أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ثامر عباس - مطارحات غرامشية (2) الدور العضوي للمثقف التقليدي














المزيد.....

مطارحات غرامشية (2) الدور العضوي للمثقف التقليدي


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7373 - 2022 / 9 / 16 - 22:56
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كنا قد تساءلنا في موضوعنا السابق ؛ إن كان بالإمكان حيازة المثقف (التقليدي) لدور المثقف (العضوي) ، ومن ثم قدرته على انتزاع وظيفته والفوز بصفة (العضوية) ، وها نحن نقدم – في هذا الموضوع - الإجابة التي نأمل أن تكون منطقية ومقنعة . والحال غالبا"ما حظي شخص المثقف (التقليدي) بالازدراء والاستخفاف من لدن الغالبية العظمى من الصحفيين والكتاب والباحثين المهتمين بالشؤون الفكرية والثقافية ؛ ليس من منطلق إدراكهم لطبيعة هذه الشخصية المركبة واستيعابهم لما تشتمل عليه من سمات وصفات ، وإنما من باب ما تحمله صفة (التقليدية) الموشوم بها من إيحاءات مستكرهة وانطباعات مستهجنة ، جرى استبطانها واجتيافها نتيجة الجاذبية القوية التي تتمتع بها خاصيتي (النمطية الذهنية) و(النسقية الثقافية) .
ولهذا نلاحظ إن معظم أشكال (التبشيع) و(التشنيع) المساقة – حقا"أو باطلا"- ضد هذا النمط من الفاعلين الثقافيين ، صادر من عناصر هي بالأساس مبتلاة – دون أن تعي ذلك - بالخصائص (التقليدية) و(النسقية) الموروثة ، لا في وعيها الذاتي وتصوراتها الجمعية فحسب ، وإنما في سلوكها اليومي وعلاقاتها المعاشة كذلك . ولذلك فهي حين تصدر أحكامها المتسرعة وتصوغ مقولاتها المبتسرة ضد ما تعتبره مخلفات ورواسب (تقليدية) ، لا تنطلق مما يقع خلف المظاهر من علاقات وسيرورات وما تحت السطوح من ديناميات وصراعات ، وإنما من منطلق مسبقات تصورية ومسلمات عرفية جرى حفظها في اللاوعي وأرشفتها في الذاكرة . ولهذا يكفي أن يوسم مثقفا"ما ب (التقليدية) حتى تتداعى الذهن جملة من الصفات السلبية والخصائص المنبوذة ، التي من شأنها الحط من قيمته المعرفية والنيل من اعتباره الرمزي .
والآن ، ما الذي يرشح المثقف (التقليدي) للقيام بدور المثقف (العضوي) ، ويسمح له ، من ثم ، بممارسة وظيفته النوعية ، وهو الذي يوصف بتقاطع مواقفه السياسية وقيمه الثقافية وتوجهاته الإيديولوجية ، مع اتجاهات وسيرورات التطور التاريخي والحضاري للمجتمع ؟! . الحقيقة إن تفسير هذه الظاهرة يعتمد على رؤية إن المثقف (التقليدي) ، هو - بالدرجة الأولى - كائن إنساني يعيش في كنف بيئة اجتماعية لها تاريخ وثقافة ودين وهوية ينفعل بها ويتفاعل معها ، والتي غالبا"ما يكون إيقاع التغييرات في بناها والتحولات في أنساقها بطيئا"تحتاج معه إلى آماد زمنية متطاول ، وهو الأمر الذي يجعل الجماعات المقصودة تبدي حرصا"أكبر إزاء مواريثها القديمة وممانعة أشدّ حيال ثقافاتها الأصولية . من هنا يبدو المثقف (التقليدي) يتمتع برصيد اجتماعي أغنى من نظيره (العضوي) لدى تلك الجماعات ، كونه بمثابة الحارس المؤتمن على حماية تلك المواريث والثقافات من عوارض التغيير والتطوير . ولهذا فقد عبر بدقة المتخصص بحياة غرامشي وأعماله (جون كاميت) عن هذه الحالة قائلا"إن (( المثقفون التقليديون ، والذين لهم أهميتهم في المجتمع المدني ، فيبدون أكثر ميلا"للتفاهم مع الجماهير وللحصول على الموافقة (العفوية) على النظام الاجتماعي )) .
ولعل حصول المثقف (التقليدي) على هذا الامتياز السوسيولوجي والتفوق الإيديولوجي ، متأت من امتلاكه على أدوات (الهيمنة) السيكولوجية ، فضلا"عن قدرته على ممارسة فرضها على تلك الجماعات التي تشاطره مواقفه وقناعاته بطريقة ناعمة . لذلك يستخلص (كاميت) حصيلة مهمة جدا"مفادها (( إن حصول المثقف (التقليدي) على قبول دوره (العضوي) في المجتمع ، طالما انه يحقق هدف (الهيمنة) على المكونات الاجتماعية ، عبر أساليب القوة (الناعمة) بدلا"من أساليب القوة (الخشنة) . لا بل انه وبحكم باعه الطويل في مجال الأساليب الناجعة لتحقيق (الهيمنة) ، حينما كان في السابق يحتل ويمثل دور المثقف (العضوي) يمنحه الأفضلية ، ليس فقط في مجال الاستحواذ على اهتمام الجماعات التي أشرنا إليها وينال رضاها فحسب ، وإنما في مجال التأثير على نظيره المثقف (العضوي) عبر منافسته إياه في مضمار استمالة الفئات والشرائح المعدومة اقتصاديا"واجتماعيا"وثقافيا"صوب الآراء والأفكار التي يروجها ويدعو لها ، فضلا"عن استدرار تعاطفها باتجاه القضايا والمسائل التي يتبناها ويدافع عنها ، وبالتالي حيازة القدرة على التحكم بتصوراتها الإيديولوجية وتوجهاتها السياسية . ولهذا فقد لاحظ بحق بعض الباحثين إن (( تأثير شريحة ثقافية ما على الشريحة العضوية السائدة ليس مباشرا"، ولكن قوة إيديولوجيتها وقدرتها على تنظيم البروليتاريا ذات نتائج حاسمة على حركة الأفكار العامة بما أن المثقفين السائدين لا يعودوا يحكمون بدون شريك منذ تلك اللحظة )) .
وعلى هذا الأساس يمكننا تفسير ظاهرة تفوق المثقفين (التقليديين) في المجتمعات المتخلفة على نظرائهم المثقفين (العضويين) ، في مضمار تحقيق (الهيمنة) الإيديولوجية و(التحكم) السيكولوجي على شرائح واسعة من تلك المجتمعات ، وبالتالي نجد صعوبة بالغة في انحسار دورهم الاجتماعي ، وتلاشي تأثيرهم الإيديولوجي ، وتقليص شأنهم السياسي .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطارحات غرامشية (1) الدور التقليدي للمثقف العضوي
- استعصاء الاصلاح في العقل العراقي : مقاربة في المعوقات والتوق ...
- معايير الاحتراف السياسي : بين الدوغمائية والبرغماتية
- جيوبولتيكا الدولة العراقية : جدلية السلطة والسيادة
- النخبة والأزمة : ظاهرة نكوص الوعي في الوسط الأكاديمي
- (القسم الثالث) شرعنة الخطاب الطائفي وتكريس القطيعة الوطنية
- تغليب الانتماء الطائفي وتغييب الولاء الوطني ( القسم الثاني)
- اعاقة التحول الديمقراطي : من المجتمع المدني الى الطائفية الس ...
- تساؤلات حول مسار المجتمع العراقي : خيارات الفوضى أم رهانات ا ...
- الهلع من المعارضة : التقاليد الديمقراطية في السياسة العراقية
- الذهنية الراديكالية : الادراك العربي بمفهوم السياسة
- نعي الوطن في وعي المواطن
- تأملات (تزفيتان تودوروف) : النقد العقلاني لهوس القوة
- تشريح الذاكرة : أحداث التاريخ وأضغاث المؤرخين
- دولة القانون وقانون الدولة : الدستور والديمقراطية (العراق ان ...
- أماكن الذاكرة في سوسيولوجيا المعاش
- الشعوب المقهورة وسيكولوجية التمرد
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ...
- اغتراب الوعي : من الثقافة الى الخرافة
- اقصاء العقل في ايديولوجيا الصورة


المزيد.....




- رضوان زريول الكاتب الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بتازة ضي ...
- لماذا ترفض جبهة البوليساريو الحكم الذاتي في الصحراء المغربية ...
- The Anguish of Being an Animal Advocate
- The UAE Isn’t Neutral In The Sudan Peace Process
- Beyond the -Unbreakable Bond’: Is the US Reclaiming the Whee ...
- The True Story of U.S. Economic Sanctions Against Cuba
- Rewriting Jasenovac: The EU’s Quiet Tolerance of Revisionism ...
- I Thought I Knew What Genocide Was
- تقرأون في نشرة أخبار السودان 31 أكتوبر 2025
- ترامب منفتح على تمويل برنامج إعانة الفقراء رغم الإغلاق الحكو ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية(الفرد والنظرة الماركسية للتاريخ) بقلم آدم بوث2 ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (العالم إنقلب رأسًا على عقب – النظام في أزمة)ق ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الرؤية الرأسمالية للذكاء الاصطناعي: الربح، السلطة، والسيطرة / رزكار عقراوي
- كتاب الإقتصاد السياسي الماويّ / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(النمو السلبي: مبدأ يزعم أنه يحرك المجتمع إلى ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (من مايوت إلى كاليدونيا الجديدة، الإمبريالية ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (المغرب العربي: الشعوب هى من تواجه الإمبريالية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علم الاعصاب الكمي: الماركسية (المبتذلة) والحرية! / طلال الربيعي
- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ثامر عباس - مطارحات غرامشية (2) الدور العضوي للمثقف التقليدي