|
حان وقت التغيير
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7269 - 2022 / 6 / 4 - 23:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لن يعيد البكاء على الاطلال مانتمناه ، ولن تستقيم الأمور بالانتظار ، ولم يعد الترقيع حلا للازمة المتفاقمة في حركتنا السياسية ، علينا مواجهة الواقع المرير بحلول جذرية حاسمة ، لاعادة البناء ، والتوحيد ، واستعادة الشرعية ، ولم يبقى امامنا سوى التمسك بمشروع عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع . قبل نحو سبعين عاما كان الكرد السورييون ينتظرون بفارغ الصبر ولادة حزبهم المنظم الأول ، ولم تكن ولادة قيصرية ، بل طبيعية ، تم التمهيد لها نحو عشرين عاما بعد توقف حركة – خويبون – بطرق شتى ثقافية ، اجتماعية ، فكرية ، حتى توفرت الشروط الذاتية ، والموضوعية ، والتأم الشمل بين كرد جميع المناطق ، ومختلف التيارات ، والاطياف ، اما الآن فالكرد السورييون يضعون أياديهم على قلوبهم قبل شروق شمس كل يوم ، خشية اعلان حزب كردي جديد . وقبل اكثر من خمسين عاما كانت النخب القومية السياسية ، والثقافية الحزبية والمستقلة ، تحرص على سلامة مسار حزبهم ، والحفاظ على خطه النضالي ، وان دعت الحاجة المساهمة في تصحيح أي اعوجاج ، والتصدي لاصحاب النوايا المبيتة في تحريف وجهة الحزب نحو الولاء للسلطة ، او التخلي عن المسلمات المبدئية حتى ضمن صفوف القيادة ، وكان الجمهور الوطني اللاحزبي حريصا على وحدة الحزب ، واستمراريته ، ونقائه ، بقدر أعضائه ، اما الان فاللامبالاة سيدة الموقف امام انقسامات الأحزاب ، وصراعاتها ، ومعاركها البينية بالوكالة ، ولم تعد اخبارها مثار اهتمام يذكر . وقبل عقود كان الصراع الدائر في الحركة الكردية السورية وبكلمة أوضح بين حزبيها ( اليسار واليمين ) يدور حول فكر الحركة ، وسياساتها ، وتعريف نضالها ، وتحديد خياراتها المصيرية : هل كرد سوريا شعب من السكان الأصليين يقيم على ارض الإباء والاجداد ، ام اقلية مهاجرة ، هل ان النضال القومي الكردي جزء من نضال القوى الديموقراطية السورية من اجل إزالة الاستبداد وتحقيق التغيير الديموقراطي ، أم مجموعة موالية للنظام ، هل الحزب والحركة بمعنى أوسع حريص على تعزيز البعد الكردستاني ، ومع قيادة البارزاني الشرعية في كردستان العراق أم مع الفئة المنشقة عن الثورة ، اما الان فلاخلافات جوهرية ، بين احزاب الصراع الكردي الكردي ، الاختلاف حول المصالح الحزبية ، والنفوذ ، وتقاسم السلطة ، وواردات النفط والمعابر . وفي المراحل الأولى – ونحن عشناها – كان الحرص شديدا على تلمس وانتهاج دروب بناء العلاقات الوطنية ، والقومية ، والإقليمية ، والاممية ، على الأسس السليمة ، من موقع شعب ، وقضية ، ومن دون الافراط باستقلالية القرار ، او التنازل عن المسلمات المبدئية ، مع تحريم أية علاقة مع الأنظمة في الدول الغاصبة لوطن الكرد ، اما منذ عدة عقود وحتى الان وبعد حلول مرحلة الانحطاط ، فالامور تجري بصورة معاكسة على أيدي الأحزاب التي فقدت الاستقلالية ، واجتازت الخطوط الحمر ، بل واساءت للانجازات السابقة ، وتجاوزت الثوابت القومية ، والوطنية ، ومن دون تحقيق اية مكاسب لمصلحة الشعب ، والوطن . في سنوات ازدهار النضال المبدئي ، والثوري المعارض للدكتاتورية ، والاستبداد ، والمطالب بتحقيق إرادة الكرد السوريين لمصيره السياسي ، والإداري ، في اطار سوريا الديموقراطية الواحدة ، كان بناء ( الجبهات ، والتحالفات ) مطلبا ملحا بين اطراف يجمعها مشروع قومي ، وطني ، ديموقراطي ، واضح ، وموئلا لمختلف الاطياف التي تجمعها المشتركات اكثر مما تفرقها الاختلافات ، واليوم لاتختلف الأحزاب حول الأفكار ، والمواقف المبدئية ، ولو وجدت لكانت تفاصيلها مطروحة في وسائل الاعلام ، بل بشأن صغائر الأمور ، وأحزاب طرفي الاستقطاب تتشابه في عدم الاستقلالية ، والموقف من النظام ، ومخالفة وحدة الحركة الكردية عبر المؤتمر الجامع ، وحول المشروع الكردي . في حالة التشظي الراهنة ، والانقسامات ، وتوالد الأحزاب التي لا طعم ، ولالون ، لها لن تكون الدعوة الى جمعها في ( جبهة ) واحدة خيارا سليما ولن يكون حلا للأزمة ، وفي الظروف المشخصة الان بغلبة بعض الأحزاب وتحكمها بالسلطة ، والعسكر ، والمال لن تكون هناك جبهات ديموقراطية بل ستكون نسخة سيئة من جبهة النظام ( الوطنية التقدمية ) ، والحركة الكردية تمر بظروف استثنائية ، وتحتاج الى خطوات استثنائية للانقاذ ، فماهو قائم ، من بنى تنظيمية فوقية حزبية يضر ولاينفع ، ولابد من تفكيكه ، وإعادة بنائه من جديد عبر الطرق المدنية الديموقراطية ، ومن خلال المؤتمر الجامع المنشود . الفرق شاسع بين الحفاظ على الامر الواقع ، وبين البحث عن بديل متجدد ، ففي الخيار الأول ، وبعد الاصطدام بالجدار المسدود ، واستنفاذ طاقات الاستمرارية ، وحجج البقاء يتم اما الرجوع الى الخلف ، بالاستنجاد بالامجاد حقيقية او مصطنعة ، او مستعارة لافرق ، ويستتبع ذلك تسعير الصراعات البينية ، واضافة مواد جديدة شديدة الاشتعال ، ثم تثار العصبيات الآيدولوجية ، وحول المراجع ، والمصادر ، والشرعية ، لتصل الى حدود الاستعانة باطراف خارجية ، والاستقواء بهذا الشفيع ، وذاك المانح ، ويبقى الكردي السوري طوال المأساة وقودا في معركة الاخرين ، لاناقة له فيها ولاجمل كمايقال . وفي الخيار الثاني وبسبب حالة العجز والجمود المشار اليها أعلاه ، ، يحصل الهروب الى الامام ، على شاكلة ( الخروج من الجلد ) ، وتناسي الماضي من دون إمكانية امحائه من الذاكرة ، والانقلاب المفاجئ على كل المشهد القديم ، وتقمص لبوس مختلفة تماما عن الألوان الحقيقية ، يجري كل ذلك بصورة مصطنعة ، وبشكل مسرحي مفضوح ، ومكشوف . لو صفت نوايا قيادات الأحزاب ، واتسمت بشئ من الواقعية ، ولو قليل من الجرأة الأدبية ، والأخلاقية ، لما لفت ودارت هذه المسافات ، ولما كلفت تلك الجهود ، والامكانيات فقط من اجل تحسين الصورة ، وعدم الاعتراف بالفشل ، والإصرار على السير في طريق الخطأ ، والتضليل ، الطريق الأقصر والاشرف هو الاستجابة لارادة الغالبية الوطنية ، والخضوع للمصلحة القومية ، والوطنية ، وقبول المؤتمر الكردي السوري الجامع حكما ، وحلا ، ومرجعا ، وبخلاف ذلك ، فان الخيارات الأخرى لن تجلب الحلول لازمة حركتنا ، ولا لقضيتنا ، ولن تكرس الشراكة المصيرية مع السوريين ، ولن تعزز أواصر العيش المشترك مع المكونات الوطنية ، ولن تفرض طرفا بعينه ممثلا مفوضا من الكرد السوريين خاصة اذا كان ذلك الطرف حزبيا ، ومدعيا ، ومتلونا ، وغير مقبول ، وفي ذمته العديد من المخالفات السياسية ، والقضايا الجرمية ، والانتهاكات ، والتجاوز على الأموال العامة .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في شرعية التمثيل الشعبي .. الأحزاب الكردية السورية مثالا
-
واقع الكرد السوريين بالدياسبورا
-
الأزمة تتفاقم فلنبحث عن الحل
-
صفحات مضيئة في تاريخ الحركة الكردية السورية
-
الذاتي والموضوعي في أزمة الحركة الكردية السورية
-
أحزابنا ليست - منظمات مدنية - وكذلك فراخها
-
عودة الى مشروع حراك - بزاف - لاعادة البناء
-
في تشخيص إخفاقات الأحزاب الكردية السورية
-
قراءة نقدية لتصريحات بعض مسؤولي جماعات – ب ك ك – السورية
-
قضية شعب ، وليست منازعات أحزاب
-
الأحزاب الكردية السورية : تشابه في النهج
-
نحو إعادة النظر بالعلاقات الكردستانية
-
المشهد الكردي السوري بين الثابت ، والمتحول
-
الأولوية لاعادة بناء الحركة الكردية السورية
-
تبدلات في طبيعة الصراع الدولي .. تداعيات ، ونتائج
-
قراءة في نظرية - التوريط -
-
في أوجه الشبه بين - الهتلرية - ، و-البوتينية -
-
بحثا عن نظام عالمي عادل
-
التصعيد الروسي العدواني الى اين ؟
-
مؤتمر ميونخ وإعادة تعريف قضايا الصراع الدولي
المزيد.....
-
أحدهم طفل لا يعلم بعد أن والداه قتلا.. مراسل CNN يرصد قصص جر
...
-
خبير أوروبي: هجوم حماس على إسرائيل يقوض خططا أمريكية خاصة با
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر بيانا حول قصفه أهدافا في قطاع غزة (فيد
...
-
الجيش الإسرائيلي يطلب من سكان غزة الانتقال إلى مناطق محددة ف
...
-
مظاهرة مليونية في جاكرتا دعما لفلسطين (صور+ فيديو)
-
بدء اختبارات غواصة نووية روسية جديدة من الجيل الرابع
-
3 طرق سهلة وبسيطة لتعزيز فيتامين د في أشهر الشتاء
-
العلماء الروس يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتحسين دقة منظومات ت
...
-
-إعلان حرب-.. كوريا الشمالية: سندمر أقمار التجسس الأميركية ف
...
-
الولايات المتحدة تدعو السوداني إلى حماية الأميركيين في العرا
...
المزيد.....
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو جبريل
-
كتاب مصر بين الأصولية والعلمانية
/ عبدالجواد سيد
-
العدد 55 من «كراسات ملف»: « المسألة اليهودية ونشوء الصهيونية
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الموسيقى والسياسة: لغة الموسيقى - بين التعبير الموضوعي والوا
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
العدد السادس من مجلة التحالف
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
السودان .. أبعاد الأزمة الراهنة وجذورها العميقة
/ فيصل علوش
-
القومية العربية من التكوين إلى الثورة
/ حسن خليل غريب
-
سيمون دو بوفوار - ديبرا بيرجوفن وميجان بيرك
/ ليزا سعيد أبوزيد
-
: رؤية مستقبلية :: حول واقع وأفاق تطور المجتمع والاقتصاد الو
...
/ نجم الدليمي
-
یومیات وأحداث 31 آب 1996 في اربيل
/ دلشاد خدر
المزيد.....
|