أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خليل قانصوه - محادثة















المزيد.....

محادثة


خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)


الحوار المتمدن-العدد: 7428 - 2022 / 11 / 10 - 17:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ـ طال غيابك
ـ اشتقت .. جئت أدقق في ذكريات الماضي . إنها الظروف ، لم تسمح لي بالسفر في السنوات الماضية
ـ متى ستعود نهائيا ؟
ـ و أنت ..هل أنت أكيد من أنك باق نهائيا ؟
ـ صراحة ، أشعر أني فوق رمال متحركة ، بعض الأخوة و الأقارب هاجروا و بعضهم ينتظر . و لكن أنت متقاعد ، فبإمكانك العودة ..
ـ أعتقد أني لن أعود
ـ هل أنت جدي ؟
ـ نعم ، فأنا أعيش في فرنسا منذ أزيد من خمسين عاما . هذه مدة كافية لان تجعل الهجرة نهائية و شاملة .تلقيت تعليمي في هذه البلاد و مارست مهنتي فيها ، و تزوجت و أنجبت . فانا إذن مزروع فيها ، علما أن التأقلم لم يكن سهلا و هو بالقطع ليس مكتملا .
و انت ؟ هل ستقتلع نفسك طوعا أو كرها ، لتزرع في مكان آخر
ـ قل لي لماذا لم يتحقق لك ذلك هنا ؟
ـ قبل الإجابة ، أتمنى لو تبين لي مبررات هذا الإستجواب الذي يأخدنا بعيدا في الزمن ، إلى مسرح ألعابنا في الساحة ، إلى غزواتنا على كروم العنب و التين ، إلى رواياتنا المتخيلة عن الحبيبة التي كنا نتبعها مساء " على الكروسة" دون أن نتجاوز المسافة المتفق عليها عرفا ، بيننا و بينها .
ـ لا شك في أن المبررات كثيرة ، و لكن يمكن إختصارها بحب المعرفة : كيف يبدل المرء نمط عيشه ، او يجبر على ذلك ، فيتكلم لغة ليست لغته الأم دون أن تعني له الكلمات المتناظرة في لغة المهجر ما كانت تعنيه في البلاد الأصلية ، ينجم عنه منطقيا ، فهم للأمور ، خصوصا في مجال التعبير عن الأحاسيس و المواقف ، تعتريه الضبابية و تنقصه لذه الهُيام . ثم أني أقرأ ما تكتب و أسمع ما تقول ، صحيح أنك بدلت و لكن احتفظت ، باللغة و الثقافة ، و اسمح لي بان أٌقول أن فحوى رسالتك هو دعوة لان يبدلوا الأوضاع في بلادهم حتى لا يضطروا إلى أن يتبدلوا و يضلوا في المهاجر .
ـ بالعودة إلى سؤالك ، لم يتحقق لي ذلك لأني لا أنتمي إلى طائفة ، في وطن الطوائف ، و بالتالي انا مميز سلبا طائفيا ، لا يحق لي ما يحق لأنصار زعيم الطائفة ، كما لا أنتمي إلى قبيلة أو عشيرة في بلاد مضارب العشاءر و القبائل ، فلا عمل لي ، كوني لا أعمل في خدمة الزعيم ، و إن عملت كرها فلا أجر لي ...

ـ ولكن ألا يمكن الإنتماء لهذه البلاد دون وصاية الطائفة ؟
ـ بدأت المساحة الخارجة عن نفوذ الطوائف تضيق تدريجيا بعد " ثورة " 1958 . يحسن التذكير بان " ثورات " غير الثوريين ، تكررت مذاك فسهلت تمدد النفوذ الطائفي . هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فلا بد أن نأخذ بالحسبان مسألة التمييز الأساسية التي تتجسد على كافة درجات السلم الإجتماعي ، فمن نافلة القول أن المساواة معدومة بين الأفراد في الطائفة أو القبيلة الواحدة و كذا فيما بين الطوائف المختلفة . يتضح هذا الأمر بجلاء من خلال إقتسام جغرافية البلاد ، قسمة غير عادلة ، فتموضعت كل طائفة في منطقة ، بحيث تشكل الأغلبية المهيمنة ، بعد أن كان السكان مختلطين في بعض المناطق إلى درجة كبيرة ، على اختلاف انتماءاتهم الطائفية ، و متحازبين على أساس اصطفافات غير طائفية دينية (عرب الشمال ، العدنانية و عرب الجنوب ، القحطانية ) ، إلى حد أن جماعات كانت في الأصل ذات انتماءات طائفية دينية واحدة ، افترق بعضها عن بعض ، عند محطات تاريخية ( طائفية ـ اقتصادية )، بين ديانتين متمايزتين .
ـ هل تعتقد أن المساحة " الحرة " من النفوذ الطائفي لا تتسع اليوم لمن لا ينتمي إلى طائفة ؟
ـ الإجابة عندي على هذا السؤال بنعم .
ـ هذا يعني أن من هم خارج الطائفة " ذمّيون " !
ـ إلى حد ما نعم . لا بد من الإشارة أولا ،إلى أن " الذمّة " كانت سمة من سمات المجتمع الطائفي البدائي ، الإختلاف بين الذميين و غير الطائفيين ، أن بإمكان الأخيرين أحيانا ، انتهاز الفرصة للإنقلاب على مواقفهم تحت وطأة اليأس أو الحاجة أو الخوف .
ـ يقولون أن الإنسان كائن إجتماعي .فهل نقول أن الإنسان اللاطائفي في لبنان ليس كائنا إحتماعيا ؟
ـ أنا أقول أن هذا الإنسان هو حقيقة كائن إجتماعي بينما المجتمع الطائفي ليس مجتمعا إنسانيا بالمعيار الحضاري المعاصر إذا جاز القول ، يتجلى ذلك على سبيل المثال بتفضيل من هو أقل أهلية بإناطة شؤون التقرير و الإدارة به و بإعفاء المحاسيب من التزام الدور في طابور الخبز على حساب الفقراء و الضعفاء و من هم خارج المنظومة الطائفية و في السيطرة على شبكة توزيع مياه الشفة و الطاقة الكهربائية و الطحين أضف إلى ارتهان او او الاستيلاء على ما ادّخره الناس .
ـ هل كان الإنتماء مؤملا قبل الوصاية الطائفية
ـ نعم كان مؤملا . لأن ترجمة الإنتماء هي العيش المشترك . أنا عرفت مظاهر العيش المشترك عندما كنت أنتمي إلى مجتمع القرية الفلاحي .

ـ وماذا عن " الوطن " و الشعور بالواجب ؟
ـ لم أقرأ ما يكتبه فقهاء علم الإجتماع عن الوطن ، و لكن الوطن بكل بساطة هو بلاد توافق سكانها على العيش المشترك ، أي انهم أزالوا فيما بينهم الفوارق العرقية و الدينية و ما عداها من امتيازات حقوقية وجاهية أو وراثية أو عُصبوية أو حزبية ،فتحولوا إلى ما هو متعارف على تسميته بالأمة الوطنية . أعتقد أن مفهوم العيش المشترك يعني ضمنيا الملكية العامة المشتركة للأرض ، مستوى العيش في الراهن ، بالإضافة إلى العقد الإجتماعي المنوي تنفيذه في المستقبل .
هذا هو الوطن من و جهة نظري ، الذي يُلزم المرء المشارِك في سيرورته . و لا شك في أن من حق هذا الأخير العمل على أن يستعيد حقوقه فيه إذا طرد منه ، أو أن يطالب دون أن يكون ملزما ، بالتعويض عنها بالطرائق والوسائل التي يستطيع امتلاكها .
ـ و لكن الوطن يبقى ، بالرغم مما يجري فيه ، أرض ننتمي إليها ، نحن مزروعون فيها ، و لنا فيها ذكريات أعمارنا ، و منابع ثقافتنا التي روت كينونتنا فصارت جزءا منها ، لا يمكن انتزاعها أو إخفاءها أو التنكر لها ، لأنها حاضرة دائما في خلوة المرء بنفسه .
ـ صحيح أن الوطن مرادف للأرض . و لكن ما هي قيمة الأرض إذا أصابها القحط فجردها . الوطن زرع و ري و إعمار و مدرسة و جامعة يُحفظ فيهما العلم و يُلقن ويطور إبداعا ، في سياق سيرورة إنسانية حضارية حيوية متواصلة . أما الثقافة فهي باقية في جبلة المرء في حله و ترحاله
ـ كانك تقول أن البلاد التي فشل سكانها في أن يختلطوا و يندمجوا ليصيروا أمة و طنية هي ارض خراب ، أما الثقافة التي تكونت قبل القحط و الجفاف ، التي تشربها المرء أثناء الحمل الذي قطعه الإجهاض ، فهي باقية في الوجدان و في حقيبة السفر .
ـ هذا بالضبط ما أعنيه . و لكن لا أقول أن القحط دائم أو أنه قدر و لا أقول أيضا أنه لن يأتي قوم بعد الذين انقرضوا أو تفرقوا شتاتا . كما أني أزعم أن الثقافة مكون في الإنسان يتطلب مثل العضلات و العظام و الدماغ ، التغدية المتنوعة و المتوازنة ، ويهزل تدريجيا في أوقات التقتير و القلقلة .
لا يعني الفشل و خيبة الأمل إدارة الظهر و النسيان . تنتشي مادمت حيا ترزق ، برائحة ذكية تأتي من الماضي ، أثناء تجوالك في حقل كان يزرعها والدك ومرورك بدار كان جدك يجلس على مصطبتها و دار كانت لك فيها حبيبة و ضريح أحتضن ثراه جسد أمك.



#خليل_قانصوه (هاشتاغ)       Khalil_Kansou#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الترسيم و التطبيع
- سلطة السلالة
- من دروس الحرب في أوكرانيا (2)
- من دروس الحرب في أوكرانيا
- قادة خطاؤون
- الشيعةُغيرالشيعةِ
- الدين السياسي و المؤامرة الدينية .
- العودة دائما إلى نفس النقطة !
- الوطنية -1-
- صدق أو لا تصدق ، زابوريجيا و إيضاحات الوزير الأميركي
- الدولة و الوطن
- الهلال الناري بين أوكرانيا و قطاع غزة
- مقابر و منازل (2)
- مقابر و منازل -1-
- الوقت المقتطع
- التطبع و التطبيع -7-
- عن الفكر و الموقف في السياسة في حكم العراق و بلاد الشام .
- كيف أخْتلقَ - الشعب الإسلامي - فرنسا نموذجا
- فرقعة في أوكرانيا و أرق و جوع و عطش وظلام في الشرق الأوسط
- الحائط المسدود ، الدولة اللاوطنية (2)


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خليل قانصوه - محادثة