أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الغربي عمران - رواية -معراج- أطول إجابة في التاريخ على سؤال: من ربك؟!















المزيد.....

رواية -معراج- أطول إجابة في التاريخ على سؤال: من ربك؟!


الغربي عمران

الحوار المتمدن-العدد: 7226 - 2022 / 4 / 22 - 13:26
المحور: الادب والفن
    


الفن الروائي يوما بعد آخر يعمق الحوار الذاتي للشخصيات، تساؤلات وجدل يحتدم ليغطي أجزاء واسعة من العمل، مثيرا لتساؤلات وجودية، وأفكار متنافرة، هدم قيم يظنها القارئ مسلمات، وبناء قيم بديلة. بالأمس أكملت قراءة رواية "شبابة السبع" لمحمد الحطوار. واليوم هذه رواية معراج لشروح، وقبل فترة كنت الكاتبة المصرية عزة ذياب ورواية "حارسة المقابر"، وكذلك مع الروائي الإماراتي فتحية النمر وروايتها "فيروزة". وغيرها من الروايات التي تعتمد على الجدل، حوار داخلي للشخصيات، تساؤلات مع الذات، تلك التساؤلات التي تحتمل أكثر من اجابة، وكأن سمة الجدل الذاتي خصيصة من خصائص الرواية الحديثة.
شروح ينتهي في آخر سطر من روايته بسؤال: "من ربك؟" ليبدأ بسرد إجابته لهذا السؤال، والذي غطى صفحات الرواية كاملة ،ومن العروف أن ذلك السؤال يوجه للميت بعد لحظات من دفنه حسب الموروث. لذلك سرد "ابراهيم" شخصية الرواية الرئيسي إجابته على ذلك السؤال، بداية ببواكير وعي لطفل في الخامسة ، يعيش في كنف أسرة ريفية متدينة، شارحا براءة الفهم الأول لما يحيطه، حين جعل من السحاب الهاً: "أمي لماذا الله اليوم ممزق هكذا؟!"، يسألم أمه ناظرا إلى السماء لتحتضنه ضاحكة، ثم شارحة أن تلك السحب ليست الله، وأنه... ثم يسأل جدته، ليواجه نفس الإجابة أن الله فوق كل شيء يرى ولا ي. لكنه لم يستوعب، ثم ينبهر بألوان وعلو قوس قزح، ليتخذه الهاً بديلا عن السحب التي تتلاشى، وهكذا يظل ابراهيم باحثا عن إله يخصه، اله يراه ويحس بوجوده، غير مستوعب ما يردده من حوله حول اله لا يرى ولا يُرى. ولذلك ظل ابراهيم يسرد إجابته في ما يقارب الثلاث مائة صفحة. في صياغة مستخدما خصائص الرواية السيرية، مرددا بين فينة وأخرى "أظن أن من المناسب أن أطلعك على أمرٍ..."، وفي صفحة أخرى "هنا علي أن أخبرك بأن النجوم..."، و "لا أظنني بحاجة لأخبرك بأن طفولتي..."،و "انتشيت بانتصاراتي، وكما بميسورك أن تخمن..." الى أخر تلك الجمل التي توحي بأنه يحاول شرح ما عاشه وكابده لكي يعرف أي اله أمن به. إلا أن المستمع لشرحه لا يرد، لنستنتج أنه يحكي مناجيا لشخصٍ ما، حتى السطر الأخر من الرواية يستنتج القارئ بأنه كان يجيب على ذلك السؤال الذي من المفترض أنه موجه من ملاك لميت، وبذلك أستمر ابراهيم يسرد قصة حياته، موضحا معاناته في بحثه عن إلهه. وكم أسهب ليشرح نوازع نفسه، وتساؤلاتها، وكأن تلك الإجابة ظلت تتراكم في أعماقه طيلة سنين حياته وقد أتت اللحظات ليفرج عنها.
قد تكون تلك الإجابة، أطول اجابة في التاريخ، نقل الميت خلالها تساؤلاته مع ذاته، وحواراته مع امه، وبينه وبين جدته التي "شرغت" من وطأة ضحكة مباغته على أحد أسئلته، لتلاقي ربها فجأة. والده الذي كان شديدا معه على الدوام، لا يتقبل أسئلته، فقط يريده على الدوام أن يكون مؤمنا بالله، مجتهدا في دارسة كُتاب المسج، حتى يكون أماماً المستقبل لطائفته، لكن إبراهيم لم يكن يستوعب أحاديث الكبار، وعلى وجه الخصوص ما يثرثر به والده، ولا دروس فقيه المسجد. ما عكر ذلك علاقته بوالده الذي كان يتهمه بالمروق واصفا له بالكافر الصغير.
ينتقل ابراهيم في إجابته من براءة الطفولة إلى حياته في شرخ الشباب، ساردا اكتشاف بلوغه سن الرجولة، حين داهمته أحلام الرغبة بفتاة تزوره ليلاً، لتتصاعد غلمته، وأنه أصبح من عداد الرجال، يحلم ليل نهار بلقيا فتاة يطارحها الغرام، إلى أن تلفت انتباهه جارتهم الأرملة أم "عائشة"، التي تجذبه إلى فراشها. بداية لم يفطن إلى أن تلك الجارة كان لها ثأر مع والده أبو جبل، حتى حكت له ذات ليلة، بأن والده قد هام بها يوما، إلا أنه تركها وتزوج بوالدته ذات الحسب والنسب. ليخمن أنها من خلاله قد ثأرت لنفسها. في إحدى الليالي فوجئ ابراهيم ورهط من رجال القرية ينتظرون خروجه أمام باب أم عائشة، ثار والده معلنا طرده من القرية بل وتبرأ منه. يهيم بعدها على وجهه، متجها لله "لم أعد التذ لشيء، قدر تلبيتي نداء المؤذن . أخف إلى المسجد مغتبطا، وما ان اقف لأصلي حتى انعم بنوع من الشعور بالامتلاء، بالكلية، وبالامتداد، اللّا نهائي".
هذا الجدل الدائر مع نفسه، عكس ما كان يعيشه ساقبا، إذ أنه كان في صراع بين رضى الناس عنه، ورضى نفسه عن نفسه، وأعتبر عبادة الله نوع من أنواع رضا من حوله، ولذلك رفض التمظهر بالإيمان، لكن شعورة بالذنب بعد عدة محطات، منها محاولة علاء صديقة التحرش به، ثم جذب أم عائشة له إلى فراشها، دفعه كل ذلك إلى أن يتجه لله بعد نجاته من محاول انتحار.
لم تكن حياة إبراهيم إلا سلسلة من الكبوات والانتصارات، وخلالها كانت تبرز تلك التساؤلات حول ما يخص الأنا، وما على الأنا تجاه نفسها وتجاه من يحيطون به من أهل وأصدقاء ومعاريف.
عالجت الرواية قضية الخيانات، وكذلك العار من خلال قتل أبو جبل لزوجته وقد خرجت عارية بعد سماعها مقتل وليدها الحسن والحسين، وقتل عائشة ليلة عرسها بعد أن أكتشف عريسها أنها ليست عذراء. مقتل يزيد صديق ابراهيم بعد محاولته التحرش بفتاة. أيضا أفسح الكاتب مساحة لدور الطائفية في اذكاء الحروب، تلك الحروب التي تنشب بين فينة وأخرى بين الأخوة، ليقتاد الصغار وقوداً لها. في اشارة للحرب الدائرة في اليمن.
ناقشت الرواية عدد من الأحداث ذات الصلة بالإجابة على السؤال "من ربك"، داعمة لفكرة الجدل المحتدم بين إبراهم ونفسه. ذلك الجدل الذي طغى ليغطي مساحات واسعة على حساب تصاعد الحدث. بهدف البحث عن أجوبة كثيرا ما اعتملت في ذهنه، خاصة وطرفي الحرب في اليمن يحاربون جميعهم باسم الله. من خلال ذلك يدين أمراء الحرب، من يكذبون على الناس باسم الله، بينما هم يديرون بالحرب مصالحهم، تلك المصالح المرتبطة بمن يمولهم، ويتحكم بهم من خارج البلاد. "ان الجميع فيها يقتل صادحا باسم الله، وان اغلب تفاصيلها مضت تخبر عن كونها مجرد سلسة من الثارات المجنونة، لا اكثر. الله اكبر كانت صرخة كل الاطراف ، كل المتقاتلين ... الكل يقول إن الحق له كل الحق وان الاخر محض مغتد اثم...".
اضافة إلى أن الرواية تعرضت لعدة قضايا أخرى منها: الخيانة، الانتقام، البراءة، الدعارة، أثر عقدة الذنب، وغيرها.
لتنتهي الرواية بمشهد مأسوي: "واحسيناه، واحسيناه. إنها أمي، هناك عارية كلياً على سطح بيتنا، ترسل صرخاتها في كل اتجاه، كاشطة باظافرها لحم وجهها الذي بات عجينة مدماة.
لوهلة بقيت اراقب هذه الفنتازيا كما لو لا تعنيني في شيء، اتلقى مثل جميع الموجودين تلك الصرخات الجحيمية واسمع حوقلاتهم بين صرخة وثانية..." ذلك المشهد نتيجة لسماعها خبر مقتل أبنيها الحسن والحسين في جبهة القتال. وكنوع من الغيرة صوب الزوج مسدسة، ليرديها قتيلة، ويرى ابراهيم أمه تهوي جثة هامدة. لحظته وجه رصاصه ليقتل والده، ومن ثم التف مرافقي والده وقتلوه.
بهذا المشهد تنتهي الرواية، لتحمل جثث الأم والأب والابن مرافقة لجثث الحسن والحسين إلى مقبرة القرية. في دلالة إلى أن الجميع خاسر، نساء وأباء وأبناء، وأن الجميع يدمر وطنه ويقتل نفسه باسم الوطن ودفاعا عن الله. وكأن الكاتب أراد إيصال مقولة "أن الدين معضلة".
"معراج" صادرة بإخراج جميل/ عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة أواخر العام2021. وهي الرواية الثانية لشروح بعد"سوار النبي" رواية جريئة.



#الغربي_عمران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شبابة السبع، رواية تقرأ بعدسة مكبرة لتشويقها. رواية الجنون و ...
- الروسي تكتب بدم القلب لتدين المجتمع في روايتها -خط أحمر-
- غربة الأديب المتمرد سامي الشاطبي. في روايته الأحدث
- عزة دياب تخلق علاقة في روايتها -حارسة الموتى- بين سكان المقا ...
- باعزب يشكل الغد بأسلوب فنتازي، داعيا لقرائه للتأمل في روايته ...
- سحر القص في عنقود -لا شيء سواها، ورحيلكم المباغت- يصحبنا حبي ...
- بن محمود تعيد تأثيث الأنثى في -صديقتي قاتلة-
- شواطئ الغربة.. مجموعة نصوص تبعث على التأمل
- -على كف رتويت- رواية فاضحة لرغبات مكبوتة..
- قراءة في رواية أسكندرانية
- قراءة في مستوطنات تعليمية
- الفيل يفك ضفائر السرد في اصداره الجديد باختراق التابوهات
- دانة البطران تراوح بين المفارقة والترميز
- رياح محمد الشميري في قصاصة عنيدة المضامين ذاهبا بها لمناقشة ...
- واقعية سيرية .. ايدلوجية الطرح في رواية عبد الرحمن خضر -شرخ ...
- لابوانت.. رواية السخرية السوداء.. وتشظي الهوية.
- المرواني يمزج بين فنون الشعر والسرد في مجموعته- انبثاق ضوء-
- عادل سعيد في الأسايطة يكسر مسارات السرد.. ويعري التسلط....
- صلاح بن طوعري.. يلون نصوص بغموض السحر.. سحر جزيرة سقطرى...
- قراءة في مجموعة قصصية لسلوى بكر


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الغربي عمران - رواية -معراج- أطول إجابة في التاريخ على سؤال: من ربك؟!