أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - البورغواطيون وقياس الزمن















المزيد.....

البورغواطيون وقياس الزمن


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 7290 - 2022 / 6 / 25 - 20:51
المحور: الادب والفن
    


نسمي الغربيين في المغرب بالنصارى (خصوصا بالدارجة المغربية، او الروم (بالأمازيغية أرومي)، أرومي كنا نطلقها بشكل عام على سكان أوربا ، وعموما المصطلحان يرتبطان في المخيال الجمعي بالخلفيات التاريخة على الرغم انهما مصطلحان سوسيولوجيا يعبران عن الغزاة من أوربا، أرومي نسبة إلى الإمبراطورية الرومانية، أما النصراني فنسبة إلى الحروب او الحملات الصليبية وهكذا برغم اختلاف الروم عن الصليبيين واختلافهما معا عن الاستعمار الفرنسي أو الإسباني، ففي الذاكرة الجمعية يمثلون نفس العنصر البشري: غزاة من الشمال، هناك تسميات أخرى لغزاوت اخرى ربما أو فقط هي للتمييز، الناس القادمون من الشرق عادة نسميهم بأسماء قبائلهم، من الجزائر نسمي القادم منهم ب"أقبلي" أي من منطقة لقبايل بالجزائر، هناك من يعتقد ان أقبلي تعني أسود لكن ليس الأمر صحيح، فالعائلات التي تحمل هذا الإسم مثلا بالأطلس المتوسط هي شقراء وليست بلون أسود، القادمون من جنوب الصحراء نسميهم احرضان (في دروس التاريخ ربط هؤلاء بجيش السلطان إسماعيل ويقال انه جيش عبيد البخاري، ظاهريا يبدو الأمر مقنعا وكلمة أحرضان هي اقتباس لجملة مركبة :"حر ثاني" أي العبد الذي أصبح حرا للمرة الثانية، وعموما لم نبدأ بعد في المغرب في التاريخ بالنحت الأنتروبولوجي للوقوف أو عدم الوقوف إلى هذه الخلاصة، فاللون الإفريقي موجود بالمغرب قبل السلطان العلوي ..

الوافدون من العرب نسميهم بالجمع "إعرابن" ومفردها "أعراب" وهذا الإسم حافظ على قيمته في اللفظ العربي بنفي حرف الياء في النطق الامازيغي "أعرابي" التي تعني البدوي (وليس الأمر للتحقير فأنا ايضا بدوي، إنما الكلمة احتفظت على سياقها الدلالي كما في أوصاف ابن خلدون للعرب ، كلمة "أنسلم" التي تعني المسلم، لا نطلقها على العرب لأنها لا تميز في الدلالة عند الامازيغ بين العرب والأمازيغ الذين هم أيضا مسلمون: "إن الدين عند الله هو التقوى" كما في الحديث واعتقد ان الأمازيغ استوعبوا جيد هذه القولة حينما يسمون العربي ب"أعراب" والتمييز هذا يعبر عن عمق دلالي وهذا يكرس الفهم البورغواطي للإسلام: البورغواطيون هم من القبائل الأولى التي انتفضت ضد وجود إمارة الأمويين بالمغرب: هذا الأمر هو نتيجة تراكمات في الوعي الذي مارسته الملكة داهية وبعدها إكسيلان إضافة إلى انتفاضات اخرى في الغرب الطنجي: "إذا جئتم لنشر الإسلام فنحن مسلمون، لكن لا نقبل هذا التمييز بيننا وبينكم..." هذه كانت خلاصة كل المنتفضين للوجود الأموي بشمال إفريقيا وهي تعكس الوعي حينها بأن المسألة لا تتعلق بنشر دين وإنما تتعلق باستعمارأو هي بلغتنا الحالية تتعق بنفوذ سياسي، ذكاء البورغواطيون في المغرب ليس فريدا حين أرسلو (مخبرين بلغتنا الحالية) قصد الإطلاع على الدين الجديد، حتى إسبانيا أيضا ارسلت وفودا إلى مصر للإطلاع على الدين الجديد (وهذا يذكره المؤرخ الإسباني "إغناسيو أولاغي" في كتابه: "الثورة الإسلامية في الغرب" والذي يذهب بعيد في التحليل ليستخلص انه لم يكن هناك فتح في الأندلس بل الذي كان هو قبول أندلسيين للدين الجديد من خلال علاقتهم بالأريوسية المسيحية والتي إلى حد ما تتشابه مع الدين الجديد الذي هو الإسلام: الأريوسية كانت تنفي الثالوث المسيحي وتعتبر المسيح إنسانا مثل البشر وليس ربا، وهنا يتكلم إغناسيو اعتمادا على وثائق قديمة مسيحية عن وفود إسبانية إلى مصر، وهنا ايضا اتذكر وفود بورغواطية إلى المشرق لفهم الدين بدون وساطة نتج عنها ما نسميه حاليا بالاسلام المغربي : مثلا في غياب آلة لقياس الزمن لتحديد الصلوات الخمس اعتمد البورغواطيون في تحديد اوقات الصلوات على صياح الديك وكان يعمل بهذا التحديد حتى مغرب القرن العشرين قبل أن تظهر الساعة وتنتشر المساجد كما نراها الآن، وهذا لم يكن معروفا سابقا كما يحاول بعض زائري المغرب من مصر حين يصفون المغرب على أن الناس تتنافس فيه في بناء المساجد في الوقت الذي، الكثير من سوسيولوجيي المغرب، يرون أن ظاهرة المنافسة في بناء المساجد جاءت مع الموجة الوهابية والأفغانية وأن قرى هي الآن اصبحت مدنا لم يكن بها مسجد على الإطلاق، وأن يعض المدن، حتى حدود الثمانينات من القرن الماضي كان يوجد بها مسجد واحد او مسجدين (ودعونا نتحفظ على ذكر أسماء هذه القرى او هذه المدن)، لو وضعت صورة مدينة أزرو في العشرينات من القرن الماضي لخجلنا ان نسميها مدينة، إنها تجمع سكاني من الخيم قرب عين تيط احساين واعتقد أن أول الدور فيها كان قشلة عسكرية (قاعدة عسكرية فرنسية) وضعت لخنق السكان الوطنيين، بجانبها حي للبغاء الذي لم يكن معروفا أصلا في ثقافتنا الأمازيغية (في اللغة الامازيغية ليس هناك مرادف لكلمة قحبة) وهذا عكس الذين ينعتون مدنا بالمغرب على ان البغاء فيها متأصل في ثقافتنا الأمازيغية كتسويق لبيع الجنس وعموما البغاء في المغرب ظهر مع ظهور الثكنات العسكرية الفرنسية أو الإسبانية.
كان موضوعي في البداية هو تغريدة في الفايسبوك حول الساعة اليدوية، من خلال الشيء بالشيء يذكر، تطور الجدل إلى امور في التاريخ ، وباعتبارنا بقايا تلك الدولة الرائعة البورغواطية التي تاريخيا همشها التاريخ الرسمي المغربي رغم انها كانت هي السائدة حتى في زمن إمارة زرهونة (دولة الأدارسة في التاريخ الرسمي) ودام سلطانها حتى عهد الدولة الموحدية التي قضت عليها واعتبرتها دولة شيطانية (انتهت إمارة الأدارسة في عهد الدولة المرابطية ومع ذلك بقيت الدولة البورغواطية بسبب إبرام علاقة بيعة او توافق او تحالف، عموما التاريخ الرسمي لا يتكلم عن سر بقاء البورغواطية حتى حدود الدولة الموحدية)..
لا اعرف العلاقة بين الساعة الديكية البورغواطية واختراعات سويسرا، واعتقد بأن للأمر علاقة حتى بالفهم السوسيولوجي للزمن عند دولة سويسرا التي ابدعت ساعات يصيح فيها ديك، وعموما ليس هذا غرض كتابتي ، الغرض هو معرفة ما إذا كان الأمر موجود في باقي الدول في شمال إفريقيا والمشرق: في طفولتي كان ابن النصارى (ودعونا نتكلم اللغة المغربية) في يدهم ساعة، في المدرسة الإبتدائية كان الذين في يدهم ساعة هم أبناء الطبقة المحظوظة، وحين اسأل جدتي بأن تشتري لي ساعة وهي المراة التي اشرفت على تعليمي كانت تقول لي بان الساعة من علامات الجنة وان هؤلاء الذين لهم ساعة يعيشون جنتهم الدنيوية وأني انا ستكون لي ساعة في جنة الآخرة، كانت تقول لي: من يملك ساعة الآن هو في الجحيم غدا لأنه يعيش جنته الآن. اما انا فكانت الساعة مطلبا ملحا لي، ليس لحساب الوقت، بل لأنها لعبة جيدة ان ترى آلة تتحرك عقاربها من تلقاء نفسها.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا وكلاب القرية وقططها وحمارنا الذهبي
- مؤشرات تحلل الولايات المتحدة
- نقض هيكلية الحزب السياسي
- نيرون القرن الواحد والعشرون
- الماركسية وعلاقة التحديد
- حين تسبق العين الشهية
- رؤوس بدون ذاكرة تاريخية
- في تناقض الفكر القومي
- حول ماذا يتصارع هؤلاء؟
- العالم بقرون ذكورية
- عيدكم سعيد! وداعا شيطان رمضان!
- لماذا نقد الإسلام وليس الاديان الأخرى؟
- الرأسمالية تبدع، لكن العمال لا
- جدل -الشيخ- و-الشيخة- بالمغرب
- من الإستقلال الشكلي إلى الإستعمار التام والناعم
- تعويم الطماطم: ثورة اليسار الجديد ليست ثورة بالدم
- العامل البروليتاري ليس عاملا إن لم يكن ثوريا
- الصحراء، المغرب، الجزائر ومسألة الحياد
- الحياد في الحرب الروسية الأوكرانية وما موقع الحوار المتمدن
- مجتمع -الزطلة-


المزيد.....




- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - البورغواطيون وقياس الزمن