أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة49














المزيد.....

ظل آخر للمدينة49


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 7328 - 2022 / 8 / 2 - 14:49
المحور: الادب والفن
    


في تلك الفترة، توجهنا، أنا وحسين عويسات أحد مخاتير قريتنا، إلى عمان لاستصدار وثائق تتعلق بأرض البقيعة التي تملكها عشائر عرب السواحرة، ولتسليمها إلى المحامية فيليتسيا لانغر، لكي تكون حجة في يدها أمام القضاء، ولتخليصها من أيدي المحتلين إن استطاعت إلى ذلك سبيلاً (في البداية أعلنوها منطقة عسكرية مغلقة، ثم راجت إشاعات عن قيام بعض السماسرة ببيعها إلى سلطات الاحتلال، وما زال أمرها مجهولاً حتى الآن). على الجسر استدعاني أحد ضباط المخابرات، وأخضعني لتحقيق سريع عن هدفي من السفر إلى عمان. لم أخبره عن غايتي من السفر، حدق في حذائي القديم الذي ركّبت له نصف نعل قبل موعد السفر بأيام، عند "كندرجي" في سوق باب خان الزيت، فاعتقد أنني أخفي رسالة سرية داخله.
سألني عما خبأته هناك.
قلت: لم أخبئ شيئاً.
هددني بتمزيق الحذاء إذا لم أخبره بالحقيقة، فلم أكترث لتهديده. أحضر سكيناً، ومزق النعل الخاص بفردة الحذاء اليمنى، وعاود طرح سؤاله مرة أخرى، فلما رآني غير مكترث، رمى فردة الحذاء الثانية، ثم سافرت إلى عمان، وأنا أجر حذائي الممزق، وبقيت كذلك إلى أن وصلت أول محل لبيع الأحذية في عمان.
عدت من عمان بعد غياب استمر ثلاثة أسابيع، خضعت على الفور لأوامر الإقامة الجبرية في القدس، لا أخرج منها إلى سواها مدة عام.

***
سأترك العمل في مدرسة دار الأيتام الإسلامية، لأصبح متفرغاً حزبياً. لم يكن الأمر سهلاً في البداية. أحببت مهنة التدريس، رغم ما فيها من جهد، ورغم ما كانت تسببه لي بين الحين والآخر من كوابيس. كنت أحلم بأنني أذهب إلى المدرسة في الصباح، أدخل على طلاب الصف، وحينما أتهيأ لبدء الحصة المدرسية، أكتشف أنني نسيت في البيت، دفتر التحضير الذي دونت فيه الملاحظات التي سأستعين بها لشرح الدرس، ثم يمعن الكابوس في الضغط على أعصابي حينما أكتشف أن علي أن أشرح درساً لا أستوعب مادته جيداً، وأنني علاوة على ذلك أقف أمام الطلاب حافي القدمين، ولا يكف الكابوس عن تسلطه علي، حتى أنهض متكدراً من النوم.
الجهة الأخرى التي لطالما سببّت لي الكوابيس، هي رجال مخابرات الاحتلال. كنت بسبب نشاطي الحزبي، دائم التحسب من مداهماتهم. أحلم بأنهم يحاصرون بيتنا، ثم يقتحمونه، يلقون القبض علي، ثم ينقلونني إلى زنزانة تلتمع في سقفها أضواء، تظل ترسل نحوي أشعتها إلى أن أستيقظ من النوم، وهكذا دواليك.
فلما انتهيت من مهنة التدريس، لم تعد تكدرني الكوابيس المرتبطة بها، فاعتبرت ذلك مكافأة مجزية، ورحت أركز جهدي كله على العمل الحزبي، محاولاً التمويه على وضعي الجديد، بالعمل -ساعتين أو ثلاثاً بالمجان- في محل تجاري لأحد الأصدقاء، في مدينة بيت لحم، وذلك لتلافي ملاحقات جهاز المخابرات ومن يرتبط به من المخبرين المحليين، ويبدو أن الأمر لم ينطل عليهم إلى وقت طويل.
أصبحت القدس بكل أزقتها وأسواقها وشوارعها وأحيائها، في النصف الأول من سبعينيات القرن العشرين، جزءاً من كياني، ومظهراً يومياً من مظاهر حياتي، فكأنني كنت أودعها، دون أن أعلم، تمهيداً لانقطاع قسري.
يتبع...



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظل آخر للمدينة48
- ظل آخر للمدينة 47
- ظل آخر للمدينة46
- ظل آخر للمدينة45
- ظل آخر للمدينة44
- ظل آخر للمدينة43
- ظل آخر للمدينة42
- ظل آخر للمدينة41
- ظل آخر للمدينة40
- ظل آخر للمدينة39
- ظل آخر للمدينة38
- ظل آخر للمدينة37
- ظل آخر للمدينة36
- ظل آخر للمدينة35
- ظل آخر للمدينة 34
- ظل آخر للمدينة33
- ظل آخر للمدينة32
- ظل آخر للمدينة31
- ظل آخر للمدينة30
- ظل آخر للمدينة29


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة49