أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح بدرالدين - تأملات في دروس التجربة التونسية




تأملات في دروس التجربة التونسية


صلاح بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 7324 - 2022 / 7 / 29 - 13:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس ( ٢٦ – ٧ ) عن انتهاء عملية الاستفتاء على الدستور التي دامت ثلاثة أيام بين الخارج والداخل بنجاح ، بمشاركة نحو مايقارب الثلاثة ملايين أي نحو ( ٣٠٪ ) وبنسبة ( ٩٤٪ ) قالوا نعم للدستور الجديد .
لماذا الاهتمام باالاستفتاء على الدستور بتونس ؟
أولا - نحن ككرد وكسوريين محرومون من الاستحقاق الدستوري الحر منذ قيام الدولة السورية بعد الاستقلال ، ولأنه القانون الأساسي الذي ينظم الحياة السياسية ، والضمانة الملزمة للعقد الاجتماعي الذي يثبت الحقوق والواجبات بين جميع المكونات الوطنية ، وكان ومازال على راس المشاريع ، والبرامج التي يناضل في سبيلها الشعب السوري كمدخل لحل كل القضايا الأخرى التي تهم حاضر ومستقبل السوريين ، وهو المطلب المفتاح للحركة السياسية الكردية منذ عقود من اجل ضمان الوجود والحقوق ، وبايجاز بات الدستور هاجسا لايفارق مطامحنا ، وآمالنا ، ومشاريعنا ، وحتتى نضالاتنا اليومية .
ثانيا – التجربة التونسية بهذا المجال كاول بلد انطلقت منه الثورة منذ نهاية عام ( ٢٠١٠ ) تجسد العلاقة المتينة بين ثورات الربيع ، والدساتير ، فكان مطلب صياغة دستور ديموقراطي ، عصري ، جديد من ضمن بنود التغيير الديموقراطي ، والانتخابات البرلمانية الحرة على راس جدول الاعمال ، واهداف ، وشعارات ثورات الربيع بكل مكان وبالأخص في بلادنا ، وقد نال هذا الاستحقاق الشعب التونسي بعد نحو ثلاثة عشر عاما من ثورته ، ونحن مازلنا على الطريق .
ثالثا – تماما مثل ماحصل في بلادنا ، وبلدان أخرى التي شهدت اندلاع الثورات ( الربيعية ) فقد تسللت جماعات الإسلام السياسي ، وركبت الموجة الثورية ، وامسكت بمقاليد الأمور مستغلة الفراغ ، والفوضى ، وضعف القوى الديموقراطية ، وعدم انتظام الفعاليات الشبابية العفوية التي هي من قامت بالثورة بالأساس ، وقدمت التضحيات ، فقد تصدرت حركة النهضة الاخوانية الصفوف ، وجذبت الى صفوفها عبر الترغيب ، والرشاوى ، مجموعات ، وافراد من الانتهازيين من اقصى اليسار ، وبعض الليبراليين ، ثم تمخض عن تلك المرحلة دستور ( ٢٠١٤ ) الذي مهد لتحكم الإسلام السياسي ، والسيطرة على البرلمان ، والتغلغل في المفاصل الأمنية ، والمؤسسات القضائية ، وذلك كسند قانوني لاستمرارية حكمها ، والتخلص من الخصوم عبر الاغتيالات التي طالت شخصيات وطنية وديموقراطية مناضلة مثل شكري بلعيد ، والبراهمي وغيرهما .
رابعا – مثل ماشكلت الثورة بتو نس تجربة فريدة بعد اشعال – البوعزيزي – نفسه بالنار احتجاجا على الظلم ، والمعاناة ، كذلك افرزت تلك التجربة مسارا غير اعتيادي في بروز دور الفرد باتجاه التصحيح ، ووقف سيطرة الإسلام السياسي ، ومواصلة التغيير بالمجال الدستوري الذي كان على راس اهداف ثورة تونس ، وإعادة الاعتبار من جديد للإرادة الشعبية ، عن دور شخص الرئيس التونسي – قيس سعيد - نتحدث ، الذي انتخب باعلى نسبة من الأصوات ، وهو مستقل لاحزب لديه ، ولا فصائل ميليشياوية مسلحة ، وليس جنرالا عسكريا ، ولم يكن يوما اخوانيا ، او منتميا لاي حزب سياسي ، وتشير سيرته الذاتية الى انه أستاذ ( القانون الدستوري ) بالجامعة التونسية ، ينحدر من الطبقات الفقيرة ، ويعيش بالاحياء الشعبية ، وكان منخرطا في التنسيقيات الشبابية جنبا الى جنب طلابه الجامعيين بداية الثورة ، ومعروف بالاستقامة ، والتواضع ، الى درجة رفع تسمية السيدة الأولى عن شريكة حياته .
خامسا – لقد انفضح امر الأحزاب التقليدية ( الدينية ، والقومية ، واليسارية المتطرفة والليبرالية ) في تونس قبل كل بلدان المنطقة ، وظهر للشعب ونخبه الفكرية ، والثقافية ، ان تلك الأحزاب تتحمل المسؤولية الأولى في محاولة اجهاض الثورة ، وحرفها عن الطريق السليم ، وركوب موجتها ، والتسلل اليها ، ولذلك يعتبر المراقبون ان مايجري بتونس هو نوع من إعادة البناء ، وعقاب الأحزاب خصوصا حزب النهضة الاخواني ، او خطوة استباقية لقطع الطريق على سيطرتها النهائية ، ولكن ليس عبر الانقلابات العسكرية ، او العنف ، او سلاح الميليشيات ، بل بسلطة الدستور ، والقوانين ، والإرادة الشعبية الحرة .
سادسا – تلخص التجربة التونسية واقع الحال في مختلف بلدان ثورات الربيع ، فعلى سبيل المثال تبين ان القوى والتيارات الفكرية والسياسية التي اجهضت الثورة ، ووقفت ضد إصلاحات رئيس الجمهورية المنتخب بتونس ، هي جبهة الخلاص ( المعارضة ! ) المشكلة من الاخوان المسلمين ، والبعثيين ، واليسار المتطرف الممانع ، وهي صورة معبرة حيث ان ثورتنا السورية المغدورة كانت ضحية نفس تلك القوى حتى لو اختلفت الأسماء ، وهي جميعها من قوى الثورة المضادة بعد عقد من ثورات الربيع .
سابعا – يظهر ان عماد حركة إعادة البناء في تونس من الشباب نساء ورجالا ، ومن الوطنيين المستقلين ، والمثقفين ، والاكاديميين الملتزمين بقضايا شعبهم ، وهم الغالبية بالمجتمع التونسي الذي يزخر بالطاقات ، وبنشطاء المجتمع المدني ، وناشطات نسوية حققت النجاحات منذ عهد الرئيس التونسي الراحل – الحبيب بورقيبة .
ثامنا – كما تظهر الدلائل فان شعب تونس وإزاء هذه التطورات الإيجابية يغادر مرحلة الانسداد السياسي نحو مرحلة جديدة ، وفي ظل دستور جديد ، وآفاق واسعة لخطوات واعدة في المجالات القانونية ، والاقتصادية ، ومحاسبة الفاسدين ، واجراء الانتخابات التشريعية ، والبلدية ، وتشكيل المحكمة الدستورية ، واستكمال بناء النظام السياسي كما يريده التونسييون .
تاسعا – يعتبر البعض ان مايجري هو استمرار رمزي لثورة الياسمين بتونس ، وتحقيق أهدافها بطرق جديدة ، ويعتبر البعض الآخر انه انتقال من مرحلة الثورة بكل مالحقها من فوضى واشكاليات ، وارتدادات ، الى مرحلة إعادة البناء عبر الدستور ، والقوانين ، خاصة وان لتونس خصوصيتها في كثير من القضايا وابرزها حيادية الجيش الوطني ، وعدم التدخل بالصراعات السياسية الداخلية ، وهذا ما يوفر الفرص الكبيرة للمجتمع المدني ، والنضالات الشعبية السياسية ، والاجتماعية .
عاشرا – من المعلوم ان ( الاتحاد التونسي للشغل ) وهو من اكبر التجمعات النقابية ، واقدمها كانت متوافقة مع خطوات الرئيس التونسي ، وداعما لها في البدايات ، ثم مالبثت وان اتخذت منحى تصاعديا في ادق الظروف والتقت عمليا مع مخططات حزب النهضة ، ولكن مالبثت قيادتها ان أوقفت التصعيد ، ولكنها أخطأت من جديد عندما وقفت بشكل – محايد – بشان التصويت على الدستور ، وتشير الدلائل ان قواعد هذه المؤسسة صوتت بنعم للدستور ، وكما أرى فان الامر يحتاج الى إعادة نظر من جانب المتنفذين في هذه المؤسسة العريقة ، وممارسة نوع من المراجعة .
لاشك ان ما توصلت اليه في هذه المقالة من قراءة ، وتقييم نابع من الحرص على شعب تونس الواعي المعطاء ، وبنهاية المطاف فانه ادرى بشعاب بلده ، وهو يقرر مصيره بنفسه .



#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب الفلسطيني نهاد ابو غوش حول تداعايات العمليات العسكرية الاسرائيلية في غزة وموقف اليسار، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتب الفلسطيني ناجح شاهين حول ارهاب الدولة الاسرائيلية والاوضاع في غزة قبل وبعد 7 اكتوبر، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيار الشعبي هو الحل للازمة
- الشرق الأوسط هدفا لاسياد - القمتين -
- دفاعا عن الحقيقة
- - قمم - تؤسس لنظام دولي جديد
- إشكاليات التمثيل الحزبي
- حوارات وطنية
- وهل يجب وبالضرورة ان تكون البدائل حزبية ؟
- - حق تقرير المصير -: ذلك المبدأ الذي لايعلى عليه
- - الناتو - - - ب ك ك - - كرد سوريا
- حروب - المجال الحيوي العنصري - روسيا بوتين مثالا
- سياسة النأي بالنفس كرديا
- الحركة الكردية السورية واستقلالية القرار
- - احمدي خاني - : رائد النهضة القومية الكردية
- نبحث عن شركاء ...ولانريد اوصياء
- في القضية القومية
- نعم نحن شركاء المصير
- حان وقت التغيير
- في شرعية التمثيل الشعبي .. الأحزاب الكردية السورية مثالا
- واقع الكرد السوريين بالدياسبورا
- الأزمة تتفاقم فلنبحث عن الحل


المزيد.....




- سلطان الجابر: اتخذنا خيارًا جريئًا للتعامل مع شركات النفط وا ...
- البحرين تعلن عن استراتيجيتها للوصول إلى الحياد الكربوني بحلو ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن -تحييد- مهاجم فلسطيني وإصابة جنديين في ...
- -سيادتنا ليست على جدول المفاوضات-.. شقيقة كيم جونغ أون تدافع ...
- محكمة: الحكومة الألمانية تنتهك أهداف حماية المناخ
- الحرب بين إسرائيل وحماس: هل تتحول الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق ...
- كوب28: المصادقة على قرار إطلاق صندوق لتعويض الدول المتضررة م ...
- لماذا يعد التغير المناخي أكبر تهديد صحي يواجه البشرية؟
- القسام تتبنى هجوم القدس وإصابة جنديين إسرائيليين في عملية ده ...
- أطفال الحروب.. كيف تدعمين طفلك المحطّم نفسيا بسبب الحرب؟


المزيد.....

- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو جبريل
- كتاب مصر بين الأصولية والعلمانية / عبدالجواد سيد
- العدد 55 من «كراسات ملف»: « المسألة اليهودية ونشوء الصهيونية ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الموسيقى والسياسة: لغة الموسيقى - بين التعبير الموضوعي والوا ... / محمد عبد الكريم يوسف
- العدد السادس من مجلة التحالف / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- السودان .. ‏ أبعاد الأزمة الراهنة وجذورها العميقة / فيصل علوش
- القومية العربية من التكوين إلى الثورة / حسن خليل غريب
- سيمون دو بوفوار - ديبرا بيرجوفن وميجان بيرك / ليزا سعيد أبوزيد
- : رؤية مستقبلية :: حول واقع وأفاق تطور المجتمع والاقتصاد الو ... / نجم الدليمي
- یومیات وأحداث 31 آب 1996 في اربيل / دلشاد خدر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح بدرالدين - تأملات في دروس التجربة التونسية