاني ، وفي هذه العجالة ، وبمناسبة حلول الفعاليات السنوية الثقافية لذكرى الشاعر والاديب قدري جان ، اكتفي بتناول بعض جوانب سيرته استنادا الى ماآخبرنا عنه بارزاني في الجزء الافتتاحي من تلك الجلسة ، وقد اعود مستقبلا الى الاخرين بظروف مناسبة .
حدثنا الزعيم الراحل ان الشخصية الثقافية الكردية السوفيتية – قناتي كوردو – الذي كان على علاقة وثيقة به ، اقترح عليه الاستجابة لرغبة شاعر كردي سوري باللقاء به ، يزور موسكو ضمن وفد الى مؤتمر الشباب العالمي السادس في تموزعام ١٩٥٧وهو الشاعر قدري جان ( ١٩١١ – ١٩٧٢ ) ، فاستقبلته ( والكلام لبارزاني ) في منزلي بحضور كوردو، وطلبت منه القاء قصائد من شعره ، فاسمعنا ابياتا كلها تمجيد بالاتحاد السوفييتي ، والمبادئ الأممية ، ومن دون اية إشارة للكرد ، وحقهم بتقرير المصير ، وبعد كل عدة ابيات تتكرر اللازمة ( كعبا مة موسكفايا ) أي كعبتنا موسكو ، فخاطبته قد تكون شاعرا جيدا ولكن المضمون لايعجبني فلماذا لاتكون ( كعبتنا ) مهاباد ، او السليمانية ، او دياربكر ، او قامشلو ؟، وبعد نحو عامين زارني في بغداد حاملا معه رسالة تهنئة بعودتي ، وقصيدة جميلة عصماء، بمثابة نوع من الاعتذار ، وتاكيد على صحة ملاحظاتي له بموسكو ، ولاشك انني قدرت له ذلك .
القصيدة المشار اليها ( بارزاني هات أو عاد بارزاني عاد الأسد الى الوطن - أشرقت شمس كوردستان - ابشركم عاد البارزاني - لقد عاد الأسد الى عرينه ...) من اهم وأغنى ما صدر عن قدري جان ، تعبر عن تحول فكري وانحياز لافت الى النضال القومي والوطني الكردستاني لدى الشاعر ، فهو كان متعاطفا مع قضية شعبه قبل ذلك بلاشك ، كيف لا وقد ذاق الام ومعاناة التهجير القسري من نظام اتاتورك الشوفيني ،ولكن من منطلق مفهوم الحزب الشيوعي السوري الذي كان عضوا فيه واعتقل في سجن المزة ١٩٥٩ – ١٩٦١ بتهمة الانتماء للحزب الشيوعي ، ، وبمعنى أوضح مدى خدمة القضية القومية الكردية للقضية الأممية كما يراه ذلك الحزب ، ومصالح الكفاح ضد الامبريالية ، وصيانة ( أنظمة التطور الوطني !!) ومن بينها نظاما البعث في سوريا والعراق .
عاصر قدري جان شعراء كرد سوريين من جيله مثل جكر خوين ، واوصمان صبري ، واللغوي رشيد كورد وغيرهم ، وهم جميعا كانوا يعتنقون الفكر القومي بشدة وبتوجه يساري ديموقراطي ، وكان الاختلاف ظاهرا ، حيث التزام قدري جان الحزبي قد أخره قليلا للتعبير عن قناعاته الحقيقية التي فجرها في قصيدته ( بارزاني هات ) ، واصطدامه أحيانا وقبل ذلك مع اقرانه من الشعراء القوميين اليساريين ، فهناك قصيدة للشاعر الكبير – جكرخوين – يرد فيها على قدري جان بالتالي :

Hey qedrîcan efendî xortê delal u cindî
Reşbeleka te şandî minê xwendî birindî
Hersê pirsê tegotin weku tîra limindî
Ewjî fida çavête tu xortekî lewendî .....
كما يظهر من مضمون الابيات ( أيها الشاب الرائع قدري جان افندي ، قرأت رسالتك باهتمام ، بعض كلماتها كانت كالسهام ، ولكنني اعذرك لانك شاب وسيم ... ) وكما اعتقد فان الرسالة كانت تحتوي على نقد جارح لنهج جكرخوين المغالي بالمشاعر القومية حسب نظرة قدري جان في ذلك الوقت ، والتي كما ذكرنا نابعة من التزامه بموقف الحزب الشيوعي السوري ، ولكنه لم يظل كذلك بسبب تاثير أصدقائه البدرخانيين ، وكذلك المرحوم قدري جميل باشا ، كما كان لقاؤه بالبارزاني بموسكو لحظة فاصلة في مساره الفكري كما أتصور .
من جهة أخرى لا اتفق تماما مع الذين يعتبرون الشاعر قدري جان من الشعراء الحداثويين الكرد ، أولا بسبب العدد المحدود من قصائده المنشورة وابرزها القصيدتان المعروفتان حول جمهورية مهاباد ، وعودة البارزاني ، وحتى الأولى كانت سياسية ففيها تهجم وإدانة لنظام ايران ، والسياستان الامريكية والإنكليزية وهذا جائز ، ولكن من دون ابداء اية ملاحظة نقدية على الموقف السوفييتي الصامت ، والشاهد على الجريمة .
هناك نوع من التقليد من طرف بعض كتابنا بشأن ( الحداثة والحداثوية ) فهي بلاشك ظاهرة كونية ، ولكنها تحدث عادة في مجتمعات شعوب أنجزت مرحلة التحرر الوطني ، ونالت الاستقلال ، ولامست عجلة التطور الاقتصادي ، والعلمي ، والتكنولوجي ، وانخرطت في العولمة ، وكما أرى فان مقياس الحداثوية بالخصوصية الكردية هو مدى الالتزام بقضية الشعب الكردي ، وحقه بتقرير المصير ، وهنا لااشير الى تحديث اللغة ، والقافية ، والاوزان بل اقصد المضمون والجوهر ، ومدى الترابط مع التاريخ ، والظروف السياسية الموضوعية السائدة ، فالشاعر جكرخوين مثلا هو الاب الروحي للمضمون الحداثوي بالشعر الكردي المتناغم واقعيا مع تطور الحركة الكردية ، والصراعات الاجتماعية الى جانب اعتباره من الشعراء الكلاسيكيين في القوافي والاوزان ، فهل علينا حجب الحداثة عن اعمال الشاعر الأهم في العصر الكردي الحديث ؟ .
التقيت بالراحل مرة واحدة بدمشق صيف عام ١٩٦٦ في احد المقاهي ( اعتقد مقهى الفردوس ) خلال شرحي لماحصل للوفد الوطني الكردي من الجزيرة للراحل قدري جميل باشا وشخصيات أخرى من حوله ، ذلك الوفد الذي تشكل بناء على مبادرة – حزبنا سابقا – للقاء مع رئيس الحكومة يوسف زعين وتقديم مطالب كرد الجزيرة تتعلق باالاراضي ، والمحرومين من حق المواطنة ، والذي لم يتمكن من لقائه .
وهنا أؤكد انه من حق رواد الفكر القومي ، والثقافة الكردية ، ومن بينهم قدري جان علينا جميعا ، العودة الى تاريخهم النضالي ، ونشر نتاجاتهم ، وابداعاتهم ، والاستفادة منها ، والاحتفاء بهم بشكل لائق ، ومعرفة ظروفهم الحياتية ، وماعانوه من مصاعب ، وماواجهوا من تحديات ، وكذلك الإشارة بامانة الى تحولاتهم الفكرية ، والثقافية التي ستشكل دروسا مفيدة لجيلنا الراهن .



#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السورييون لن يتحملوا المزيد من المفاجآت
- عود على بدء : التوازن بين القومي والوطني
- الحدث الذي أعاد تعريف وتجديد الحركة الكردية السورية
- تأملات في دروس التجربة التونسية
- الخيار الشعبي هو الحل للازمة
- الشرق الأوسط هدفا لاسياد - القمتين -
- دفاعا عن الحقيقة
- - قمم - تؤسس لنظام دولي جديد
- إشكاليات التمثيل الحزبي
- حوارات وطنية
- وهل يجب وبالضرورة ان تكون البدائل حزبية ؟
- - حق تقرير المصير -: ذلك المبدأ الذي لايعلى عليه
- - الناتو - - - ب ك ك - - كرد سوريا
- حروب - المجال الحيوي العنصري - روسيا بوتين مثالا
- سياسة النأي بالنفس كرديا
- الحركة الكردية السورية واستقلالية القرار
- - احمدي خاني - : رائد النهضة القومية الكردية
- نبحث عن شركاء ...ولانريد اوصياء
- في القضية القومية
- نعم نحن شركاء المصير


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - صلاح بدرالدين - التفاعل بين الثقافي والسياسي في تطور الفكر القومي الكردي