أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - حرق الكتب .. بين مجرم بالقوة وجاهل بالفعل














المزيد.....

حرق الكتب .. بين مجرم بالقوة وجاهل بالفعل


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 7225 - 2022 / 4 / 21 - 18:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عندما قرأت خبر حرق كتاب القرآن الكريم في السويد من قبل بعض الغوغاء ، قفزت إلى ذهني حوادث تاريخية كثيرة مشابهة، حيث قام بها الناس بحرق كتب بحجة كراهية الأفكار التي تتضمنها . وكان أشهرها حرق المسلمين لكتب الفيلسوف الشارح لأرسطو" الطبيب والقاضي أبو الوليد محمد بن أحمد ابن محمد بن رشد، المعروف عند الغربيين في القرون الوسطى باسم Averroes والمولود في قرطبة عام 520هـ (1126م).
وهو من المُتفلسفين المسلمين القلائل الذين تميزوا بحسٍ نقدي عالٍ، وبالذات ضد الفكر الإسلامي الأشعري، متمثلاً في موقفه الصارخ من الإمام الطوسي "ابي حامد الغزالي"، الذي ألّف بدوره كتاباً اسماه "تهافت الفلاسفة" و انتهى فيه الى تكفير الفلاسفة المسلمين في ثلاثة مسائل شهيرة هي :
1-القول بقدم العالم.
2-القول بان الله تعالى يعلم الكليّات دون الجزئيات..
3-القول بأنّ الثواب و العقاب في الأخرة انما هو للنفس وليس للجسد..
لكن الفيلسوف ابن رشد - وبحسب فهمي- نجح في التصدي له في كتابه "تهافت التهافت"، موضحاً سوء فهمه، وابتعاد حججه عن صحيح المنطق والعقل والدّين ، ثم دعاه إلى التوفيق بين الدين و الفلسفة، من خلال اعتماد مبدأ " التأويل و الاجتهاد" في فهم الآيات القرآنية.
وبالتالي إلى التوفيق بين "العقل و الشرع"، لأن الاختلاف بينهما، - حسب فهم ابن رشد - ، هو ظاهري (حرفي ) ، أي في المبنى فقط، وليس ضمني ( من حيث المقصد والغاية ) أي في المعنى ، ولهذا رأى أن جوهر المقول في الأثنين يتوافقان ولا يختلفان. لأنهما من مصدر واحد ألا وهو "الله " .
في اعتقادي الفلسفي ، إن معرفة جوهر الغاية من حرق انسان كتاب ما ، تبدأ بفكرة أحتجاج وتنتهي بإعلان إغضاب للمؤلف أو المُقدّس أو من يؤمن بما جاء في متن هذا الكتاب المحروق، ولكن لو تأملنا أخلاقياً وإجتماعياً أكثر، في هذه السلوكيات عبر التاريخ، لوجدنا أنها تعتبر بمثابة جريمة متقدمة لجريمة ثانية متأخرة ،
أي أن جرم حرق الفكرة، ما هي إلا مقدمة لجريمة حرق تالٍ للإنسان ذاته. (سواء الذي أتى به، أو الذي يهتم له، أو الإنسان الذي يُقدّسه . )
ولو تأملنا بعيداً في غاية هذا الفعل لوجدنا فعل حرق الكتاب، هو فعل إجرامي بالقوة، ولم يتحول بعد إلى جريمة عيانية بالفعل .
أما عن ردة الفعل المُتأتية من الإنسان المُتأذّي نفسياً أو أخلاقياً من فعل ذاك الحرق الدنيء، فهو ينوس في تقديري بين جانبين :
الأول: جانب عقلي ، وفيه يتغاضى المشاهد عن الجريمة كليةً . إدراكاً منه لمدى جهل الفاعل الأخرق، ووعياً بمحدودية ذهن أو ضيق فهمه وجهله الشديد .
الثاني : جانب سلوكي وفيه يقوم المقصود بجريمة الحرق برد عنيف أو ارهاب، من قتل عياني وتكسير مباني وحرق ثان و و الخ .
وبالتالي سيكون في هذه الحالة قد أكدَ للمجرم الفاعل بالقوة ، أنّ صاحب الكتاب هذا، ومن يقدّسه، وينتمي إليه ، هو جاهل بالفعل .. وبالتالي هو في مكان يقع عكس ماتقوله حتى مبادئ الكتاب المحروق .
قصارى القول صدق من قال :
من يبدأ في حرق الكتب سينتهي عاجلاً أم آجلا إلى حرق الناس .
وربما صدق أكثر " ابن رشد" عندما أجاب مساعده الباكي بحرقة، والمُستغرب عن سرّ عدم بكائه الشديد على ماكُتب، بل عل العكس بقي الفيلسوف ساكناً، ولم يظهر إكتراث واضح، وهو يرى أمام ناظريه ، كيف أنّ الغوغاء من المسلمين يحرقون كتبه التي أفنى بها جلّ عمره ، والتي تلقفتها أوروبا لاحقاً . قائلاً :
يا بنيَّ إذا كنتَ تبكي حال المسلمين، فاعلم أنّ بحار العالم لن تكفيك دموعاً، أما إذا كنت تبكي الكتب المحروقة، فاعلم أنّ للأفكار أجنحة، وهي تطير لأصحابها .
zakariakurdi



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هو الإبداع .؟!
- آراءٌ بسيطةٌ غير ملزمة لأحد ..(10)
- آراءٌ بسيطة غير مُلزمة لأحد ..(9)
- مداخلة حول - المثقف والسلطة-
- آراءٌ بسيطةٌ غيرَ مُلزمَة لأحَدْ ( 8 ) ..
- أفكارٌ أوّليةٌ حولَ نشوء الشّعور الدّيني
- أراءٌ بسيطةٌ غير مُلزمة لأحدْ..(7)
- أفكار أولية حولَ مفهوم -الرّوح الكليّة- عند -هيغل-
- -قد ترامَتْ إِلى الفسادِ البرايا-
- آراءٌ بسيطةٌ غير مُلزمة لأَحدْ (6) ..
- أفكارٌ بسيطةٌ حول الأخلاق والسياسة..
- آراءٌ بَسيطةٌ غير مُلزمة لأحَد..(5)
- أفكارٌ مُتراميةٌ على أطرافِ - الحُزْن -
- آراءٌ بَسيطةٌ غير مُلزمة لأحَد..(4)
- آراءٌ بَسيطةٌ غير مُلزمة لأحَد..(3)
- أراءٌ بسيطةٌ غير مُلزمة لأحدْ..(2)
- آراءٌ بسيطةٌ غير مُلزمٍة لأحد..
- * شرُّ التّفَاؤل المُفْرط..
- حديث خرافة..
- ليس بعيدا عن السياسة 3 ..


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - حرق الكتب .. بين مجرم بالقوة وجاهل بالفعل