أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضيا اسكندر - قراءة في رواية «المئذنة البيضاء» لمؤلّفها يعرب العيسى














المزيد.....

قراءة في رواية «المئذنة البيضاء» لمؤلّفها يعرب العيسى


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 7289 - 2022 / 6 / 24 - 16:32
المحور: الادب والفن
    


عندما يتطلّب العمل الروائي أن يلمَّ المؤلف بالجغرافية والتاريخ والاقتصاد والعملات وإبرام العقود والصفقات والسمسرة وحتى في علوم الفلك والأبراج وبيوت الدعارة وسيرة الفنانين والسياسيين وكبار رجال الأعمال، ليس في المنطقة وحسب، بل وفي العالم.. ويُتقن بمهارة وحرفية عالية كل ذلك وأكثر، فأنت أمام عملٍ إبداعي خليق بأن (تهدر) من وقتك شطراً من الزمن لقراءته.
يبهرك كاتب الرواية بثقافته الموسوعية التي تجلّت في مفاصل عديدة من روايته؛ فهو ملمٌّ بكل صغيرة وكبيرة في تاريخ المنطقة وما عصفت بها من أحداث سياسية فظيعة (الحرب اللبنانية، احتلال الجيش العراقي للكويت، مقتل الحريري.. وأخيراً اندلاع الأزمة السورية).
على الرغم من أنني قرأت الرواية بنسختها الإلكترونية /pdf/ كعادتي في قراءة الكتب منذ أكثر من (15 سنة)، ولكن هذه المرة على الموبايل لعدم توفر اللابتوب بحوزتي حالياً - ويعلم الجميع كم هي صعبة ومضنية قراءة رواية كبيرة (428 صفحة) - ومع ذلك فقد قرأتها بشغف، وفعلت فعلها الشجيّ المؤثر في نفسي. ولم أتمالك أن أتابعها على مراحل، بل فرغتُ منها خلال يومين من إجازتي، كرّستهما بالكامل لقراءة هذه الرواية العظيمة التي لا تشبه غيرها من الروايات بشيء.
يرصد الكاتب بإدهاش قصة شاب طموح بألقابه الثلاث على مراحل (غريب الحصو – مايك الشرقي – الشيخ الغريب) اللاهث بحماسة ليكون أثرى الأثرياء، منتقماً من طفولته البائسة وبلده الذي ظلمه، لينتقل إلى بلدٍ مجاورٍ، متمسكاً بعقيدته المركزية «الصح هو الربح والخطأ هو الخسارة. وما عدا ذلك من المفاهيم امسح بهم مؤخرتك»، فهو يبزُّ في ذلك ميكيافيللي صاحب كتاب (الأمير) والذي يؤكد في طليعة توجيهاته "الغاية تبرر الوسيلة". مايك، «براغماتي» إلى درجة مذهلة؛ لديه الاستعداد للتعاون مع أيّ جهة ضد النظام بما فيها "داعش". وفي الوقت ذاته لديه الاستعداد في دعم النظام وتقديم الهدايا والتبرعات لأسر شهداء الجيش.. المهم أن يحقق المزيد الأرباح.
المثير والمحيّر في الرواية أن الكاتب يجعلك تعشق بطلها وتتعاطف مع كل خطوة يخطوها مهما كانت ماجنة، وبغضّ النظر عن ارتكاباته وموبقاته التي لا تُعدّ ولا تُحصى في سياق إقدامه على تضخيم ثروته. فهو كريم بسخاء، ينفق على من يتعاون معه دون حساب. يملك ترسانة من الطاقات الخلّاقة، يطوف في اليوم الواحد عدة بلدان أحياناً. ذكي، سريع البديهة. طموحاته وأحلامه لا ضفاف لها. صياد ماهر في اقتناص الفرص لزيادة ثرواته. يصل هوسه بمشاريع لم تخطر على بال أذكى الأبالسة في العالم. يعتمد في خططه على فريق كبير من المستشارين ببناء دولة صغيرة مساحتها (24 كم2) شرق الباب الشرقي في مدينة دمشق.
فهو مأخوذ بأسطورة المسيح الأعور الدجال، وبأن المسيح المنتظر سيأتي يوماً ما ويحرر المظلومين وينشر العدالة انطلاقاً من دمشق، وتحديداً من باب شرقي. وسيهبط على المئذنة البيضاء شرق هذا الباب الشهير. فيكرّس كل طاقاته لجعل هذه المنطقة دولة لا نظير لها في العالم. تحوي أبراجاً سكنية ومرصداً فلكياً ومتحفاً للتاريخ الإسلامي وآخر للتاريخ المسيحي. وجامعة فيها (50 كلية) وحدائق شبيهة بما ورد وصفها في الكتب الدينية (جنة عدن) حيث أنهار من العسل والخمر واللبن وشتى أنواع الأشجار المثمرة والطيور والحيوانات.. ولتنفيذ هذا المشروع الجهنمي أعدَّ كل شيء لنجاحه؛ من شراء ذمم رجال الدين والسياسة ومراكز النفوذ في البلاد، وصولاً إلى تشكيل كتيبة مسلحة في ذروة الصراع بين السلطة في دمشق والمجموعات المناهضة لها لهدم ما تبقّى من عمران في هذه المنطقة لتغدوَ جاهزةً لبناء حلمه التاريخي. حيث سيتقاطر كل سكان المعمورة إلى هذه المنطقة ويحصد من مجيئهم ثروات مهولة.
وربما يمكن تفسير المقطع الأخير من الرواية على أن "مايك الشرقي" قد تقمّص شخصية المسيح المنتظر ليقتل ما بداخله من رموز الأعور الدجال؛ فيشرع بتوزيع أمواله على الفقراء والمحتاجين ويحارب الظالمين والجشعين ويسدد ديون المدينين. مقلّداً «روبن هود» في سلوكه المثير والمدهش.
رواية تشدّك من أسطرها الأولى. وتبشّر بكاتبٍ روائيٍّ واعد. نأمل أن يتحفنا في قادمات الأيام بأعمالٍ ترفد المكتبة العربية وتشجّع القرّاء ممّن انكفأ على القراءات الطويلة، واكتفى بـ«بوستات» الفيسبوك والتويتر.. على استئناف اهتمامه بقراءة الكتب التي لا بديل عنها في اكتناز المعارف الثقافية وصقل ذائقته الأدبية.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة في الطابور
- عاشقان تحت المطر
- «ما حكّ جلدك مثل ظفرك»
- ضيوفٌ عابرون!
- صمت حكومة دمشق حيال الأطماع التركية! كيف يُفسَّر؟
- -العثمانية الجديدة- من موسّعة إلى مصغّرة
- موسكو لـ بكين: الصديق عند الضيق
- وهذه المرة الضحية رجل دين!
- لا تعذيب بعد اليوم، هل نصدّق ذلك؟!
- إرهـاصـات نظـام عالمي جديد
- «بوتين» ومستقبل العالم
- حذارِ الاقتراب من «الهيبة!»
- روسيا وسوريا
- كازاخستان، إلى أين؟
- الرومانسي الأخير
- وزارة الاعتذار
- عذابُ الانتظار
- العُزلة
- أهمية السيطرة الإعلامية ودورها في حياة الشعوب
- محضر اجتماع


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضيا اسكندر - قراءة في رواية «المئذنة البيضاء» لمؤلّفها يعرب العيسى