أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - الزعيم الدكتاتوري ونزوع عسكرة المجتمع














المزيد.....

الزعيم الدكتاتوري ونزوع عسكرة المجتمع


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7414 - 2022 / 10 / 27 - 10:03
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الزعامة الدكتاتورية ونزوع عسكرة المجتمع


في سياق هذا الموضوع نستخدم مفردة (الزعامة) عن قصد وتعمد ، بدلا"من المفردات الأخرى المقاربة لها في المعنى والمضاهية لها في الدلالة ؛ من مثل (القيادة) و (الرئاسة) . وذلك للتأكيد على الطابع السياسي / السلطوي الذي تحمله صيغة (الزعامة) ، بالقياس إلى تنوع الإيحاءات التي تشي بها بقية الصيغ ذات الصلة ، انطلاقا"من طبيعة الحدث أو الواقعة المراد وصفها ، فضلا"عن الهدف أو الغاية المنشودة من استعمال هذه المفردة بدلا"من تلك ، واللجوء لاستخدام هذا المصطلح عوضا"عن ذاك .
ولعل من خصائص الشخصية الزعامية ومميزاتها ميلها المفرط ؛ ليس فقط لاحتكار رموز السلطة السياسية وشخصنة مؤسسات الدولة فحسب ، بل وكذلك تهميش الشركاء – إن كان هناك شركاء أصلا"- في الحكومة وإقصاء المنافسين في المعارضة ، وبالتالي فرض الهيمنة على كل مرفق من مرافق المجتمع السياسي ، وبسط السيطرة على كل قطاع من قطاعات المجتمع المدني . بحيث إن الشلل والخلل يصيب آليات وديناميات عمل الدولة ومؤسساتها ، جراء الاحتكام إلى مخرجات السلطة دون غيرها من جهة ، والإشاحة ، من جهة أخرى ، عن مدخلات العلاقات السياسية والتفاعلات الاجتماعية والتمثلات الثقافية التي لا معنى للسلطة من دونها . وهو الأمر الذي يفضي بالنتيجة إلى انتعاش عوامل صيرورة الظاهرة (الدكتاتورية) كفكرة / نمط داخل رحم السلطة ذاتها ، ومن ثم ظهور الزعامة الدكتاتورية كشخص / رمز إلى حيز الواقع ليلعب دوره القمعي ويمارس وظيفته الاستبدادية .
ولأن الدولة كبنى ومؤسسات لا تقوم على مجرد أفكار وتصورات ، وان السلطة كأنظمة وقوانين لا تمارس على مجرد أشباح أو رسومات كارتونية ، بل إن تصور وجودهما (كدولة) فاعلة و (كسلطة) ناشطة ، يتطلب قيام مجتمع فعلي واضح القسمات ومحدد المعالم ، يتمتع بكل المقومات السياسية / الاقتصادية ، والمكونات الاجتماعية / الثقافية ، والخلفيات التاريخية / الحضارية ، والعلاقات الإقليمية / الدولية . التي لا تبرر فقط حيازتهما لعناصر القوة وتسوغ لهما استخدامها عند الضرورة فحسب ، وإنما تضفي على الأولى سلطان الهيبة وتسبغ على الثانية مظاهر الشرعية . بمعنى إن الدولة لا قيمة لها وان السلطة لا مبرر لها ، في حالة انعدام وجود مجتمع تمارس فيه وعليه السيادة من قبل الأولى والقدرة من قبل الثانية ، وبالتالي فان الحديث عن ظاهرة الزعامة – باعتبارها حلقة وصل وفصل في نفس الآن ، بين المجتمعين السياسي والمدني – يغدو في هذه الحالة نافلا"ولا موجب له. وبما أن المجتمع – أي مجتمع – هو عبارة عن كيان إنساني تتفاعل في وسطه وتتواصل في محيطه ؛ خليط من الأقوام / الاثنيات ، والأديان / الطوائف ، والثقافات / الهويات ، والتواريخ / الحضارات ، والسرديات / التمثلات . فان الأمر يتطلب قدرة هائلة ومرونة عالية على إدارة هذا المزيج البشري المتنوع ، بما يحقق وحدته الاجتماعية ، ويضمن مصالحه الاقتصادية ، ويصون حقوقه الثقافية .
وبعكس ذلك فان الأزمات السياسية ستكون هي الفيصل ، والصراعات الاجتماعية ستغدو هي المنفذ ، لاستعادة المجتمع طابعه السلمي وإيقاعه المنتظم ، وهو كما نلاحظ خيار مكلف على جميع الصعد وكافة المستويات ليس من السهولة بمكان بلوغه . ولأن طبيعة الزعيم الدكتاتوري تتقاطع مع أي نوع من أنواع حرية الرأي والتعبير عن المعتقد من جهة ، وتتناقض ، من جهة أخرى ، مع أي شكل من أشكال النقد للواقع الاجتماعي المزري والتنديد بالأوضاع السياسية الخانقة . فانه مسوق ، بحكم تلك الطبيعة ، لتكميم أفواه الناقمين وتقييد أيدي المتضررين وتعصيب أعين المشككين ، وذلك باللجوء إلى قوانين الطوارئ وفرض الأحكام العرفية ، حيث تطلق له هذه الإجراءات التعسفية العنان لاستخدام قوة المؤسسات العسكرية والأمنية بشكل سافر ، لإسكات معارضيه وقمع مناوئيه ، وبالتالي فرض إرادته خارج أطر الشرعية السياسية والمشروعية الدستورية ، حيث سلطة الزعيم الأوحد تعلو فوق سلطة الدولة وتجب هيبة القانون
.
ولما كانت القوة العارية تغري كل من يمتلك سلطة ، باعتبار كونها تشكل عنصرا"أساسيا"من عناصر الردع لكل من تسول له نفسه الإساءة لصاحب السلطة والتطاول على سلطانه ، فضلا"عن جعلها سياج الحماية الذي يقيمه حول عرين مملكته .فان خيار عسكرة المجتمع سيكون – بالنسبة للزعيم الدكتاتوري – من أفضل الحلول وأنجعها ، دون أن يعي مساوئ هذه الخطوة اليائسة من جانبه حيث ستكون بمثابة الأسفين الذي يدق بين الحاكم والمحكوم ، وبالتالي الإشارة للشروع بدق المسمار الأخير في نعش السلطة . والجدير بالملاحظة إن سرعة وسهولة حسم الأزمات السياسية التي تنشأ ما بين السلطة والمجتمع ، غالبا"ما تغري الزعيم الدكتاتوري للذهاب بعيدا"في توظيف عناصر القوة العسكرية والأمنية ، والاعتماد على قدراتها الردعية والقمعية ، الأمر الذي يخلق لديه انطباع وهمي مفاده ؛ إن القوة هي المفتاح السحري لحل كل المشاكل وتسوية كافة العقبات ، التي تواجه السلطة من النمط الدكتاتوري عادة . وهنا يتحول الاستثناء إلى قاعة ثابتة ، والإجراء الوقتي إلى إدمان دائم .
ولعل نمط السلطات السابقة والحالية في العراق يعكس لنا الكيفية النموذجية ، التي من خلالها يحتمي الزعيم الدكتاتوري أو (المليشياوي) بظاهرة العسكرة لأغلب قطاعات المجتمع ، فضلا"عن السماح لأكثر نوازع العنف الاجتماعي بدائية بالتفشي والانتشار ، لاسيما تلك التي تميل إلى جعل العنف يأخذ طابعا" دينيا" / طائفيا"، حيث العسكرة تنقلب إلى حرب الجميع ضد الجميع ، طالما أن المجتمع ( = العراقي) لا يعاني فقط الاستقطاب والاحتراب على أسس دينية / طائفية فقط ، بل ويعاني كذلك التصدع والتصارع على أسس قومية / أثنية ، ناهيك بالطبع عن توقع تمزقه وتفرقه إلى كانتونات قبلية / عشائرية ! .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي الوردي ومقدمات عصر البدوقراطية
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الخامسة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الرابعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثالثة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثانية ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الحادية ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة العشرون ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة التاسعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثامنة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة السابعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة السادسة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الخامسة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الرابعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثالثة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثانية ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الحادية ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة العاشرة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة التاسعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثامنة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة السابعة ...


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - الزعيم الدكتاتوري ونزوع عسكرة المجتمع