أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - قطار آخن 26














المزيد.....

قطار آخن 26


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7426 - 2022 / 11 / 8 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


ـ لِمَ لَمْ يأتِ الطبيب بعد!

أحضرت الممرضة مناشف ثلاث صغيرة، بَلَّلَتها بالماء الساخن، رشَّت فوقها الغبار الأبيض، فركتها بين يديها ثم ناولتها للشرطية، مسحت الشرطية بها وجه إبراهيم، عنقه، صدره، في منطقة القلب، تمسح صدره وتقرب المنشفة من أنفه، يستنشقها بعمق وكأنَّه يريد أن يبتلعها، مع كل شهيق تعود ضربات قلبه إلى ما يشبه الانتظام، تستبدل الشرطية المنشفة بمنشفة أخرى وتعيد الكَرّة، تتناول الممرضة المنشفة الثالثة وتمسح بها فخذيه وربلة باطن الفخذ وتنزل بالمنشفة إلى العضلات الخلفية من ساقيه.

ـ على الكُمُدينا في الحمام ستجدين جوارب صوفية، كنزتي صوف وملابس داخلية. أحضريهم من فضلك. قالت الممرضة.
ألبستاه الجوارب الصوفية الدافئة وقميصاً وفوقه كنزة الصوف العسكرية.
ـ أشعر بالجوع. دمدم إبراهيم كطفلٍ.
ـ ضعها في فمك. قالت الممرضة بعد أن ناولته قطعة شوكولاتة.

لن أبقى في هذا البيت لحظة واحدة، سأغافلكما بأقرب لحظة وأهرب، سأغادركما بهدوء قبل أن يأتي رجال الليل عبر النوافذ لشق جسدي وتشريحي حياً بغية سرقة أعضائي وبيعها في السوق السوداء. أؤمن بثقافة التبرع الطوعي بأحد أعضاء الجسد لإنقاذ حياة شخص آخر، لكني لن أتبرع مكرهاً.

ـ لماذا تأخرتما بالمجيء؟ ما الذي شغلكما عني؟ من هم الرجال الثلاثة الذين عبروا من النافذة؟ هل لديكما مختبر سري في هذا المنزل!؟
ـ عزيزي إبراهيم أنت تهلوس. لم يكن في البيت أحد سوانا، كنا في غرفة النوم نختار ثياباً بديلة ونعيد ترتيب زينتنا لمتابعة الاحتفال.
ـ الوقت تأخر، شارفت الساعة على الثانية صباحاً، علينا أن ننام. سأحضر لك غطاءً لتنام على الأريكة، جسدك يحتاج للراحة.
ـ حبيبتي سابينه، لا تتركيني وحيداً، لست مطمئناً، أشعر بالخوف، أرى رجالاً يتحركون في بيتك.
ـ يجب أن تنام وحيداً، لا أستطيع أن أكون معك في كل وقت، هذا ما يجب أن تتعلمه، عليك أن تتعلم أن تكون مرناً بالمقدار نفسه الذي تكون فيه لدناً.

اللدونة والمرونة من الخواص الميكانيكية الهامة في علم هندسة المواد وخواصها، هما صفتان إبجابيتان تمثلان أساس العافية النفسية والأساس السليم لكل عمليات التعلم والتربية في حياة الإنسان، إنّهما القاعدة الأساسية للاستجابة للمتغيرات والمُثيرات المجتمعية والتكيُّف معها بعد مقاومتها.
**

زحف إبراهيم إلى الأريكة، غَطَّته المرأتان، تمنيتا له أحلاماً هانئة وغادرتاه.
غَفَا حزيناً وهويدمدم "أما أنتَ يا إبراهيم فلستَ إلا رَجُلاً من قَشّ".

غَفَا وهو يتذكر صديقته "مانويلا" التي وقفت في السنتين الماضيتين إلى جانبه دائماً في كل إخفاقاته وإرهاصاته وما زالت، بينما هو يخونها مع نساء من كوكايين.

غَفَا نادماً على محاولات انفصاله الأخيرة عنها، غَفَا راجياً أن تتاح له فرصة الاعتذار منها، أن تقبل اعتذاره، أن تُسامحه وتعيده إلى حظيرة أمانها.

أين أنتِ "مانويلا"؟ أين أنتِ يا أَرْمَلة القَشّ؟ يا أَرْمَلة العشب.
أين أنتِ يا بذرتي؟ يا قلبي. أنا بدونكِ كالقَشّ الجاف.
أين أنت غائبة يا عروس القَشّ؟ يا الصبية التي تنتظر طفلاً دون أنْ تتزوج!
يا من ستضعين أكليل القَشّ على رأسكِ يوم الزواج عقاباً لبطنك المنتفخ.
أين أنت يا من تعتقدين أنك تنتظرينني؟
حَدِّقي في العتمة أكثر! ليلتي باردة وقُبلتي هناك تلثم شباكَ غرفتكِ الواسعة،
تبحث عن كمشة دفءٍ في سريرك.
اِفتحي الشباك، اِفتحيه لي، قُبلتي تتوق أن تعانق شفتيكِ،
اِفتحيه، اِفتحيه أكثر، القبلة الثانية بالانتظار!
اِفتحيه أسرَع وطيري إلى قلبي.
أين أنت يا من تظنين أنني سافرت للعمل في موسم الحصاد؟
يا من تصدقين بأنني أكسب رزقي في القرى البعيدة لأعود إليكِ محملاً بالهدايا!
لا تكوني مثل "مارتي" التي تشكو زوجها في مسرحية فاوست التراجيدية:
"... ربي سامح زوجي حبيبي، لم يعاملني جيداً، إنه يسافر في أنحاء العالم ويتركني أمكث وحيدةً على القَشّ ...".
ولا تكوني كالمرأة في الثقافة الشرقية حين تقول لرجلها إذا غاب عنها مديداً كتعبيرٍ عن وفائها والتزامها:
"سأبقى هنا لأجلك حتى لو نمت على حصير القَشّ".
ولا تُصغي إليه إذا بادلها القول:
"لو سافرت إلى كل الدنيا، سأرجع كرمى لعيونك يا (بنت الناس)".
ماذا أقول عن غيابكِ أيتها المرأة؟
أأقول إنه غيابٌ محسوسٌ وكفى، لأني لم أجده في غياب أحد غيرك؟
أحن للمشاجرة معك ، مثلما أحن إلى شرب النبيذ الذي لا ينطفأ،
مثلما أحن إلى المسير برفقتك ليلاً أو نهاراً مشحوناً بالأحاديث المُلَّونة ومثلما أحن إلى النوم معك على شاطئ بحر أزرق.
بوجودك إلى جانبي يندثر رفاق السوء إن وُجِدوا.
**



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطار آخن 25
- قطار آخن 24
- قطار آخن 23
- قطار آخن 22
- قطار آخن 21
- قطار آخن 20
- قطار آخن 19
- قطار آخن 18
- قطار آخن 17
- قطار آخن 16
- قطار آخن 15
- قطار آخن 14
- قطار آخن 13
- قطار آخن 12
- قطار آخن 11
- قطار آخن 10
- قطار آخن 9
- قطار آخن 8
- قطار آخن 7
- قطار آخن 6


المزيد.....




- محمد رمضان في بيروت وهيفاء وهبي تشعل أجواء الحفل بالرقص والغ ...
- -بيت العبيد- بالسنغال ذاكرة حيّة لتجارة الرقيق عبر الأطلسي
- وزير الثقافة يفتتح معرضا للفن التشكيلي وجدارية أيقونة القدس ...
- -شومان- تعلن الفائزين بجائزة أدب الأطفال لعام 2025
- موغلا التركية.. انتشال -كنوز- أثرية من حطام سفينة عثمانية
- مريم أبو دقة.. مناضلة المخيمات التي جعلت من المسرح سلاحا للم ...
- هوليود تكتشف كنز أفلام ألعاب الفيديو.. لماذا يعشقها الجيل -ز ...
- الموسيقي نبيل قسيس يعلم السويديين والعرب آلة القانون
- صانعو الأدب ورافضو الأوسمة.. حين يصبح رفض الجائزة موقفا
- -الديفا تحلّق على المسرح-..أكثر من 80 ساعة عمل لإطلالة هيفاء ...


المزيد.....

- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - قطار آخن 26