أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد عبد الكريم يوسف - الببلومانيا و التوسوندوكو و الببيلوفيليا















المزيد.....

الببلومانيا و التوسوندوكو و الببيلوفيليا


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7305 - 2022 / 7 / 10 - 09:06
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


قد تبدو المصطلحات على درجة من الغرابة لفظا ولكنها قديمة قدم الإنسان في علم الدلالة.

كتب القس توماس فروجنال ديبدين في القرن التاسع عشر عن اضطراب عانى هو شخصيا منه، في كتابه "ببلومانيا". لقد وصف ديبدين أعراض هوس الكتب وأشار إلى أنواعه، ومن بينها جمع الطبعات الأولى، والطبعات الأصلية، والكتب المطبوعة بالخط القوطي، والنسخ الكبيرة.

يذكر الرجل أن "هوس الكتاب" بلغ ذروته في باريس ولندن بعد الثورة الفرنسية عام 1789 ، وأكَّد أن المرض كارثة قاتلة ومرض يصيب الكُتَّاب والقادة وصناع الرأي ورجال الدين، ويهاجم الذكور بالأخص، من الطبقات العليا والمتوسطة، تاركا الطبقات الأدنى في سلام.

لم يُصنَّف هذا الهوس بجمع الكتب كمرض نفسي معترفا به في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الصادر عن الجمعية الأميركية للطب النفسي، رغم أنه يُعَدُّ أحد أعراض اضطرابات الوسواس القهري، وقد يؤدي لدى البعض إلى انهيار العلاقات الشخصية أو الإضرار بصحتهم.

كتب الدكتور نورمان وينر بحثا عن هوس جمع الكتب في مجلة التحليل النفسي عام 1966 مُشيرا إلى تجاهل المحللين النفسيين له، كما استشهد بحالة تُشير إلى أنها تُعَدُّ هواية لدى بعض المصابين بهوس جمع الكتب لتخفيف القلق.
وفي عام 1994 ،
نشر روث فورمانك في كتابه "تفسير الأشياء والمجموعات" دراسة استقصائية تجريبية حول دوافع جامعي الكتب المختلفة، واستطلع آراء 167 شخصا من بينهم طلاب وأعضاء هيئة تدريس بالجامعة وتجار أعمال فنية، كان الدافع الأبرز هو الشعور بالإثارة، وذكر المشاركون من بين الأسباب تراكم المعرفة والاستثمار المالي والشعور بالتحدي، بينما ذكر بعضهم أسبابا مثل الإدمان والهوس والإكراه، ورأى المؤلف أنه يُمثِّل للبعض سلوكا قهريا يقومون به.

عبر التاريخ، ربطت كثير من المجتمعات بين مكانة الفرد وما يمتلكه من معارف، ويبدو أن الأمر ارتبط تدريجيا بما يملكه من كتب بالتبعية، يذكر المؤرخ الكبير أحمد المقري التلمساني في كتاب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب" كيف كان أهل الأندلس أكثر العرب اعتناء بالكتب، فكان اقتناء الكتب علامة من علامات الفخر لدى الأندلسيين، وكان لأصحاب المكتبات مكانة بارزة دفعت بعض مَن لا يقرأون ممن يريدون حيازة السلطة إلى أن يُقيموا مكتبات في بيوتهم لا لسبب إلا أن يصيروا حديث الناس بسبب جمعهم مجموعات نادرة من الكتب لا يملكها غيرهم.

مع اختراع الطباعة عام 1440 صارت حيازة نسخ من الكتب أيسر نوعا ما، لتظهر في أوروبا هواية جمع الكتب والهوس بها بشكل أكثر اختلافا، ففي القرن التاسع عشر كانت وفاة النبلاء الفرنسيين فقط هي التي تكشف الكنوز الثمينة التي تحتفظ بها مكتباتهم الخاصة الفاخرة من آلاف الكتب، وكانت المزادات تُقام لبيع أملاكهم بحضور الأثرياء، ومن بين تلك المقتنيات مجموعات هائلة من الكتب النادرة.

في المزادات كانت أسعار الكتب ترتفع ارتفاعا خياليا بدا معه أن هذا السعي وراء جمعها لم يكن بدافع قراءتها، يصف الكاتب الإنجليزي توماس دي كوينسي في مذكراته "اعترافات آكل أفيون إنجليزي" ما حدث في أحد المزادات، وكيف بالغ الأثرياء في أثمان الكتب بحيث دفعتهم "النزوة" و"المشاعر" وليس العقل. 

إن حيازة الكتب له شؤون وشجون كثيرة من بينها الأخطار التي تتعرض لها الكتب من عث نتيجة قلة العناية والتفرغ لها وضرورة تصنيفها وحمايتها من السرقة.

في عام 1869 عُيِّن عالم اللاهوت البافاري ألويس بيشلر "أمين مكتبة" في المكتبة العامة الإمبراطورية في سانت بطرسبرغ في روسيا، وهو منصب مرموق يحظى صاحبه براتب كبير، بعد أشهر قليلة لاحظ موظفو المكتبة اختفاء عدد كبير من الكتب من مجموعتهم، كما لفت انتباهم سلوك بيشلر الغريب، وفي عام 1871 عثروا على أكثر من 4500 عنوان مفقود من المكتبة لدى بيشلر.

ارتكب بيشلر أكبر سرقة كتب مسجلة من مكتبة أوروبية، وبعد اعتقاله وأثناء المحاكمة، حاول الدفاع التأكيد أنه يعاني من حالة عقلية غريبة، نوع من الهوس ليس بالمعنى القانوني أو الطبي كما ذكر الدفاع، كان بيشلر ضحية هوس جمع الكتب، وقد عوقب بالنفي إلى سيبيريا.

في عصور أحدث، وبين أشهر الكُتَّاب، كان شبح الهوس بجمع الكتب يبدو فيما تضمَّنته مكتبات أشهر المؤلفين؛ كان لدى الكاتبة البريطانية فيرجينيا وولف في مكتبتها الشخصية نحو 4000 عنوان، وكان الكاتب الأميركي إرنست همنغواي يشتري نحو 200 كتاب في العام، وهكذا فبعد وفاته عُثر في مكتبته في كوبا على ما يقرب من 9000 مجلد، فضلا عما احتوته مكتبة منزله الآخر في كي ويست بالولايات المتحدة. كان الكاتب الأميركي إرنست همنغواي يشتري مئتي كتاب كل شهر.

ولم تختفِ ظاهرة السرقة وارتكاب الجرائم بين المصابين بهذا الاضطراب أيضا، ففي عام 1991 كان رجل أميركي من ولاية أيوا هو ستيفن بلومبرج يقف في قاعة المحكمة، مُدانا بسرقة أكثر من 23600 كتاب بقيمة تتجاوز خمسة ملايين دولار أميركي، كانت الكتب تزن 19 طنا، وقد استغرق بلومبرج أكثر من 20 عاما لسرقتها من ولايات مختلفة.

أصبح بلومبرج أشهر لصوص القرن، وفي الدفاع عنه ذكر الطبيب النفسي الدكتور ويليام س. لوجان أن بلومبرج عانى من السلوك القهري ومن أوهام الفصام، وأن هذا هو السبب وراء هوس الكتاب، كان بلومبرج يعتقد أنه كان ينقذ الكتب من الدمار بسرقتها، وكان يرى أن الحكومة لن تتيح الكتب للعامة، فسعى ليتولى هو الأمر وجمع النسخ بنفسه، مع ذلك فقد حُكم عليه بالسجن لمدة 71 شهرا ودفع غرامة قدرها 200 ألف دولار، أُطلق سراحه في كانون الأول عام 1995 ، لكنه لم يتوقف عن السرقة ليعود إلى قاعات المحاكم مرة أخرى عام 1997 ، ولم تكن المرة الأخيرة.

أشهر الببلومانيون:

يأتي في الطليعة الشاعر اليوناني المرموق يوربيديس، في القرن الخامس قبل الميلاد.

ستيفن بلومبرج، والذي أُدين بسرقة 24 ألف كتاب

كتب تقدر قيمتها 5.3 مليون دولار.الذي نجح في سرقة 24 ألف كتاب وكانت قيمتها تقدر بحوالي 5.3 مليون دولار.وبعد الحكم عليه بعقوبة السجن 42 عاما، قدم محاميه ما يثبت أنه يعاني سلوكاً قهرياً دفعه إلى ذلك السلوك، وهو ما يعزز ولعه بالكتب، فتم تخفيف الحكم لعامين مع إلزامه برد الكتب التي استولى عليها.

السير توماس فيلبس ، البارون الأول (1792-1872)، والذي عانى من هوس الكتب الشديد ، حيث احتوت مَجموعته من الكتب على أكثر من 160 ألف كتاب ومخطوطة، وذلك حتى وفاته، والتي بيعت بالمزاد العلني والذي استمر لأكثر من 100 عام من وفاته.

القس ويتشر ، كان قسًا صاحب طريقة من القرن التاسع عشر، وكان قد سرق  واستعاد العديد من الكتب النادرة، والتي أكد أنها كانت كتب «اكتشافات» نادرة عن طريق بائعي الكتب المحليين

توسوندوكو أو ببلومانيا

أما في الجانب الشرقي من العالم، فقد ظهرت ثقافة لها درجة من الشبه مع الببلومانيا، في عام 1879 ظهرت كلمة "تسوندوكو" لأول مرة في اليابان، وهي من مقطعين: تعني "قراءة"، وكلمة أي "مكدس"، وتعني "تسوندوكو" تكديس عدد هائل من الكتب لقراءتها لاحقا، وهي تختلف في معناها عن الببلومانيا في أن مهووسي التسوندوكو لديهم نية بالفعل لقراءة الكتب، لكنهم لا يقرأونها ربما لضيق الوقت أو أي سبب آخر، وبالتالي يمكن تصوُّر موضوع ما يجمع عناوين الكتاب المتكدسة وينم عن رغبة صاحبها.

التسوندوكو تعني جمع الكتب التي تهتم بالفعل بقراءتها لكنك لا تجد وقتا، فتكتفي بالنشوة التي تحدثها حيازة الكتب

تُشير تسوندوكو إلى رغبة في المعرفة، وشراء المزيد من الكتب يُخفِّف الشعور بالذنب لدى صاحبها، باعتبار أنك تقوم بخطوة على الطريق، وأنك تُعِدُّها لتكون في انتظارك حين تُقرِّر البدء، وهو ما يُشعرك بالنشوة عند شراء كل كتاب جديد، كما أنها لا تحمل أي وصمة ولا تحتاج إلى علاج. على الجانب الآخر، قد يشعر الشخص مع تراكم الكتب المهمة وغير المقروءة في مكتبته بالضغط، وربما الكآبة، لأن هناك الكثير من المهام التي لم تُنجز بعد.

يقول ادوارد نيوتن: "حتى عندما تكون القراءة مستحيلة، فإن الاستحواذ على الكتب يخلق حالة من النشوة".

الببلومانيا و التوسوندوكو و الببيلوفيليا

يخلط كثيرون حتى الخبراء بين المصطلحات ولا يميزون الخصائص التي تعرف كل نوع من البشر بانتمائه إلى الببلومانيا و التوسوندوكو و الببيلوفيليا.

فما هي دلالة مصطلح الببيلوفيليا؟

تاريخيا كان مصطلح البيبليوفيليا يطلق على جامعين الكتب، ففي عصر التنوير مثلا كان الحصول على الكتب ليس بالأمر السهل، لذلك كان جماع الكتب يتميزون بنظرة رقي خاصة في المجتمع، اليوم اختلف الأمر ، فالشخص الببيلوفيلي في هذه الوقت هو المحب للقراءة، المفرط في حب القراءة واقتناء الكتب، هو الشخص الي يمتلك شغف وشراهة التنقل بين صفحات الكتب، هو الشخص الذي يقتني ويقتني ثم يقرأ كل ما يقتنيه. ويُرجع بعض عُلماء النفس أن (الفضول) هو السبب الرئيسي خلف هذا النهم والإفراط. وعلمياً لا يعتبر البيبليوفيليا مرض نفسي.

تقول جدتي عندما تنتقد أحدا يخل بالٱداب والأصول : عند الشيخ كتب كثيرة لكنه لا يطالعها.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم نبدأ بعد
- رسالة الرئيس بوتين للغرب
- إسكروا
- مفهوم مدريد الاستراتيجي ومستقبل الناتو
- أكثر من مجرد أصدقاء
- حدود دور الصين في سوريا
- الطاقة المتجددة ومستقبل الشرق الأوسط
- جرائم المستقبل
- تذكرة إلى الجنة
- ظهور الفساد الاستراتيجي
- شهوة
- يمكنك بناء حلمك من جديد
- هل يحدث الانهيار الكامل لكل شيء
- المظهر والجوهر
- سمات المرأة النبيلة
- التنبؤ بالعلاقة الناجحة
- ما هو الحب ؟
- رحلة السويد وفنلندا من الوضع المحايد إلى الناتو
- قمة الناتو وتحديات التحالف العسكري
- الحقائق الإستراتيجية للقرن الحادي والعشرين -الحروب الصغيرة-  ...


المزيد.....




- Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
- خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت ...
- رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد ...
- مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
- عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة ...
- وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب ...
- مخاطر تقلبات الضغط الجوي
- -حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف ...
- محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته ...
- -شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد عبد الكريم يوسف - الببلومانيا و التوسوندوكو و الببيلوفيليا