أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة55














المزيد.....

ظل آخر للمدينة55


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 7383 - 2022 / 9 / 26 - 16:36
المحور: الادب والفن
    


أواصل الإدلاء بشهادتي:
بعد ستة وثلاثين يوماً، نقلت من الزنزانة إلى غرف السجن، التي بقيت فيها مدة أسبوعين مع معتقلين آخرين، ثم نقلت بعد ذلك إلى سجن "بيت ليد"، القريب من مدينة طولكرم، وبقيت فيه ستة أشهر، معتقلاً إدارياً.
(الآن أتذكر أنني داومت في هذا السجن على قراءة ما وقع تحت يدي من قصص وروايات، ورحت أفكر من جديد بالكتابة بعد سنوات من الانقطاع، وأخذت أتهيأ للشروع في كتابة رواية، لم أنجزها إلا بعد أن خرجت من السجن. أرسلتها إلى محمود درويش لنشرها في مجلة "شؤون فلسطينية" الصادرة في بيروت، وكان رئيس تحريرها آنذاك، ثم اعتذرت منه واقترحت عليه ألا ينشرها لأنني لم أعد معجباً بها، فأعدمتها من ضمن ما أعدمت من قصص سبق لي أن كتبتها، فلم أتحمس لنشرها).
أقول:
الإبعاد خارج الوطن يشكل هاجساً مراً للمعتقلين الإداريين، وكانت فترة توقيفنا الإداري -أنا ومعتقلين آخرين- على وشك الانتهاء. وكنا غالباً ما نذرع ساحة السجن الداخلية أثناء "الفورة" نتأمل حيناً قطعة السماء الزرقاء المطلة علينا من فوق حيطان السجن العالية، ونناقش حيناً آخر فرص الإفراج عنا، أو تمديد اعتقالنا ستة أشهر أخرى. كنا نميل إلى الاعتقاد بأنهم سيفرجون عنا، وأحياناً أخرى، نتوقع أن يمددوا فترة اعتقالنا، وحينما يخطر الإبعاد ببالنا، كنا نقول: نقبل أن نظل قابعين في السجن على أن نتعرض للإبعاد.
وذات مساء، أعلمنا إدارة السجن أننا قررنا خوض إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجاً على اعتقالنا الإداري (تم الاتفاق على الإضراب عبر الزوار من أهالينا، بحيث شمل كل المعتقلين الإداريين في السجون الإسرائيلية، وقد استمر ثمانية أيام، وكان له دور في الإفراج عن عدد غير قليل من المعتقلين فيما بعد).
لم نتمكن، عبد الله السرياني وأنا، من الاستمرار في الإضراب. جاءنا ذات ليلة أحد ضباط السجن، وطلب منا أن نغادر غرفة الإضراب، مصطحبين معنا كل ما يخصنا من ملابس وأمتعة. اقتادنا الضابط إلى زنزانة صغيرة، بقينا نحدق في جدرانها الصماء ونحن نستعرض مختلف الاحتمالات، فتوقعنا أننا منقولان إلى سجن آخر، أو أننا مطلوبان للتحقيق، ربما في سجن الرملة، أو في سجن المسكوبية، بخصوص هذا الإضراب الذي مضى عليه خمسة أيام.
وأقول:
باب الزنزانة ينفتح في ساعات ما بعد منتصف الليل، الجنود يخرجوننا من الزنزانة، وأمام سيارة عسكرية، يقومون بربط عصبتين على عيوننا، نجلس في صندوق السيارة دون أن نعرف شيئاً مما حولنا، السيارة تمضي بنا زمناً، فنقدر أننا اجتزنا المسافة التي كنا نتوقعها للوصول إلى سجن الرملة. فجأة، يرتفع صوت: إلى أين تأخذوننا؟
فلا يجيبه أحد.
لكنني أعرف هذا الصوت، إنه صوت سليمان النجاب (أمضى في الزنازين وفي مكاتب التحقيق فترة طويلة، ولم تثبت عليه أية تهمة، فلم يقدم للمحاكمة، ثم صدر قرار بتوقيفه إدارياً في زنزانة انفرادية في سجن الرملة، ظل معزولاً فيها حتى لحظة إبعاده).
أخيراً، تتوقف السيارة، نهبط منها، ينزع الجنود العصبات عن عيوننا، أحدق في من حولي: ثمة خمسة معتقلين فلسطينيين، يتحلق من حولهم ضباط وجنود إسرائيليون. يقول أحد الضباط بعنجهية: أنتم الآن على الحد الفاصل بين لبنان وإسرائيل، ثم يتلو علينا قرارات مدونة على الورق، في ذلك الصباح المكفهر لآخر يوم من شهر شباط 1975.
يتبع...



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظل آخر للمدينة54
- ظل آخر للمدينة53
- ظل آخر للمدينة52
- ظل آخر للمدينة 51
- ظل آخر للمدينة50
- ظل آخر للمدينة49
- ظل آخر للمدينة48
- ظل آخر للمدينة 47
- ظل آخر للمدينة46
- ظل آخر للمدينة45
- ظل آخر للمدينة44
- ظل آخر للمدينة43
- ظل آخر للمدينة42
- ظل آخر للمدينة41
- ظل آخر للمدينة40
- ظل آخر للمدينة39
- ظل آخر للمدينة38
- ظل آخر للمدينة37
- ظل آخر للمدينة36
- ظل آخر للمدينة35


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة55