أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة35














المزيد.....

ظل آخر للمدينة35


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 6932 - 2021 / 6 / 18 - 12:53
المحور: الادب والفن
    


وذات يوم، وردت إلى مكتبة المدرسة في القرية البعيدة، بضعة أعداد من مجلة جديدة تصدر في القدس اسمها "الأفق الجديد" التي وصفها القائمون عليها بأنها "مجلة الفكر والثقافة والأدب" وجاء على غلافها أنها تصدر كل نصف شهر (فيما بعد أصبحت تصدر شهرياً). تصفحت المجلة، فوجدت فيها قصصاً وقصائد ومقالات لكتاب لم أسمع بأسمائهم من قبل، ووجدت فيها باباً لتشجيع المواهب الجديدة، فانشد اهتمامي إلى هذا الباب، ذلك أن الصحف المحلية لم تنشر لي حتى ذلك التاريخ ما أرسلته لها من محاولات أدبية. فأكثرت من كتابة القصص، ثم ذهبت لمقابلة رئيس تحرير المجلة الشاعر أمين شنار، الذي اتخذ له مكتباً تابعاً لجريدة المنار اليومية (كانت المجلة تصدر عن مؤسسة المنار) في شارع بور سعيد بالقدس. سلمته أربع قصص قصيرة، ثم غبت عنه عدة أيام، فلما عدت إليه أخبرني أنها جميعها لا تصلح للنشر، غير أنه شجعني ببضع كلمات، وأكد لي أن لدي قابلية لكتابة القصة القصيرة، وما علي إلا أن أثابر على كتابتها، وعلى القراءة لكتابها المرموقين.
فانثنيت على كتب جي دي موبسان، إدغار ألن بو، أنطون تشيخوف، يوسف إدريس وآخرين، فتعلمت منهم ما استطعت تعلمه من أسرار الكتابة القصصية. وذات يوم عدت إلى رئيس التحرير بقصة تحكي عن تلك الليلة من العام 1948 حينما هاجمت القوات الصهيونية جبل المكبر، ما اضطرنا إلى ترك بيوتنا تحت جنح الظلام، فأبدى رئيس التحرير موافقته على نشر تلك القصة على صفحات مجلة "الأفق الجديد" (العام 1962) ثم أتبعتها بقصة أخرى، فاستمددت من ذلك ثقة بالنفس، وأصبحت واحداً من كتاب المجلة المثابرين على النشر فيها إلى لحظة إغلاقها وتوقفها عن الصدور.
وكنت أتابع ما تشهده القدس من بوادر نهوض ثقافي في النصف الأول من ستينيات القرن العشرين، وقد جاء الاحتلال الإسرائيلي العام 1967، ليعصف بهذا النهوض ويجهضه قبل تبلوره. كانت تصدر في المدينة أربع صحف يومية هي: الجهاد، فلسطين، الدفاع، والمنار. ونشطت فيها بعض المراكز الثقافية الأجنبية، وأقيمت فيها الندوات الثقافية، وتأسست فيها العام 1966 ندوة الرسم والنحت التي رعت مواهب جديدة في هذا المضمار، واحتضنت مجلة "الأفق الجديد" جيلاً من الكتاب الشباب.
كان أمين شنار شاعراً، مثقفاً، وسياسياً. وكان في فترة ما هو المسؤول الأول لحزب التحرير الإسلامي في الأردن. ورغم اختلافنا معه في وجهات النظر السياسية (كنت أعتبر نفسي ناصرياً آنذاك) فقد كان يحترم اجتهاداتنا في ميدان الكتابة الأدبية، ما أتاح لنا فرص الاهتداء لاحقاً إلى قناعاتنا الفكرية والسياسية دون ضغط أو إكراه أو احتواء.
أذكر من كتاب المجلة: محمد البطراوي، نمر سرحان، فايز صياغ، وموسى صرداوي. وجاء فيما بعد يحيى يخلف، أحد طلاب معهد المعلمين في رام الله آنذاك. وكان يتردد على مقر المجلة ويكتب فيها: المرحوم د. عبد الرحيم بدر، والمرحوم محمد أبو شلباية، والمرحوم علي سعيد خلف. أما الشاعر حكمت العتيلي، فقد تابعت قصائده على صفحات المجلة، ولم أتعرف إليه شخصياً. وأما القاص صبحي شحروري فلم ألتق به في القدس، وإنما في دمشق، حيث كان يدرس الفلسفة هناك. ولم ألتق بعز الدين المناصرة وفخري قعوار إلا العام 1972 في عمان. والتقيت مرة واحدة في مقر المجلة بالقاص ماجد أبو شرار، وكان معه يومها الشاعر أحمد أبو عرقوب، ثم انقطعت أخبار ماجد عني بعد نكسة حزيران، ولم يعد ينشر قصصاً قصيرة، بعد أن اجتذبه العمل الوطني المباشر، وظل يتدرج فيه حتى أصبح واحداً من قادة حركة فتح وعضواً في لجنتها المركزية، ثم استشهد على أيدي جهاز الموساد الإسرائيلي في روما العام 1981. التقيته مرات عدة في بيروت منذ العام 1975 وحتى استشهاده.
وكنا، أنا وغيري من الكتاب الشباب، ننتظر قدوم رئيس التحرير إلى مكتبه، بالجلوس في مقهى القدس في شارع بور سعيد، القريب من مقر مجلة الأفق الجديد. نحتسي فيه القهوة والشاي، وندخن السجائر، ونتحاور في بعض القضايا الثقافية، وأحياناً ننهمك في "تبييض" قصص أو مقالات تمهيداً لتسليمها إلى رئيس التحرير، فنشعر ونحن في هذه الحالة من الانهماك، بأننا نعطي هذا المقهى امتيازاً سيذكره التاريخ لمجرد جلوسنا فيه، تماماً مثلما حدث مع المقاهي التي كان يجلس فيها أرنست هيمنجواي في مدريد، أو نجيب محفوظ في القاهرة، أو ياروسلاف هاشيك في براغ.
وحينما عدت إلى الوطن، ذهبت أبحث عن مقهى القدس، فلم أعثر عليه، إذ تحول المكان إلى متجر لبيع السلع الكهربائية بعد الاحتلال. وتعرض للنهاية نفسها، محل الجندول للمرطبات في الشارع نفسه، ومحل ساندريللا للجاتوه والمرطبات في شارع صلاح الدين، وقد كانا بدورهما من الأماكن التي ترددنا عليها طوال تلك الفترة التي سبقت هزيمة حزيران.
يتبع..



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظل آخر للمدينة 34
- ظل آخر للمدينة33
- ظل آخر للمدينة32
- ظل آخر للمدينة31
- ظل آخر للمدينة30
- ظل آخر للمدينة29
- ظل آخر للمدينة28
- ظل آخر للمدينة27
- ظل آخر للمدينة26
- ظل آخر للمدينة25
- ظل آخر للمدينة24
- عن المثقف الفلسطيني ورهانات الحداثة
- عن القدس في كتاب نسب أديب حسين
- ظل آخر للمدينة23
- ظل آخر للمدينة22
- ظل آخر للمدينة21
- ظل آخر للمدينة20
- ظل آخر للمدينة19
- ظل آخر للمدينة18
- ظل آخر للمدينة17


المزيد.....




- برنامج RT Arabic -جسور- في مصر..
- في إطار مشروع -النجوم الصاعدة-.. شباب مبدعون روس يقدمون حفلا ...
- مغنية تسقط بحفرة في المسرح فجأة خلال حفل موسيقي.. شاهد رد فع ...
- أحاط وضعه الصحي بالغموض.. جيمي فوكس يعود إلى المسرح بعد غياب ...
- مصر.. تحقيق في -إذاعة آيات من القرآن على أنغام الموسيقى-
- الفيلسوف برنارد هنري: ألا تعلمون أن الحرب العالمية الثالثة ق ...
- وثائقي لبي بي سي حول حرب جعلت الإنسان -مجرد رقم-
- بين أزيز الرصاص.. الشاب -أبو نحل- يبدع في خيمته
- مصر.. قرار جديد بشأن إذاعة القرآن على أنغام الموسيقى
- بسبب -آيات قرآنية على أنغام الموسيقى-.. النيابة المصرية تتحر ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة35