أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نايف عبوش - الموروث الشعبي بين ثقافة التناسل بالترادف..وتداعيات الإستلاب بمفاعيل العصرنة














المزيد.....

الموروث الشعبي بين ثقافة التناسل بالترادف..وتداعيات الإستلاب بمفاعيل العصرنة


نايف عبوش

الحوار المتمدن-العدد: 7418 - 2022 / 10 / 31 - 00:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لاريب أن لكل مجتمع موروثه الثقافي، وعاداته، وتقاليده، التي غالبا ما تنتقل من جيل إلى جيل، بنفس السياق والتقليدية، التي يألفها الخلف عن السلف ،حيث تتشكل في العقل الشعبي الجمعي ثقافة موروثه بتلقائية عفوية، نتيجة عملية ترادف  الأجيال،لتنعكس في السلوك الجمعي ،بممارسات، يصعب تعديلها ،أو تجاوزها، أو الخروج عليها، بما اكتسبته من يقينية إجتماعية صارمة ، يصعب تشكيك الأجيال بها ،واقناعهم بالتخلي عنها، بعد أن أصبحت جزءا من عواطفهم، واستوطنت وجدانهم، وأستقرت في أعماق ذاتهم ،بعد أن تعايشوا معها منذ طفولتهم، في عملية صيرورة اجتماعية، تعتمد عقلية تواصلية للخلف، مع السلف عبر الزمن،وفي إطار البيئة الحاضنة ،لتجعل من الموروث بكل تجلياته، نمطا متكررا ،يراه البعض جامدا، ولا يستجيب للتطور، وبالتالي فإنه بهذه الشاكلة المتيبسة، يعطل في عقول الأجيال الجديدة وهج  الإبداع، ويحد من العطاء،وما يعنيه ذلك هدر للطاقات الكامنة لتلك الأجيال .
 
ومن هنا فقد بات البعض يرى ان الموروث بنمط ثقافته المتناسلة،يسبب تدهورا وانحدارا في البنى المعرفية للمجتمع،مع ما يتضمنه من اساطير وخرافة، ومن ثم ،فانه يحتاج إلى ثورة فكرية وتربوية ،تحررة العقول من العطل، والشلل الذي اعتراها، لكي يكون بمقدوره مواكبة الحداثة، ومجاراة حركة العصر. 

وإذا كان لا بد من العمل على إعادة هيكلة ثقافة واقع حال الموروث الراهن، المثقلة بكل سلبيات هذه التداعيات، وإعادة تشكيلها بما يتلائم مع معايير التحديث، والعصرنة، حتى يمكننا التعايش بتوازن مع معطياتها، والتكيف مع إنجازاتها المتسارعة ، بأقل ضرر يلحق بأصالة هوية وجودنا الاجتماعي، وموروثنا الشعبي ، فإن ذلك ينبغي ان يتم في إطار الحرص الواعي، على الحفاظ على أصالة هوية الموروث الحضاري لمجتمعنا، وعدم التفريط بها، مهما كانت ضغوط إغراءات الحداثة جذابة، وملحة ، بعد أن طالت تحديات العصرنة، بآثار تداعياتها السلبية، صميم حياتنا اليومية الراهنة ، بتسفيه العادات، والتقاليد الحميدة، حيث بدأنا نلمس اليوم، جنوح الجيل الجديد ، صوب الإنسلاخ التام من سيطرة الأسرة،والتفلت من ضوابط المجتمع، بشكل واضح، والانزياح في نفس الوقت بمسارات غريبة عن المألوف، من موروثنا الإجتماعي، بعد أن تفاقمت فجوة الجيل، وغابت ظاهرة الترادف التقليدي بين الأجيال، مع غزو العصرنة الصاخبة ،الأمر الذي يهدد بتفكك قيمي، واجتماعي، قد يقود إلى ضياع الأجيال، والإستلاب التام لكل معالم الهوية التراثية ، في المستقبل القريب.

لذلك بات الأمر يتطلب الإنتباه الجدي، عند التفكير بأي معالجة للتحديث ، إلى مفاعيل سلبيات تداعيات العصرنة المتسارعة ، التي طالت عواقبها كل جوانب حياتنا الراهنة ، من عزلة اجتماعية، وانغماس مقرف، وابتعاد عن موروثنا الديني، والحضاري ، والتراثي، ومن دون إغفال حقيقة كون هيمنة الثورة الرقمية، قد أصبحت اليوم، سمة عصر، وثقافة واقع حال راهن، وبالتالي فإنه لامناص من التفاعل الخلاق، والتعايش البناء معها،والانتفاع من كل ماهو مفيد منها، ونبذ ماهو ضار، من دون الإنغماس الكلي الآلي فيها، أو تركها، والإنسحاب منها مطلقا ، وبالشكل الذي يحافظ على معالم الهوية التراثية، ويسمح بتواصل الجيل الجديد من الناشئة مع موروثه الاجتماعي ،في عملية ترادف واعية، تتجاوز النسخ والتناسل التقليدي ، وتقوم على التواصل والإستلهام الواعي للموروث، والتفاعل مع إيجابياته،في نفس الوقت الذي يعيش حياة الحداثة، التي تتسارع تداعياتها بشكل صاخب، يهدد موروثنا الشعبي بالكنس، والمحو من الوجود بمرور الزمن .



#نايف_عبوش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين إبداع التوظيف..وتفاعل المتلقي
- الملا سلطان الوسمي..والقيارة بين الماضي والحاضر
- القاص محمد هلال مبارك ..موهبة إبداعية متميزة
- تداعيات العصرنة.. وتشويش أصالة الهوية
- صخب تداعيات العصرنة.. وحس الحنين إلى الماضي
- مع رائعة الشاعر المبدع احمد علي السالم ابو كوثر.. منعوا الوص ...
- نقل المعارف والعلوم باللغة العربية
- أدب الومضة.. من التعبيرية اللغوية إلى التعبيرية الأيقونية
- في مواجهة تداعيات التفكيك بضجيج العصرنة
- الدكتور سامي محمود ابراهيم.. طاقة علمية متوهجة وكفاءة أكاديم ...
- الشاعر الدكتور حسين اليوسف الزويد.. والترنم وجدا في محراب ال ...
- الثقافة الرقمية.. تحديات التفاعل مع العصرنة ومتطلبات الحفاظ ...
- تداعيات العصرنة.. ومتطلبات الحفاظ على الهوية
- خبز تنور الطين
- البرية ودرب الضعون والبايسكل.. في ذاكرة أيام زمان
- فصاحة اللغة العربية في الحس العربي الفطري
- ورحلت لميعة عباس عمارة.. أيقونة الشعر الحداثي العراقي
- الشعر الشعبي.. بين النظم باللهجة العامية والانسلال المتناغم ...
- الرموز التعبيرية أيقونات تواصل رقمي.. وليست لغة حقيقية حية
- لا يزال الانتصار على الغطرسة الصهيونية ممكنا


المزيد.....




- -يخطئ دائمًا-.. ترامب يهاجم ماكرون بعد تصريحه عن -وقف إطلاق ...
- خطة محتملة لاستهداف خامنئي مباشرة.. شاهد كيف علق نفتالي بيني ...
- 8 رسوم بيانية توضح سياق الضربات الجوية الإسرائيلية ضد إيران ...
- الدفاع الإيرانية تعلن استخدام أحد صواريخها للمرة الأولى في ه ...
- كيف تكون مستعداً في حال حدوث انفجار نووي؟
- السماء السورية.. ساحة جديدة في المواجهة بين إيران وإسرائيل
- رونالدو يريد -اللعب- مع ترامب والرئيس الأمريكي يوافق
- الوحدة الشعبية: ندين العدوان الصهيوني على إيران ونؤكد على حق ...
- لأول مرة.. إثبات تأثير الضوء في علاج الدماغ
- الوجه الآخر لعرض ترامب العسكري


المزيد.....

- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نايف عبوش - الموروث الشعبي بين ثقافة التناسل بالترادف..وتداعيات الإستلاب بمفاعيل العصرنة