أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الغربي عمران - حميد الرقيمي يعبر في -حنين مبعثر- عبر حبه لأمه إلى حب الإنسانية والوجود














المزيد.....

حميد الرقيمي يعبر في -حنين مبعثر- عبر حبه لأمه إلى حب الإنسانية والوجود


الغربي عمران

الحوار المتمدن-العدد: 7238 - 2022 / 5 / 4 - 10:20
المحور: الادب والفن
    


عمل يدعو القارئ للتأمل نص بعد آخر مندهشا، "حنين مبعثر" تتجلى من خلاله قدرة الكاتب على اجتراح فن الرسائل باقتدار فنان، هو لا ينتظر من أحد أن يرد على رسالته الأولى، ليكتب الثانية، ولم نجد ردا حتى بعد أن أكمل كتابة الخمسة والثلاثين رسالة، التي ضمنها في اصدار تجاوز المائة والثلاثين صفحة، صادر عن دار عناوين في القاهرة اواخر 2021. ليظل السؤال أين نجد الردود على تلك النصوص، ومتى.
الغلاف صورة لامرأة تقف وقد حركت الريح أطراف ثوبها الأسود، مغمضة العينين، راسمة على ملامح وجهها ابتسامة مغمسة بالرضا والحبور، كمن تستنشق رائحة وجه طفل احتضنته، تلامس وجنتيه وجهها، ساعدها الأيمن يحتضن ظهرة وبالأخر ساقيه كما لو أنها في حالة نشوة وانصهار روحيهما معا، بينما الخلفية لجدار بيت ريفي، حجاره غير مشذبه، ظهر حيز من بابه خلف المرأة. الصورة بالأبيض والأسود ما يوحي بالقدم، تبوح تفاصيل تلك الصورة بنصوص "حنين مبعثر" وتلك العلاقة بين الوليد وأمه ، التي تتجاوز الحب المألوف بين الكائنات.
وأنا أقراء هذه النصوص سعدت بما منحتني من مشاعر، وكأن الكاتب كتبها بمداد قلبه، معبرا عن قلوب قراءه.
"أمي..
ثلاثة أحرف، كأن كل حرف تسبيحة مجنحة، هتاف صاعد إلى السماء، ترنيمة متبتلة، وجع دامٍ، عزف دامع، نزف مديد، وحنين مبعثر..

هذا أنا، أعود إليك من اللامكان، شجنا ضارعا أفتش عني وعن عالم كوجهك وقلبك..
أودع كل هذا الشجن بين يديك كي لا ينفرط عقد الأبجدية، فتقبليه خالصا لقلبك الكريم.
ابنك: حميد". كانت تلك عتبة في مقام الإهداء.
حين أكملت قراءة تلك النصوص، وجدت أنها ليست رسائل تنتظر ردود، بل هي ردود مطولة لرسالة كتبتها أمه تلك الرسالة المتمثلة به، وبوجوده. وما منحته من رعاية وحنان حتى أصبح شابا يتعمد على نفسه، ولا تزال تكتبه كنص.
"إليك فقط
أمي العزيزة: أقف الآن في مواجهة قرار مصيري كل ما يعتريني من حنين وشوق وعذابات هذا البعد المرير. سأكتب إليك وحدك، لن أخاطب أحد دونك ولن تكون هذه الرسائل إلا جسراً يحملني إليك. مرات سنوات ثقيلة منذ آخر مرة كنت فيها مع نفسي، معك، والآن أنا وحيد من كل شيء، تفصلنا عني وعنك تراكمات مثقلة بالآهات المنزوعة من أعماق القلب. تعرفين جيداً من أنا، حميد الطفل المشاغبة الذي أتعبك منذ كل هذه التجارب؟. بعد كل هذه المراحل التي تجاوزتها وحدي وكنت فيها أحارب على الجهات الأربعة كي لا أسقط؟ لا إجابات واضحة لكل هذه التساؤلات، ولكنني لا أزال أقاوم، أسير على أمواج من السواد والأشلاء والذكريات الجميلة.. هذه هو قدرنا يا عزيزتي، قدري وهذا الجيل الذي كتبا عليه مواجهة الموت بالموت، على جبال المعارك المشتعلة وفي ضياع الصحاري الواسعة، وعلى ضفاف البحار التي تلتهم الغرباء دون رحمة، وهذه المنافي التي لا تطيق خطواتنا عليها. هذا هو اليمني يا عزيزتي، هارب من الموت إلى الموت، يفر بجلده من لدغات الجوع إلى بلدان كئيبة، يهرب من ضجيج الموت المصاعد حالما بالذهاب إلى أوربا في هجرة غير شرعية، ليجد نفسه بين مخالب تجار البشر، أو على مركب يحترق بمن فيه على بعد أميال من شواطئ البحر التي توهمه بالنجاة من الموت.
يحاصرني الموت حتى ونحن نبحر على قارب السعادة العابرة، تتسرب حيواتنا كل يوم من بين أيدينا، وهذا العمر الراعف لا يعرف ضماده أبدا، وأنا جزء لا يتجزأ من هذا كله, أنا واحدا من جيل كامل يحترق في ريعان شبابه دون أن يتلمس طريقة الأول إلى حياة حقيقية، لهذا سأكتب إليك أكثر سأتوسل الشاب المتوسد بحلمه، والفقير بجوعة والمذبوح بحريته والمصلوب بكرامته، سأجسد المنفى في عمره الطويل، والباحث عن حبال نجاته من وسط تهب عليه الرياح بالأنين العاصف والآهات المكبوتة، وستكونين أم هؤلاء كلهم، ستكونين قبلة حنينهم وشوقهم وبحرهم المتدفق بآلامهم وآملاهم".
تلك أولى نصوص الكاتب، أو الجواب الأول إلى أمه.
أظهر الكاتب من نص إلى آخر عاطفة صادقة، تشعر القارئ بأنه كتبها على لسان قراءه، أو تعبيرا عنهم. ليجد القارئ أن عاطفته تتشظى من نص إلى تالي ليتجاوز إحساسه من حب الأم إلى الوطن، رويدا رويدا تتحول نصوص الرقيمي إلى منجاة للكائنات والوجود أجمع. أحرف ترى بالقلب وتتلمس بالنظر. لا يمكن أن يكون ذلك الصدق الفني الجياش إلى لكائن خلاق محب معطاء، يجيد مزج اللغة بروحه السمحاء، ليصيغ كائنات شفافة ذا معان ودلالات سامية ، وكأن الأم لا تتلخص في ذلك الكائن الإنساني، بل تتجاوز لأن تكون كل الوجود. ننظر حولنا إلى الأشجار والجبال والوديان والسماء، لنراها تتجلى في أمهاتنا، نستنشق رائحتها، ونلمس بهاء وجودها في كل شيء من حولنا.
"...كيف حالك حميد،
لا اخفاك بأنني أتابعك منذ بداية الأحداث، تغطيتك للمعارك في الضالع، اطلالتك من على جبال مريس وخلفك جموع من الأبطال، حديثك الدائم عن الجمهورية والوحدة، رفضك المسومة بالسيادة الوطنية واصرارك التمسك بهوية بلادنا وملامح شعبنا. أنا أيلول ، هكذا أسماني والدي الذي استشهد في عملية ارهابية قبل عشر سنوات، ولا شك بأنك نعرف جيدا دلالات هذا الاسم الذي اختاره والدي الشهيد وجعلني ملتصقا بكل مبادئه وقيمه.....". من رسالة معبرة وصلت للكاتب ليبعثها لأمه ضمن رسالة مطولة في حب الوطن.
شكرا حميد الرقيمي ، من عبرت عن قلوبنا بجمال فاتن وصادق. نستبشر بك أديبا من طينة الكبار، ما أن تغمس يراعك في أنهر الوجود حتى تتحول إلى عطر يجري في أوردتنا.
ننتظرك أيها المبدع اصداراتك القادمة ونشتاق إلى جديدك المختلف مثل هذا.
كم أتمنى أن يصل كتابك لأوسع دائرة، أن يترجم ليقرأ من عدة لغات، فالحب لغة انسانية وما كتبته إلا ضوء عطر من المحبة والعواطف الصادقة ليعبر عبر بوابة الأم للإنسانية والوجود عامة.



#الغربي_عمران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهلالي. في -المقهى العربي- يثير تساؤلات تبحث عن أجوبة
- رواية -معراج- أطول إجابة في التاريخ على سؤال: من ربك؟!
- شبابة السبع، رواية تقرأ بعدسة مكبرة لتشويقها. رواية الجنون و ...
- الروسي تكتب بدم القلب لتدين المجتمع في روايتها -خط أحمر-
- غربة الأديب المتمرد سامي الشاطبي. في روايته الأحدث
- عزة دياب تخلق علاقة في روايتها -حارسة الموتى- بين سكان المقا ...
- باعزب يشكل الغد بأسلوب فنتازي، داعيا لقرائه للتأمل في روايته ...
- سحر القص في عنقود -لا شيء سواها، ورحيلكم المباغت- يصحبنا حبي ...
- بن محمود تعيد تأثيث الأنثى في -صديقتي قاتلة-
- شواطئ الغربة.. مجموعة نصوص تبعث على التأمل
- -على كف رتويت- رواية فاضحة لرغبات مكبوتة..
- قراءة في رواية أسكندرانية
- قراءة في مستوطنات تعليمية
- الفيل يفك ضفائر السرد في اصداره الجديد باختراق التابوهات
- دانة البطران تراوح بين المفارقة والترميز
- رياح محمد الشميري في قصاصة عنيدة المضامين ذاهبا بها لمناقشة ...
- واقعية سيرية .. ايدلوجية الطرح في رواية عبد الرحمن خضر -شرخ ...
- لابوانت.. رواية السخرية السوداء.. وتشظي الهوية.
- المرواني يمزج بين فنون الشعر والسرد في مجموعته- انبثاق ضوء-
- عادل سعيد في الأسايطة يكسر مسارات السرد.. ويعري التسلط....


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الغربي عمران - حميد الرقيمي يعبر في -حنين مبعثر- عبر حبه لأمه إلى حب الإنسانية والوجود