أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مَن يُسَلِّعُ المرأةَ ويُشيّؤها … على هامش مقتل نيّرة














المزيد.....

مَن يُسَلِّعُ المرأةَ ويُشيّؤها … على هامش مقتل نيّرة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7294 - 2022 / 6 / 29 - 12:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رحمَ اللهُ "نيّرة أشرف عبد القادر" طالبة جامعة المنصورة، الفتاة الجميلة التي قتلها زميلُها لأنها صدّت شغفَه، فذبحَها في وضح النهار، لتنزفَ دماؤها من قلوب المصريين جميعًا، بل ومن قلوب العالمين بعدما صارت قضية رأي عام هزّت أركان الدنيا. اللهم اربط بالصبر الجميل والاحتساب على قلوب أبويها وذويها وأصدقائها. وبعد.
كعادتهم، بعض "أدعياء الدين"، لا يظهرون إلا حين تظهر "المرأة"، ويتوارون حين تظهر الكوارثُ والجوائحُ والفقرُ والمرضُ وحروبُ العالم وقضايا الوطن. ثمّة ارتباطٌ شرطيٌّ عجيب بين ظهورهم، و"جسد المرأة”. لم يلفت نظرَهم في تلك الفاجعة المدوية التي وخزت قلبَ مصر، إلا أن الفتاة الصريعة لم تكن "محجبة"، وأرجعوا سبب القتل إلى ذلك! ويشاءُ القدرُ أن يردَّ عليهم بعد يومين من استشهاد "نيرة"، بجريمةٍ شنعاءَ مماثلة في الأردن الشقيق، راحت ضحيتها الطالبةُ "إيمان إرشيد" التي صرعها زميلُها لنفس السبب: إذْ رفضتْ شغفَه بها، والفارقُ الوحيد بين الضحيتين، أن الشهيدة الأردنية كانت "محجبة". وكأن القدرَ يودُّ أن يُخرسَ ألسنَ المتنطعين على الدين، بأن الجريمة "عمياء" لا تُميّز خصلاتِ الضحية، بل يسكنُ التمييزُ أدمغةَ أدعياء الدين.
قال أحد أولئك المتنطعين على الدين، والدين منهم براء: (السبب في الجريمة هو "تسليعُ المرأة وتشييؤها في الدراما والأفلام)! و"التسليعُ" هو جعلُ الإنسانِ "سلعةً" تُباعُ وتُشترى، و"التشييءُ" هو جعلُ الإنسانِ "شيئًا"، وليس كائنًا عاقلا ذا إرادة. وعكس "التشييء" هو "الأنسنة"، وهو مصطلحٌ أدبي وتيمةٌ شعرية يستخدمها الشعراءُ حين يضفون على الأشياء الجامدة صفات "الإنسان" لمنحه الحياة. فنقول: القمر "يغفو"، والشمسُ "تضحك"، والأشجار "ترقص"، والزهور "تغني"، والليلُ "يتنفس" الخ.
وهنا يأتي السؤال: (مَن الذي يُسلِّعُ المرأةَ، ويجعلها شيئًا رخيصًا يُباعُ ويُشترى؟) الدراما والفنون القيّمة التي تحثُّ المرأةَ على التفوق والعمل وإثبات الذات والاعتماد على نفسها ومواجهة المجتمع بصلابة وعزّة نفس؟ أم المتطرفون والإرهابيون الذين شاهدناهم بأعيننا يبيعون النساء سبايا في أسواق النخاسة في كل بقعة احتلتها داعش وبوكو حرام وطالبان وغيرها من جماعات التكفير والإذلال وقتل الحياة وتشويه الدين؟! مَن الذي يُسلِّعُ المرأة ويُهينُ إنسانيتَها؟ الدراما كما في مسلسل "إلا أنا" التي جعلت الفتاة تواجه مشاكلها المجتمعية والنفسية والمرضية لتصمد وتواجه وتنجح؟ أم الدعيِّ الذي قال بالحرف إن (المرأة مثل السيارة التي يملكها الرجل، إن تركها مفتوحة تُركب من الغير!) و"مفتوحة" هنا يعني "غير محجبة". وهذا الدعي يُدرك بالقطع، كما أدركنا جميعًا، أنه بهذا يُجيزُ التحرش والاغتصاب لكل فتاة غير محجبة في المجتمع! وبالتالي، ضمنيًا، يُجيز التحرش بـ واغتصاب كل فتاة مسيحية على أرض مصر! ولستُ أدري كيف لم يتم توقيف هذا الشخص بعد هذا التصريح المخيف الذي وضعه في خانة "الفتوى"، بما أنه يخدعُ الناس بإيهامهم أنه أحد ألسن الأزهر الشريف، حاشاه، وأحد المتحدثين باسمه، رغم تبرؤ الأزهر الشريف منه علانية، وكذلك منعته هيئة الأوقاف من اعتلاء المنابر والظهور على أية فضائية مصرية، في خطوة محمودة نشكرهم عليها. لكنه مازال، وسوف يظل، يبثُّ سمومَه على صفحته الشخصية وقناة يوتيوب التي يتابعها بضعة ملايين من شباب مصر، غير المسلّح بالعلم والمعرفة الدينية الصلبة، فيصدقون ما يقول من ترهاتٍ تُشوّه ديننا العظيم، ويهللون له. وربما خرج من بينهم مَن يتحرش بغير المحجبة أو مَن يقتل فتاةً لم تبادلها حبًّا بحب، مادامت المرأةُ "شيئًا" مملوكًا للرجل لا يحق لها الاختيار ولا تجوز لها الإرادة، كما أوهمهم عرّابُهم الذي وصف المرأة "بالسيارة التي تُركب"! فمن الذي يُسلِّع المرأةَ ويجعلها شيئا؟ الدراما الراقية، أم الشيخ الذي قال مخاطبًا سيدات مصر: (اخرجي "قفّة"، إن كنتي عاوزة تعيشي! لو خرجتي وشعرك على الخدود يهفهف، هاتدّبحي!!!). مَن يُسلّع المرأة؟! الدراما والأفلام والفن التشكيلي والموسيقى والباليه والأوبرا والمسرح والقوى الناعمة التي تُثقِّف النشء، أم الشيخ الذي أفتى بأن الخروج من الضائقة الاقتصادية جدُّ يسيرٌ عن طريق غزو الدول الأجنبية لكي نسترقّ نساءها ورجالها وأطفالها ونأخذهم سبايا، ننكحُ ما يطيب لنا منهم، وحين نضجر منهم نبيعهم، فنجني الأموال! قال هذا بالحرف الواحد، والفيديو موجود بكل أسف على يوتيوب مازال يسمعه النشءُ فتتلوثُ مداركُهم ويخرج من بينهم مع مقبل الأيام إرهابيون وسفاحون وقتلة ومتحرشون.
“الجمهورية الجديدة" تسيرُ بخطًى واثقة ومشهودة نحو التحقق والعلو. قضينا على الإرهاب والحمد لله في شمال سيناء وفي سائر أرجاء الوطن العزيز، لكن مازال أمامنا مشوارٌ مهم وحتمي لأجل انتزاع "نصل الإرهاب الفكري" المتغلغل في عقل الوطن.


***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شمعةٌ جديدة في بلاط المصري اليوم
- عيد الأب … العيد المنسيّ!
- فرج فودة … عِشْ ألفَ عام!
- أنت على حق يا نهرو!!!… والدليل: قالولوا!
- نغم راجح … عصا ناير… وقلبُ الفقي
- ذكريات -اعتصام المثقفين- … حقل الألغام
- عقولٌ نقيّة … قلوبٌ نظيفة
- الرحلةُ المقدّسةُ في أرضِ مصرَ
- هنا السُّليْمانية … الكُردية ... البهيّة1
- صلاح منتصر … هل قلتُ لكَ: أحبُّك؟!
- -ملك سيام- … عهدٌ من -صبحي- ... واجبُ النفاذ!
- أبناء الشيخ زايد … في عيون مصر
- ذكرى شهدائنا الأقباط في ليبيا
- مَن قتل شهداءَنا في شرق القناة؟
- صوتي في مسلسل -الاختيار-
- مسيحيون ...يغنّون لعيد الفطر
- هدايا/رسائلُ الرئيس السيسي في إفطار الأسرة المصرية
- أسبوع الآلام... وأسبوعُ الأعياد
- هؤلاءِ كلُّ مَن أحببتُ!
- السحورُ على شرف النسيج المصري


المزيد.....




- حدثها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات ل ...
- حين يقترب الفن السابع من خبايا عالم الباباوات المغلق وأسرار ...
- ترامب يلتقي زيلينسكي بالفاتيكان ويشكك برغبة بوتين في التفاوض ...
- المسيحية في أوروبا: عوامل التراجع وعودة النفوذ
- سلوك زيلينسكي عقب لقاء ترامب في الفاتيكان يثير الانتقادات في ...
- كاردينال ساكو: نتمنى من البابا الجديد مواصلة تعزيز الحوار بي ...
- صحيفة -التلغراف- البريطانية: الفاتيكان خالف البروتوكول بوضع ...
- ترامب يلتقي زيلينسكي تحت قبة الفاتيكان
- ترامب يجري مباحثات مع زيلينسكي على هامش جنازة بابا الفاتيكان ...
- صحيفة أمريكية: طائرة الاستطلاع السويدية القديمة المسلمة لأوك ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مَن يُسَلِّعُ المرأةَ ويُشيّؤها … على هامش مقتل نيّرة