أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أمين أحمد ثابت - 31 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / ذات متبطلة بادعاء القيمة . . في حقيقة عدم وجودها ( بنى الحقيقة وانحراف جوهر وجودنا فيها )















المزيد.....


31 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / ذات متبطلة بادعاء القيمة . . في حقيقة عدم وجودها ( بنى الحقيقة وانحراف جوهر وجودنا فيها )


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 7434 - 2022 / 11 / 16 - 00:35
المحور: المجتمع المدني
    


لا تنصدم عزيزي القارئ العربي من العنوان ، فليس الامر شعور النقص بدونية ذاتنا ، كما وليس أيضا شعور كراهية وانتقام سواي من العرب ، بل أن الامر يكمن في بحثنا عن اسباب إعاقتنا المتكررة عبر التاريخ – وهي حقيقة وجودنا المتكرر الى الان – إن اول خطوة للعلاج المشافي من المرض يكمن في إدراك حقيقتنا القائمة كمتصل إرثي تاريخي في طبيعة هويتنا - فالمرض المستعصي البراء منه يظل متوارثا في الاجيال الى حين بلوغ علمنا بحقيقة طبيعته وما اصبح عليه – أي تطور المرض – والذي يعني الاعتراف بحقيقة إصابتنا دون خجل او مواراة ، وهو ما سيقودنا – مؤكدا يقينيا – نحو معرفة المسببات وراء حدوث هذا المرض التوارثي ، وبمعرفتها تبدأ رحلة التشافي حتى الوصول الى انهاء وجود ذات المرض فينا او عودته مجددا – ولذا فلتصبر عزيزي وانهل مما سيأتي ، فجميعنا بحاجة ماسة للتعافي والعيش بذات سوية كغيرنا من البشر .

عبرنا في مسار التاريخ – كغيرنا – مراحلا زمنية طويلة لأكثر من ألف عام ونيف . . وصولا الى وقتنا الحاضر ولحظتنا المعاصرة – كنا اشبه ما نكون راحلين على متن باخرة عملاقة تحملنا وغيرنا من انسان الشعوب الاخرى جميعها ، تقطع في رحلتها محطات زمنية الى النقطة التي وصلنا إليها اليوم – وستظل تنقلنا مستقبلا الى محطات لا متناهية من الزمن – وعند استراحة توقفنا في مرحلتنا الراهنة . . هو ما يجب الوقوف عليه ، فرغم عبورنا في مسار التاريخ ترافقا مع غيرنا على السواء ، إلا ما أن ما يستدعي التأمل فيه . . أن كل شعب مجتمع من المجتمعات كان يحمل خصائص هويته – أي جوهر حقيقة ذاته – فيما وصل اليها انسانها حتى اللحظة القائمة – أليس هناك اختلاف بين ركاب مسافرين على رحلة طويلة . . بين اناس من يكون منهم مريضا واخرون ضعاف المناعة الى غيرهم موسومين بالصحة وقوة المناعة ، فاستراحة الترانزيت هنا ، ألا يلزم الاعتناء الطبي العلاجي للمرضى ، كما ويلزم اعطاء مقومات المناعة عند من يعانون من ضعفها . . حتى يكونوا قادرين كغيرهم من الركاب المتعافين على تحمل استكمال عملية الترحل سفرا في الزمن – هذا ما يعنينا هنا عزيزي القارئ اللبيب ، فحقيقة وجودنا المعاصر هش منفي القيمة انسانيا فينا و . . نحن نسافر كالأنعام انقيادا دون ادراك حقيقة ما نحن عليه ، وحتى من منا يستشعر او يحدس ذلك ، إلا انه يجد استحالة الحصول على العلاج الشافي ودرء حالة انتكاس مرضه المتكرر عبر التاريخ ، فوهم شعور العيب المرضي واخفائه منعه دوما من مواجهة نفسه والاعتراف بمرضه امام الاخرين ، ما يجعله يحمل تطور حالته المرضية بصمت متجاهل ما يعيقه على ادراك الاسباب الماورائية لمرضه العضال – هنا يكمن سر بحثنا كعملية مكاشفة مع الذات عبر التاريخ وصولا الى وقتنا الحاضر – للجوهر المظلم المستولي عليها وحجب جوهرها الطبيعي الاصلي - مكاشفة عبر تنقيب يغوص احفوريا في مورث وجودنا الماضي من المراحل السابقة من التاريخ ، ويغوص بتشريح عمقي لذات الحاضرة وفرز معطياته المعلوماتية عن حقيقتنا الان . . بمقارنة مع غيرنا من الذوات البشرية الموجود اليوم من الشعوب الاخرى – وليكن بحثنا الاستكشافي من خلال روافع عامة مشتركة بين انسان شعوب الارض مختلفة ، والتي مثلت محركات دافعية في التاريخ لتطور انسان المجتمعات عموما ، وهي : التاريخ ، الدين ، الفن ، والعلم ، بينما مثل العمل المنتج دور فعل القوة المحركة لتاريخ تطور انسان المجتمعات البشرية ، وبموجب حقيقة ذات شعب في تعاطيه مع تلك الدافعيات وقوة التحريك لعجلة التاريخ . . تنكشف حقيقة وجودها الى ما وصلت إليه في وقتنا الحاضر – فما هي حقيقتنا التنقلية في الزمن وما اصبحنا عليها اليوم . . في ضوء ما تقدم طرحه ؟ ؟ ! ! – لكننا وفق منهاجيتنا الخاصة التي نتبعها ، نحتاج اولا الخوض هنا في استجلاء ذاتنا القائمة ، بين جوهرها المخفي الغائب وبين طبيعتها الحاضرة المنكشفة فيها – بزاوية اخرى لم تكرر ما سبق تناوله في مبحث الذات .

هناك تعبيرات شعبية شائعة عربيا ، مثل إن كان فيك عيبا خبيه ، و . . داري على شمعتك تميض – أي تتوهج او تومض - و . . لا تكشف عورتك امام الاخرين ، وحتى وصية دينية من الدين الاسلامي . . إذا بليتم فاستتروا ، و . . اظهر ما لا تبطن ، وهذه الاخيرة تستخدم بمدلولات قصدية متعددة الغرض منها في السياسة ، وتقابلها نصائح مجتمعية على الصعيد السلوكي نربى عليها منذ الطفولة و . . التصنع او التظاهر بالاتزان او النضج او التثاقل او الغضب او المرح او اللا مبالاة . . الخ – والتي جميعها وغيرها الكثير يتطبع عليها العربي كفهم ضرورة ظرفية لارتداء حالة كاذبة او مخادعة او قناعا – غير حقيقته – كمتطلب يوصل المرء لنيل حاجته او كوسيلة للنجاة أو غيرها – وطالما الحياة العربية معلمة بالأبوية المجتمعية والتسلط السياسي ، ما يجعل الانسان المجتمعي بشكل يومي مجبرا على التعامل برافعة ذات المتطلب كضرورة في مختلف علاقاته ونشاطه ، وليس عند الوضع الاستثنائي النادر . . كما تقوم عليه تلك النصائح ، والذي يعني أن طبيعة الحياة المجتمعية والسياسية عربيا فرضت واقع تعاملي إملائي على انسان المجتمع لتسيير شئونه عبر تلك القناعية المطلوب ارتداءها – فالموظف ينافق مديره وذاته ينافق من هو اعلى منه ، وعند الشراء تدلس على البائع لخفض سعر بضاعته او السعي لاجترار الرحمة والشفقة ، وتزيف الحقائق في هذا الموضع او ذاك للنهب او الارتزاق او للتهرب من المسئولية ، او تبرير الارتشاء كضرورة بديلة تعوض قلة الراتب او لمواجهة الغلاء الفاحش للأسعار ، وتحتال لطمس الحقيقة او لخداع الاخر او للنهب غير المشرعن – تتصنع الرفعة والأبهة والتعالي والثقل او التفاخر في مظهرك او مسلكك او حركة وجهك او طريقة كلامك . . الخ ، كإيحاء مخادع يمرر على الاخرين .

إن كان من الطبيعي في كل المجتمعات وبإرث تاريخي خبراتي ضارب في القدم أن تحضر فيه موجهات او عبر لاتخاذ المرء وسيلة خداعية إقناعيه او هروبيه مسلكية تنجيه . . إذا ما املت عليه الظروف قهرا التعامل بها للخروج من مصيدة او ضائقة تهدد وجوده وحتى من معه بالخطر او الموت ، وهو أمر عقلي دماغي منطقي . . وحتى دماغي حسي مدرك مخيا في جزئه العاطفي عند الحيوان ويمارسه سلوكا عند الحالات الخاصة . . حين لا يكون له مخرجا سوى الحيلة والمكر الخداعي ، لكون ذلك لا يعد من سلوكه الطبيعي الاعتيادي لطابع عمل الدماغ في موجهه السلوكي ، لكن يلجأ إليها عند حالات خاصة استثنائية من حالات الافتراس او الدفاع التوهيمي او الهروب وحتى التزاوج او التغذي في منطقة مهددة لحياته ، وذلك حين تكون الطرق الطبيعية الاعتيادية توفر له تلك الحاجة – وهنا تنكشف مخالفة شخصيتنا العربية الحديثة . . حتى لقواعد السلوك الطبيعي عند الحيوان ، وإذا به يتخذ طبعا في شخصيته السلوكية ما هو شاذ او غير معتاد عليه في الظروف الطبيعية لسلوكه المتبع كحيوان ل . . يعتمده قاعدة نزعاتية متأصله في ذاته تحكم سلوكه ، ليس فقط كردود افعال لمثير ما ، ولكن في جميع سلوكياته العلاقاتية والنفعية والاخلاقية وفي المعاملات والعمل وحاجاته المادية للعيش وحاجاته الروحية والمعنوية ، حيث اصبح الخداع والايهام والكذب والتحايل قاعدة اساسية يبنى عليها سلوكنا وبشكل يومي في مختلف الامور – وهي غير منصوص عليها قانونا ، بل ويعاقب عليها كجرم ، وبذات المضمون يكون بالنسبة للدين او الاخلاق القيمية المجتمعية كقيمة مجردة توجه افعال وسلوك الفرد وتحاكمها بمعرف الضمير الجمعي والحاضر صورة منسوخة عند كل فرد من افراد المجتمع بمعرف الضمير الذاتي او الشخصي – نعم قد سرى تطبيعا للمجتمع على الفساد والتعامل من خلاله بعد فساد الدولة كعملية إفساد معممة على المجتمع ، حتى وإن تغيرت مسميات نظام الحكم أو الحكام فإنه لم يتغير جوهر الحكم التسلطي ولا جوهر النظام الابوي للمجتمع ، اللذان عملا ويعملا على تثبيت تحول ذلك التطبع المجتمعي للأفراد الى أن يصبح طبيعة مجتمعية وسمة تعلم الفرد والمجتمع والدولة بها من حيث السلوك والمعاملات والافعال – طبعا قد لعب الغرب الاستعماري الحديث على تجذير هذه السمة في واقعنا الحياتي تحت مظلة التبعية لمركز نفوذها العالمي – بدء من تبعية حكامنا وتفردهم بسلطة الحكم ، ومن ثم عبر التبعية المجتمعية عبر الاستهلاك وكذبة الانفتاح العالمي بين المجتمعات المختلفة ، واخيرا في اكذوبة العولمة وذوبان شعوب العالم في هوية بشرية واحدة وخلق حضارة انسانية واحدة – وهي الاجندة الامريكية الخداعية تحديدا ، في ظاهر الدعوة للتعددية القطبية عالميا وتسعى في الخفاء لتكون القطب الوحيد فوق الاقطاب ، والتي ذهبت نحو تعميق تبعيتنا بالدخول الى افراد مجتمعاتنا والعمل الى اعادة تشكيل حقيقة وجودهم عبر مشيئتها ومصالحها ( كخدام تابعين ) لها و . . بما يقطع طبيعة تشكلهم خلال هويتهم المجتمعية الخاصة عبر تاريخها الخاص بها ( طبيعيا ) .
وبمقارنتنا مع شعوب المجتمعات الاخرى – اليوم ومنذ ال 25 سنة الماضية - الاقل نموا مثلنا ، وتحديدا تلك الموجودة في بلدان موسومة بفساد الدولة او تلك المعلمة بغياب الدولة او التي تسيطر عليها المافيات او تلك النامية المتقدمة عنا بأطوار بعيدة و . . التي كأمر بادي بوضوح عام في مجتمعاتها . . حيث يصل الفقر لعشرات من الملايين المهددون بالمجاعة والفاقة وعدم وجود المأوى – وهو ما لم نعشه بذلك الحد ولا نتخيله – وإن استشعرنا به مؤخرا اليوم بوقوعنا بفخ حرب الوكالات القذرة المعاصرة – كاليمن مثلا – لنجد أن الانسان العام لكل تلك الشعوب المقهورة لم يتطبع على . . الانحلال الاخلاقي وبشكل طوعي اختياري – كما هو سائد فينا ومعلما لحياتنا - في أن تكون القيم الرخيصة – المستقبحة قديما والمحاكم منها كجرم يعاقب عليها – اصبحت تمثل القواعد المجردة الحاكمة بغير نص قانوني او ديني او اخلاقي . . تحكم وتوجه بتلقائية عفوية سلوك انساننا وافعالهم وتصبغ جوهرها على العلاقات والمعاملات العامة والخاصة بين الافراد و . . وحتى امور تحقيق الحاجات بما فيها الطموح والرغبات – بينما في تلك المجتمعات فقلة نادرة غير ذات قيمة عددية تذكر حين تواتيها الفرصة لاتباع وسيلة من وسائل التحايل والكذب او الخداع ، ومع ذلك فلن تكون لديهم فرصة ثانية او ثالثة لاتباع ذات النزعات والسلوك او الموقف مجددا ، بينما القاعدة العامة المجتمعية تسلك مسلكها الطبيعي في اناس المجتمع بين الضعف في الاستسلام او المقاومة او الهروب للبحث عن موطن اخر آمن من الحروب او الاستبداد والمهانة او ما يمنح فرصة للعيش .
إن حقيقتنا اليوم تتجلى بمتحولنا عن اصل جوهرنا البشري داخل وجود اجتماعي – الذي هو افتراضا مبني على قيم اخلاقية متقابلة بين الخير والشر ، الجمال والقبح ، السامي والوضيع ، العلو والسقوط ، العدل والظلم ، الرقي والنقص ، الانانية الفردية والعطاء او بين الانانية والشراكة في الحقوق المتبادلة وحق الغير ، بين نيل الحق المستحق والاستيلاء على حق الاخرين – من خلال عملية نصب او تحايل او بيع موقف يضر بالغير . . الخ .
من الواضح جليا ، حين اكتشف انساننا العربي الطريقة الاسهل للكسب ونيل المبتغى . . بأية وسيلة او طريقة كانت - حتى وإن كانت منافية للأخلاق والدين ويعاقب عليها القانون – ما دام العمل بها سرا او مغطاة بما يخفي عنها اثباتات الإدانة - طبعها على نفسه في كل مناحي حياته ومعيشته وعلاقاته – وبتعميم هذه القيمة الفاسدة اجتماعيا كانتقال قصدي من نظام الدولة الفاسدة الى المجتمع بكل فئاته وتراكيبه دون استثناء – وحين لم يجد انسان المجتمع المحكوم جبرا بجوهر هذه الآلية ، والذي بسواها لن يحصل على العيش الضروري او الحياة المناسبة . . بما فيها تحسينها او ضمان عدم تلاشي توفر الفرص ليسعي ، لم يكن له إلا التعامل من خلال قاعدة الانحلال المسيدة واقعا ، حتى من هم من الرعيل القديم القيمي ، بوصولهم بعد عمر طويل من خدمة المجتمع وعطاءاتهم وتضحياتهم يجدون انفسهم مجردين من امان العيش الكريم ، بينما كل من كان موصوما باحتقار على افعاله وسلوكه الرخيص – الانتهازي والمرتزق – قد جنوا ثروات ضخمة واصبحوا رموزا وطنية للمجتمع ، يحتلون اعلى المناصب ، وحين يخرجون عن الخدمة الرسمية او التابعة ضمن حلقات التبعية لمركز نافذ ، يكونون قد نصبوا ابناءهم الصعاليك واهليهم في المناصب الرسمية العليا ، وعيشوهم كملوك صغار في امريكا واروبا ، وافتتحوا لهم شركات برؤوس مال ضخمة تتحكم بالاقتصاد وعيش الناس . . عبر سلاسل الفساد المنظم بين اجهزة دولة الحكم والمجتمع – يجد انسان الرعيل القيمي القديم من اناس المجتمع – الذين يقال عنهم قديما عملوا بما يرضي ضميرهم – أنهم واهليهم غير قادرين على التكفل حتى بالعيش الضروري ، ويفقد ابناءهم فرص التعليم الامثل ويكون مستقبلهم مظلما بعدم وجود وظيفة لمصدر دخل . . ما بال أن يعدم فيهم الطموح وصبحون في حياة لكل فرد منهم أن لا يكون عنده اهدافا مرسومة يسعي إليها ، فكل المنافذ مغلقة حتى في التفكير فيها ، حتى الهروب الى الغربة لنيل أي عمل كان غير ملائم يوفر دخلا . . اصبح محالا ، فإن كانوا يستصعبون توفير العيش اليومي الضروري ، فمن اين النفقات الباهضة للسفر وتدبير ثمن فيز العمل او العيش المؤقت حتى تأتي فرصة العمل – وإن كان ذلك يعد غير شرعي في قوانين البلد الاخر ويعاقب عليه بالسجن والترحيل بعد الاذلال في الصحاري عند نقاط العبور بين البلدين ، ويكون المرء المرحل عندها امام واحدة من حالتين ، إما القبض عليه من قبل نقطة بلده او بلد اخر ليدخل مجددا بالسجن والتعذيب والابتزاز و . . امكانية تكرر ذات الامر مجددا عند نقطة حد اخرى ، أما الحالة الاخرى أن يتشرد في الفيافي ليموت جوعا وظمأ أو يموت اكلا عبر الكلاب المشردة والضواري اللحمية – تحت حقيقة هذا الواقع المؤسس على انحلال القيم ، تجد الاجيال الشابة والصغيرة ما بعدها والقدمة لاحقا ، تحقد على القيم التي عاش عليها ابائهم ، والتي لم تورث لهم سوى الفقر وتلاشي فرص العيش ، بل والاسوأ انها هددت حياتهم . . حتى لينالوا ولو قليلا مما نال عليه ابائهم ، انهم لا يكرهون بل يحقدون على لفظ الشرف والوطنية حين تصل اليهم او ينصحون بها ، حتى آباء ذلك الرعيل من ذوي الضمير ، لم يعودوا يمارسون ابوتهم بغرس مسألة الضمير كموجه معنوي لأفعال وسلوك ابنائهم ، بل وحين يرونهم يتشكلون ويسلكون بما هو منافي لقيمهم . . يتجاهلون ذلك ، فإن لم يصمتوا ويتجاهلوا ذلك . . فهم يعرفون انهم ابناء واقعهم العصري المغاير ، إن لم يتماشوا مع ما هو مسيد معمول به ف . . فلن يحصلوا على شيء ولن تكون لهم حياة مؤمل بها – حتى في الحد الادنى – لا يريدونهم الوقوع في فخ حياتهم التي بنيت على الاوهام والتمني وانتظار المجهول ، بينما ذهب الواقع بالحياة الى متجه آخر ، يوصمون اليوم اجتماعيا وامام ابنائهم ب البلاهة والسذاجة ويحاكمون اخلاقيا بهدر مستقبل ابنائهم وتهديد حياتهم ، وانهم لم يكونوا عند قيمة المسئولية الاخلاقية في توفير العيش الكريم لأسرته وحماية ابنائهم ومستقبل حياتهم – حتى إن اصروا في ظل صدمتهم الحياتية على قيم الضمير على التعامل والتوجيه لأبنائهم ، فإنه لن يحدث شيئا ولن يغير من حقيقتهم الوجودية . . بكونهم انعكاسا قيميا لما هو سائد واقعيا . . بما فيه التفكير والرغبات والتطلعات ، فلن يكونوا غير ابناء واقعهم المعاصر – من هنا تغيبت الذات العربية ( فردا ، مجتمعا ، ونظاما ) عن حقيقة وجودها التاريخي الخاص بها كغيرها من شعوب الارض ، لتصبح ذاتا مسخية فاقدة الهوية وجوهر حقيقتها البشرية . . المنحل والمستبدل بجوهر مشوه مبتذل – وعليه تصبح ذاتنا لا تتجلى او تتجسد يوميا إلا كأقنعة زائفة رخيصة – ونحن نعتقد أنا بوجودنا وعيشنا اليومي الحديث مثله مثل غيرنا من انسان الشعوب الاخرى ، وإنا كغيرنا من المجتمعات الاخرى – مع اختلاف خصوصية الواقع وظروفه القاسية المصعبة للعيش ونيل الحقوق و . . انه ليس علينا سوى الصبر حتى يغير الله في الاسباب لتنقشع هذه الوضعية المقيتة ونعود لعيش حياة طبيعية كسوانا – بينما الحقيقة التي لا نفهمها ولا ندركها ونتجاهلها – وحتمية قانونية التغير التي طرحناها تفصيلا من قبل – أنا كذات ( فردية او مجموعيه خاصة او عامة مجتمعية ) مرآتيه انعكاسية للواقع المسخي المشوه قيميا ، فإن الواقع ذاته لن يتبدل الى الافضل ، بل أنه سيزداد سوء ، أكان من حيث تشوه القيم السائدة او كان في تعقيدية الصعوبة في امكانية العيش ، حيث ستكون الحياة قبلها اكثر تسهيلا مما ستصبح عليه لاحقا ، وبالتالي بالنسبة لذاتنا المصطبرة ( التابعة ) لإملاءات الواقع عليها من اجل العيش ، فإنها تزداد تشوها قيميا وتزداد خنوعا بسيطرة فقدان الشعور والاحساس بكل ما يجري ، ولا يتملك عليها شكوى البكاء والتشكي و . . الجنون لوجود يصادفه ولو بقيد شعرة يتعلق به المرء ل ( لفعل مسلكي لا اخلاقي او لا قانوني ولا شرعي ) ل . . يفتح له امل الحياة – يغيب عن انساننا اليوم حتى . . معطى الدين بمعنى قول : كما انتم يولى عليكم . وايضا بما معناه : . . لا يغير الله ما في إمرئ ما لم يغير ما في داخله – وهذه إشارة ل ( بعد السوء او الضرر ) الذي يتضرع المرء ليرفع عنه ، وانه لن يتبدل إن لم يتحرر الانسان من داخله ( من سوء التخاذل والخنوع والبقاء عليه ) ، حيث الإبقاء على السوء الداخلي في الذات هو ابقاء على التشوه والقبول للذات أن تظل تابعة لواقعها ، فكيف تؤمل تضرعا بتغير احواله ، فمن النصح الديني السابق أن من يغير الاحوال هي ذات الانسان – وهذه حكمة الخالق في جوهر رسالته ، وليست تلك الزائفة المروجة عبر الفقهاء . . بأنه هو ذاته ولا غيره يبدل في الاحوال ، وما على الانسان المخلوق سوى التضرع له ليبدل بالأحوال – إن تطبع الذات على الخنوع التابع لإملاءات الواقع . . يزيدها تشوها بتزايد تشوه الواقع وقانونيته الموضوعية الحاكمة آليا وبصورة مجردة غير منصص بها قانونا ، والذي يعني تنامي حالة الانهزامية للذات المتزايدة تشوها تابعا . . يكون فعلها الممكن او الاحتمالي لتغيير ظروف الواقع او الحياة متضائلا حتى يصل الى درجة التلاشي – وهو ما لحضناه منذ زائفة الربيع العربي 2011م والى اليوم ، خروج اناس المجتمع – ظاهرا لتغيير واقع حياتهم – وباطنا أنهم لم يعودوا قادرين على العيش حتى بما هو متناول للحيوان للبقاء – كل تلك الجمهرة الشعبية المجتمعية المهولة . . بلحظة تلاشت لتمتطى بوكالات الموت والانتهازية المحلية ( المنحلة الاخلاق والقيم ) المدارة من الخارج – يعود ذلك الشعب ( عامة ونخبة ) الى الخنوع والانتظار والتشكي على سرقة ثورتهم ، والتحسر على خروجهم الثوري ، الذي قاد الى تدمير شامل للحياة وقتل للأمل . . حتى ، ليقولون تحسرا : لو لم نخرج ثائرين ، لكنا نعيش في الحياة السابقة افضل مليون مرة مما نعيشه الآن – هذه هي حقيقة ذاتنا الحداثية ( القابضة على حياتنا ) وليست تلك الاقنعة التي يروج لها ليل نهار من كذبات صفاتنا وخصائصنا من الحداثة والمعاصرة ، فكلها تقوم على الادعاء والزيف . . وتحت غطاء من الاغطية ، والذي منها المال ( النفطي ) ، والاتيكيت والذكاء الفهلوي وفنون التحايل والتمظهر بما نحن في ذواتنا فاقدين له ، حتى أن آلية نظام الحكم والمؤسسات الاجتماعية ورؤوس المال المحلي ( الطفيلي ) وافراد المجتمع يذهبون جميعهم على خط مستقيم واحد دائما نحو نفي تلك القلة من الافراد القيميين ( علما ، اخلاقا ، ثقافة ، قدرة ، كفاءة وابداعا ) ، الذين مثلوا فلتة غير محسوبة من نظامية التشوه المسخي الاجتماعي برمته ، إن لم يصلوا الى قتلها بحادثة ملفقة ، قتلوها اجهاضا بموت بطئ عبر ذل العيش او الجنون او الموت بالجلطة الدماغية او الامراض القاتلة وضعف المناعة للفقر الغذائي والصحي النفسي وعدم القدرة على التداوي وايضا القهر النفسي والموت كمدا .

اخيرا ما يمكن لنا قوله ، إذا ما كانت الطبيعة الحية يخلق الكائن فرص حياته واستمرار نجاته بذاته من خلال الفعل الساعي ذاتيا لنيل حق الوجود والاستمرار ، وليس بما تجود عليه الطبيعة الجامدة العمياء او ما يجود به الاقوياء من فتاة و . . هم في انتظار حدوث ذلك – إن فعل الذات وتحديدا في الانسان يكون غائيا وبتخطيطية هادفة ، ويبنى على تأصيل قيم الحق وفق العمل المبذول وطبيعته وكفاءته يكون الحق الذاتي الموجب أن تناله ، وهو ما يفرض واقعا متغيرا لفعل وغاية الانسان بتطور دائم ، ولكن حين تفقد الذات قيمها الاصيلة وتلبس اقنعة زائفة من الحداثة والمعاصرة ، حيث تفقد فعلها القيمي المغير ، فلا تكون مثل هذه الذات في حقيقتها سوى مسخا متبطلا تمبلا رخوا ، إما ينتظر من يوصل اللقمة الى فمه أو يلبسه حلة وهو مستلقي و . . ووفق ما يملى عليه . . حتى وإن كان الثمن نقض حياة الاخرين ، ذات كهذه لا تنعدم فيها سمة الانسان فقط . . بل وتنعدم في وجودها سمة الحيوان .



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 30 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / إشكالية فهم الذات ومقترنها ...
- وهم السوبرمانية المطلقة في الذات العربية ( الحديثة )
- 29 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / إشكالية فهم الذات ومقترنها ...
- 28 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / إشكالية فهم الذات ومقترنها ...
- 27 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / إشكالية فهم الذات ومقترنها ...
- 26 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 3) حركة التاريخ - ( د ) بي ...
- إلى التافهين . . سادة هذا الزمن الوضيع
- 25 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 3) حركة التاريخ - ( د ) بي ...
- 24 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 24- يتبع(ج) الثابت والمتحر ...
- 23 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 24- يتبع(ج) الثابت والمتحر ...
- 22 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 23- يتبع(ج) الثابت والمتحر ...
- 21 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 22- يتبع(ج) الثابت والمتحر ...
- 20 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 21- يتبع(ج) الثابت والمتحر ...
- 19 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 20 - يتبع (ب) جدلية الحركة ...
- المنظمة الاستعمارية للإرهاب والفساد الدولي. . إلى أين ؟!؟!؟!
- 18/أ - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 19– (أ) البقاء والاستمرا ...
- تتمة4 = 17 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 18 - ج ، 1] الحب ، ...
- تتمة3 (بعد الحب) 17 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 18 - ج ، ...
- تتمة2 (بعد الحب) 17 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 18 - ج ، ...
- 17 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 18 - ج ، 1] الحب ، الزواج ...


المزيد.....




- رايتس ووتش وهارفارد تدقان ناقوس الخطر بشأن أثر المتفجرات على ...
- بن غفير يدعو لـ -إعدام الفلسطينيين- لتخفيف اكتظاظ السجون
- الضرب والتعذيب سياسة يومية.. هيئة الأسرى: استمرار الإجراءات ...
- وزارة الدفاع الوطني بالجزائر: إرهابي يسلم نفسه للجيش واعتقال ...
- أميركا تؤكد عدم تغير موقفها بشأن عضوية فلسطين بالأمم المتحدة ...
- برنامج الأغذية العالمي: لم نتمكن من نقل سوى 9 قوافل مساعدات ...
- قيس سعيد: من أولوياتنا مكافحة شبكات الإجرام وتوجيه المهاجرين ...
- -قتلوا النازحين وحاصروا المدارس- - شهود عيان يروون لبي بي سي ...
- نادي الأسير الفلسطيني: ارتفاع حصيلة الاعتقالات بعد 7 أكتوبر ...
- برنامج الأغذية العالمي يدعو لوقف إطلاق النار في غزة: السرعة ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أمين أحمد ثابت - 31 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / ذات متبطلة بادعاء القيمة . . في حقيقة عدم وجودها ( بنى الحقيقة وانحراف جوهر وجودنا فيها )