أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الغربي عمران - الروسي تكتب بدم القلب لتدين المجتمع في روايتها -خط أحمر-















المزيد.....

الروسي تكتب بدم القلب لتدين المجتمع في روايتها -خط أحمر-


الغربي عمران

الحوار المتمدن-العدد: 7215 - 2022 / 4 / 11 - 14:55
المحور: الادب والفن
    


رواية كل ما فيها يدلل على تخلف عادات وقيم ساهمت فيها الأعراف المجتمعية، لتوطن فينا اهانة الذات قبل إهانة الآخر.
بداية علينا أن تتوقف عند عتبات هذه الرواية الصادرة في القاهرة 2022، عن دار ديوان العرب. العنوان "خط أحمر" عادة ما يشار إلى شيء لا يجوز الاقتراب منه، أو تجاوزه فيقال: فلان خط أحمر. وخط وأحمر تحمل دلالة الخطر، أو المحرم، أو الدم. وهو أيضا موضوع الرواية، إذ تناقش تلك العلاقة بين طوائف المجتمع وطبقاته، خاصة فيما يتعلق بالزواج. سيناء الروسي، في روايتها تدير حوار مع قارئها، من خلال سرد مشوق لحياة فتاة "سما" خريجة الجامعة والموظفة في إحدى الشركات، والتي أثبتت كفاتها في عملها، اضافة إلى استقامتها. وزميل لها "حسام" يعمل في نفس الشركة. أعجبا ببعض وأراد حسام التقدم لخطبتها لكن الجميع يرفض هذا القران لأن الفتاة من فئة تعارف عليها الجميع بصفة "المزاينة". والشاب ابن قبيلة!.
الموضوع عنصري. خط أحمر ، وهو ما لخصه العنوان.
ثم تأتي العتبة الثانية، لوحة الغلاف لتدلل أيضا على مضمون الرواية. وقد تكونت اللوحة من ذراعين، تحاول أصبعهم كل كف أن تلامس الأخرى، وكأنه حلم، دون أن يتحقق ذلك. وتظل الأصابع معلقة في فضاء اللوحة، التي جاءت خلفيتها متماهية بمزيج من الألوان بين الرمادي ولليموني لتعطي القارئ احساس بالضياع والتوهان.
العتبة الثالثة "إهداء: لكل قلب خاض تجربة حب مؤلمة ولم يحالفه الحظ بمن يحب".
بعدها تتوالى العتبات الداخلية، توزعت على جميع فصول الرواية، عبارات لكتاب مختلفين، مثل: فرناند وبيسوا، الكسندر بلوك، جون لينون، محمد العشم، امجد ناصر، احمد مهنى، الرافعي. لكن ما يهمني هنا هي تلك العتبات غير المذيلة باسم. مثل: "على نار أقدارنا الهادئة، سينضج حلم شهي المذاق". وعتبة أخرى "- لنلتقي.
- أين؟
- في أحضان حلم، أو بين رفوف مكتبة، أو في لوحة فنية، فقط بعيدا عنهم". وعتبة ثالثة "فأنا أحبك غاضبا ومعاتبا ومسالما، وبكل حالاتك التي تظن أني لا أحبك فيها". الأخيرة جاءت ضمن قوسين دليل استعارتها اما ما سبقتيها فاجزم بانها من نسيج الكاتبة.
أن تأتي لكل فصل من فصول الرواية بعتبة، عمل لافت قلة من الكتاب يستخدمون ذلك، قد يزيد من أفق تخيل المتلقي ومحاولته الربط بين تلك العتبات وما يليها من متن. وكما أسلفنا هنا تنوعت تلك العتبات منها المستعار بدون اسم، والمذيل باسم كابها، ومنها ما جادت به قريحة الكاتبة. بغرض دعم متن روايتها، وايضا تعزيز سياق الأفكار. تلك العتبات يمكن للقارء قراءتها كنصوص مستقلة، كما يمكن أن تأتي كتمهيد أو مفاتيح لما يليها من متون العمل السردي.
خط أحمر ادانة مدوية في قالب روائي مشوق، جادت به موهبة الكاتبة بأسلوب مؤثر، ومعالجة ذكية حين بدأت من النهاية "بينما أنا أفكر... لاح لي طيف، يقف على مقربة من مكتبة مشهورة ببيع الكتب..." تلك هي الأسطر الأولى للرواية، لحظتها لمحت سما حبيبها حسام الغائب خارج الوطن منذ أربع سنوات. سارعت للهبوط من حافلة تقلها، تبحث أو تتأكد أن من رأته هو حسام وليس خيال. لكنها لم تجد له اثر. عندها تيقنت بأنها واهمة. لم يمر وقت حتى استقبلت مكالمة من فتاة لا تعرفها، التقتها حسب طلبها، لتسلمها رسالة من حسام يحدد فيه مكان وزمان يلتقيا فيه. وحين وصلت حسب وعدة لم تجد أحداً، أثناء انتظارها له تلقت مكالمة من والدتها تستعجلها بالقدوم إلى المنزل، وتخبرها أن حسام ووالده يجلسان إلى والدها بهدف طلب يدها. خضتها شدة المفاجأة. فإن يقبل والده، ويحضر معه لخطبتها هذا مالم تتخيله، وهو الرافض لذلك منذ سنوات. عند هذه النقطة تتوقف الكاتبة عن سرد ما يحدث حاضرا، لتعود بقارئها إلى سنوات مضت، إلى بداية تعارف حسام وسماء قبل أكثر من خمس سنوات. تسرد تطور علاقتهما، انتكاسات تلك العلاقة لرفض أسرة حسام خطبتها. كونها من فئة المزاينة وهم من ذوي الحسب والنسب.
هي قضية تثيرها الكاتبة، الطبقية أو الطائفية، أو بالأصح أن البشر أعراق. وهو ما يدينه الجميع، وفي نفس الوقت يمارسه الجميع، والمفارقة أن الجميع حين يقف طالب زواج في بابهم يقفون في موقف الدفاع عن العرقية. وهذا ما تشير إليه الرواية من دلالات إلى انفصام ومرض متغلغل في وعي الجميع، إذ كيف تدين شيء ثم تستمر في ممارسته بل وتعمل على تكريسه، وتعدها قيم مكتسبة، بل وتذهب أبعد من ذلك إلى الاستشهاد بآيات وأحاديث لدعم موقفك إزاء ذلك.
محور الرواية العنصرية، وقد وزع المجتمع نفسه إلى: آل محمد، وسميو بالأشراف، ثم القبائل، وتأتي المزاينة في الترتيب الثال، والاخدام في القاع.
هنا يقف القارئ في حيرة متسائلاً: ماذا تريد الكاتبة من نقاش مثل هذا الموضوع المخزي، هل أرادت إدانة مجتمع بأكمله، وهو الواقع في مريض يمارس ما ينتقده. قارئ هذه الرواية سيجد نفسه جلاد بشكل أو بآخر. فهو أحد المصابين بالانفصام، ويشعر بأن الرواية كتبت لتحاكمه وتدينه.
سماء جامعية ومثقفة، تُرفض من والد حسام ، وعذره بأنه أفضل عرقا، من قبيلة، وهي من عرق منحط. في الوقت الذي هو بالكاد يفك الخط.
أكتب عن هذا العمل بإعجاب رغم أنه يشعرني بأنني مريض، أحد من يدينون هذه العنصرية ويرفضونها وفي الواقع أجدني في محنة. نظريا مثل الجميع عمليا في صف الجميع. ياللغرابة كم نحن قوم بائسون.
ليوصلني هذا العمل إلى قناعة، بأننا جميعا بما فيهن نساء مجتمعنا كافة بحاجة إلى إعادة صياغة أفكارنا، وقيمنا. المرأة الأم تتحمل الكثير من هذا الغثاء. فهي الأكثر تأثيرا على صغارها. المرأة تلك التي تدافع عن عادات وأعراف يصنعها الذكور ، حتى التي تمس كرامتها وتحط من قدرها ككائن بشري، إلا أنها أكثر من الذكور غي تكريسها حتى لو كان بالانتقاص من مكانتها.
أسجل إعجابي بهذا القلم الجريء والشجاع. قلم يصيغ رواية صارخة في وجه الجميع، رواية مترابطة ومشوقة ، أتمنى أن تدخل كل بيت ويقرأها الصغير والكبير، الإناث قبل الذكور. وقد نسجت بأسلوب فني مشوق، قصة حب عاصفة، تخللتها الغيرة، ألا أن حسام كان فارسا في عشقه لسماء. تحمل سنوات من رفض أسرته. وضل وفيا، بينما سما تنتظر الفرج مدركة أنهما يسيران في طريق شائكة.
تستمر الكاتبة في نسج قصة الحب وصراعهما للمجتمع إلى أن تنتهي إلى البداية التي بدأتها، تعود بعد مهاتفة أمها إلى البيت، لتجد حسام حقيقة أمامها، يتم عقد القران. لكن تأتي النهاية وأثناء زفة العروس تغتالها رصاصة، تقع مضرجة بدمائها، تلفظ أنفاسها تحت صرخات عريسها. لا أحد من أين أتت الرصاصة. لكن الرواية تنتهي عند هذه النقطة.
عمل مدهش فكرة وبناء فني، يبشر بميلاد كاتبة من طينة الكبار، بفكرها وثراء معرفتها، وقدرتها على الحكي المشوق والمقنع، عمل أدبي متماسك، فيه الصراع قوي، والفكر النير، وفيه المتاهات المشوقة، وكذلك ما يدهش القارئ.
فتحية لروائية تفضح وتعري حتى العظم. كاتبة نتمنى أن نقرأ لها المزيد والمزيد من الأدب الجاد والعميق.



#الغربي_عمران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غربة الأديب المتمرد سامي الشاطبي. في روايته الأحدث
- عزة دياب تخلق علاقة في روايتها -حارسة الموتى- بين سكان المقا ...
- باعزب يشكل الغد بأسلوب فنتازي، داعيا لقرائه للتأمل في روايته ...
- سحر القص في عنقود -لا شيء سواها، ورحيلكم المباغت- يصحبنا حبي ...
- بن محمود تعيد تأثيث الأنثى في -صديقتي قاتلة-
- شواطئ الغربة.. مجموعة نصوص تبعث على التأمل
- -على كف رتويت- رواية فاضحة لرغبات مكبوتة..
- قراءة في رواية أسكندرانية
- قراءة في مستوطنات تعليمية
- الفيل يفك ضفائر السرد في اصداره الجديد باختراق التابوهات
- دانة البطران تراوح بين المفارقة والترميز
- رياح محمد الشميري في قصاصة عنيدة المضامين ذاهبا بها لمناقشة ...
- واقعية سيرية .. ايدلوجية الطرح في رواية عبد الرحمن خضر -شرخ ...
- لابوانت.. رواية السخرية السوداء.. وتشظي الهوية.
- المرواني يمزج بين فنون الشعر والسرد في مجموعته- انبثاق ضوء-
- عادل سعيد في الأسايطة يكسر مسارات السرد.. ويعري التسلط....
- صلاح بن طوعري.. يلون نصوص بغموض السحر.. سحر جزيرة سقطرى...
- قراءة في مجموعة قصصية لسلوى بكر
- قراءة في رواية مغربية
- قراة في رواية سنوات الغروب


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الغربي عمران - الروسي تكتب بدم القلب لتدين المجتمع في روايتها -خط أحمر-