أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمين أحمد ثابت - 32 – مدخل . . الى العقل المتصنم ذات مستبدلة بمنقطع عن محرك تشغيل وجودها التاريخي















المزيد.....


32 – مدخل . . الى العقل المتصنم ذات مستبدلة بمنقطع عن محرك تشغيل وجودها التاريخي


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 7436 - 2022 / 11 / 18 - 08:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اوضحنا سابقا – بطريقة اخرى – بما يفيد أن انسان المجتمعات العربية قد عبر مساره التاريخي القديم مثل غيره من انسان شعوب المجتمعات الاخرى ، بما فيها مرحلة ظهور الامة وبعدها مع ظهور الفرز الاجتماعي على اساس الملكية الخاصة و . . تشكل نظام الحكم المركزي الحاد الاستبدادي للحاكم الفرد كسلطة مطلقة ك . . منظم للمجتمع ومعبر عنه امام شعوب المجتمعات الاخرى – كجامع واحد لسلطات العشائر المتحدة بوجود مسمى الامة الواحدة الجامعة – وإن كانت بعض مجتمعات عربية قبل الاسلام ذات المسار البشري الواحد – آنذاك – لطبيعة وجودها التاريخي وقتها ضمن حضارات امبراطورية ( عبودية ) ، كعرب مصر الفرعونية والبابلية والآشورية – بينما انقسم الوجود التاريخي لإنسان المجتمعات العربية – في ذلك الزمن -القديم الى وجودين متطبعين واقعا – رغم انفراز شعوب مجتمعاتها على اساس الملكية الخاصة . . كغيرها من شعوب الارض – فالجزء الأول كان متطبعا كتابع طرفي ملحق بإمبراطوريات ( عجمية – مختلفة العرق ) ، منها يتبع الامبراطورية الاغريقية أو الرومانية أو الفارسية ، وهذه إن علم انسان مجتمعاتها كجزء من النظام المجتمعي العبودي التاريخي – الملحق بهذه الامبراطورية او تلك او تلك – إلا انها رغم شيوع العبودية والرق لاحقا ايضا فيها – فإن النظام العبودي ( السلطوي الحاكم وليس المجتمعي ظاهرة ببيع وشراء العبيد والجواري والإماء ) لم يتأصل في حقيقة وجودهم التاريخي آنذاك ، فطبيعة وجودهم الطرفي التابع . . لم يمكن ذلك الحكم المركزي للإمبراطورية ( العجمية ) أن تمحو طبيعة ذلك الطابع التاريخي الاقدم لشعوب المجتمعات ( العربية افتراضا ) ، أي بمعنى أنها ظلت على جوهر طابعها العشائري السابق ، فوحدة الامة التي تشكلت فيها لاحقا ولم تتأصل تاريخيا بفعل تمزيقها كمجزئات تم ضمها التابع بين إمبراطوريات متصارعة على التوسع فيما بينها . . سادت في ذلك الوقت – بلدان الهلال الخصيب كلبنان وسوريا والاردن على سبيل المثال وجزء من فلسطين المفترضة -بينما الجزء الاخير من انسان شعوب المجتمعات ( العربية مجازا في ذلك الوقت ) ، كان يعيش وجودا في ارض بعيدة – ولم تكن تعد ذات اهمية وقتها لمراكز حكم تلك الامبراطوريات القديمة – إن كان منها قد يصل إليها نفوذ اية من الامبراطوريات ، فإنه لن يكون إلا معنويا بمعبر الوجود في ظل حامية مقابل الاخريات ، بينما من شعوب ذلك الجزء الثاني لم يعش نظام الحكم العبودي تاريخيا كجوهر وجود ، وانسان هذي الجزئي الاخيرين من المجتمعات كان متمثلا بشعوب العرقية العربية الاصيلة في شبه الجزيرة العربية – حديثا السعودية واليمن – مضموما إليها شعوب عشائر الصحراء البدوية ، الممتدة كتعليم جغرافي بتلك العشائر البدوية على اطراف البلدان العربية ( الحديثة ) كلها – شمالا وشمالا غربيا وشمالا شرقيا وشرقا لشبه الجزيرة العربية – رغم فارق الاثر التاريخي الفارق بين اليمن والسعودية ، حيث علم التاريخ القبلي من ذلك الزمن بوجود متسلسل حضارات نوعية خاصة عبرت فيها اليمن ، ك . . قتبان وسبأ وحمير وحضارة ذا الموت في الجنوب الشرقي من اليمن الحالي ، حتى كانت ظفار – في عمان الحديثة – وقتها جزء من حضارة اليمن الطبيعي القديم – كان عرب الداخل اليمني قد عرف وجودا نشوء الامة الواحدة اجتماعيا ونظام حكمها المركزي الواحد ، ولكنه لم يعش تحول طابع النظام الى العبودية ، بل ظل بطابع الملك او الملكة الواحدة في مجلس حكم يضم مشايخ العشائر المتحدة – كحكم الملكة بلقيس كما ورد ذكرها في القرآن ، او حكم الملكة اروى او غيرها من الملوك السابقين لها او بعدها – بينما ظلت القبائل الطرفية البعيدة والبدوية اليمنية مثل غيرها كعرب الجزيرة وعرب الصحراء العربية ، محافظة على جوهر وجودها القديم لما قبل نشوء الامة كشعوب عشائر – وإن كان كل منها ينسب بإلحاق طبيعي – جغرافي – لهذا البلد او ذاك من البلدان العربية . . بمعلم الحديث قطريا .
و مضمونا لما سبق ذكره – وفق ما نزعم به تصورا شخصيا وبحكم نستنطقه آتيا – أن الغالبة المطلقة لموسم ( الذات العربية ) المفترضة مجازا في القديم ، احتجزت تاريخيا داخل قمقمها القديم مجتمعيا – بين مجتمعات شعوب العشائر ، ومجتمعات الداخل شبه المستقرة – اليمنية وبلدان الهلال الخصيب – بين نظام حكم مستقر لوحدة الامة بملك يضم شيوخ العشائر ، واخر برموز حكم محلية – طرفية – تابعة لمركز حكم الامبراطوريات الاساسية القديمة – والذي يعني أن الانسان العربي الراهن لم يرث تاريخ اسلاف كمجتمعات عاشت يذاتها جوهر المرحلة العبودية – كما عاشتها بقية شعوب الارض لآلاف من السنين – وحين جاء الاسلام وقيام حكمه كدولة توسعيه الامتداد كإمبراطورية اجد تقف بديلا عن سابقاتها التاريخية ، ثبتت سمة مجتمع هوية الامة الواحدة و . . لكن على اساس ديني ، مربوط بلغة الكتاب الالهي المنزل بالعربية وفي المنطقة العربية ( اصل العرق العربي ) – الخليط دما لنبيه بين مكة والمدينة بامتداد اصلي لعرب يمني – من جهة أمه عليه افضل الصلاة والسلام – وأسست دولة الامبراطورية الجديدة الاسلامية مؤشرات بدايات نظام حكم اجتماعي جديد في التاريخ البشري . . يتعدى طابعه نمط المجتمع العبودي الذي علم طابع الامبراطوريات الآيلة وقتها ، وهو طابع المجتمع الاقطاعي – وهو النظام الدواوين الإداري للحكم ومعرف سلطة حكمه النافذة بحاكم فرد يطلق عليه مسمى ( الخليفة ) – كخليفة رسول الله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وبمجلس شورى يستعين به في اتخاذ قراراته – وفق ما كان يتعامل به النبي وما اشارت عليه التعاليم السماوية في منزل القرآن في آيات متعددة ، ومنها بمعنى قول تفيد الاشارة إلى اتخاذ الحكم بين الناس وحكم المجتمع : ( . . وشاورهم في الأمر ) – وهو ما أثني عليه قرآنا في حكم الملكة بلقيس زمن وجود الملك النبي سليمان عليه السلام ، في قول بما معناه . . أن نظام حكمها كان شوروي ، ولذا كان اكثر عدلا عن سواه من انظمة الحكم القديمة ونظام الحكم الامبراطوري الى قبل سقوطه تاريخيا وبشكل كلي واحلال دولة الامبراطورية الاسلامية بديلة عنها بطابع نظامها الجديد تاريخيا – باستثناء امبراطوريات الشرق الاسيوي البعيد – وإن تحول جوهر نظام الخلافة الاسلامية – الشعبوية باختيار خليفة لحكم الامة بعد موت النبي ، ممن كانوا اكثر قربا منه في حياته ومصاحبته ومن يعتمد الاستعانة بهم بقراراته وإدارة شئون المسلمين ، وذلك من بعد الخليفة الراشد الاخير علي بن ابي طالب -حيث تحول جوهر حكم دولة الامبراطورية الاسلامية الى نظام الحكم الملكي الوراثي .
ولعدم استقرار نظام حكم الدولة الاسلامية لمراحل زمنية طويلة كسابقاتها ، وكإمبراطورية واسعة بديلة عن الامبراطوريات ما قبلها ، وذلك بفعل الحروب المستمرة ، منها الخارجية المطلق عليها في التاريخ العربي الاسلامي – المدون عاطفيا - بحروب ( الغزوات والفتوحات الاسلامية ) ، تحت شعار نشر الاسلام على بقاع الارض وعدالة نظام حكمه ، وحروب الدفاع او الحماية لمملكة الحكم الاسلامي المضادة لها المعلمة بالحملات الصليبية وحروب المؤامرات ونقض العهود وغيرها ، أكان خلال فتوحات التوسع او خلال فترات الضعف الداخلي للدولة الاسلامية ، وهذا غير الحروب الداخلية – التي تمثل علة رئيسية اساسية في غروب دولة الخلافة الاسلامية – بدء من حروب الردة وانتهاء بحروب على سلطة الحكم . . بتقسمات اجتماعية موالية بين افراد الاخوة في الاسرة الحاكمة ، المتصارعين على منصب الخليفة المعرف ب ( امير المؤمنين ) ، او بين ابناء العمومة للعائلة المالكة للسلطة الحاكمة ، او في مصنف تعصبي بيوتاتي قديم – ك بني هاشم وبني امية ، او مناطقيا ك . . بني قريش اهل مكة والانصار اهل المدينة المنورة ومن ناصر الرسول من القبائل العربية وثبتوا حكم الاسلام في الغزوات مع النبي وبعد موته في مسمى الفتوحات الاسلامية ، هذا غير حروب الامارات الاسلامية بين بعضها البعض وحروب بعضها مع مركز نظام حكم الدولة الاسلامية – هذه الاخيرة منها ما اتخذت طابعا تمرديا بعصبية مناطقية لعرقية متحد قبلي او عشائري ضيق قديم الجوهر الى ما قبل ظهور الاسلام ، واخرى اتخذت طابعا مذهبيا طائفيا او طابع الفرق المدعية باختلاف التأويل للنص القرآني ودرجة الاهمية للاحاديث والسيرة النبوية بما عمل به الرسول عند حياته . . .
هذه السمة الاساسية التي علمت جسد نظام حكم الدولة الاسلامية ، والتي قادت اخيرا الى انهيارها وتلاشيها عن الوجود ، مخلفة وراءها شظايا مجزءات الامة الاسلامية - العربية الواحدة ، عانى كل جزء متشظي منها بعد تلاشي دولة الحكم المركزي الموحد الى نزاعات حروب في داخلها على اساس مناطقي لمتحدات ضيقة عشائرية قديمة فيما بينها . . حتى اتت دولة امبراطورية الخلافة الاسلامية البديلة الثانية تاريخيا لاحقا ، والتي ميزت بمسمى الامبراطورية العثمانية الاسلامية ، حيث اعادت ضم المجزئات العربية المتشظية لجسدها في مركز حكمها المعرف ب ( الباب العالي ) كملحقات تابعة للإمبراطورية – ذات العقيدة الدينية الواحدة - وتحت حكم امام واحد يعرف ب الخليفة العثماني لدولة حكم الامبراطورية الاسلامية – ورغم الامتداد التاريخي الطويل لهذه الاخيرة مقارنة بسابقتها الاصل عربيا ، إلا انها وقعت في الفخ القديم ، فلم تهدأ وتستقر في ظل انبعاث قوى بمجتمعات متوحدة ضدها – كانت قد ذهبت في مسارها الاجتماعي التاريخي خروجا من المرحلة العبودية وتثبتها كواقع موضوعي على النمط الاقطاعي ، الذي تحرك انتقالا من مرحلة الرق الى التحرر منه كجوهر اجتماعي مغاير – بالطبع مع بقايا صور العبودية المنتجة عبر اسرى الحروب من شعوب اخرى – وهو ما دفع المجتمع الى نحو الاستقرار والتوسع والنمو نحو نشوء نظم الحكم الملكي المركزي مع تسيد تام لطابع العمل الاجتماعي بالنمط الاقطاعي – الطبيعي مرحليا في التاريخ – بينما الامبراطورية العثمانية التي غرقت في نزعاتها التوسعية ، بقدر ما ثبتت طابع النظام الدواويني ( الريعي والخراجي ) اقتصادا وخدماتيا ايضا . . حتى وقت انهيارها وتلاشيها مع ظهور معرف النظام الاستعماري الغربي القديم ، والذي اقتسم تركة حكم العثمانيين في المنطقة العربية ، والتي طبعت بجوهر طابعها القديم عند تلاشي الدولة العربية الاسلامية ، ولكن على هيئة مجزءات متشظية متقاسم عليها في معرف ( الانتداب والوصاية ) ، عرفت عربيا من بعد اتفاقية سايكس بيكو 1916م بالأقطار العربية ، فكل قطر من الامة العربية حين أعيد ضمه لامتداد الدولة الاسلامية مجددا تحت الولاية العثمانية ، لم يعاد حتى بذاته كهوية نسيج لحمة واحدة قطرية ، ولكن كقطاع ديمغرافي مساحاتي طرفي ملحق بمركز نظام الخلافة العثمانية ، حيث ابقت على طبيعة الصراعات العصبوية والنزعاتية الاجتماعية الضيقة قائمة فيها ، بما يحفظ ضعفها وتفككها الداخلي ما يضمن استمرار تبعيتها لمركز الحكم العثماني وتلاشي ظهور تمرد مجتمعي شامل – قطري - على المدى البعيد ، خاصة وأن الدولة العثمانية رغم مسماها الاسلامي كامتداد للإمبراطورية الاولى العربية ، لم تكن مختلفة جوهريا عن الطابع الاستعماري الاحتلالي القديم بأي شكل من الاشكال – وحين حلت الدول الاستعمارية الغربية محل مقسمات التركة العثمانية بالاحتلال العسكري ، كانت قد ذهبت نحو تعميق الشروخ الداخلية المجتمعية لكل قطر عربي مضفى عليه اسما محليا بمعرف البلد العربي – وفق التقسيم الاستعماري القديم للمنطقة العربية – ومع تحرك مجتمعات البلدان الغربية في مسارها الطبيعي في التاريخ تطوريا ، بعد انتقالها من العصور الوسطى وصراع الخوض في الانتقال التغيري من النمط الاقطاعي الى النمط البرجوازي الرأسمالي انتاجا – أي انتقال احلالي للإنتاج الصناعي كأساس نمط انتاجي ونظام اقتصادي سائد بديلا عن نمط الانتاج الزراعي – الخراجي والريعي – والتبادلي عبر معادل وصل الى العملة المعدنية المصكوكة وثم نحو العملة الورقية ، حيث احدثت مرحلة ظهور الثورة العلمية ( للعلوم الطبيعية ) الثالث عشر الى القرن السادس عشر ميلادي ومن ثم الثورة العلمية التكنولوجية من نهايات القرن السادس عشر ومنتصف القرن ال17 ، احدثتا عجلة تطور متسارع على تطور الانتاج المهني الى المانيفكتورا المعملية الى الصناعة ، والذي قاد لنمو رأس المال ليعود اثرا على احداث تطوير للإنتاج والاقتصاد بما يعود بأرباح اكثر من قبل وهكذا – أما على صعيد وعي الانسان المجتمعي قد تطور نوعيا على الصعد الوظيفية او في مسألتي الحرية والحقوق ومسألة العدالة لنظام الحكم بالمساواة للجميع امام القانون ، وبحيث تكون الدولة معبرة عن الجميع وحامية لأمنهم وحياتهم وبلدهم بموجب دستور تخضع له وتحاسب من خلاله – اكان نظام الحكم ملكيا او ملكيا دستوريا او جمهوريا – وتثبتت قيم المجتمع البرجوازي التحررية بتحرير المجتمع من سلطة الكنيسة ومسألة الفصل بين الدين والدولة . . .
كانت التركة الاستعمارية الغربية التقليدية للبلدان العربية – المتحررة ظاهرا بعد موجة ثورات التحرر العربية من الاستعمار الغربي وبقايا الحكم العثماني . . من بعد ثورة يوليو مصر في 1952م – قد اوغلت في شعوبنا العربية – داخل كل قطر او بين اقطار الجوار – نزاعات وحروب متأصلة وثقافة كراهية متوارثة – وبقدر ما كانت تعيد احياء العصبيات المذهبية والعشائرية والقبلية والمناطقية بحدة اشد ، كانت تغرس قيم التفسخ الاخلاقي لانسان المجتمع ، بفخر تنسيبه الى الحداثة المدنية المعاصرة وخفض مشاعر تنسبه الاجتماعي العربي ( المتخلف ) ، وهو ما يقود الى يفسخ عمقي اشد في تعمم نزعات الكسب السريع والاسهل ( الانتهازي ) مقابل العمل التبعي للمستعمر كبيع للضمير على حساب الولاء الوطني ، وتعمق اكثر مع مرور الزمن تعمم النزعات الانتهازية اجتماعيا بين فئات المجتمع العربي في كل قطر كان ، بما وصل اخيرا الى تلاشي الوطنية ( المجرد عن المنفعة الذاتية ) كفعل واقعي لكل فرد من المجتمع ، الى أن تكون الوطنية شعارا يخفي وراءه كل وطني متمرد او ثائر كما يحب الترويج له ، يخفي وراء قناع الوطنية اغراضا انتهازية ارتزاقيه ، بين أن تكون ذاتية صرفة . . وهذه لا تدوم وتتلاشى وجودا سريعا ، وبين ذاتية محمولة كتابعة لطرف خارجي متحكم بإدارة اللعبة الداخلية لدينا في كل بلد عربي ، ويكون من ضمن المجموعة التنافسية الدولية والاقليمية المتنافسة .

وعلى كل ما تقدم ، نكتشف أن ذات الانسان العربي مجتمعيا لم يعاني من البؤس الاسود الماحق الذي انتهك انسانية الانسان الى درجة ادنى من الحيوان علنا وبطابع نظامي تاريخي – أي العبودية – ولم تنطحن الشعوب العربية وتسحق انسانيتها وحياتها كتلك التي جرت على شعوب العالم الاخرى في الحروب الدموية المخيفة أبان الانظمة الاجتماعية المتتابعة الوحشية – من حروب العشائر الى متحد العشائر الى العبودية وبعدها حروب المرحلة الاقطاعية وانظمة الابادة الجماعية الوحشية وجرم محاكم التفتيش وتسلط الكنيسة والحروب العرقية وجنس لون البشرة – ومع ذلك ظلت تلك الشعوب تتحرك في مسار تطورها الطبيعي ، فإن كانت انظمة الحكم الوحشية تعلق المشانق وتقطع الرؤوس وتحرق الاحياء بجماعات كبيرة ، ورغم خضوع تلك المجتمعات للعبودية المعلنة ( خوفا وضعفا ) ، وانفراد تلك الانظمة الوحشية البربرية على إبادة المفكرين والعلماء واحرار الفكر والممارسين الثوريين واقعا ضدها كحركات تمرد مواجه لأنظمة الحكم الاستبدادي ، إلا أن ذلك الخوف الشعبي وجبنه بشعور الضعف لم يقد الى تشوه جوهر قيمه الاصلية الطبيعية للإنسان – أي وإن طفى ظاهريا عليه الخنوع والتطبع الخائف التابع للمستبد – فالمجتمع لم يكن طرفا عدائيا مماثلا لأنظمة حكمه يستهدف المستنير القيمي والشريف والشجاع المضحي بحياته من اجل الاخرين – نعم كانوا يتجنبونهم ويلعنونهم ظاهرا ك . . كبوقة للحاكم ، ومكفرين لهم كبوق للكنيسة الجاثمة على انفاس المجتمع ، لكنهم في السر يمجدونهم ويتداولون اخبارهم وعطاءاتهم وجسارتهم ويتعاملون بما يقدمونه من علم ومعارف تدفع لتطوير عملهم وافكارهم ، بل انهم يتداعون سرا لحمايتهم واخفائهم حين تقترب لتصل اليهم ايدي الحكم الدموي – فما بالنا نحن ؟ - إن السر الكامن فينا ، انا لم نعبر في المسار التاريخي الطبيعي لتطور انسان المجتمع ، حيث توقف مسار تطورنا المجتمعي عند مرحلة العشيرة وبعضا منا عند مرحلة متحد العشائر بمسمى الامة ، نعم تعمم اجتماعيا علينا حياتيا طابع الملكية الخاصة وانفراز المجتمع طبقات او فئات على اساس تلك الملكية و . . لكننا لم نغادر تاريخيا حقيقتنا القديمة لما قبل نشوء دولة الامة الواحدة ، ورغم دور الدولة الاسلامية الكبرى – العربية والعثمانية لاحقا – قد نقلتنا الى نظامية حكم مجتمعي اكثر تقدما على وجه الارض آنذاك – اوليات النظام الاقطاعي – إلا انها لم تنقلا انسان المجتمعات العربية نحو تلك المرحلة التاريخية المتقدمة ، أكان وفت الدولة العربية الاسلامية الاولى ، او دولة الخلافة العثمانية ، التي عممت النظام الاقطاعي على مجتمعها الذاتي الخاص ( التركي حديثا ) – بعد اتاتورك – بينما تركت المجتمعات العربية جامدة في جوهرها العشاري القديم من جانب ، وتشوهه الخلقي مع طابع انسان المجتمع شبه الاقطاعي نظاما – فلم يعد العربي ذاتا عشائرية قبلية صرفة او ذاتا اقطاعية اصيلة – وعمق الاستعمار الغربي المحتل تشوه طبيعة الذات العربية بإضافة طبيعة خصائص البرجوازية المدنية الحديثة كشكل خارجي سطحي على شخصية ذاتنا العربية ، وعمقت مسخا فينا بتأصيل حياتنا ونزعاتنا على طابع الاستهلاك الصرف ، حتى طغت اوهام الحداثة والمعاصرة على ذات شخصيتنا العربية ، والتي لا تقف على جوهر اصيل فينا ، نمارسها تماهيا في حياتنا الواقعية كأقنعة نخفي وراءها جوهر تشوهنا ، ونجد جوهرنا المتخلف ( البربري القبلي ) المعاد انتاجه القديم بشكل مشوه . . حاضرا في ممارساتنا الواقعية اليومية كآليات تقوم على الخداع والزيف والنفاق والتآمر والنهب والفساد والكذب . . الخ – كممارسات قولية او خطابية او كتابية او وظيفية اعلامية – وكمجاميع وحشية دموية واستبدادية تخوص حروب القتل الداخلي من اجل المال او قوة النفوذ والترهيب المجتمعي ، واخر صورها كوكالات الحرب الداخلية بمحمولات خارجية غير وطنية .

إن تغيرنا كذات اجتماعية يلزم محو كل تشوهات التاريخ المنتج جوهرا مسخيا حالا محل جوهر طبيعة حقيقتنا التاريخية كنوع بشري ، ولن يتغير الواقع الموضوعي – كحقيقة موضوعية – ما لم تتغير ذواتنا المشوهة ، فكل تغيير وتطوير هو ظاهري غير اصيل ، لكونه تقليدا ناقلا غير اصيل ، لكونه لم يكن ناتجا لعمل انتاجي متوضع واقعا ، يقود الذات المجتمعية نحو تحررها الحقيقي من تشوهاتها ، ويضع تراكمات موضوعية اصيلة تحدث مسارا تغيريا دائما ، بل ان كل تطوراتنا العصرية ليست سوى تعميقا لطابع ذواتنا المتبطلة بنزعات استهلاكية صرفة تتزايد مع مرور الوقت ، فلا نكسب إلا غرقانا بالوهم في معايشتنا العصرية مع غيرنا من بقية شعوب الارض .



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 31 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / ذات متبطلة بادعاء القيمة . ...
- 30 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / إشكالية فهم الذات ومقترنها ...
- وهم السوبرمانية المطلقة في الذات العربية ( الحديثة )
- 29 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / إشكالية فهم الذات ومقترنها ...
- 28 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / إشكالية فهم الذات ومقترنها ...
- 27 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / إشكالية فهم الذات ومقترنها ...
- 26 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 3) حركة التاريخ - ( د ) بي ...
- إلى التافهين . . سادة هذا الزمن الوضيع
- 25 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 3) حركة التاريخ - ( د ) بي ...
- 24 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 24- يتبع(ج) الثابت والمتحر ...
- 23 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 24- يتبع(ج) الثابت والمتحر ...
- 22 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 23- يتبع(ج) الثابت والمتحر ...
- 21 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 22- يتبع(ج) الثابت والمتحر ...
- 20 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 21- يتبع(ج) الثابت والمتحر ...
- 19 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 20 - يتبع (ب) جدلية الحركة ...
- المنظمة الاستعمارية للإرهاب والفساد الدولي. . إلى أين ؟!؟!؟!
- 18/أ - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 19– (أ) البقاء والاستمرا ...
- تتمة4 = 17 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 18 - ج ، 1] الحب ، ...
- تتمة3 (بعد الحب) 17 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 18 - ج ، ...
- تتمة2 (بعد الحب) 17 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 18 - ج ، ...


المزيد.....




- شاهد ما جرى لحظة اقتحام الشرطة الأمريكية جامعة كاليفورنيا لف ...
- ساويرس يُعلق على تشبيه أحداث جامعة كاليفورنيا بـ-موقعة الجمل ...
- على غرار الجامعات الأمريكية.. الطلبة البريطانيون ينظمون احتج ...
- اليمين الأمريكي يستخدم نظرية -الاستبدال العظيم- لمهاجمة خصوم ...
- شاهد: لحظة اقتحام الشرطة لجامعة كاليفورنيا لفض اعتصام داعم ل ...
- بالأرقام.. عمّال غزة في مهب الحرب: بين قتيل وعاطل الآلاف يكا ...
- بوندسليغا.. طموح لمزيد من المجد الأوروبي وصراع شرس في القاع ...
- زعيم المعارضة الإسرائيلية لابيد يزور الإمارات ويلتقي بن زايد ...
- شاحنة آيس كريم تصدم عشرات الأطفال في قرغيزستان أثناء احتفال ...
- أوربان: البعض في قيادة الاتحاد الأوروبي يستفيد من الصراع في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمين أحمد ثابت - 32 – مدخل . . الى العقل المتصنم ذات مستبدلة بمنقطع عن محرك تشغيل وجودها التاريخي