أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة التاسعة) ما هو الحرمان ؟!















المزيد.....

مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة التاسعة) ما هو الحرمان ؟!


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7386 - 2022 / 9 / 29 - 19:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(الحلقة التاسعة) ما هو الحرمان ؟!


يعتبر مفهوم (الحرمان) من المفاهيم الفرعية التي تنضوي دلالاتها تحت مسمى (العنف) الاجتماعي العام ، والذي سبق وتناولنا أشكاله ومضامينه في الحلقة الأولى من هذه السلسة الموجزة . وذلك من حيث إن كل إجراء أو ممارسة تستهدف فرض إرادة طرف ما على طرف آخر ، ومن ثم تقليص أو سلب هامش حريته الشخصية في اختيار ما يناسبه من مواقف وتصرفات - بصرف النظر طبعا"عن الوسائل والأساليب المستخدمة للحصول على مظاهر الخضوع والإذعان - يمكن وصفها كحالة من حالات (العنف) .
والحال إن مفهوم (الحرمان) الذي قد يقع ضحيته الإنسان المهدور كيانا"وكرامة ، غالبا"ما يقترن بالجانب (الاقتصادي) أكثر من بقية الجوانب الأخرى السياسية والاجتماعية والثقافية والنفسية ، التي يمكن أن يشكل غيابها عن قائمة احتياجاته الأساسية صيغة من صيغ الحرمان ، والتي قد لا تقل في أهميتها وضرورتها لتوازن حياته واستقرار علاقاته عن سواها من الاحتياجات المختلفة . بيد إن تجارب الواقع الاجتماعي تشير الى أن أقرب تلك الجوانب إلى مفهوم (الحرمان) وأكثرها تسببا"له وارتبطا"به ، هو الجانب (السياسي) وما يتعلق به ويشي عنه من روابط صلات تعبر عن نشاط الفرد أو الجماعة المشمولة به سلبا"أو إيجابا"، فضلا"عما قد يتمخض عنه من مواقف وتوجهات تتعارض مع مواقف وتوجهات الجماعة المسيطرة أو السلطة الحاكمة من جهة ، أو تتوافق وتتناغم من تلك المواقف والتوجهات من جهة أخرى .
لذلك نجد إن من يعاني وطأة (الحرمان) في مجال الحقوق والحريات ، غالبا"ما يكون عنصرا"من عناصر المعارضة السياسية للنظام الحاكم ، أو طرفا"من أطراف المناقضة الفكرية للايديولوجيا المسيطرة . حيث يتعرض المعني إلى الإقصاء والإبعاد عن المشاركة في إدارة الشأن الاجتماعي العام ، إضافة إلى حرمانه من التمتع بثمار ثروة بلاده الوطنية ، والحيلولة دون تمكنه من الانخراط في كينونة الشخصية الاجتماعية (المعيارية) للمجتمع ، والتصدي من ثم لمحاولات استبطانه خصائص الهوية الجمعية - الحضارية ، وهو الأمر الذي غالبا"ما يشعره بالاغتراب ويفقده بالتالي الإحساس بالمواطنة . وفي معرض الحديث عن علاقة (الحرمان) بظاهرة (الاستبعاد الاجتماعي) ، فقد أشار عالم الاجتماع (جون هيلز) وجماعته إلى ذلك بالقول (( يتناول الاستبعاد الاجتماعي بوصفه حرمانا" مستمرا"وليس شأنا"عارضا"، وبوصفه أزمة متعددة الأبعاد والمكونات تنطوي على : حرمان من المشاركة في مجالات العمل والإنتاج ، ومن الاستهلاك الحقيقي الذي تتطلع إليه الكثرة ، ومن المشاركة في الاهتمام بالشأن العام (أو الممارسة السياسية اليومية) ، وأخيرا"من كثير من عمليات التفاعل الاجتماعي ))(1) .
وبما أن حلقات سلسلة (الحرمان) تمتد من البيت إلى المدرسة ، ومن الفرد إلى المجتمع ، ومن هذا الأخير إلى الدولة . فان من الضرورة بمكان التمييز بين نوعين أساسيين من الحرمان ؛ الأول ونطلق عليه تسمية (الحرمان الايجابي) والذي غالبا"ما يكون مصدره مؤسسات المجتمع المدني (العائلة ، والنقابة ، والجمعية ، والحزب ، ومراكز الثقافة والرياضة) . والنوع الثاني ونطلق عليه تسمية (الحرمان السلبي) والذي غالبا"ما يكون مصدره مؤسسات المجتمع السياسي (المدرسة ، والجامعة ، والثكنة ، والسجن ، والإعلام) . ففيما يتعلق بالنوع (الايجابي) يمكن الاستدلال على طبيعته والاهتداء إلى مقاصده مباشرة ، من حيث وضوح الأهداف التي يرمي إليها والغايات التي يتوخاها ، لاسيما استهدافه المجالات المتعلقة بالانحرافات الاجتماعية والاختلالات الأخلاقية التي يتعرض لها المجتمع باعتماد وسائل (التشذيب) و(التهذيب) . وذلك باللجوء إلى سياسة (حرمان) الفرد أو الجماعة المستهدفة من المزايا المادية أو المناقب الاعتبارية ، التي كان بمقدور هذا أو تلك الحصول عليها والتمتع بها ، فيما لو تقيدوا بمراعاة القيم والأعراف السائدة في المنظومات الاجتماعية والأخلاقية المتواضع عليها من قبل الجميع .
وفيما يتصل بالنوع الثاني (السلبي) – وهو الغالب والمرجح في منظور مقالنا هذا – فهو سلوك عادة ما يميل فاعله إلى الغموض في طرح المبررات الواقعية ، وينأى بنفسه عن إيضاح المسوّغات المقنعة ، التي تحمل هذه السلطة أو تلك الجماعة للتصرف على هذا النحو اللاانساني . وحتى لو اضطرت الجهة المعنية أو الطرف المقصود إلى تقديم مثل تلك المبررات والمسوّغات ، فالغالب أنها ستعمد إلى ما في جعبتها من أكاذيب ملفقة وحجج واهية ، للتغطية على حقيقة أهدافها العنصرية وطبيعة نواياها الاقصائية ، ضد كل من يناهض مصالحها ويعارض سياستها ويخالف إيديولوجيتها . ولعل سياسات الأنظمة الدكتاتورية والتوتاليتارية بكل تلاوينها اليمينية واليسارية في بلدان العالم الثالث ، حيال منافسيها ومعارضيها ومخالفيها من الأحزاب السياسية والجماعات العرقية ، قدمت – ولا تزال تقدم – الكثير من الأدلة والبراهين على تفضيل تلك الأنظمة لهذا لنمط من العنف الاجتماعي (الحرمان) ، بعدما باتت تواجه ضغوط الإدانات والاتهامات التي تصدر عن المنظمات الدولية ، لاسيما تلك المهتمة بحقوق الإنسان والأقليات وغيرها .
ومما لاشك فيه إن سياسة الحرمان من الحقوق الثقافية والوطنية والإنسانية ، التي غالبا"ما تلجأ إليها الحكومات الشمولية ضد منافسيها على السلطة ومعارضيها في الايديولوجيا ، أو تمارسها الجماعات الأصولية ضد مخالفيها في الانتماء القومي / الاثني أو الولاء الديني / الطائفي . تعد بمثابة عقاب أو انتقام جماعي يستهدف كسر شوكة الخصوم وتحطيم إرادة المناوئين ، وجعلهم في حالة من العجز المستديم عن إبداء أية مقاومة أو إظهار أية ممانعة ، بحيث تكون السلطة الحاكمة أو الجماعة المسيطرة قد ضمنت الإذعان لإرادتها والخضوع لمشيئتها ، دون التحسب للعواقب – السياسية والاجتماعية على الأقل - المستقبلية التي ستنجم عن مثل هذه المواقف القاسية والتصرفات العدائية .

الهوامش
1. جون هيلز وآخرين (تحرير) ؛ الاستبعاد الاجتماعي : محاولة فهم ، ترجمة الدكتور محمد الجوهري ، سلسلة عالم المعرفة (344) ، ( الكويت ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، 2007 ) ، ص10 .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثامنة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة السابعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة السادسة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الخامسة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الرابعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثالثة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثانية ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الأولى) ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه
- ظاهرة العنف وأزمة الثقافات الفرعية
- مطارحات غرامشية (2) الدور العضوي للمثقف التقليدي
- مطارحات غرامشية (1) الدور التقليدي للمثقف العضوي
- استعصاء الاصلاح في العقل العراقي : مقاربة في المعوقات والتوق ...
- معايير الاحتراف السياسي : بين الدوغمائية والبرغماتية
- جيوبولتيكا الدولة العراقية : جدلية السلطة والسيادة
- النخبة والأزمة : ظاهرة نكوص الوعي في الوسط الأكاديمي
- (القسم الثالث) شرعنة الخطاب الطائفي وتكريس القطيعة الوطنية
- تغليب الانتماء الطائفي وتغييب الولاء الوطني ( القسم الثاني)
- اعاقة التحول الديمقراطي : من المجتمع المدني الى الطائفية الس ...
- تساؤلات حول مسار المجتمع العراقي : خيارات الفوضى أم رهانات ا ...


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة التاسعة) ما هو الحرمان ؟!