أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - ضيا اسكندر - الانتحار يتحوّل إلى ظاهرة في سورية















المزيد.....

الانتحار يتحوّل إلى ظاهرة في سورية


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 7378 - 2022 / 9 / 21 - 11:46
المحور: مقابلات و حوارات
    


المقابلة التي أجرتها معي وكالة أنباء هاوار، حول ظاهرة الانتحار التي ازدادت في سورية في السنوات الأخيرة..

• ازدادت حالات الانتحار على نحوٍ لافتٍ في السنوات الأخيرة، في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق والاحتلال التركي، إذ بلغ عدد حالات الانتحار المسجلة منذ بداية العام حتى نهاية حزيران الماضي 124 حالة، برأيكم ما هي الأسباب التي أدّت إلى ارتفاع معدّل الانتحار في تلك المناطق؟

الحقيقة إن ظاهرة الانتحار موجودة في كل دول العالم؛ وتختلف أسبابها ونسبتها من بلد إلى آخر. ولعلَّ أبرز أسباب الانتحار التي رصدها علماء النفس بشكل عام هي المشاكل النفسية (الاكتئاب الحاد، الفصام، الجينات، المرور بتجربة مؤلمة، التسلط والظلم، الإدمان على الكحول أو المخدرات، البطالة، العزلة الاجتماعية والوحدة، الفشل في امتحان الحصول على شهادة دراسية، اليأس من الشفاء من مرض عضال مزمن، الخوف من وصمة عار قام بارتكابها فيقدم على الانتحار درءاً لانتشار الفضيحة..)
كما أن العوامل الاقتصادية والمعيشية والعجز عن تأمين أدنى متطلبات الحياة اليومية في ظل انعدام فرص العمل، لها دور في تعزيز فكرة الانتحار.
بالإضافة إلى العوامل الاجتماعية وما ينجم عنها من ضغوط وانكسارات وإحباطات على المستوى الشخصي: (التهجير، والنزوح، وانعدام الاستقرار. وغياب الرعاية الأسرية نتيجة التفكك الأسري والمشكلات العائلية..).
وكل ما ذُكِر أعلاه موجود بكثرة للأسف في مجتمعنا السوري الذي أصبح نفقاً مظلماً لا نهاية له، ليكون إنهاء الحياة هو الحلّ، خاصةً عند الشباب ذوي الطاقات العالية الذين يشعرون بالعجز والخوف من المستقبل.

• كشف مصدر من نقابة الصيادلة السوريين في دمشق لموقع "المونيتور" أن الأدوية النفسية شكلت 70٪ من مبيعات الصيدليات العام الماضي، ما يدلّ على تدهور الصحة النفسية لدى السوريين نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردّية والضغوط الأمنية التي تفرضها قوات حكومة دمشق، إلى أي مدى تساهم قرارات حكومة دمشق في التأثير على نفسية المواطن في ضوء الارتفاع الحادّ لحالات الانتحار بالمنطقة؟

من المعروف أنه خلال الحروب ترتفع نسبة الانتحار، بسبب ازدياد الأزمات النفسية والمشكلات الاجتماعية والمادية، بالإضافة إلى غياب الدعم الاجتماعي، التي تصل بالشخص إلى الشعور باليأس والخذلان وفقدان قيمته كإنسان ما يدفعه إلى الانتحار.
فمعدّلات الفقر ارتفعت بشكلٍ ملحوظ في البلاد، وقاربت 90 بالمائة، حسب أحدث تقارير الأمم المتحدة.
حتى نهاية 2010، كانت سوريا تصنّف، وفق منظمة الصحة العالمية، من الدول التي تشهد أقلّ معدّلات الانتحار، مقارنةً بغيرها من الدول؛ حيث كانت في المرتبة 172 من أصل 176 دولة على مؤشر الانتحار، وفق موقع world population review المتخصص بإحصاء البيانات الديموغرافية. فقد كانت ظاهرة الانتحار غريبة عن السوريين عموماً إلا فيما ندر. إلّا أنها تفاقمت في السنوات الأخيرة بشكلٍ مرعب نتيجة استمرار الأزمة السياسية دون حلّ، واعتماد السلطة في نهجها الاقتصادي على السياسات الليبرالية المتوحشة في إدارة شؤون البلاد، ما أدّى إلى إفقار البلاد والعباد. وتزامنت مع صدور جملة من القرارات الاقتصادية من رفع الدعم عن الكثير من المواد الأساسية كالمحروقات والأسمدة الزراعية وغيرها، ما تسبّب بموجة غلاء فاحشة شملت كافة ميادين الحياة. وبات الحصول على وجبة الطعام الشغل الشاغل لأرباب الأسر. ليس هذا فحسب، بل رافقها صدور قوانين تمنع المواطن حتى من التعبير عن وجعه، فيما سُمّي بـ«قانون جرائم المعلوماتية». يعني كما يُقال «فوق الموتة عصّة قبر».

• في الوقت الذي تراجع فيه العلاج النفسي في سوريا بسبب ندرة الأطباء والمعالجين المختصين نتيجة الحرب والهجرة، فإن أجور زيارة طبيب نفسي تصل حتى 50 ألف ل.س، أي نصف اﻷجر الشهري للموظف، برأيكم إلى أي مدى ساهم ذلك في ارتفاع معدل الانتحار؟

على الرغم من ثبوت الصلة بين الانتحار والاضطرابات النفسية (خاصة الاكتئاب والاضطرابات الناجمة عن تعاطي الكحول والمخدرات) فإن كثيراً من المصابين بهذه الأمراض يرفضون زيارة أطباء النفس، لأن المجتمع يعتبر المريض النفسي «مجنوناً» أو «مختلّاً عقلياً» وغيرها من الأوصاف التي تجعلهم يتردّدون في الحصول على استشارة نفسية.
وفي سوريا اليوم، يتراجع العلاج النفسي نتيجة هجرة الأطباء والمعالجين وندرة الأدوية الفعّالة وغلائها الفاحش. ما يجعل المريض النفسي يعاني أشدّ حالات الألم دون أي مساعدة أو علاج.
يوجد في سوريا فقط 70 طبيب اختصاص أمراض نفسية، يعملون ضمن العيادات والمشافي بشكلٍ فعلي. وتصل أجور زيارة طبيب نفسي (كشفية) إلى 50 ألف ليرة سورية كما ذكرتِ في سؤالك. ومن نافل القول إن نشر ثقافة الطب النفسي وجعلها أسلوب حياة، حالها حال الذهاب للطبيب العادي، وإنهاء مسألة وصمة العار التي تسود المجتمع عند الحديث عن الحاجة للحصول على استشارة نفسية، تُعَدّ خطوة ضرورية للحدّ من ظاهرة الانتحار.

• سجلت أغلب حالات الانتحار التي وقعت في مناطق إدلب وريف حلب الشمالي الخاضعة لسيطرة الاحتلال التركي للنساء واليافعين، برأيكم ما السبب في ذلك؟ ما هي القيود والمشاكل الاجتماعية التي تعاني منها هاتان الفئتان في تلك المناطق؟

الوضع المعيشي الصعب والنزوح والتهجير والتفكك الأسري والضغوط الكبيرة التي يتعرض لها المدنيون، وخاصةً النساء والأطفال، واستمرار الضائقة المادية وحالة القلق الدائم المتواصلة من انقطاع مصادر الدخل.. من بين أسباب كثيرة في رفع معدّلات حوادث الانتحار في تلك المناطق، التي تكتظّ بالنازحين الذين يعانون من أزمة دخل، مع تراجع المساعدات الإنسانية، وكذلك بسبب المضايقات والانتهاكات الجسيمة التي تمارسها التنظيمات الإرهابية ومرتزقة جيش الاحتلال التركي على سكان المخيمات، حيث تشهد حالة من الفوضى وعدم الاستقرار والأمان، والأزمات الاقتصادية والمعيشية، وانتشار المخدرات.. تتسبّب برفع معدل الانتحار في تلك المناطق، فضلاً عن عوامل أخرى.

• هل يدلّ ارتفاع نسبة الانتحار في هذه المناطق على انعدام فرص الحياة فيها؟ وما دور السياسات الخاطئة لكل من حكومة دمشق وما تسمى المعارضة في ذلك؟

لقد دمّرت الحرب البنية التحتية بشكلٍ مروّع، إضافةً للعقوبات الاقتصادية والحصار، وما أتى بعدها من تصدّع البنية الاقتصادية التي كانت تؤمّن أساسيات الحياة المناسبة للإنسان من غذاء ومتطلبات معيشية ملحّة كالكهرباء والغاز وباقي المشتقات النفطية الأخرى، ، نتج عن غيابها صعوبة في العيش وإحساس بالتفاهة واللا جدوى وانعدام القيمة الإنسانية للحياة. علاوةً على فقدان الإحساس بالكرامة نتيجة الفساد المستشري في معظم الوظائف العامة والخاصة. لا سيّما في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق. فالشباب السوري من خريجي الجامعات يمكثون سنوات طوال إلى أن يجدوا فرصة عمل، وعندما يجدون هذه الفرصة لا يكفي راتب الوظيفة أجرة مواصلاتهم. وفي المقلب الآخر، تُعَدّ ممارسات التنظيمات المسلحة (المعارِضة) وما تسجّله يومياً من خطف واحتجاز تعسّفي لمواطنين يعيشون في كنفها، سواء للحصول على فدية مالية من ذوي المخطوفين، أو بغية إخضاعهم لقناعاتهم الأيديولوجية المتطرفة البعيدة عن مقتضيات العصر. وإكراههم على اتباع سلوكيات لا تمتُّ بصلة للحضارة الإنسانية.
كل ما سبق من أسباب، أدّت إلى تزايد حالات الانتحار ومحاولات الانتحار، عِلماً أن الأعداد غير المعلنة أكثر بكثير من المعلنة.

• برأيكم كيف يمكن معالجة تفشّي ظاهرة الانتحار؟

مما لا ريب فيه أن معالجة أي ظاهرة مرضية تكمن في تشخيص أسبابها، وتحديد طرق علاجها، ومن ثم السعي للقضاء عليها.
أولى خطوات المعالجة التي يمكن أن تسهم في الحدّ من تفشّي ظاهرة الانتحار في حالة بلدنا سوريا، هو حلّ الأزمة الفظيعة التي مضى على اندلاعها أكثر من عقد. بتقديري إن جميع الأزمات وبمختلف مسمّياتها التي تتخبّط فيها سوريا وعلى الصعد كافة، تعود إلى التأخر في الحل السياسي للكارثة الإنسانية الرهيبة التي تعصف بالبلاد. فكل مقوّمات معالجة ظاهرة الانتحار؛ من توفير فرص عمل، وإنشاء مراكز للتأهيل النفسي، وإطلاق حملات إعلامية لتسليط الضوء على مخاطر الانتحار وكيفية الحدّ منه. وإنشاء مراكز خاصة لعلاج الإدمان على المخدرات. وزيادة الجرعات التوعوية اللازمة لأفراد وفئات المجتمع عن طريق مختلف الوسائل الإعلامية والتعليمية؛ لبيان خطر جريمة الانتحار وبشاعتها وما يترتب عليها من نتائج مؤسفة وعواقب وخيمة سواءً على الفرد أو المجتمع. وكذلك علاج الاكتئاب، وتأمين الحياة الكريمة للنّاس. وغيرها من الإجراءات التي من شأنها الحدّ من ظاهرة الانتحار.. كلها غير متوفرة حالياً، ولن تتوفر في ظل البنية السياسية الاقتصادية الحاكمة، ولا مناص من التغيير الجذري الشامل والعميق لكافة بُنى وهيكلية الدولة للوصول إلى سورية ديمقراطية عادلة قوية ومزدهرة وقادرة على معالجة كافة الظواهر المرضية الشنيعة، ومن بينها ظاهرة الانتحار.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طرق إسعاد الشعب السوري
- متى ستفهم يا ولدي؟!
- خيانة الوطن.. أسبابها وعلاجها
- يحدث في كل الأنظمة الاستبدادية
- ذكريات رومانسية
- الكوخ
- لا مناص من توحيد الساحات..
- العالم إلى أين؟!
- بين الاستسلام واستمرار المواجهة العسكرية في أوكرانيا
- ثوم وقيظ وأشياء أخرى
- هل فعلاً «إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر»؟
- قراءة في رواية «المئذنة البيضاء» لمؤلّفها يعرب العيسى
- معركة في الطابور
- عاشقان تحت المطر
- «ما حكّ جلدك مثل ظفرك»
- ضيوفٌ عابرون!
- صمت حكومة دمشق حيال الأطماع التركية! كيف يُفسَّر؟
- -العثمانية الجديدة- من موسّعة إلى مصغّرة
- موسكو لـ بكين: الصديق عند الضيق
- وهذه المرة الضحية رجل دين!


المزيد.....




- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - ضيا اسكندر - الانتحار يتحوّل إلى ظاهرة في سورية