أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - الجمعيات بعد السقوط قصة















المزيد.....

الجمعيات بعد السقوط قصة


كاظم حسن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7372 - 2022 / 9 / 15 - 01:23
المحور: الادب والفن
    


تنفست رئة الشعب بعد سقوط النظام ,وتدفقت الى قلب المدينة المئات من المنظمات و الجمعيات ,(جمعية الخرسان ) , , ,<جمعية لا بعث بعد اليوم >, (معهد ألنور للمكفوفين), (جمعية الدفاع عن حقوق العاملين في دوائر الدولة) ,< جمعية الارامل >...< منظمة الرجل والمرأة >..(جمعية رعاية الطفولة >..
بعد تفكير مقتضب قصد اسعد للخطاط مهدي وعاد بلافتة خط عليها (جمعية العاطلين عن العمل ), وقصد احد المحال واشترى قاطا ورباطا وحقيبة دبلوماسية واقتنى ختما واستاجر قرب ساحة ام البروم محلا في الطابق الثاني ليكون مقرا للجمعية ..هكذا جلس وراء مكتب لاول مرة في حياته , شاب اشهب في الثالثة والعشرين , يتمتع برشاقة ... وكانت الفايلات الصفر تتدفق اليه بالمئات يوميا .. حتى انه استدعى معاونا له , وكان يتقاضى مبلغا عن كل فايل ويصيح <ليس على الجمعية تعيينك لكنها تبذل اقصى جهد لاجلك >..او يصرخ بهم (اخوان عليكم بالنظام وانتم تقدّمون )..
منذ الساعة الثامنة وقبل ان يفتح القفل الثقيل .. يتجمهر العاطلون في انتظاره .. حتى تغريهم حقيبته ورباطه الاحمر فيبدأ التدافع ..كانت له مقدرة لافتة باقناع المغفلين ..تقع جواره <جمعية المحكومين السياسيين>,ورغم ان الكثير من الجمعيات وهمية او بلا مقرات فانها جميعا تحضر دورات تطويرية ينظمها المعهد البريطاني في البصرة ..فيكافأون بمبلغ او هدايا ,غالبا ما تكون حقائب ودفاتر مذكرات .. في ذات المكان الذي سرقت فيه عجلة رئيس < جمعية رعاية الطفولة ).. فارتفع ضغطه وتدفق دم من اجفانه ..كانت التظاهرات لا حصر لها .. فانتعش سوق الطبول والخطاطين .. ولاول مرة بعد تصحر تمكن اسعد من تناول اللحم وتذوق الفاكهة .. وتفاخرت زوجته باقراط الذهب والاساور .. وخاطبوه بلقب استاذ واصبحت لحياته معنى ...
مرت جمعية الارامل باغرب الاطوار..فقد اسست في مقر <حزب النجاة >.. حيث ترأسها رجل متثعلب في الاربعين .. قصير القامة ..احتفظ بصندوقين كبيرين من فايلات الارامل ورفض تسليمها بعدما طردوه من الحزب بتهمة التزوير .. الا ان عشرة صناديق من تلك الفايلات التي تحتوي على البطاقة الشخصية قد نجت ..في تلك الايام انتشر المبايل بين الناس فكان من السهل استدعاؤهن , ومن لا تملك محمولا فانها اعطت رقم قريبها او جارها ..سيحضرن تظاهرة الحمار اذن قبل ان يقف مسؤول مقاول غبي ..فقد ابصرهم امواجا محتشدة فرفع يمناه طاردا (لا رواتب ... قولوا لهن وابعدوهن من هنا )...وبذلك اجهز على حلم المسكينات بعد سنة من الوعود والاحلام ..
كان احد يقف اسفل شباك جمعية العاطلين يوزع اوراقا بالمجان فيها وعد بزيادة مفردات الكمية حتى بلغت اربعين نوعا..لم ينس مبتكرها ان يدرج فيها بيض اللقلق والفستق والجوز .. على مسافة امتار منه احرق ناقمون النار وقطعوا الشوارع وشرعوا بقذف دائرة حكومية بالحجارة مطالبين بالتعيين .. وقد تحولت العشرات من بنايات حزب النظام السابق ودوائره الثقافية والنقابية الى مقرات للاحزاب ..يعلن رئيس < حزب التحرير >في تجمع عام بانه قد حصل على وثائق تثبت تورط حزب النظام من خلال تعليمات بحرق المساجد ...كانت الدوائر الحكومية تحترق ولا احد يدين او يكتشف الفاعل ... كان رجل عربي يقف صارخا في عجلة عسكرية بريطانية <هذه املاككم فانهبوها>...والناس تتسابق للنهب والاستيلاء على الدوائر الحكومية ..
(حزب الانقاذ الوطني ) تمكن من اكتشاف طريقة لكسب المال.. في قصر فخم استدعى مسؤول منهم صحفيا واعلامية وطلب منهما ان يوافقا على وظيفة بسيطة :<تذهبان وتبحثان عن البيوت العشوائية فتصورانها >...<سنبذل الجهد لتوفير سكن لهم .. >..<في النية ان نأخذ تلك الملفات ونعرضها على دول اوربية او خليجية لنضمن الدعم .. وقد تسافران انتما معنا >
كانت الاعلامية نجلاء رشيقة الجسم ., بلغت العشرين عاما دون ان تتزوج وقد قطنت باسلوب النهب والاستيلاء بعد السقوط قصرا فخما يطل على ضفاف شط العرب , من تلك البيوت التي كانت سرا وموضع حسد للأهالي الفقراء, وكانت امها منفصلة , اما اخوتها فيدفعونها بالصفع والشتم لتزودهم بالنقود ولا يسألون عن مصدرها...<لكما راتب ممتاز >.. سألهم زميلها الصحفي :
ــ انتم ستدفعون لنا الراتب ؟ فحددوا مقداره )
ـــ هذا يعتمد على جهدكم .. فكل بيت تصورونه.. على قاطنيه ان يدفعوا مبلغا لكم .ومنه نستقطع راتبا لكما ..
اجابه الصحفي:
ــ انها وظيفة خطرة .. فان لم تتمكنوا من توفير السكن ..فان قيامتهم ستقوم علينا ..
منظمة الامل تشرف عليها امراة اربعينية بيضاء ضخمة واختها ,جسدها مخلوق للاثارة ... عيناها العسليتان شرستان ,تفاهمت مع تاجر كبير لاستقلال غرف من بيته كمقر للمنظمة على وعد بانها ستستقطب له مشاريع , الغريب ان اختها ادعت بان التاجر زوجها ..كانت توظف اعدادا من النساء اغلبهن ارامل او مطلقات او مراهقات ضائعات ,في علية ترى مدعيا , استقطبته المنظمة , يسمونه الخبير النفسي يحاضر في تجمع لنساء , يعلمهن كيف يعتنين برضعهن ..في احد الايام اتت احدى موظفاتها ومعها رجال الشرطة فقد مضى عليها شهران لم تتقاضى منها درهما .. وتبادلتا الشتم في باب المنظمة ...التي اغلقت بعد هذا الحادث باشهر .. بعدما تم الكشف عن منزل مشتبه فيه تديره في احد الارياف .. وقيل انها اتهمت بتهريب الفتيات للخليج .. دخل عليها مسلحون متشددون .. وتمكنت من الهرب ...
اكثر الجمعيات عنفا اولئك الذين بتر النظام آذانهم لهروبهم من الجيش.. (جمعية مبتوري الأذان ) واغربها (جمعية الخرسان ) الذين استدعوا مترجما ليعبر عنهم , وليشرح مطالبهم للصحفيين .تمكنوا من الاستيلاء على دائرة منزوية ليقيموا عليها مقرا لهم .
ورد في احصائية بان الفين من الجمعيات والمنظمات قد انشئت ولا احد يعلم كيف انطلقت .. ربما اقتنع البعض بان وزارة ما ستمنح دعما ماليا .. في مجتمع يزدهر فيه الخيال ان انبثقت الفوضى وتبرقعت الوعود بريش الطواويس ..
تم الاعداد لتظاهرة الحمار بدقة فقد تكفل حزب ليبرالي بتوفير السرادق والماء والمرطبات والطعام .. في مقره استدعوا راقصي الهيوة وفرق الخشابة والهازجين وتمرنوا ..
في صباح اليوم الثاني تصدرت الدفوف والطبول واللافتات وانطلقوا في اتجاه ديوان المحافظة .. واقاموا السرادق وسط الشارع امام باب المحافظة ..كان ناشط في احد الاحزاب قد اتى بحمار سمين يمسكه بحبل وقد كتب عليه (هذا محافظ البصرة )...وكان الحزب الليبرالي قدم هدايا نقدية لجمعية الخرسان وكان عددهم كبيرا نسبيا فتقدموا رافعين اسم وشعار جمعيتهم تعقبهم جمعية الارامل ومبتورو الاذان ..وخطب احد المتظاهرين بصوت مجلل وختم (جمعية الطايحين من السطح ).. استمر الاعتصام لثلاثة ايام .
رئيس جمعية رعاية الطفولة باع منزله واشترى بستانا واسعا في الريف البعيد بعدما سرقت عجلته .. ولم تمض عليه سنتان حتى رن بخياله شيطان الطيران , كان بن فرناس يسري في خياله منذ الصغر , فاشترى محركاً لسيارة فولكس واجن قديمة واجرى عليه بعض التعديلات..واقتنى مخلفات الحديد والالمنيوم واشياء عتيقة اخرى وصنع منها طائرة عمودية .. شعر جيرانه اولا بالسخرية ثم بالرعب حين اعلن بان الاقلاع قريب .. وقد دفعه الحماس في احدى الليالي الى تشغيلها لكنه لم يطر بها ..وقد حذره طيارهلكوبتر (بامكانك ان تطير لكن من الصعب عليك ان تهبط )..وبدلا من الطفولة صار همه مراجعة الدوائر الحكومية ليتلقى معونة لمشروعه الذي لن ينجح..
الى منزله لا الى جمعية العاطلين ,وصل الاثاث الذي منحته الحكومة المحلية له ..مضت سنتان ولم يتمكن من توظيف عاطل واحد , حتى هو نفسه لم يعثر على وظيفة ..فاغلق الجمعية وحشر الفايلات بالاكياس , واهداها لبائع حلوى ..وتحول حارسا لكراج يقع وسط بستان نخيل .. وفي احد الايام قصد رجال الشرطة ذلك الكراج بعدما تلقوا ابلاغا بان صبية تم اغتصابها قريبا منه في الباص الخشبي ..
نجت وحدها .. نافعة وحدها ..اما ملايين الفايلات فالى بائعي الحلوى او وقود لمحرقة البراميل.. للانهار العطشى .. لخنادق خلفتها الحرب .. سيرهم الذاتية وصورهم اسمدة لتضخيم القمامة .. نجت وحدها ..ستكون الاسماء في مكان والصور او اجزاؤها بمكان ..احلام يصهرها تيزاب الواقع .. وحدها نجت ملفات الارامل ... فقد اجتمع حول منضدة طويلة مجموعة من الفتيات والرجال في ظهيرة سرية ليسجلوا في سجلاتهم اسماءهن حسب البطاقات الشخصية ليتحولوا دون علمهن الى حزب جديد , فيما كان خطاط في اعلى واجهة البناية ينسخ العنوان الاول , ويخط ( حزب الشروق )..



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنلتحم قصيدة
- الحي العشوائي قصة
- مقهى
- قصيدتان : طحن الارواح
- البريكان : مجهر على الاسرار وجذور الريادة ج7
- نظرة الى الامام مذكرات ج13
- في انتظار الطبيب
- قدح شاي
- ( خيمة الحركة ) قصيدة
- نهاية فاجعة لشاشة سينما محمود البريكان
- من شظايا الزجاج
- 3 قصائدوجوم
- فناجين قهوة من الورق المقوى
- مأتم وسوق
- الصيد( بيك اخطيتك )
- قصيدتان:التلال المستطرقة والقديس
- (ليقنعها بالزواج باحدهم ) قصة
- غربال ( قصيدتان )
- نظرة الى الامام مذكرات ج12
- اخيرا تفتت الوحدة


المزيد.....




- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - الجمعيات بعد السقوط قصة