أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام ابوطوق - عاش الملك .!














المزيد.....

عاش الملك .!


بسام ابوطوق
كانب

(Bassam Abutouk)


الحوار المتمدن-العدد: 7371 - 2022 / 9 / 14 - 02:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من على سريرها، بكل هدوء ووقار، ودّعت ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية أفراد أسرتها المجتمعين حولها، وفئات شعبها، وغادرت الحياة٠

معظم التوقعات بشأن وراثة العرش الملكي اتجهت إلى تجاوز الأمير تشارلز ولي العهد إلى ابنه البكر الأمير ويليام لأسباب عديدة منها عدم شعبيته
بسبب علاقته المضطربة مع زوجته السابقة الأميرة الراحلة ديانا، ثم زواجه غير المرضي عنه لاملكياً ولا شعبياً من كاميلا باركر. وأيضاً لعمره
المتقدم (73 عاماً) وهو أقرب لسن التقاعد منه إلى تسلم مهام وظيفية جديدة، وقد يناسب هذا العمر ملكاً قديم العهد ولكنه لا يناسب بداية
عهد ملكي. ويشار أيضاً إلى الأمير ويليام الذي أظهر مع دوقته الساحرة وأطفاله الرائعين موهبة العمل الملكي بطبعته العصرية٠

لكن التقاليد الدستورية الانكليزية أثبتت رسوخها وعراقتها واستقرارها فكان الانتقال سلساً وبروتوكوليا بعد عدة قرون من الاضطرابات
والحروب الداخلية والتنازع على السلطة بين الأسر الحاكمة ثم بين الملوك ونبلائهم، ومع صعود طبقات شعبية منتجة جديدة تواقة إلى
الحرية والمشاركة السياسية والاقتصادية، وبعد الارتقاء من ميثاق الحريات في العام 1100 إلى الماغنا كارتا في العام 1215 ثم الانتكاسات
والفشل المتكرر، توصل زعماء وقادة الرأي والفكر في انكلترا إلى هذا النظام المنسجم مع النزوع البريطاني إلى الاستقرار والمتلازم مع نهوض
صناعي اقتصادي فرض اندفاعاً إلى تخطي حدود الجزيرة واستعمار ما وراء البحار.

سمّي هذا النظام بالملكية الدستورية حيث الملك يملك ولا يحكم، بل تحكم المؤسسات المنتخبة والممثلة لكافة طبقات الشعب وتعبيراتها
الاقتصادية والاجتماعية والقومية، مؤسسات خاضعة لمجموعة من القوانين العريقة والمتجددة في آن.

وهكذا تحولت العائلة المالكة، وعلى رأسها الملك أو الملكة، إلى رمز وطني يعبر عن استقرار البلد وتاريخه وتحكمه مجموعة مترابطة ومتشابكة
من البروتوكولات والأعراف والتقاليد والمسؤوليات٠

ونجحت الديمقراطية الإنكليزية ولأول مرة في تاريخ المجتمعات البشرية في وضع حدود فاصلة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية،
ذلك الحل السحري والناجع والذي يمثل أرقى ما وصل إليه العقل المجتمعي البشري لإشكاليات الحكم والإدارة٠

فإذاً.. ملك يملك ولا يحكم، ورئيس وزراء تختاره الأكثرية البرلمانية المنتخبة من الشعب ولكنه
خاضع لمراقبة ومحاسبة البرلمان، وقضاء مستقل عن السياسة والسياسيين، وجيش محترف للدفاع عن البلاد لا يتدخل في السياسة٠

هذا النظام السهل الممتنع المسمى بالملكية الدستورية لاقى قبولاً واستحساناً، واعتمد كنموذج ناجح في باقي الملكيات الأوروبية كالنرويج
والسويد والدانمارك وهولندا وبلجيكا، وكل هذه البلاد تعيش حالات متقدمة من الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي والرقي الاجتماعي والأخلاقي٠

هذا الموروث تركته الملكة الراحلة أمانةً بين يدي ولي عهدها الذي أصبح الآن الملك تشارلز الثالث٠

الملكة اليزابيث الثانية التي اعتلت العرش في سنها الخامس والعشرين تمتّعت بعمر مديد لإثبات نفسها، وهذا ما لا يتمتع به تشارلز الثالث وليس
لديه هذه الفسحة من العمر مهما كانت أعمار البشر مديدة. وفي هذا تتجلى غاية وعبء التاريخ، ولذلك سيكتفي الملك الجديد من المهام بالقيام بإدارة
الملكية لفترة انتقالية هادئة تكفي لنقله هذه المهام إلى الجيل الجديد بحالة سليمة،

ومن مزايا الملك تشارلز الثالث انفتاحه على الثقافات الأخرى وهو الذي درس الأركيولوجيا والأنثروبولوجيا والتاريخ في جامعة كامبريدج، وعبر عن آرائه
التحررية حول المناخ والهندسة المعمارية الحديثة و ترحيل اللاجئين الروانديين والمحاصيل المعدلة وراثياً والطب البديل في رسائله التي كان يرسلها
الى وزراء الحكومة البريطانية تحت مسمي العنكبوت الأسود.

ولكن المطلوب منه “دستوريا” الآن بحكم منصبه الملكي الاحتفاظ بآرائه الخاصة لنفسه فهو ملزم بالحياد وعدم التدخل في الشؤون المباشرة للحكم والإدارة.

الاستعمار البريطاني كان مثالا سلبياً صارخاً لغزو الشعوب ونهب ثرواتها والتدخل الفظ في شؤونها، ولكن الاستقرار الاجتماعي والمؤسسات الدستورية
يجب أن تكون مثالا “إيجابياً” براقاً.

وفيما تتعلم الشعوب من الشعوب تجاربها الملهمة، يجب أن تبتعد عن التلوث بتجاربها المؤلمة.



#بسام_ابوطوق (هاشتاغ)       Bassam__Abutouk#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتفاق النووي : كلّ يغني على ليلاه
- نيلسون مانديلا.. ذلك الحكيم الأسمر الذي علمنا معنى الحياة وا ...
- يوم أعلن الآباء المؤسسون نخبة الوطن السوري عن الاستقلال السو ...
- لا نملك سوى أرضٍ واحدة.. ونوع بشري واحد
- قمتا بافاريا ومدريد تبشران بالديموقراطية
- من حقل كاريش اللبناني إلى اتفاقية العار المصرية .. تخاذل عرب ...
- عندما يصرح نائب لبنان التغييري : انا امثل الوطن
- ايمانويل ماكرون متنقلاًبين القمم
- بذور الديمقراطية التونسية بين رحى الإستبداد وجرن الإسلام الس ...
- جليات الفلسطيني لم يُسقط النعش !
- كوندوليزا رايس ..ونظرية الحرب الإستباقية
- لا بد من فلسطين
- هكذا كتب السوريون دستورهم في العام 1950
- عن الحروب غير المشروعة ولزوم مالايلزم
- تتسع الرؤية وتضيق العبارة..اين حقوقنا الإنسانية؟
- عن كييف والتاريخ الذي لا يرحم
- قراءة في مقال
- اعادة الاعمار في سوريا هي اعادة اعمار للمجتمع
- لحراك السياسي الإلكتروني، أو حتى التحركات المؤيدة للثورة الس ...
- لذكراها..منار ابوطوق الرفاعي


المزيد.....




- السعودية.. تحليل أسلوب الأمير تركي الفيصل بالرد والتعامل مع ...
- بعد فرض قيود على المكالمات.. واتساب يتهم روسيا بمحاولة حرمان ...
- ماسة من قلب البركان؟ هكذا عثرت نيويوركية على خاتم خطوبتها بع ...
- لبنان: مروحة على دراجة نارية
- حزب الله يؤكد رفض قرار تجريده من سلاحه ويتهم الحكومة بـ-تسلي ...
- السودان: البرهان يرفض -المصالحة- مع قوات الدعم السريع ويؤكد ...
- ترامب: بوتين مستعد للتوصل لاتفاق بشأن أوكرانيا ونأمل في إشرا ...
- يدًا بيد لجعل الذكاء الاصطناعي أداة لنفع الإنسانية
- فورين أفيرز: لهذا فشلت محادثات السلام في أوكرانيا عبر السنوا ...
- غوتيريش يطالب إسرائيل بوقف فوري لمخطط تقسيم الضفة الغربية


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام ابوطوق - عاش الملك .!