أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نايف عبوش - البرية ودرب الضعون والبايسكل.. في ذاكرة أيام زمان














المزيد.....

البرية ودرب الضعون والبايسكل.. في ذاكرة أيام زمان


نايف عبوش

الحوار المتمدن-العدد: 6962 - 2021 / 7 / 18 - 15:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


 ذكرني الشيخ الأديب ضياء الگراف، سليل القيافة والعرافة والتراث، بدرب الضعون، بعتابة مؤثرة من نظمه، أرسلها لي صباح ذات يوم يقول فيها :

بدرب الضعون ساير تعبت جداماي
عساني افرح إبلاماهم وجد ماي
يلولا الشالوا ألگاهم جدّاماي
ما ونيت من ذاري السنى

فقد هيج اشجاني بهذه العتابة المؤثرة حقا.. ودفعني لاستذكار ربوع ديرتنا .. ونيسم درب الضعون أيام زمان.. الذي يمر من خلال تلك الربوع بمحاذاة أرضنا إلى قرى الجزيرة المتاخمة لها.. يوم كان الضاعنون يسلكونه في ترحالهم، وكنا نسلكه أيام رعي الأغنام والحملان، ويوم الحصاد، ونقل القش .. مما حملني على اعتلاء البايسكل لأول مرة، بعد أن تركته منذ أكثر من نصف قرن.. لأجوب به مجدداً تلك الربوع .. مستذكرا كيف اشترى لي والدي رحمه الله تعالى بايسكل في ذات يوم من أيام صيف اوائل ستينات القرن الماضي... بعد أن نجحت بتفوق من الابتدائية إلى المتوسطة..

 وقد جاء به يدحرجه لمسافة طويلة مشيا على القدمين.. حيث لم يكن يعرف قيادة الدراجة .. حتى وصل به بيتنا .. حيث وصلني نبأ شرائه وأنا عند أعمامي في قرية أخرى ..إذ كنت قد عدت للتو من أرضنا درب الضعون بمعية أبناء عمي ..حيث كنا ننتظر حصاد الزرع بماكنة الحصاد يومذاك.. في حين كانت العمة زوجة عمي الأم الكبرى للجميع.. تحمل على ظهرها بعباءة الصوف ماحصدت من سنابل قمح الحنطة ..حيث اعتادت العمة أن تحصد ضغثا من جديد زرع كل موسم.. وتدق السنابل بالعصا.. وتذريها وتسردها بالغربال.. وتطحنها بالرحى بيدها.. وتعجن الطحين وتخبزه على تنور الطين.. بوقود حطب الشوك وبعر الغنم.. لتقدم لنا خبز التنور الحار مع زبدة الغنم.. في وجبة غذاء لذيذة من طعام طري نقي.. خالي من المنكهات والمواد الكيماوية..التي افسدت اذواقنا..واورثتنا شتى الأمراض المزمنة.

لقد كدت أطير ساعتها من الفرح..وازدحمت في مخيلتي صور تلك الدراجة الجميلة.. وكيف سأستخدمها.. فقد كان تملك البايسكل حدثا غريباً يومذاك .. فهرعت مهرولا عائدا إلى أهلي .. لأجد البايسكل مسندا على جدار دام الطين.. وقفزت عليه بسرعة وبنشوة عارمة وسرور غامر وأنا لا أكاد أصدق .. لأعود ادراجي على الفور إلى أبناء عمومتي، وأنا اقود دراجتي مزهوا بها.. والفرحة تغمرني بشكل لا يوصف ..حيث شاركوني فرحتي بكل صدق حال وصولي إليهم .. ومن ساعتها اعتدت اردافهم على الدراجة.. مثنى مثنى بالتبادل..

جميلة حقاً هي العتابة، وخاصة تلك التي تستفز الوجدان، إذ تحفزنا لاستذكار حقبة حياة ريفية وديعة وعفوية.. خالية من صخب وتداعيات ضجيج  عصرنة اليوم .. التي جففت في مخيالنا كل مشاعر الحس المرهف.. وافقدتنا راحة بال أيام زمان.



#نايف_عبوش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصاحة اللغة العربية في الحس العربي الفطري
- ورحلت لميعة عباس عمارة.. أيقونة الشعر الحداثي العراقي
- الشعر الشعبي.. بين النظم باللهجة العامية والانسلال المتناغم ...
- الرموز التعبيرية أيقونات تواصل رقمي.. وليست لغة حقيقية حية
- لا يزال الانتصار على الغطرسة الصهيونية ممكنا
- اليوم الدولي للأرض.. بين تحديات التلوث والتطلع لمستقبل أخضر
- هوية التراث المعماري الموصلي.. ضرورة تاريخية وتراثية
- تراث الأنساب الشفاهي.. والحاجة إلى التوثيق
- الرياضيات.. أم العلوم ولغة التقنية الحديثة
- التعليم عن بعد.. هل سيكون أسلوب تعليم العصر
- إخفاق نظام العولمة في التصدي للجائحة.. وإعادة تشكيل عالم ماب ...
- مذكرات غانم العناز.. سيرة ذاتية بنمط موسوعي يستحق التنويه
- تجليات الشجن في الغناء الريفي
- انحسار الموروث الشعبي بضجيج العصرنة
- ظاهرة الحنين إلى الماضي تواصل وجداني مع جذور الأصالة
- بيج الماجد وأبو كوثر.. إبداع متوهج واقتدار في التوظيف
- المثقف بين إشكالية الانكفاء على الذات.. ومتطلبات التفاعل الب ...
- برحيل الشاعر الكبير ابو يعرب.. حان الوقت أن نكون مع قصيدته ا ...
- الحفاظ على البيئة.. ضرورة حضارية وأخلاقية
- الملا ضيف الإحميد المصطفى.. راوية تراثي لا يتكرر


المزيد.....




- إشارات يعتمد عليها المحققون في كشف الجناة والكاذبين
- من الإمارات.. ماكرون يفتح صفحة ما بعد -شارل ديغول-: حاملة طا ...
- قطار سريع يدهس قطيع فيلة شمالي شرق الهند
- كيف تفاعل السوريون مع عملية -عين الصقر- الأميركية في بلادهم؟ ...
- هيئة فلسطينية: أسيران مريضان يواجهان ظروفا كارثية بسجون الاح ...
- تقرير إسرائيلي: أميركا طلبت من إثيوبيا المشاركة بالقوة الدول ...
- كيف تصنع قصص المساء انسجاما بين دماغ الطفل ووالديه؟
- 7 خضراوات يُفضل طهيها بدلا من أكلها نيئة
- ذراع ترامب للملفات الشائكة.. لماذا عاد كوشنر إلى الواجهة؟
- صحف عالمية: فاتورة نصرة فلسطين دروع بشرية بالضفة وأمعاء خاوي ...


المزيد.....

- معجم الأحاديث والآثار في الكتب والنقدية – ثلاثة أجزاء - .( د ... / صباح علي السليمان
- ترجمة كتاب Interpretation and social criticism/ Michael W ... / صباح علي السليمان
- السياق الافرادي في القران الكريم ( دار نور للنشر 2020) / صباح علي السليمان
- أريج القداح من أدب أبي وضاح ،تقديم وتنقيح ديوان أبي وضاح / ... / صباح علي السليمان
- الادباء واللغويون النقاد ( مطبوع في دار النور للنشر 2017) / صباح علي السليمان
- الإعراب التفصيلي في سورتي الإسراء والكهف (مطبوع في دار الغ ... / صباح علي السليمان
- جهود الامام ابن رجب الحنبلي اللغوية في شرح صحيح البخاري ( مط ... / صباح علي السليمان
- اللهجات العربية في كتب غريب الحديث حتى نهاية القرن الرابع ال ... / صباح علي السليمان
- محاضرات في علم الصرف ( كتاب مخطوط ) . رقم التصنيف 485/252 ف ... / صباح علي السليمان
- محاضرات في منهجية البحث والمكتبة وتحقيق المخطوطات ( كتاب مخط ... / صباح علي السليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نايف عبوش - البرية ودرب الضعون والبايسكل.. في ذاكرة أيام زمان