أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - مرايا الغياب1














المزيد.....

مرايا الغياب1


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 7421 - 2022 / 11 / 3 - 11:15
المحور: الادب والفن
    


من غياب فتاة شابة إلى غياب دولة كبرى. ومن غياب رجال مرموقين إلى غياب دول كانت لها علاقة بالفكر الذي انتميت إليه، ولم يمر بي ذلك مروراً هيناً، وكان علي أن أحتمل مرارة الغياب في كل الحالات.
الفتاة التي غابت هي أختي. غابت أواسط الستينات من القرن الماضي. آنذاك، كبرت معاناتها وظلت تكبر حتى أودت بحياتها. وآنذاك، كنت أجتاز تجربة لم تتبلور إلا بعد غياب أختي، ولربما كان هذا الغياب محفزاً لي على الإيغال في التجربة التي أعتبرها بعد الكتابة أو معها، الأكثر أهمية في حياتي.
بعدها، بعد أختي، جاء سليمان. شاب مكتهل في شبابه. من ريف رام الله الفسيح جاء معلناً حضوره الجذاب، حاملاً معه وهج الفكر الذي لم يفتر إيمانه به حتى اللحظة الأخيرة. جاء سليمان ثم غاب، وقبله بأشهر غاب بشير. والإثنان، بشير وسليمان، يشكلان علامة فارقة في الانتماء السياسي في مجتمع زعزعت كيانه نكبة ليس لها مثيل، ويمكن من خلال تتبع فترات من حياة كل منهما، التعرف إلى بعض ملامح التجربة الحزبية المعاصرة في فلسطين.
والإثنان، كانا من أكثر الناس تأثيراً في حياتي. معهما ومع غيرهما من رفاق المسيرة، انتميت إلى حزب سري وأنا قادم من أصول بدوية، تعلي من شأن العشيرة وتجعلها محط الأنظار. كان لبعض المدن الفلسطينية وما فيها من حراك سياسي، تأثير علينا جميعاً. وكانت لنا تجارب تراوحت بين النجاح حيناً والإخفاق في بعض الأحيان.
ولن يغتني هذا الأفق السياسي الذي عايشته طوال النصف الثاني من القرن العشرين، إلا بمجيء مؤنس، ابن الفكر القومي بعد أن تنكر له بعض الذين احتكروا لأنفسهم هذا الفكر، وبعد أن قام هو نفسه بتجاوزه إلى أفق أرحب، مفسحاً في المجال لطرح أسئلة لطالما تكرر طرحها في عصرنا الحديث: ما هي حدود انتماء المثقفين للأحزاب؟ وهل يستطيع المثقف أن يجمع بين النشاط الحزبي ونشاطه الإبداعي بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر؟ وهل صحيح أن بقاء المثقف داخل الحزب يمنعه من التحليق في عالم الإبداع؟ وهل تتساوى التجارب الحزبية التي يخوضها المثقفون بغض النظر عن طبيعة الأحزاب التي ينتمون إليها؟ وما الذي تعنيه كتابة المثقف عن تجربته الحزبية؟ وإذا كان من حقه أن ينقد سلبيات التجربة للانتقال بها إلى مستوى أرقى، فهل من حقه، أن يرتد تحت ضغط اليأس أو غيره، وأن يتنكر لتجربته، ومن ثم يقوم بالتنصل منها حد الذم والهجاء؟
وحتى لا يقع في روع أحد بأنني أنتقص من تجاوز مؤنس لتجربته الحزبية (والتجاوز غير الردّة)، فإنني أبادر إلى القول انطلاقاً من معاينتي لفكره، إنه كان على صواب كما أعتقد، وهو يقوم بما قام به من تجاوز، دلل على صحته، ما قدمه من طروحات سياسية وفكرية، وإبداع.
التقينا، مؤنس وأنا وأصدقاء آخرون من مثقفين وكتاب، على رؤى ومواقف واجتهادات. جمعتنا قواسم كثيرة تعلمنا من خلالها كيف نفهم ما هو مشترك بيننا، وكيف تتعايش اجتهاداتنا مع ما فيها من اتفاق، وما فيها من عدم اتفاق. لكنّ "مؤنس" جاء ولم تطل إقامته بيننا ثم غاب. ولم يغب إلا بعد أن جرب الحزن والألم، وبعد أن جرب السياسة والكتابة.
وقبل غياب بشير وسليمان ومؤنس، غابت دول. ترك غيابها آثاراً غير قليلة على عالمنا الكبير وعلى عالمنا الصغير سواء بسواء. من كان يصدق أن دولة كبرى مثل الاتحاد السوفياتي سوف تنهار بمثل هذه البساطة؟ ومن كان يصدق أن الأحزاب الشيوعية الحاكمة في أوروبا الشرقية سوف تخلي مواقعها وهي مكرهة على ذلك، لقوى سياسية كانت تتكون في الخفاء حيناً وفي العلن حيناً آخر؟ وما هو حال الأحزاب الشيوعية في العالم بعد هذا الغياب؟ ما هو حال الاشتراكية اليوم؟ هل ما زال لها أمل بالبقاء وبالنهوض أم إن النسيان طواها، كما يحلو لبعض المنظرين أن يكتبوا؟
الآن، أجدني مشدوداً إلى تلك الأيام، أيام شهدتها القدس وبيروت وتونس وعمّان وموسكو وبراغ، ومدن أخرى وقرى ومخيمات. أذهب إليها لكي أتتبع بعض سمات هؤلاء الذين غابوا، ولأرى كيف كان حال السياسة والعمل الحزبي في ظروف ليست سهلة في أغلب الأحيان.
يتبع...



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظل آخر للمدينة61
- ظل آخر للمدينة60
- ظل آخر للمدينة59
- ظل آخر للمدينة58
- ظل آخر للمدينة57
- ظل آخر للمدينة56
- ظل آخر للمدينة55
- ظل آخر للمدينة54
- ظل آخر للمدينة53
- ظل آخر للمدينة52
- ظل آخر للمدينة 51
- ظل آخر للمدينة50
- ظل آخر للمدينة49
- ظل آخر للمدينة48
- ظل آخر للمدينة 47
- ظل آخر للمدينة46
- ظل آخر للمدينة45
- ظل آخر للمدينة44
- ظل آخر للمدينة43
- ظل آخر للمدينة42


المزيد.....




- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - مرايا الغياب1