أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الخامسة) ما هي القسوة ؟!














المزيد.....

مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الخامسة) ما هي القسوة ؟!


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7382 - 2022 / 9 / 25 - 16:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


غالبا"ما ارتبطت ظاهرة (القسوة) بفعل إيقاع الضرر الجسدي أو الأذى النفسي بالآخرين / الخصوم ، في إطار الخلافات السياسية / الإيديولوجية ، والكراهيات الدينية / الطائفية ، والصراعات القومية / الاثنية ، والنزاعات القبلية / العشائرية ، تعبيرا"عن مدى قوة التعصب وشدة التطرف بين الأطراف المتنابذة والمتباغضة . وإذا ما كانت هذه الظاهرة تبدو شديدة الوضوح وخشنة الملمس على مستوى العلاقة بين الأفراد والجماعات ، بحيث إن مستوى صعودها أو هبوطها يعتمد على مرحلة التطور الحضاري التي يمر بها المجتمع . بمعنى إن وتائر الصعود والهبوط في مناسيبها ومستوياتها يتناسب طرديا"مع أطوار التخلف والتقهقر التي يرتكس إليها المجتمع ، أو بالعكس مع أطوار التحضر والتمدن التي يتقدم في مدارجها ويتوسع في آفاقها .
نقول إذا ما بدت بهذه الحالة أو الصيغة من الوضوح والشفافية ، فان هذا لا يعني أنها مرشحة للاندثار التدريجي والاختفاء الكلي من قاموس السلوك الاجتماعي والسياسي بين الجماعات والمكونات ، حالما يشرع المجتمع المعني بتخطي عتبات طفولته الحضارية ، وتجاوز مرابض علاقاته البدائية ، ومن ثم ولوج أطوار التمدن والتحضر إيذانا"ببلوغه سن الرشد الإنساني والعقلاني . بقدر ما يعني انه (= المجتمع) بات بمقدوره – وفقا"لمستويات تقدمه في مجال الحريات السياسية ، وتطوره في مضمار العدالة الاجتماعية ، وارتقائه في حقل التعددية الثقافية – التحكم بكوابح انفلات جماحها ، والسيطرة على ترويض شراستها ، والتمكن من لجم توحشها .

وبالرغم من إن (القساوة) في التعاطي مع الآخر المختلف قوميا"/ اثنيا"والمغاير دينيا"/ مذهبيا"، لا تعتبر سلوك طارئ أو خاصية مستحدثة أو ظاهرة غريبة على طبيعة الإنسان (فردا"أو جماعات) ، بقدر ما هي لصيقة بوجوده الاجتماعي المأزوم ودالة على طبيعته الإنسانية المستباحة . فللقسوة - كما لاحظت العالمة الاجتماعية (كاثلين تايلور) - (( أصول قديمة ، والكلمة مسجلة في قاموس أكسفورد للانجليزية منذ عام 1225 قبل الميلاد ، ويعتقد أنها مشتقة من كلمة لاتينية هي (crudelitas) . وهذا يبدو مناسبا"، لأن أكثر نماذج القسوة تأثيرا"نشأ في روما في زمن الإمبراطورية))(60) . إلاّ إن الكلمة دخلت حقلا" نوعيا"واتخذت بعدا"مؤسسيا"حالما استملكت فعلها الدولة واستبطنت ممارستها السلطة ، عبر مؤسساتها البوليسية وأجهزتها الأمنية ضد معارضيها في الداخل وأعدائها في الخارج على حدّ سواء ، لاسيما وان (( الحاجة إلى السيطرة والتحكم لازمة كأحد الدوافع الشائعة للسلوك القاسي ، أي النزعة إلى التجاوز والمخالفة ))(61) .
ومما هو جدير بالذكر ، إن السلوك المتسم بشدة (القسوة) الذي يمارسه الإنسان ضد أخيه الإنسان لأسباب ودوافع شتى ، لا يمكن تأطيره أو تنميطه ضمن شكل معين من إشكال التعبير العدواني عن السلوك الاجتماعي المعروفة . فقد يكون ذا (مظهر سلوكي) واضح كما في حالة استعمال (الضرب) المبرح للآخرين تارة ، أو باستخدام (الألفاظ النابية) الجارحة على نحو مفرط تارة ثانية ، أو تعمد اللجوء إلى أساليب (الاهانة) على نحو اعتباطي تارة ثالثة . كما وقد يكون ذا (مظهر تعبيري) مضمر كما في حالات استبطان مشاعر (الحقد) العنصري ، وإضمار (الكراهية) الطائفية تجاه من لا يتفقون معنا في مسائل الانتماء إلى أقلية قومية / اثنية مختلفة ، أو مجموعة دينية / مذهبية مغايرة من جهة . مثلما في قضايا الانخراط في حركة سياسية معارضة ، أو تبني عقيدة إيديولوجية مناهضة من جهة أخرى .
وهكذا ، فالقسوة الإنسانية تتبدى عبر تعبيرات مختلفة التمظهر ؛ فهي إما تأتي على شكل (سلوكي) مباشر ، أو على شكل (لفظي) غير مباشر ، أو على شكل (نفسي) مضمر . ولكنها في كل الحالات المذكورة تبدو مؤتلفة ومتساندة من حيث بلوغها للقصد المستهدف وتحقيق الغاية المطلوبة .

الهوامش
1. كاثلين تايلور ؛ القسوة – شرور الإنسان والعقل البشري ، ترجمة فردوس عبد الحميد البهنساوي ، ( القاهرة ، المركز القومي للترجمة ، 2014) ، ص52 . مضيفة إلى ذلك قولها ضمن نفس المصدر (( القسوة شيء قديم قدم الإنسانية ، إن لم تكن أقدم ، وهي في الأساس سلوك إرادي غير مبرر يسبب معاناة متوقعة لضحية أو ضحايا لا يستحقونها . وقد تتضمن القسوة عدوانا"جسديا"أو اهانة أشد حدة وإيلاما"، لكن الهدف منها هو أن تجعل المستهدفين منها يعانون حسيا"أو نفسيا"ومعنويا")) . ص85 .
2. المصدر ذاته ؛ ص371 .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الرابعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثالثة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثانية ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الأولى) ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه
- ظاهرة العنف وأزمة الثقافات الفرعية
- مطارحات غرامشية (2) الدور العضوي للمثقف التقليدي
- مطارحات غرامشية (1) الدور التقليدي للمثقف العضوي
- استعصاء الاصلاح في العقل العراقي : مقاربة في المعوقات والتوق ...
- معايير الاحتراف السياسي : بين الدوغمائية والبرغماتية
- جيوبولتيكا الدولة العراقية : جدلية السلطة والسيادة
- النخبة والأزمة : ظاهرة نكوص الوعي في الوسط الأكاديمي
- (القسم الثالث) شرعنة الخطاب الطائفي وتكريس القطيعة الوطنية
- تغليب الانتماء الطائفي وتغييب الولاء الوطني ( القسم الثاني)
- اعاقة التحول الديمقراطي : من المجتمع المدني الى الطائفية الس ...
- تساؤلات حول مسار المجتمع العراقي : خيارات الفوضى أم رهانات ا ...
- الهلع من المعارضة : التقاليد الديمقراطية في السياسة العراقية
- الذهنية الراديكالية : الادراك العربي بمفهوم السياسة
- نعي الوطن في وعي المواطن
- تأملات (تزفيتان تودوروف) : النقد العقلاني لهوس القوة


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الخامسة) ما هي القسوة ؟!