أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الى الضابط السابق في الجيش الملكي ، المعارض لمغربية الصحراء ، النقيب / القبطان مصطفى اديب















المزيد.....



الى الضابط السابق في الجيش الملكي ، المعارض لمغربية الصحراء ، النقيب / القبطان مصطفى اديب


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7214 - 2022 / 4 / 10 - 15:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الى الضابط في الجيش الملكي ، المعارض لمغربية الصحراء ، النقيب / القبطان مصطفى اديب .
هذه حججنا التاريخية والعلمية على مغربية الصحراء . فهاتوا انتم بحججكم العلمية والتاريخية ان كنتم حقا صادقين .
وبعد قراءة هذه الدراسة الموضوعية التي تتضمن مذكرة / وثيقة للوالي مصطفى السيد مؤسس الجبهة ، يعترف فيها بمغربية الصحراء ، ونشر وثيقة لقادة جيش التحرير المغربي يؤكدون فيها مغربية الصحراء ، وتأكدت لك الحقيقة تب لله الذي خلقك فسواك ، واستغفر ربك ، واعلنها جهرا وجهورا ، امام كل الحاقدين والمتربصين ، وبصوت مدوي مسموع . إن الصحراء مغربية انصافا للتاريخ وللشعب وللجغرافية .. فالاعتراف بالخطأ فضيلة وليس هزيمة .
القرار الأخير الذي أصدره مجلس الأمن 2602، كان صدمة لجبهة البوليساريو ، لأنها ومن خلال البروباغاندا التي واكبت التصريحات قبل الانسحاب من الكركارات ، بربط الانسحاب بتحديد وقت زمني محدد لتنظيم الاستفتاء ، فان العديد من الملاحظين اعتقدوا أن تطور الأوضاع سيتخذ منحى أكثر خطورة ، وربما أن في عدم الانسحاب ، قد تندلع مواجهة عسكرية بين طرفي النزاع . لكن المتتبعين لمختلف التطورات ، والعارفين بحقيقة التهديدات ، وبحقيقة جبهة البوليساريو ، كانوا يدركون أن موقف الجبهة ، لا يعدو أن يكون عبارة عن نفافيخ وبالونات هوائية ، للضغط على ان يكون قرار مجلس الأمن متجاوبا مع حجم التهديدات .
لقد اتضحت الصدمة ، في البيان الذي نشرته قيادة الجبهة مباشرة بعد صدور القرار ، وفي مختلف التبريرات والحجج الواهية التي وظفتها القيادة للتغطية على هول الصدمة ، ولبعث الروح المفقودة في نفوس المحتجزين ، الذين أمطرتهم بوابل من الكذب ، قبل ان تنسحب بشكل مهين ساعة قبل صدور قرار مجلس الأمن . وهنا لن نعود للتذكير بمكامن خيبة الأمل التي عكسها بيان الجبهة ومرتجئتها ، وتبريريتها ، ونحن لم نكن نعلم ان الجبهة لم تعد ثورية ، وانه أصبح لها جماعة من المرجئة والتبريرية التي ترجئ عمل اليوم الى الغد ، وتبرر الفشل والهزيمة بتحويلهما الى نصر ، لا يوجد إلاّ في مخيلة القيادة المفصولة عن القواعد الصحراوية المحتجزة بمخيمات تندوف . ان الرجوع الى هذه المسائل من قبيل عدم توسيع صلاحيات المينورسو ، وعدم تحديد مفهوم دقيق لمصطلح الاستفتاء ، والتحكم في معبر الغرغرات ... الخ . تمت معالجته سابقا ، كما تناولته العديد من المواقع التي تعاملت مع القرار باحترافية ومهنية عالية ، لذا فإننا لن نعود إليها .
وبالرجوع الى مختلف المواقف المعبر عنها منذ أن طرح النزاع على الهيئات الدولية ، وبالضبط أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وأمام مجلس الأمن ، تخندق العديد من المتتبعين لأصل وتطور الصراع ، إلى جانب أطروحة الانفصال ، ومنهم من حاول تبرير إنكارهم لمغربية الصحراء ، بدوافع إيديولوجية ( موقف لينين من تقرير المصير ) ، ومنهم من أنكر مغربية الصحراء ، ليس لاقتناعهم بعدم مغربيتها . بل لأن النظام نجح بسبب كرههم له ، بسبب تعرضهم لظلم من قبله ، في تكريههم في مغربية الصحراء ، معتقدين عن خطأ ، ان الإضرار بمغربية الصحراء ، هو إضرار بالنظام . ومن ثم فإنهم اختزلوا الصحراء في النظام ، والعكس . في حين ان قضية الصحراء المغربية ، هي قضية الشعب المغربي ، الذي عبر ما من مرة ومناسبة عن التمسك بها ، والدفاع عنها من خلال مواقف عملية ، رغم ان النظام الذي همشه في هذه القضية ، لا يلجئ أليه إلاّ عندما يحتاجه من اجل التضحية في سبيل الصحراء ، مثل الدعوة الى المسيرة ، او عدد الشهداء ويعدون بالآلاف ، استشهدوا من اجل الصحراء ، وتركوا عائلاتهم تتدور الجوع والفقر . كما لا ننسى التهييج ضد الفعاليات الأممية ، بدعوى أساءتها الى القضية الوطنية ، قبل ان يسيء الى النظام نفسه .
إذن لنطرح السؤال . وهو موجه بالأساس لمن ينكر مغربية الصحراء من اللينينيين ، ومن يشكك فيها من المعارضين غير الماركسيين اللينينيين ، ونطرح نفس السؤال على الهيئة القيادية لجبهة البوليساريو ، التي تعتبر المغرب محتلا لأراضي الصحراء الغربية المغربية ، وأملنا ان تنير الإجابة عن السؤال ، الشباب الصحراوي الذي عايش فقط أطروحة الجبهة الانفصالية ، ولم يتسنى له الاضطلاع بحقيقة نزاع الصحراء ، وبأصل المشكل المفتعل من قبل القوى المعادية ، وبما فيها كيفية تفسير القرارات الأممية ، بما يزكي الفكر الانفصالي ، وتفنيد حجج الفكر الوحدوي ، الذي يرتبط بالصحراء ، كتاريخ ، وحجج ، وجغرافية ، وبشر ، كما يرتبط بها ، من خلال مختلف القرارات الأممية الداعمة لمغربية الصحراء .
وقبل الاسترسال في التحليل ، أؤكد هنا على أني لن أناقش أطروحة ( اللينينيين ) التي يمكن مناقشها في دراسة قادمة مستعملا اللينينية والماركسية التي بها يتحججون . لكن سأناقش الغير اللينينيين الذين يشككون في مغربية الصحراء ، بسبب كرههم للنظام الذي نجح في تكريههم لمغربية الصحراء ، إضافة الى قيادة الجبهة ، والشباب الصحراوي الذي يجهل اي خطاب عن الصحراء ، غير الخطاب الانفصالي .
سأقسم دراستي إلى المحاور التالية :
1 ) محور القرار 1514 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة .
2 ) محور جبهة البوليساريو .
3 ) محور الشعب الصحراوي .
4 ) محور الاستفتاء وتقرير المصير .
أولا . محور القرار 1514 الصادر سنة 1960 : يركز الشباب الصحراوي المغرر به ، وتبرر قيادة الجبهة مواقفها الانفصالية ، بالتركيز على القرار 1514 الصادر في سنة 1960 ، الذي يعتبر الصحراء مناطق مشمولة بتصفية الاستعمار . أي أن حلها ، لن يخرج عن الاستفتاء ، كحل ديمقراطي لإنهاء الاحتلال .
سنتساءل هنا : من هي الدولة ، او الجهة التي كانت وراء إصدار القرار 1514 ، من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة ؟ هل الجزائر ؟ . هل جبهة البوليساريو ؟ . هل الجمهورية الصحراوية ؟ . هل الشعب الصحراوي المزعوم ؟ . هل جنوب إفريقيا ؟ . هل كوبا ؟ ... الخ .
اعتقد أن الجواب لا يحتاج إلى عناء تفكير . ان المغرب ومن خلال دعواته بالأمم المتحدة منذ 1960 ، بحل قضية الصحراء بالاستفتاء وتقرير المصير ، وهي الدعوة التي تم رفعها ومن أعلى منبر للأمم المتحدة في سنة 1960 ، و 1961 ، و ،1963 ، و 1966 ، و ،1967 ، و 1968 ، و 1969 ، كان هو من يقف وراء صدور القرار المذكور . والمغرب حين كان يطالب بالاستفتاء ، فلان الصحراء كانت تحتلها اسبانيا . لذا فالسؤال الذي كان سيطرح على الصحراويين يتحدد بين . إمّا البقاء تحت الاستعمار الاسباني ، وإمّا العودة الى المغرب . ولم يكن هناك في السؤال ، ما ينصص او يشير ، الى حل الانفصال وتأسيس دويلة بالجنوب المغربي .
إذن . ان الاستفتاء كحق معترف به للشعوب من قبل الأمم المتحدة . الغاية منه التحرير والتحرر من الاستعمار ، وهو حق كان مشروعا ، لمّا كانت اسبانيا تحتل الصحراء . لكن عندما تم استرجاع الصحراء الى المغرب ، اصبح حق الاستفتاء ، حق غير مشروع ، لأنه فقد وظيفته القانونية ، وأصبح كل من يتمسك به بعد استرجاع الصحراء الى المغرب ، يستعمله كحق يراد به باطل . وهنا فحتى لينين عندما اعترف بحق الشعوب المستعمرة في تقرير مصيرها ، فذلك لتخلصها من الاستعمار الأجنبي الذي يحتلها ، ولم يعترف لينين لهذه الشعوب بحق تقرير المصير ، للانفصال عن بلادها وشعوبها ( انظر كراس لينين " حق الأمم في تقرير مصيرها " ، وهو كراس كتب في مرحلة ما بين 1913 – 1916 ، لمواجهة أطروحات الطفولة اليسارية التي انزلق لها قسم من الماركسيين ، أمثال روزا ليكسنبورگ ، راديك ، بوخارين ، بياناكوف .. الخ ) . ففرق كبير بين حق تقرير مصير القُرى ، والمد اشر ، والقبائل ، وبين حق تقرير مصير الأمم والشعوب . ان الخلط في فهم الماركسية واللينينية ، هو ما جعل اللينينيين يُسقطون نظريات على واقع ووضع ، لا علاقة له البتة بمضمون تحليل النظرية الماركسية ، ولا باللينينية وموقفها من تقرير المصير . ان الماركسية علم وطريقة علمية في التحليل ، وليست نصوص جامدة مثل التوراة ، او الإنجيل او القرآن . وعليه فالماركسي الذي يتعامل مع الماركسية كنصوص لا كعلم ، لا يختلف عن الداعيشي الذي يوظف القرآن والتّيْمِيّة كنص لا كمعنى .
هكذا ومع تطور الأحداث وتسارعها ، أصبح كل شيء ممكن ومباح ، طالما انه يزعج ما يعتبرونه الخصم العدو ، من اجل إرهاقه والقضاء عليه . فهل معارضة النظام ، وأي نظام ، تستدعي التنكر للتراب ، وللوطن ، بدعوى خلق القلاقل للنظام ؟ . وهل التضحية بمغربية الصحراء من اجل البؤرة الثورية ، لا يخدم في شيء الامبريالية والصهيونية ، التي تدمر اليوم بالشرق الأوسط دولا مثل سورية ، والعراق ، وليبيا ، والسودان ، واليمين ... الخ .
وحتى نكون واضحين مع قيادة الجبهة ، ومع الشباب الصحراوي المشحون فقط بأطروحة الانفصال ، والجاهل لأصل الصراع ، ولمختلف تطوراته التاريخية . سأطرح عليهم ، وعلى من يكره الصحراء بسبب كرهه للنظام ، السؤال التالي : وأملنا ان يجيبوا عليه ، بتجرد ، وبدون انفعالية ، وبطريقة ديمقراطية .
السؤال هو : إذا كانت الجزائر تعارض المغرب مغربية الصحراء ، باستنادها على القرار ألأممي ، 1514 الذي صدر 1960 . اين كانت الجزائر في هذا التاريخ ؟ . وأين كانت جبهة البوليساريو ؟ . وأين كانت الجمهورية الصحراوية ؟ . وأين كان الشعب الصحراوي المزعوم ؟ وأين كانت جنوب إفريقيا وكوبا ... ؟ .
الجزائر ، كانت لا تزال خاضعة للاستعمار الذي استعمرها لما يفوق مائة وأربعين سنة ، ولم تكن بعد دولة حتى سنة 1962 ..
قيادة جبهة البوليساريو التي تأسست في 1973 ، كانوا لا يزالون تلاميذ بالمدارس الثانوية المغربية ، بالرباط ، والدرالبيضاء ، ومراكش ، وتزنيت ، وترودانت ، ومنهم من كان قد ولج كلية الحقوق والآداب بالرباط ، وكانوا مناضلين في صفوف المنظمة الطلابية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، وفي صفوف الأحزاب المغربية ، من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، الى حزب التحرر والاشتراكية ، الى جماعات الحركة الماركسية ، الى حزب الاستقلال ، ولم تكن فكرة الانفصال ، تعشش في مخيلتهم وذاكرتهم المرتبطة بمغربية بالصحراء . وهنا يمكن الرجوع الى تصريح البرزاني ، الذي التقى بالوالي بموريتانيا قبل بدأ العمل العسكري ضد الإسبان في سنة 1973 .
الجمهورية الصحراوية التي أنشأها الهواري بومدين ، ومعمر القدافي في سنة 1976 ، لم تكن موجودة ، و لا معروفة أصلا ، ولا احد كان يفكر فيها ، او في غيرها من الجمهوريات الانفصالية .
الشعب الصحراوي الذي اكتشفوه بغثة في سنة 1977 ، كانت قرارات الأمم المتحدة حتى 1974 ، تعتبره مجرد سكان ، وليسوا بشعب .
جنوب إفريقيا كانت تعيش نظام الأبارتيد ، وكوبا كانت تعيش ظروف ثورتها ، ولم يكن لها اي دخل في قضية الصحراء المغربية . بل إنهم كانوا يساندون طلب المغرب بالأمم المتحدة ، من اجل تنظيم استفتاء يعيد الصحراء إلى بلدها الأصلي المغرب .
فعن أي جمهورية ، وأي شعب ، وأي جبهة صحراوية يتحدثون اليوم ؟ . اللهم تزوير التاريخ بما يكرس للتجزئة وللانفصال ، خاصة وان التبريرات والحجج المقدمة من قبل المشككين ، او الرافضين لمغربية الصحراء ، باطلة . لأنها حجج انتقامية من النظام الذي نجح في تكريههم لمغربية الصحراء ، بسبب كرههم له ، بسبب الاعتداء عليهم ظلما .
ان اسبانيا التي احتلت الصحراء ، وهي العارفة بتاريخ المنطقة ، اقترحت على الحسن الثاني في سنة 1960 ، ان تعيد للمغرب الصحراء ، مقابل ان يتنازل لها المغرب نهائيا ، عن سبتة ومليلية ، والجزر الجعفرية . لكن الحسن الثاني رفض العرض ، حتى لا يسجل كإنجاز تاريخي للحكومة التي ترأسها الأستاذ عبدالله ابراهيم . لكن سنجد اسبانيا الاستعمارية تغير موقفها كليا ، وتتشبث بالصحراء ، عندما ظهر الفوسفات كثروة بالمنطقة ، ومن ثم بدأت تحيك ، وتدبر المؤامرات التي بلغت حدها ، عندما أرادت تنظيم استفتاء مصطنع ، لخلق دويلة من المرتزقة تكون تابعة لها .
ان تركيز قيادة الجبهة البرجوازية ، والعسكرتارية ، والمخابرات الجزائرية على القرار 1514 ، هو مجانب للصواب وللحق . ان القرار كان مشروعا طيلة الستينات ، وحتى سنة 1974 . لأنه كان يخدم الحقوق المغربية التاريخية ، والجغرافية ، والقانونية ، والبشرية . لكن الغير المفهوم ، والذي أضحى يشكل خطرا على الحقوق المغربية ، هو استعمال هذا القرار استعمالا يناقض هدفه الأساسي ، الذي صدر من اجله ، والذي هو عودة الصحراء الى المغرب . هكذا وبعد تدخل الجزائر كطرف رئيسي في الصراع ، أصبحت تستند على هذا القرار 1514 ، في إذكاء روح الانفصال ، ومع العلم ان هذا القرار فقد بريقه وحجيته بالنسبة لمغربية الصحراء ، منذ استردادها من طرف المغرب . فاستعمال الأمم المتحدة للقرار بشكل مغلوط ، لبتر جزء من أراضي الدولة ، هو من جهة اعتداء سافر على حق شعب الدولة ، ومن جهة يبين و بالواضح ، ان الصراع هو بين الجزائر وبين المغرب ، وهو صراع هيمنة ونفوذ بالمنطقة ، ومن جهة هو تسفيه لحق الاستفتاء وتقرير المصير . لكن الذي يغديه ، هو النفخ فيه من قبل الدول العظمى ، التي تكابد بخلق شمال إفريقيا جديد ، على غرار ، وكتكملة لمشروع الشرق الأوسط ، الذي يشطب اليوم دولا ، في أفق خلق كانتونات ودويلات مارقة ، ستكون طيعة في يد الامبريالية والصهيونية ، لفرملة اي عجلة للتقدم والتطور ، وتقود الى الاستقلال الحقيقي عن كل مراكز الهيمنة الدولية .
ان التمسك بالقرار 1514 لتبرير انفصال إقليم عن المغرب ، هو تمسك بحق أضحى باطلا بعد استرداد المغرب لصحرائه ، ومن ثم فان الاستمرار في التشبث بهذا القرار ، هو معاكسة للوضع القانوني السليم ، الذي أصبحت عليه الصحراء منذ استرجاعها من قبل الشعب المغربي . ويكون اي موقف غير هذا الموقف السليم ، هو اعتداء سافر على الشعب المغربي المتمسك ، والمرتبط بالصحراء .
ثانيا . محور جبهة البوليساريو : هنا سنناقش ظروف تأسيس الجبهة ، ومن هي الأشخاص التي وقفت وراء هذا التأسيس ؟ .
كل متتبع للشأن العام الوطني ، وبالأخص المتتبع لقضية الصحراء المغربية ، سيكتشف ان المغاربة الذين انشئوا الجبهة ، كانوا طلابا بالجامعات المغربية ، وكانوا مناضلين بالأحزاب الوطنية و اليسارية . ان غيرة هؤلاء على مغربية الصحراء ، وكمثقفين يساريين وثوريين ، دفعت بهم إلى الاتصال مع (قادة وزعماء ) الأحزاب السياسية ، من عبدالله ابراهيم ، الى عبدالرحيم بوعبيد ، الى علال الفاسي ، الى ابراهام السرفاتي ، عارضين عليهم فكرة التحرك لتحرير الصحراء من الاستعمار الاسباني ، وعودتها الى المغرب . وكطلبة يساريين وثوريين ، وكشباب ارْتوى بالأفكار الثورية التحررية التي كانت سائدة آنذاك ، خاصة استلهامهم التجارب التحررية للعديد من الحركات السياسية ، التي كانت تحارب الاستعمار في عقر داره ، صدمتهم موافق تلك القيادات الرجعية ، حين رفضت فكرتهم التحريرية ، بدعوى ان قضية استعادت الصحراء هي من اختصاص القصر ..
لكن الذي تجهله أكثرية المتتبعين للشأن العام الوطني ، ان الموقف السياسي لهؤلاء ( القادة ) ، لم يكن هو الموقف الوحيد في الساحة السياسية . إذ كان الى جانب هذا الموقف السلبي ، موقف آخر ايجابي جسدته الأطر المناضلة التي كانت تتمركز بالجزائر ، وبفرنسا ، وببلجيكا كلاجئين سياسيين . واخص بالذكر منهم الأطر التي غادرت المغرب على اثر أحداث 16 يوليو 1963 . ان أغلبية هذه الأطر ، تنتسب الى جناح المقاومة وجيش التحرير ، وينتسبون الى التجربة الراديكالية للاتحاد الوطني لقوات الشعبية .
لقد لعب هؤلاء ، دورا أساسيا في دفع المغاربة المنحدرين من الأقاليم الجنوبية للمغرب ، الى تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، كما هم من لعب دورا أساسيا في إقناع الهواري بومدين ، ومعمر القدافي ، بضرورة اعتماد الجبهة الثورية ، من جهة لتحرير الصحراء من الاستعمار الاسباني ، ومن جهة لتوظيف الجبهة التي دخلت النضال المسلح ، ضد النظام الملكي لتدميره ، وتقويض أركانه لصالح النظام الجمهوري الذي كان من أولويات الأساسية عند الحركة الاتحادية الأصيلة . اي استعمال الصحراء وتوظيفها لتحرير المغرب من النظام . بمعنى خلق البؤرة الثورية من الصحراء كمنطلق ، لتحرير المغرب من النظام السلطاني العلوي ..
لقد لعب الفقيه محمد البصري ، ومومن الديوري ، وآيت قدور ، وبوزاليم ، وعبدالفتاح سباطة ، و آخرون ، دورا في هذا الإقناع الذي أعطى ثمرته بربط النضال من اجل التحرير الوطني ، بالنضال من اجل التحرر الديمقراطي . ففي الوقت الذي تم فيه تأسيس الجبهة في سنة 1973 ، تم فيه كذلك دخول الكوماندو المسلح في 3 مارس 1973 الى المغرب ، لإشعال حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد .
وللتذكير ، فانه ما ان تم انطلاق العمل المسلح ضد الإسبان في سنة 1973 ، حتى بادرت القيادة التاريخية لمنظمة 23 مارس الماركسية اللينينية ، إلى تأييد النضال التحريري بالتوازي مع النضال للتحرر السياسي ، لكن في إطار وضمن المغرب ، لا خارجه .
أدى فشل حركة 3 مارس في سنة 1973 ، المعروفة بخنيفرة مولاي بوعزة ، الى نكوص في العمل السياسي التحريري الوطني ، كما أدى الى ارتدادات خطيرة على مستوى القضية الوطنية .
وبالرجوع الى الرعيل الأول الذي انشأ جبهة البوليساريو، وبدعم وتشجيع من جناح المقاومة وجيش التحرير ، لم يكن يخطر ببال احد منهم ، فكرة الانفصال ، او تأسيس جمهورية ، او المطالبة بحق تقرير المصير عبر الأمم المتحدة ، غير تقرير المصير عبر حرب الشعب الطويلة الأمد . فكان الفكر الوحدوي تيمُّنا بالأفكار التي سطرتها الحركة القومية العربية ، هو المهيمن والسائد . ولم يكن احد يناضل خارج الربط ، بين النضال التحريري للصحراء ، وبين شروط بناء الدولة العصرية ، وتقويض النظام الملكي المتعارض مع أفكار وبرنامج المشروع الإيديولوجي للبرجوازية الصغيرة .
لكن ما ان حلت سنة 1976 التي أصبحت فيها الجزائر طرفا رئيسيا في الصراع ، بفضل تحريض الصهيوني هنري كيسنجر للهوار بومدين ، ليكون له منفذ على المحيط الأطلسي ، حتى تغير كل شيء ، فانقلبت الجبهة من منظمة وحدوية ، الى منظمة انفصالية تخدم مخططات النظامين الليبي والجزائري ، ضمن الحرب الباردة التي كانت تحسم في الكثير من الأطراف ، بطرق تخدم احد المعسكرين المتقابلين ، الرأسمالي ، او الاشتراكي المنحل .
لقد خاضت الجبهة حربا بالوكالة عن الجزائر وليبيا دامت ستة عشر سنة ، ولم يوضع لها حد ، إلاّ باتفاق وقف إطلاق النار ، الموقع بين الجبهة وبين المغرب في سنة 1991 ، وهو الاتفاق الذي نشأت عنه هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية " المينورسو " . ورغم مرور أكثر من ثلاثين سنة خلت من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار ، لم تنجح المينورسو في مهمتها السياسية بتنظيم الاستفتاء ، الذي تترك كل قرارات مجلس الأمن ، وبخاصة القرار الأخير 2602 ، كل الحرية في فهمه ، وتفسيره لأطراف النزاع . أي ان القرار لم يفرض إلزامية التقيد بشكل معين في الاستفتاء ، الذي يبقى بالنسبة للمغرب ، هو الحكم الذاتي ، ويبقى بالنسبة للجبهة والجزائر ، هو الانفصال .
فهل أخطئت جماعة البوليساريو موعدها مع التاريخ ، حين انقلبت من منظمة وحدوية اشرف على إنشاءها مغاربة ، وتوسطوا لها لتُحض بالدعم من لدن الهواري بومدين ، ومعمر القدافي ، بغرض استغلال استعمالها لتقوض دعائم النظام الملكي في المغرب ، وهي نفس الخطة تبناها جيش التحرير قبل القضاء عليه في سنة 1960 ب، تحالف النظام السلطاني ، والنظام الاسباني ، والفرنسي .. الى منظمة انفصالية ، تخدم أجندات العسكرتارية والمخابرات الجزائرية ، المعادية للوحدة الترابية للمغرب ؟ .
وهل نجحت الجبهة في تحقيق شعاراتها الانفصالية ، منذ انقلابها عن المشروع الوحدوي في سنة 1976 ، تاريخ تدخل الجزائر كطرف رئيسي في الصراع ؟ .
ان الجواب يعبر عنه بشكل جلي الوضع المتهرئ ، والمتفكك الذي تعيشه الجبهة منذ 1991 والى اليوم . ان القرار الأخير لمجلس الأمن 2602 ، كان تعبيرا عن الفشل ، وتعبيرا عن هول الصدمة التي أصابت القيادة البرجوازية للجبهة ، من خلال اللجوء الى التبرير ، والخلط ، وفي الأخير الاستسلام .
ان جبهة البوليساريو ، هي الابن اللاّشرعي لخيانات الطبقة السياسية المغربية ، المتحالفة مع الكمبرادور ، كما انه الابن اللاّشرعي لخيانات النظام ، سواء بالتآمر مع الفاشية الاسبانية ، والامبريالية الفرنسية لضرب جيش التحرير المغربي ، الذي أكمل المسير لتحرير الصحراء في مؤامرة " المكنسة " او " ايكوفيون " سنة 1956 ، او عند إبرام اتفاقية مدريد الثلاثية ، بين النظام المغربي ، والنظام الموريتاني ، والدولة الاستعمارية الاسبانية ، حيث تم تقسيم الصحراء كغنيمة احتفظ فيها النظام بالساقية الحمراء ، واحتفظت موريتانيا بوادي الذهب . اما اسبانيا التي أعطتها الاتفاقية حصتها من الفوسفات والسمك ، فرغم انها من الموقعين الأساسيين عليها ، فهي لا تعترف بها ، لأنها غير منشورة بجريدتها الرسمية . كما أنها لا تعترف للمغرب بالسيادة ، وتعترف له فقط بالإدارة ، الى حين تنظيم استفتاء لتحديد السيادة وجنسية الإقليم . هذا دون ان ننسى مؤتمر نواديبو الذي كان يخطط لتقسيم الصحراء ، بين موريتانيا ، والمغرب ، والجزائر التي كانت ستظفر بممرّ نحو المحيط الأطلسي .
انّ القول بثورية جبهة البوليساريو ضد النظام الدكتاتوري السلطاني . وانّ القول بأنها منظمة اشتراكية تعادي النظام ( الرأسمالي ) والإقطاعي المغربي .. هو ادعاء مغلوط ، ولا يعكس حقيقة الجبهة كمنظمة ، بعد ان كانت مغربية قبل 1973 ، تحولت بعد 1976 ، الى منظمة انفصالية تخدم أجندات جزائرية وامبريالية ، لا علاقة لها بما تدعيه من شعارات ، فقدت بريقها بأفول الحرب الباردة ، من قبيل تقرير المصير ، الجمهورية الاشتراكية ، الشعب العربي الصحراوي .
ان التحليل العلمي ، وكل تجارب حركات التحرر الوطني ، علمتنا ألاّ ننخدع بالشعارات الكاذبة ، لمجرد أنها ترفع السلاح ضد العدو الطبقي ، او أنها تدعي الفكر الاشتراكي التحرري . ان التحليل العلمي يعلمنا ، ان الحكم على الأفراد والمنظمات ، لا ينبغي ان يكون بالأفكار التي يُروجون لها . بل أن نحكم عليهم ، بالشروط المادية لوجودهم . فكثير من الأمثلة التاريخية لمنظمات عديدة ، أبانت لنا ، أنها كانت في صلبها ، ردة فعل رجعية ، او يمينية ، رغم مظهرها التقدمي ، سواء على الصعيد الطبقي او الوطني .
ولنا في تجربة الصراع الطبقي بحزب البوند الروسي ، أوضح مثال عن هذه الحقيقة . لقد اعتمد هذا الحزب الماركسية منهجا له ، وكان من روافد الحركة الاشتراكية الديمقراطية المعادية للقيصرية ، والمناضلة من اجل الاشتراكية ، وسيادة الطبقة العاملة .
لكن حزب البوند ، اعتمد أساسا ، اضطهاد الطبقة العاملة اليهودية ، ليجعل منه منطلقا ، في ان يكون حزبا خاصا بالعمال اليهود ، فكان بالتالي حزبا رجعيا ، لأنه يقسم وحدة الطبقة العاملة ، ويريد ان يرجع بها إلى الوراء ، ولأنه عزل بعض الأوضاع التاريخية لفئة العمال اليهود ، عن مجموع الأوضاع التاريخية لاضطهاد الطبقة العاملة الروسية ، رغم ما يميز فئة العمال اليهود من اضطهاد مزدوج كعمال أولا ، وكيهود ثانيا .
وفي التاريخ المعاصر كذلك . قد لا نبتعد كثيرا في عمق التاريخ . لان قضية كابيندا ، هذا الجزء من الوطن الأنغولي الذي أرادت له الامبريالية الانفصال باسم جبهة تحرير كابيندا ، وحق الشعب الكابيندي في تقرير المصير ، مثالا ساطعا عن المؤامرات الامبريالية لتقسيم الدول والشعوب . ورغم ان المثال الكابيندي يختلف عن قضية الصحراء المغربية ، لان كابيندا على الأقل تحتوي على سمات قومية خاصة ، وأنها منفصلة جغرافيا عن أنغولا . كما لنا مثالا ساطعا عن الجبهة الشعبية لتحرير السودان الجنوبي ، في حين ان السبب ، هو إسلامية الشمال ، مقابل مسيحية الجنوب ، فكان لزاما على القوى الامبريالية من تدعيم فصل الشطر الجنوبي عن الشمالي ، باسم الشعب ، وباسم حق تقرير المصير .
فهل كلما رغبت القوى الامبريالية باسم الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ، بتقسيم المقسم ، وبفصل الدول عن بعضها وشعوبها ، إلاّ ويجب الخضوع لقراراتها العدوانية ؟ . شيء مستحيل قبوله او تقبله ، لان قضية الوحدة الترابية للمغرب ، هي قضية شعب ، وليست قضية نظام ، او مجتمع دولي ، او قضية جيران ، أصابهم الله بمرض الطاعون الملعون ، الذي شفاءه من عدمه ، لا يكون إلاّ وقد انفصلت الصحراء عن المغرب .
وخلاصة القول ، ان حكمنا على اية حركة ، يجب ان ينطلق من الشروط المادية لوجودها ، لا من أفكارها عن نفسها . وان معارضتها لعدو طبقي مشترك في مرحلة تاريخية معينة ، لا يعني بالضرورة أنها قوة تقدمية ، و ثورية ، و ديمقراطية ، وان فعلها وممارستها يستحقان المساعدة والدعم .
ان شعارات جبهة البوليساريو من تقرير المصير ، حرب الشعب ، الشعب الصحراوي ، الجمهورية الصحراوية ، الديمقراطية الاشتراكية .. هي أكاذيب تغلف حقيقتها الحقيقية كمنظمة خارجة عن القانون ، أنها الوليد اللاّشرعي لتطور التناقض الوطني والطبقي .
اليوم 10 ابريل 2022 ، تكون قد مرت على تأسيس جبهة البوليساريو ، حوالي خمسون سنة خلت . وخلال هذه الفترة أنقلب الجبهة من منظمة مغربية ، أسسها مناضلون مغاربة ينتمون الى المقاومة وجيش التحرير في 10 مايو 1973 ، الى منظمة انفصالية ، بعد ان دخلت الجزائر كطرف رئيسي في الصراع في أواخر سنة 1976 . وطيلة هذه المرحلة انتقلت الجبهة من انفصاليين يخوضون حرب انفصال عن المغرب ، ودامت الحرب ستة عشر سنة ، الى جبهة أسست لمليشيات ، سمتها جيشا منذ التوقيع على وقف إطلاق النار ، بينها وبين المغرب ، وتحت إشراف الأمم المتحدة . ومنذ ذاك التاريخ ، تاريخ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار ، تكون قد مرت ثلاثون سنة ، والجبهة وجيشها يعيشون حالة لا حرب ولا سلام ، حتى 13 نونبر 2020 تاريخ واقعة الغرغرات .. . ومن خلال تحليل كل المعطيات السياسية المتجمعة منذ 1991 ، نستطيع الحكم ، ان جبهة البوليساريو الانفصالية ، قد تم تجريدها من شعاراتها ( الثورية ) الداعية الى الحرب ، لصالح شعارات تركز على النضال الدبلوماسي ، وعلى ميدان حقوق الإنسان . وهو ما يعني ان الجبهة تحولت الى منظمة سياسية تمارس الثرثرة من اجل الثرثرة ، لخلط الأوراق المكشوفة ، وللنفخ في بالونات هوائية ، كلما كان مجلس الأمن بصدد بحث نزاع الصحراء منذ 1975 ، لكي تأتي قرارات المجلس مستجيبة للشعارات البالونات الهوائية للجبهة .
لكن لنا ان نتساءل لماذا لا تزال العديد من المنظمات السياسية اليسارية والشبه اليسارية في أوربة خاصة في اسبانية والعالم ، تؤيد الجبهة في كل تصوراتها الانفصالية ؟ .
ان الشروط التي أدت إلى انقلاب الجبهة ، من منظمة مغربية تحارب لإرجاع الصحراء الى المغرب ، الى منظمة انفصالية تسعى لتأسيس دويلة قزمية بالجنوب المغربي ، ومساندة كل أحزاب قوى اليسار لها ، بعد ان أسبغت كل مواقفها الحر بائية بالبريق التقدمي ، وأعطتها شهرة رخيصة وسريعة ، نجملها كالآتي :
1 ) طبيعة النظام السلطاني الرجعي ، وخاصة خيانته السابقة لمهمة استكمال وحدة الوطن ، وتحرير الصحراء المغربية . لقد وقف الحكم الرجعي ، وبتحالف مباشر مع الفاشية الاسبانية ، والامبريالية الفرنسية ضد جيش التحرير ، وضد تحرير الصحراء في خيانة ( المكنسة ) المسماة ( ايكوفيون ) . ولم يحرك ساكنا إلاّ بعد ان ظهرت له مصالح مباشرة في المنطقة ، مرتبطة بالحفاظ على عرشه من جهة ، ومن جهة بعد ان أدرك انه لا يستطيع أمام مبادرات الامبريالية ، والفاشية الفرنسية الاسبانية في فرض دويلة في المنطقة ، ان يتمادى في صمته . وهو الذي يعيش مرحلة التأزم المطلق اقتصاديا وسياسيا ، ويعجز راهنا ، رغم كل الشروط الايجابية ، عن استكمال وحدة الوطن بسبتة ومليلية ، لخوفه من الجماهير ، ومن الجيش اللذين لا بد ان تؤدي هذه المعركة ، الى تحريكهما بشكل من الأشكال .
2 ) عجز القوى الوطنية ، والتقدمية ، والديمقراطية ، والثورية عن استدراك الوضع ، وتحمل مسؤولياتها المباشرة في تعبئة الجماهير المغربية في الصحراء ، رغم انها لم تتخل يوما ما ،عن الدعوة والمطالبة بتحرير الصحراء ، وسبتة ومليلية ، والجزر الجعفرية .
ان هذا العجز ، يرجع الى أسباب موضوعية وذاتية . منها العمل في إطار إمكانيات النظام ومحدوديته ، ومنها تراجع القوى الذاتية الجماهيرية لهذه القوى منذ العشرية الأولى من الألفية الثالثة .
3 ) تناقضات المصالح الدولية في المنطقة ، وتناقضات دول المنطقة فيما بينها ، وضعف الحكم وعزلته الدولية أمام هذه التناقضات .
4 ) انعزال نضال الجماهير الصحراوية المغربية لمدة ليست بالقصيرة ، في مواجهة استغلال واضطهاد الفاشية الاسبانية ، إلاّ بعد تأسيس الجبهة الشعبية في 10 مايو 1973 كمنظمة مغربية ، وانقلابها من منظمة وحدوية ، الى منظمة انفصالية في أواخر سنة 1976 ، بعد تدخل الجزائر الرئيسي في النزاع المفتعل بالمنطقة .
ان هذه العوامل بمجموعها ، حيث ان طبيعة الحكم وخياناته ( ضرب جيش التحرير في سنة 1956 ، بالتحالف مع الفاشية الاسبانية ، والامبريالية الفرنسية ، وتوقيع اتفاقية مدريد التي قسمت الصحراء بين المغرب وموريتانيا ) ، والمواقف المتناقضة عند معالجته القضية الوطنية منذ 1975 .. هي التي أفسحت المجال واسعا لبروز هذه الردة الانفصالية ، وهي التي سمحت للأقلية الصحراوية المثقفة ، ان تستغل الظرف التاريخي ، لتركب طموحات الجماهير الصحراوية في التحرر ، ولتحقق هي طموحاتها الطبقية ، من وراء جمهورية تندوف التي أسسها الهواري بومدين ، ومعمر القدافي .
ثالثا محور الشعب الصحراوي : اكتشاف آخر ساعة : هنا اطرح السؤال على القيادة البرجوازية لجبهة البوليساريو ، ومنه إنْ استطاعت ، وملكت الجرأة على الإجابة ، ستكون الإجابة تنويرا للأجيال التي نشأت على سماع بوق واحد ، هو بوق الانفصال . كما نوجه السؤال للمغاربة الذين ينكرون مغربية الصحراء ، ليس بسبب اقتناعهم بعدم مغربيتها . بل إنهم ينكرون مغربية الصحراء نكاية في النظام ، معتقدين ان في موقف كهذا ، يوجهون ضربتهم للنظام ، كنظام طبقي ، وعدواني ، وقمعي . وهو نفس التحجج لقيادة الجبهة التي بررت مواقف الانفصال ، برفض العيش ، والخضوع للدكتاتورية ، والعبودية ، والتعلق بالحرية ، والاشتراكية .
ولنا ان نسأل هؤلاء : منذ متى ظهر ما يسمى بالشعب الصحراوي ؟ . هل ظهر خلال الستينات وكل قرارات الجمعية العامة تعتبرهم مجرد سكان ؟ . هل ظهر في سنة 1975 تاريخ بدأ الصراع مع الجزائر ؟ . هل ظهر بشكل متوازن مع تأسيس جبهة البوليساريو في سنة 1973 ؟ .
ثم كيف نفهم ان الجبهة أسسها مغاربة في 10 مايو 1973 ، ورغم تأسيس الهواري بومدين ، ومعمر القدافي لجمهورية تندوف في أواخر سنة 1976 ، لم يكن هناك شيء يسمى الشعب الصحراوي . ولماذا انتظار حتى نهاية سنة 1977 لتعلن الجبهة بعد ان أصبحت أداة طيعة في يد الجزائر ، عن وجود شيء سموه بالشعب الصحراوي ؟ .
إذا كانت البوليسايو كمنظمة انفصالية منطقية مع نفسها ، لأنها تعرف وتدرك قيمة التاريخ في تكوين الشعوب ، بسبب معرفتها ان التاريخ وان كان مزورا ، هو الذي يجسد طموحات شعب ، ويميز شخصيته الخاصة به . وان الشعب المغربي لا تاريخ له ، ولا وجود له ، لأنه ليس علامة منفصلة إضافية لشعب ما . بل هو الشعب عينه .. فأنها ، اي البوليساريو ، لم تتردد ان تفبرك لنفسها تاريخا خاصا بها ، يلهم ضمير هذا الشعب المصنوع ، وتتكلف أجهزة الإعلام الثورية ، بتقنينه ، وترسيخه في ذاكرة الجماهير الصحراوية ، والجماهير العربية والإفريقية ، والعالمية .
إذن في أي كتاب مدرسي قبل 1976 وبعدها ، قرأتم ، او سمعتم ، ان بجنوب المغرب ، هناك شعب آخر اسمه الشعب الصحراوي ؟ . وهل لمواجهة النظام وقلبه ، يقتضي الأمر تزوير التاريخ ،على يد ثوريين حديثي العهد بالثورية ، وصنع شيء من عدم ، اسمه الشعب الصحراوي ؟ .
اعتقد ان اية معالجة علمية وسديدة للمسألة ، تقتضي طرح السؤال عن كيفية تشكل الشعب المغربي عبر التاريخ . فبدون الرجوع الى هذا التشكل الذي سيجيب عن سؤال وجود او عدم وجود شعب يسمى بالشعب الصحراوي ، سيكون موقفا غريبا وشادا ، وسيكون عدوانا على التاريخ الذي يشهد على المقاومة المدينية والجبلية التي قادها جيش التحرير المغربي ، كما سيكون تبخيسا للمجاهدين الذين ثاروا ضد فرنسا حتى النصف الأول من ثلاثينات القرن الماضي عندما تعرضوا لغدر النظام السلطاني ، وآل الفاسي بزعامة علال الفاسي ، وللثوار الذين ثاروا ضد الاقطاع قبل سنة 1912 ، و الثائر الهيبة ، ولابنه احمد الذي دخل مراكش ونصب نفسه ملكا عليها .
ان الدراسة التاريخية لصيرورة تشكيل كيان الشعب المغربي ، تثبت لنا أنها كانت مرادفة لعملية تعريب المغرب ، والتي تمت بصورة عفوية تلقائية ، وبعيدة عن اي شكل من القسر او العنف .
لقد شكل الفتح العربي الإسلامي للمغرب ، عملية نهوض متقدمة في التاريخ المغربي ، وساهمت الديانة والحضارة الإسلامية ، في رسم صورة المجتمع والشعب الجديد . ان إشعاع الدين الإسلامي ، والحضارة العربية .. قد وجدا في المغرب قبولا تلقائيا ، وباعتباره كان يشكل النموذج الذي يحتدا به ، اثر بذلك تأثيرا واسعا ، سواء في تغيير التقاليد الاجتماعية والثقافية ، او في مجرى الحياة السياسية المغربية .
ان الديناميكية الجديدة التي أحدثها هذا التطور في المغرب ، وتوافد ثلاث هجرات أساسية من الشرق العربي ، والأندلس ، للاستقرار والعيش في المغرب ، والتي بلغت أزيد من ثلاثمائة ألف عربي ، والتي استقرت دفعاتها الأولى في المدن ، ثم استقرت الدفعات الأخرى في السهول والواحات الصحراوية ، قد خلقت سبكا جديدا متقدما في بلورة كيان الشعب المغربي ، والذي لبعت فيه الحضارة العربية ، واللغة العربية ، والدين الإسلامي .. الدور القيادي في كل المجالات السياسية في البلاد : السياسية ، والعسكرية ، والتجارية ، والإدارية ، والمدنية ، والثقافية .
ان هذا التطور الذي شاهده المغرب اثر الفتح العربي الإسلامي ، حيث أصبح مندرجا ضمن إطار اعم ، هو العالم العربي ، ويلعب دورا هاما على صعيد المنطقة ، من جهة كقاعدة انطلاق لفتح اسبانيا وأوربة ، ومن جهة أخرى كقاعدة أساسية في المغرب العربي الامازيغي تطل على جزء هام من إفريقيا ،،، قلنا ان هذا التطور عمق عملية انصهار ووحدة العنصر البربري الامازيغي والعربي ، داخل الشعب الواحد . ويتجلى ذلك في المكانة التي احتلها الدين الإسلامي في الحياة السياسية والاجتماعية ، والمكانة التي احتلتها اللغة العربية في الحياة العسكرية ، والإدارية ، والدينية ، واختلاط . بل واندماج العنصرين البربري الامازيغي والعربي ، في علاقات اقتصادية واسعة ، باعتبار ان المدن والسهول التي تم تعريبها ، كانت تلعب دورا اقتصاديا مستمرا ولا غنى عنه ، مع سكان الجبال الامازيغ ، حيث شكل هذا العامل احتكاكا مستمرا ، عزز عملية التعريب والانصهار في إطار الشعب المغربي .
وعلى عكس ما يذهب إليه المنظرون الاستعماريون ، فان تتبع كل العصور التاريخية ، تشهد ان العرب والامازيغ ، قد عملوا معا على نشر الإسلام داخل المغرب وخارجه في الأندلس ، وفي أوساط إفريقيا . كما شاركوا بكيفية موحدة ، في إقامة حكومات مغربية على رأسها اسر عربية الأصل ( الأدارسة ، السعديون ، العلويون ) ، وبربرية امازيغية الأصل ( كالمرابطين ، الموحدين ، والمرينيين ) ، و لم يكن الصراع الداخلي وسط الشعب المغربي ، يتمثل في صراع عنصري بين البربر الامازيغ والعرب ، بقدر ما كان صراع الجماهير المغربية كلها ضد كل نظام سلطاني ظالم ، وعدواني ، ومفترس . او ضد ايّ عدوان أجنبي معتد .
ان اخطر شيء بالنسبة لمعارضي مغربية الصحراء ، واخص بالذكر منهم البوليساريو ، واللينينيين الماركسيين ، هو محاولتهم تفسير التاريخ المغربي اعتمادا على النموذج الأوربي الرأسمالي المتطور ، واعتمادا على خيط ، او اتجاه التطور كما جرى في الغرب ، وفي البلدان الرأسمالية المتقدمة ، والتي تمت فيها عملية التوحيد السياسي ، وإقامة الدولة القومية الوطنية ، كحصيلة وكنتيجة لنمو وتطور الطبقة البرجوازية ، وفي أثناء ثورتها ضد طبقة الإقطاع ، وبتحالف واسع مع الجماهير الشعبية : الفلاحون والعمال .
إن تاريخ الدولة في هذا الواقع ، قد شهد خطا واحدا متصاعدا في التطور . فبدل تجزيئ الوطن إلى إمارات ، ودويلات ، وكانتونات صغير .. يصبح التقسيم الى جهات ، وولايات ، وعمالات ، تقسيما إداريا محضا ، في إطار الدولة القومية الواحدية والواحدة . انه يلخص بكلمة واحدة على الشكل التالي : نمو الواحدية القوية ، على حساب التعددية الضعيفة .
ان مجرى التطور عندنا في المغرب يختلف . لان الدولة الواحدة في عموم الوطن المغربي ، تقام في فترات تاريخية متعددة ، دون ان يكون ذلك مرافقا لوجود طبقة برجوازية سائدة في الإنتاج والدولة .
وبالمقابل نجد تعددية الدولة ، تقلص نفوذ الدولة ، وظهور مناطق السيبة الثائرة ، واحتفاظ مناطق واسعة باستقلالية اكبر عن الحكم المركزي المخزني . ان تعاقب هذين الشكلين . الصراع بين هذه الواحدية – سيادة الدولة الكاملة – التي لا تدوم ، وبين تقلص الدولة ، وظهور مناطق السيبة ، هو ما يطبع كسمة خاصة التاريخ المغربي .
ان الحضارة المغربية كانت حضارة مدنية ، أساسها التجارة الصحراوية . وليس غريبا إذا رأينا المرابطين ، والموحدين ، والمرينيين ، لا يعرفون التوسع والازدهار إلا بعد استيلائهم على مدينة سجلماسة باب الصحراء ، وملتقى الطرق التجارية بين شمال وجنوب المغرب .
فخلال القرن الحادي عشر الميلادي ، ظهرت قوة الدولة المرابطية ، بسيطرتها على طرق القوافل التجارية . فبعد استيلاء المرابطين على سجلماسة – 1056 – ومراكش ، نراهم ينطلقون لإخضاع كافة أجزاء المغرب الأقصى ، وجزء من المغرب الأوسط ، قبل ان ينتقلوا الى الأندلس .
وخلال القرن الثاني عشر ، صمدت الدولة المرابطية في وجه أعداءها الموحدين مدة ثلاثين سنة ، دون ان تسقط ، الى ان تمكن الموحدون من السيطرة على سجلماسة سنة 1145 . وبعد ذلك مباشرة ، تمكنوا من إخضاع كافة أجزاء المغرب لسلطتهم ، من مراكش الى القيروان ، وذلك في سنة 1152 ، وعلى نفس المنوال ، فلم تسقط الدولة الموحدية ، إلاّ بعد استيلاء المرينيين على باب الصحراء سجلماسة سنة 1255 .
ان تعاقب هذه الدول على الحكم في المغرب ، في القرون الوسطى ، كان نتيجة لتمكن إحدى الجماعات السياسية المتصارعة ، انْ تجمع في نفس الوقت ، بين القوة السياسية العسكرية ، وبين السيطرة على خطوط التجارة الصحراوية . ان جزءا هاما من مدخول الطبقة الحاكمة – الارستقراطية القبلية والتجارية – ، مصدره الأساسي ، السيطرة على خطوط التجارة ، حيث يتم جباية هذا المدخول ، إمّا عبر الضرائب والرسوم التي يفرضها النظام المركزي المخزني على مختلف العمليات التجارية ، وإمّا عبر إشراك عدد من التجار في العمليات التجارية الخاصة بالنظام المخزني ، او بواسطة عملاء تجاريين يثق فيهم ، ويعهد إليهم بجزء من تجارته .
ان الدولة في وضعها هذا . بحاجة ماسة من اجل تطورها واستمرارها ، الى تنشيط التجارة ، والى دعم فئة التجار . وفي المقابل فان هؤلاء بحاجة اكبر للدولة ، من اجل توفير شروط الأمن في تنقلاتهم ، ومن اجل حماية عملياتهم التجارية في مختلف مراحلها . محتاجون لدولة تبسط نفوذ سلطتها على مجموع البلاد ، وبالخصوص في جميع خطوط مرور التجارة ، ومواقع تمركزها في الحركة الدائمة للتصدير والاستيراد .
ان قيام وانتصار دولة مركزية ، وسيطرتها على خطوط التجارة ، كان يؤدي الى تفاحش غنى وترف الطبقة الحاكمة بشكل لا يطاق ، وفي نفس الوقت يفرض قيام هذه بوظيفتها في حماية امن الخطوط التجارية ، ضرورة تكوينها ، وتجهيزها لجيش قوي بالغ التكاليف ، تجنى أمواله من عرق جبين الجماهير الكادحة ، وبالخصوص من الفلاحين ، الذين لم يكونوا يزرعون إلاّ ما يسد رمقهم . خصوصا وأنهم يعرفون ، أن كدهم ، وعملهم لتوسيع الإنتاج ، سوف يقطفها الحكم المركزي عبر الحگرة ، او عبر السُّخرة التي يفرضها قايْدْ المنطقة . ففي عهد الملك اسماعيل ، فإن جباة مملكته ، قد جرّوا ذيول الظلم على الرعية ، فأكلوا اللحم ، وشربوا الدم ، وامتصوا العظم ، وابتلعوا المخ ، ولم يتركوا للناس دنيا ولا دينا ( انظر كتاب الاستقصاء ج 7 ص 81 رسالة احد العلماء الى السلطان إسماعيل ) .
ان الجماهير الكادحة لم تكن تنظر في قيام الدولة المركزية ، وازدياد قوتها ، وبسط نفوذها ، سوى وجه مضاعفة استغلالها المدمر ، لدرجة المجاعة كما هو الحال اليوم . ولهذا بالضبط ، كلما أصاب الضعف الدولة المركزية ، او حرمت من إحدى إمكانياتها في التطور ، او تفاقمت تناقضاتها الداخلية ، والمتمثلة خصوصا في الصراع على الحكم وولاية العهد بعد موت الملك ، كلما سارعت الجماهير الى حماية نفسها من اضطهاد الحكم المركزي ، وفرض استقلالية نسبية في حكم نفسها بنفسها عبر مجلس الجماعة ، ورفض دفع الضرائب ، وتشكيل جبهة مع بعضها ، لمنع وصول جيش النظام المخزني لإخضاعها . بل وتنتقل هذه القبائل في سنوات الجفاف ، الى غزو المناطق السهلية الخاضعة لسيطرة وحكم النظام المخزني ، باحثة عن اي مصدر لسد حاجيات عيشها ، ولو بالنهب ، والسرقة ، وقطع الطرق ، مُشّكلة بذلك تهديدا قويا لأمن بلاد المخزن نفسها ، والتي تضيق رقعتها أحيانا ، لتنحصر في المدن والمناطق السهلية .
وهنا أتوجه بالسؤال الى القيادة البرجوازية لجبهة البوليساريو ، المفروض فيها أنها تملك من الرصيد الثقافي التاريخي ، ما يمكنها من فهم أصل الصراع ، والى الشباب الصحراوي الذي قرأ نزاع الصحراء المغربية من بوثقة واحدة ، وهو نفس السؤال أوجهه حتى للماركسيين اللينينيين ، وللمغاربة الذين ينفون عن الصحراء مغربيتها نكاية في النظام ، معتقدين عن خطأ ان في إضرارهم بمغربية الصحراء ، فهم يضرون بالأساس النظام :
هل وضع الصحراء الغربية المغربية التي حافظت على استقلال عن المناطق المغربية الأخرى ، منذ بداية القرن الرابع عشر ، الذي شهد تحويل الطرق التجارية باتجاه مصر ، كان وضعا خاصا فريدا بالصحراء الغربية المغربية . فقط دون غيرها من الأجزاء الأخرى من المغرب ، والتي شهدت نفس هذه الوضعية المتسمة بشبة استقلال نسبي ، وأيضا نمو مناطق السيبة الخارجة عن نفوذ وسلطة الحكم المركزي السلطاني المخزني ؟ .
فمنذ عهد المرينيين ، وفي عهد بني وطاس ، كان قسم هام من البلاد قد رفض عادة دفع الضرائب ، وأصبح يمارس استقلالا فعليا عن الحكم المركزي المخزني السلطاني ، وبذلك توسعت مناطق السيبة ، حيث شملت حتى الصحراء الغربية المغربية ، وموريتانيا ، ومناطق جبال الأطلس المتوسط ، وجبال بني يزناسن ، وبني وراين ، ومناطق ملوية ، ومناطق الريف وغيرها . لذلك فان الاعتماد على تفسير مناطق السيبة لإلغاء مغربية الصحراء ، لمّا أصبح هناك شيء اسمه الشعب المغربي ، اللهم إلاّ في المدن والسهول حيث نظام الحكم المخزني السلطاني .
منذ القرن الثامن وحتى القرن الرابع عشر ، والمغرب يتطور كشعب مستقل ، ويحافظ لحقبة طويلة على هذا الاستقلال . فالدولة – المخزن تنشأ وتتطور ، وتبسط نفوذها بناء على سيطرتها على طرق التبادل التجاري ، في اتجاه البحر الأبيض المتوسط ، وبلدان المغرب العربي الامازيغي ، ومع السودان عبر الصحراء الغربية المغربية وموريتانيا . وخلال هذه الحقبة ، يشهد المغرب أرقى مراحل تطوره ، المبنية على هذا الدور الخاص ، الذي يلعبه على الساحة الدولية ، ويستطيع ان يلم كل أجزاء الوطن المغربي في وحدة متماسكة . لكن مصدر هذه القوة يرتبط بالسيطرة على مراكز التجارة ، الموانئ ، ومراكز القوافل التجارية في الصحراء المغربية . لكن هذا التطور سيتوقف ، لتحل محله ، مرحلة القوة ، ومرلحة الضعف والانتكاسة . فمنذ القرن الرابع عشر ، وبداية القرن الخامس عشر ، يحتل البرتغال واسبانيا المدن الساحلية : سبتة ( 1415 ) ، أصيلا وطنجة ( 1481 ) ، أسفي ( 1508 ) ، ازمور ( 1513 ) . ان ضعف السلطة المركزية ، وانعدام قوة فئة التجار ، وتدهور قوى الإنتاج ، واشتداد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ، واستفحال مناطق السيبة ، يرتبط الى حد كبير ، بهذا التطور المفروض من الاستعمار .
ان احتلال اسبانيا والبرتغال لكل الموانئ المغربية تقريبا ، باستثناء مينائي سلا والرباط ، قد أدى الى انقطاع تيار المبادلات التجارية التي كانت تنشط بين المغرب ، وبلدان البحر الأبيض المتوسط . كما ان العلاقة العدائية مع الأتراك ، كانت تضعف المبادلات مع بلدان المنطقة ، وبالأخص منها الجزائر . هذا بالإضافة الى تدهور التجارة عبر الصحراء المغربية مع السودان ، والتي أصبح البرتغال واسبانيا يسيطران على قسم واسع منها .
انه رغم هذه الفترة الاستثنائية ، التي كانت تعرف المد والجزر بين الحكم المركزي ، وبين مناطق السيبة الثائرة ، فان ذلك لم يمنع ، وخلال القرن التاسع عشر ، وبداية القرن العشرين ، اقتصاد المغرب ان يدخل تدريجيا في إطار السوق الامبريالية العالمية ، كاقتصاد كولونيالي ومجزأ ، وواقع وجود مناطق شبه مستقلة .. يتعمق بشكل آخر وأكثر شمولية ، واقع التجزئة يترسخ في شكل أعلى . وبسيطرة التجارة الأوربية على أهم الموانئ والمراكز التجارية ، تغلغلت الشركات الرأسمالية الغربية في قلب البلاد ، عبر شبكة السماسرة المغاربة الذين منحوا ما يسمى بحق الحماية . وعبر هذا التطور يتم احتلال المغرب ابتداءً من سنة 1912 . ومع دخول الاستعمار واستقراره ، استطاع ان يوحد البلاد لضرورات الاستغلال الرأسمالي ، فيقضي بذلك على مناطق السيبة الثائرة بمباركة فصيل مما يسمى بالحركة الوطنية ( علال الفاسي ) . لكنه في هذا التوحيد من اجل تسهيل الاستغلال ، يقسم المغرب الى أجزاء متناثرة ، منطقة موريتانيا وتحتلها فرنسا ، مناطق الصحراء الغربية المغربية وتحتلها اسبانيا ، منطقة الداخل وتحتلها فرنسا ، المنطقة الشمالية إضافة الى سبتة ومليلية والجزر الجعفرية ، وتحتلها اسبانيا ، وتدويل مدينة طنجة .
إذن بعد ان استعرضنا ، وبالتحليل المادي والتاريخي الملموس ، كيفية تشكّل الشعب المغربي . وبعد ان استعرضنا كل مراحل التآمر الاستعماري الفرنسي الاسباني في تفتيت المغرب وتقسيمه شمالا وجنوبا ، يجدر بنا طرح السؤال الحرج :
هل طرح مغربية الصحراء هو طرح مغلوط ؟ . وهل سكان الصحراء شعب ، ام جزء لا يتجزأ من الشعب المغربي ؟ .
هنا سوف لن نطرح السؤال عن تاريخ ظهور " الشعب الصحراوي " . هل ظهر المصطلح في الخمسينات ، او الستينات ، او حتى 1976 ، السنة التي أسست فيها الجزائر جمهورية تندوف . لكننا سنعود الى وثيقة مكتوبة بخط يد الوالي مصطفى السيد ، يؤكد فيها على مغربية الصحراء ، وانتماء سكان الصحراء الى الشعب المغربي ، والوثيقة هذه حررها حتى قبل ان تلتحق مجموعة الرباط المثقفة بمجموعة الزويرات بموريتانيا .
بالرجوع الى المذكرة التي حررها الوالي شخصيا في عام 1973 ، سنجد الوالي مصطفى السيد مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، يؤكد الهوية الوطنية للصحراء الغربية المغربية ، وبنيتها الاقتصادية والسياسية والثقافية والبشرية والصحية ... الخ ، كما يستعرض تجربة الحزب المسلم ، ومواقف أنظمة المغرب العربي ، ومخاطر السياسة الاسبانية ، مقدما بذلك أهم وثيقة صحراوية عن الصحراء ، شكلت المصدر الرئيسي لكافة المنشورات والمطبوعات التي أصدرتها المنظمات الوطنية بالمغرب منذ مطلع سنة 1975 ، وذلك لاحتوائها على اكبر قدر من المعلومات حول المنطقة .
بطبيعة الحال القيادة البرجوازية للجبهة ، رفضت هذه المذكرة ، بعد ان دخلت الجزائر وليبيا كأطراف رئيسية في الصراع . ولو لا ان الوثيقة مكتوبة بخط يد الوالي شخصيا ، لأنكرتها القيادة جملة وتفصيلا
بالرجوع الى المذكرة سنجد :
أولا : ان السيد مصطفى الوالي ، يعتبر الصحراء الغربية ، كانت تاريخا مرتبطة بالمغرب ، وأنها تشكل عمليا جزءا منه . وفي هذا يقول : " ان تعاقب الدول ، والتنازع على السلطات ، وتناحر القبائل ، أدت الى زيادة الهجرة لهذه المنطقة المحايدة الآمنة ، واللجوء أليها من كل مغلوب . بل وفي كثير من الأحيان ، الاعتصام بها من طرف الثائرين ، الذين يُحضّرون للانقضاض على أعدائهم ، ونتيجة لهذه الهجرة المتعاقبة صوب الصحراء ، والمعاكسة أحيانا منها الى المغرب ، فقد كانت المنطقة مرتبطة ارتباطا وثيقا في غالب الأحيان بالسلطة القائمة في المغرب . وكثيرا ما كانت تمارس سلطات مركزية من قبل الحكومات على سكان المنطقة ، وخصوصا في حالات الحروب ، فكانت كثير منها ، تجند سكان المنطقة ، لنصرتها ، ويمكن القول ان المنطقة كانت إقليما كسائر الأقاليم المغربية الأخرى " .
ثانيا : يربط الوالي بين الهجرات المتبادلة ، فيتحدث عن بنية اجتماعية واحدة ، خاضعة لنظام قبلي مشترك ، تطل منه الصحراء بوصفها جزءا من بينة مغربية ، هاجرت الى الصحراء بشريا .
ثالثا : اثبت الوالي في مذكرته ، الترابط التاريخي المصيري ، بين الصحراء الغربية المغربية ، وبين المغرب ، من خلال اعتباره ، ان الصحراء كانت نقطة استراتيجية في صراع القوى الاستعمارية المتنافسة على المغرب . لذلك يؤكد الوالي " ان جماهيرنا الصحراوية ، ساهمت بصورة فعالة في جيش التحرير المغربي ، وحتى استقل المغرب ، وحل جيش التحرير وادمج في الجيش النظامي " .
رابعا : يتناقض موقف الوالي مع تاريخ احمد بابامسكي لسياسة الحزب المسلم . فبينما يرى بابامسكي البصيري مناضلا صحراويا استقلاليا ، يراه الوالي مغربيا دفعته الظروف ، الى خوض نضال صحراوي وحدوي ، رغم عفوية الحركة . وبهذا يعرض الوالي تاريخ الحزب المسلم ، وكيفية نشأته ، وعملية تمويله الذاتي ، وبنيته القاعدية مقيما تجربته قائلا " وبقي الحزب يكتسح الساحة الوطنية على جميع المستويات ، وداخل سائر الفئات الاجتماعية الصحراوية ، من جنود ، وعمال ، وعاطلين ، وبدو ... " وكانت مبادئ الحزب : " التحرير بالسلاح ، والارتباط مع المغرب .. "
خامسا : من خلال مراجعة المذكرة ، لا يوجد فيها أية إشارة إلى شيء يسمى الشعب الصحراوي ، الذي اعتبرهم الوالي سكانا صحراويين مرتبطين بالشعب المغربي ، كما لا توجد هناك ولا إشارة تدل على الانفصال وتأسيس دويلة بالجنوب المغربي . كما ان مصطفى بوهْ احد قادة البوليساريو الملقب بالبرزاني ، ذكر انه حين التقى مصطفى الوالي السيد عام 1973 في موريتانيا ، لم تكن فكرة الاستقلال عن المغرب في رؤية الوالي . كما ان كل أدبيات البوليساريو ، وحتى سنة 1976 . اي قبيل تأسيس جمهورية تندوف ، تخلو من أية إشارة الى كلمة استقلال او انفصال . وان النزعة الانفصالية لم تظهر ، إلاّ بعد سنة 1976 ، حين أصبحت الجزائر طرفا رئيسيا في الصراع .
إذن السؤال الذي نوجهه الى القيادة البرجوازية المسيطرة في الجبهة ، والى الشباب المحتجز في المخيمات ، والذي لم تتح له الفرصة لاضطلاع على حقيقة الصراع وأسبابه ، والى المغاربة الذين يشككون في مغربية الصحراء بسبب كرههم للنظام . متى ظهر الشعب الصحراوي ؟ . هل في الستينات ، ام في السبعينات ، وبالضبط سنة 1977 ؟ .
بالرجوع الى ستينات القرن الماضي ، حيث الجمعية العامة للأمم المتحدة ، هي التي كانت تتولى بحث النزاع المغربي الاسباني ، فإنها كانت تعتبر الصحراويين مجرد سكان وليسوا بشعب . والمغرب الذي كان وراء إصدار القرار 1514 ، هو من كان يطالب بالاستفتاء لتقرير مصير الصحراويين . ان السؤال الذي كان سيطرح على الاستفتاء هو ، إمّا البقاء تحت السيطرة الاسبانية ، ام العودة الى المغرب . واسبانيا التي كانت تطالب بالاستفتاء ، تراجعت عنه عندما اكتشفت الفوسفاط ، لكن بازدياد الضغط عليها ، نجدها تتقن سياسة الهروب الى الإمام ، وذلك حين وطدت العزم على تنظيم استفتاء مشبوه ، يؤدي الى كيان دويلة قزمية ، تكون أداة طيعة في يدها .
عندما أسس طلاب صحراويون ، وبدعم مباشر من قبل مقاومين مغاربة ، ينتمون الى تيار المقاومة وجيش التحرير ، وكانوا متمركزين بالجزائر وبفرنسا ، في 10 مايو 1973 جبهة البوليساريو ، فذلك للدفع بعملية التحرير الوطني ، وفي نفس الوقت استخدام الجبهة التي ستباشر النضال المسلح ، كاداه لتقويض النظام السلطاني . لكن وبعد ان أصبحت الجزائر طرفا رئيسيا في الصراع ، وأسست جمهورية تندوف في 27 / 02 / 1976 ، حتى انقلبت الجبهة من منظمة مغربية ثورية ووحدوية ، الى منظمة انفصالية تخدم أجندة الجزائر وليبيا بالمنطقة .
لكن كيف سيتم تأسيس الجبهة في 10 مايو 1973 ، وانتظار ثلاث سنوات حين ستؤسس جمهورية تندوف في 27 / 02 / 1976 ، وانتظار نهاية سنة 1977 للإعلان عن كشف الشعب الصحراوي المزعوم ؟ .
فكما ان ( منيرفا ) خرجت من رأس ( جوبيتير ) ، فان الشعب الصحراوي خرج من رأس الجزائر والبوليساريو بعد ان اعتنق فكرة الانفصال .
ان انتفاضة احمد الهيبة ماء العينين بعد دخوله مراكش ، كان ضد الغزو الاستعماري الاسباني والفرنسي ، ولم يكن من اجل الانفصال وتقزيم المغرب . وان مواصلة الكفاح المسلح للصحراويين المغاربة منذ 1956 ، كان يتم ضمن جيش التحرير المغربي ، بل كانوا عماد هذا الجيش الذي قاتل الاستعمارين الاسباني والفرنسي .
فحتى سنة 1956 لم يكن الصحراويون شعبا مستقلا عن الشعب المغربي . بل كانوا هم عماد جيش التحرير المغربي الذي انتقل الى الجنوب ، من اجل متابعة الكفاح الوطني التحرري المسلح ضد الاستعمار الفرنسي في موريتانيا ، والمناطق الأخرى ، والاستعمار الاسباني في طرفاية ، وسيدي افني ، والساقية الحمراء ووادي الذهب ، وذلك بعد ان قرر القصر حل جيش التحرير في الشمال ، ودمجه في الجيش السلطاني الذي تم تأسيسه في نفس السنة .
لقد كان انتقال جيش التحرير الى الجنوب بقرار من قيادة المقاومة وجيش التحرير ، يدخل ضمن خطة شاملة للتحرير ، تبدأ بطرد الاستعمار من المنطقة ، وتنتهي بتقويض دعائم النظام المخزني ، وإقامة نظام وطني ديمقراطي . وانه نفس المخطط هدف إليه قادة المقاومة وجيش التحرير ، حين دفعوا بشباب الى تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب في 10 مايو 1973 ، قبل ان تسيطر عليها الجزائر وتحولها الى منظمة انفصالية .
فعن اي شعب ، وعن اية جبهة ، وعن اية جمهورية يتحدثون ؟ . انه تزوير التاريخ الذي سيرمي بهم الى مزبلته .
رابعا محور الاستفتاء وتقرير المصير : قلنا سابقا ان القرار 1514 الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1960 ، كان المغرب وراءه ، لان النزاع كان بين طرفين هما المغرب واسبانيا ، والسؤال الذي كان متوقعا عرضه على الاستفتاء لا يخرج عن حلين : إمّا البقاء تحت السيطرة الاسبانية ، وإمّا العودة الى المغرب . ولم يكن السؤال يتضمن حلا ثالثا يؤدي الى الانفصال ، وتكوين دويلة . وباسترجاع المغرب لصحرائه ، يكون القرار 1514 قد فقد بريقه القانوني الذي صدر من اجله ، ويكون التمسك بهذا القرار لفض نزاع الصحراء ، تمسكا غير مشروع وغير قانوني ، وانه أضحى حقا يراد به باطل .
لكن سنجد انه منذ دخول الجزائر طرفا رئيسيا في النزاع ، وبالضبط منذ 1975 ، حتى كثر التمسك بهذا القرار الذي أضحى في تعارض مع الطبيعة القانونية لقضية الصحراء .
ولنا ان نتساءل . هل تتعامل الجزائر مع مطلب تقرير المصير . من منطلق تكتيكي ام استراتيجي . اي يتجاوز الشعب الصحراوي الى مصالح الجزائر التي تلحقها في أمنها وفي ( ثورتها ) ، وكونها أصبحت مطوقة من المغرب مؤسس الإمبراطوريات ؟ .
لماذا تقرير مصير الشعب الصحراوي في الصحراء الغربية المغربية ، وليس تقرير مصير الشعب الصحراوي في الصحراء الشرقية التي تحتلها الجزائر ، بعد ان فوتتها لها فرنسا الاستعمارية ؟ .
كيف يكون تقرير المصير حلالا في المغرب ، ويكون حراما في الجزائر ؟ .
لماذا لم تحترم الطغمة الفرنسية الحاكمة في الجزائر ، إرادة الشعب الجزائري في تقرير مصيره حين صوت في انتخابات 1991 لصالح جبهة الإنقاذ الجزائرية ؟ .
ألا يؤدي إنشاء دويلة قزمية في الصحراء ، الى تعطيل وتأخير وحدة شعوب شمال إفريقيا ؟ .
ألا يؤدي أنشاء دويلة صغيرة عشائرية في الصحراء ، الى ان تصبح اتوماتيكيا قاعدة حديثة للاستعمال الامبريالي ، مثل إسرائيل بمنطقة الشرق الأوسط ؟ .
أليس سكان الصحراء مغاربة ، ام انهم ليسوا كذلك ؟ .
تنطلق الجزائر والبوليساريو في دعوتهما لتقرير المصير بالصحراء من مبدأ المحافظة على الحدود الاستعمارية ، وهو نفسه المبدأ التي تبرر به الجزائر احتلالها لتندوف . لأننا وكما يقولون ، إذا أردنا ان نتجاوز هذه الحدود بالرجوع الى الوحدة الأصلية للشعوب ، سنفتح بابا لا يغلق من صراعات الحدود بالمنطقة . والغريب ان النظام حين التحق بالاتحاد الإفريقي ، يكون من جانبه قد اقر بهذا المبدأ الذي اقره الاتحاد في قانونه الأساسي ، رغم ان الاستعمار هو من عبث بوحدة راضيها ، وشعوبها ، وخلق دويلات كأمر واقع . ان المحافظة على الحدود الاستعمارية كما هي ، هو إذن أساس وجود ما يسمى بالشعب الصحراوي .
لا شك ان الدعوة للمحافظة على الحدود الاستعمارية قد خدمت في بعض الحالات ، وبصفة مؤقتة بعض الدول الإفريقية ، لأنها وجهت طاقاتها للنضال ضد الاستعمار ، بدل إهدارها في الصراعات المسلحة على الحدود . لكن هذا لا يحجب انها دعوة محافظة ورجعية ، بل خيانية تعمل في نطاق تركة الاستعمار والامبريالية .
ان الاستعمار لم يخلق شعوبا ، بل خلق دولا قسم شعوبها الموحدة الى دويلات لخدمة مصالحه الاقتصادية ، والعسكرية ، وإبقائها في نطاق التخلف والتبعية .
ان القبول بتقسيم المغرب وفرضه كأمر واقع ، هو امتداد تاريخي لتقسيمات الاستعماريين المحتلين ، منذ مؤتمر الجزيرة الخضراء ،.وهو بالتالي تزكية لمخطط استعماري لم يستطع الاستعمار نفسه ان يحلم به رغم قرن من الاحتلال ، والقهر العسكري والسياسي . لقد أدى تاريخ نضال الشعب المغربي وبشروط ذاتية وموضوعية ، الى الحصول على استقلال سياسي شكلي ، والقبول به كمساومة مؤقتة مع الاستعمار ، حدد إطارها آنذاك اتفاقية ايكس ليبان . وكان من جملة نتائج هذه المساومة ، ان بقيت أجزاء من الوطن المغربي بيد اسبانيا . واليوم بعد القبول بتقسيم المغرب وفرضه كأمر واقع تحويلا لهذه المساومة الى هزيمة كاملة ونهائية ، وتفريطا بمكاسب ونضال أزيد من نصف قرن ، ضد الاستعمار ، والاستعمار الجديد ، قدم فيها الشعب الكثير من التضحيات .
ان تاريخ المنطقة الصحراوية هو جزء لا يتجزأ من التاريخ الاقتصادي والسياسي للوطن وللشعب المغربي :
أولا كنظام قبلي جماعي يحكمه النظام المخزني ، والذي لعبت فيه التجارة الدور المركزي .
وثانيا كنظام خضع بمجموعه لحركة الاستغلال الاستعماري وتقسيماته المختلفة .
وعلى هذا الأساس ، فان علاقة السلطة المركزية في ترابطها ، او انحلالها مع المناطق ، او القبائل التي كان سائدا فيها ، إمّا النظام الزراعي ، او النظام الرعوي ، هي علاقة تُشكل جزءا لا يتجزأ من التاريخ الاقتصادي والسياسي للمغرب ، وهو تاريخ تكون وتبلور الشعب المغربي .
ان حجتنا الأساسية في ذلك نستقيها من التاريخ نفسه ، من تصرف الجماهير الشعبية ذاتها . ان المقاومة العفوية للملايين من سكان المغرب ، ورد الفعل الغريزي لطرد اي عدوان أجنبي ، قد تجلى في تاريخنا منذ القرن السادس عشر ، والسابع عشر ، وفي مطلع القرن العشرين ، ضد التدخل الاسباني والبرتغالي ، وضد التدخل الفرنسي .
ان الجماهير الشعبية المغربية ، من طنجة الى تخوم الصحراء ، كانت تتصدى بحمية وطنية عالية لصد العدوان الأجنبي ، وتقف مناطق وقبائل السيبة الثائرة بالذات ، المناطق التي تمثل السكان الأكثر اضطهادا والأكثر كفاحية ، اعتبارا لتقاليدها العريقة ، في مقدمة الانتفاضات المسلحة العروبية والامازيغية للدفاع عن حرية ووحدة التراب المغربي .
ان سكان الصحراء المغربية هم سكان إقليم فحسب ، له خصائص ومميزات مثل أقاليم كل المغرب ، وعلما ان سكان الساقية الحمراء ووادي الذهب ، يُكوّنون فقط جزءا من الأقاليم الصحراوية الكاملة المكونة ، من طرفاية ، وسيدي افني ، تتداخل قبائله ، ولهجاته ، وعاداته ، الأمر الذي ينفي بالمطلق وجود مقومات الشعب او القومية . فعن اي استفتاء وتقرير المصير يتحدثون ؟ .
ان الاستفتاء وحق تقرير المصير هو سلاح بيد الشعوب والقوميات والأمم المضطهدة ، والمجزأة في مواجهة العدو الوطني والقومي ، وليس هو أبدا حق الأقاليم ، والمناطق ، والقبائل ، والعشائر ، والأديان ، والطوائف ، في التجزئة والانفصال عن الوطن ، وتقسيم وحدة الشعب .
ان حق تقرير المصير الذي ينُصّ عليه القرار ألأممي 1514 ، لم يعد متطابقا مع الحالة المغربية . ان هذا القرار يعني الأراضي التي تحتلها دول أجنبية . لذا فالقرار الذي وقف وراء إصداره المغرب ، كان مشروعا حين كانت اسبانيا تحتل الصحراء . لكن عندما استعاد المغرب أرضه ، أضحى تطبيق القرار في الحالة المغربية خارجا عن المقتضيات القانونية التي يعنيها القرار ، ومن ثم أصبح الاستفتاء متعارضا في حالة الصحراء المغربية . ان استعماله في هذه الحالة هو حق يراد به باطل .
ومرة أخرى نوجه السؤال : اين كانت الجزائر ، وجبهة البوليساريو ، وجمهورية تندوف ، ومقولة الشعب الصحراوي .. عندما صدر القرار 1514 في 1960 . وأين كانوا طيلة الستينات ، وحتى سنة 1977 تاريخ اكتشاف مقولة الشعب الصحراوي ؟ .
فرجاء لا تخلطوا بين معارضة النظام التي تبقى حقا مشروعا ، وبين معارضة مغربية الصحراء نكاية في كرهكم للنظام . ان قضية الصحراء المغربية هي قضية شعب ، قبل ان تكون قضية نظام .
وثيقة نادرة : بلاغ حول الاراضي المغربية المغتصبة . - الاتحاد الوطني للقوات الشعبية -
من بين وثائق الحركة التقدمية المغربية حول الأراضي المغربية المغتصبة من قبل الاستعمار الاسباني ، توجد هذه الوثيقة التي أصدرها زعماء الحزب الذين لعبوا دورا أساسيا ، من خلال تمركز جزء مهم منهم كلاجئين سياسيين بالجزائر ، في تدعيم انشاء حركة التحرر المغربي في 10 مايو 1973 ، التي ستعرف بالجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، لتوظيفها ، من جهة لاستكمال التحرر من الاستعمار الاسباني ، وبالموازاة مع ذلك ، توظيفها كحركة مسلحة في قلب النظام السلطاني ، وتعويضه بنظام جمهوري ، على غرار الأنظمة الجمهورية العربية .
ان العناصر التي ستباشر الانخراط في هذا المشروع ، منهم المنحدرون من تجربة جيش التحرير المغربي ، الذي أكمل الطريق بعد 1955 نحو الصحراء لتحريرها واسترجاعها الى المغرب ، ومنهم طلبة صحراويون كانوا يدرسون بالمعاهد الثانوية في تارودانت ، مراكش ، الرباط ، وطلبة كانوا بكلية الحقوق ، وبكلية الآداب بالرباط كذلك .
يلاحظ ان نشر البلاغ هذا ، صادف مرور احدى عشر سنة من مؤامرة ( إيكوفيون ) او ( المكنسة ) التي تعرض لها جيش التحرير المغربي في سنة 1956 ، من قبل النظام المغربي ، وبالتنسيق مع الدولة الامبريالية الفرنسية ، والدولة الفاشية الفرنكونية ( فرانكو ) الاسبانية ، بسبب انتماء جزء مهم من ذاك الجيش الى المعارضة المغربية التي كانت تخطط للحكم لا للحكومة ، وهذا ما يفسر مرور خمسة اشهر بين بلاغ 8 أكتوبر 1972 ، والانتفاضة المسلحة في 3 مارس 1973 ، التي قادتها حركة 3 مارس التي جسدت الخط ، والاتجاه الراديكالي للحزب ، او ما يمكن تسميته بدراعه المسلح .
فحركة 3 مارس التي كان العديد من مناضليها مستقرين بالجزائر كلاجئين ، تحركت بعد فشل انقلاب الطائرة الذي اشتركت فيه الحركة ( الفقيه محمد البصري .... لخ ) ، وبعد اختطاف الضباط ، وضباط الصف ، والجنود في سنة 1973 من السجن المركزي بالقنيطرة وترحيلهم الى سجن تزمامارت الرهيب .
لذا كان موضوع الصحراء ، ومن كلا الجانبين ، النظام والمعارضة ، يُستعمل في الحرب الدائرة بينهما حول الحكم . فالنظام استعملها لتخفيف الضغط المسلط عليه ، والذي كان يوشك باسقاطه ، والمعارضة استعملتها لقلبه ، لان كل الاخطار وكل المنافع التي تسلطت على المغرب كانت من الصحراء ، وكل السلالات التي حكمت جاءت من الصحراء ، وسقطت كذلك من الصحراء . والصحراء لا تزال الى اليوم ، تشكل محور الصراع في الساحة ، كما انها وفي حالة ضياعها لا قدر الله ، سيفقد النظام الحكم ، وسيتحول المغرب الى دويلات لكل منها حدودها وجواز سفرها .
إن الصحراء منذ ان كانت والى اليوم ، وهي تنطق بمغربيتها ، وارضها نطقت ولا تزال تنطق مغربي ، وهواءها ، وتياراتها ، وكل طقوسها كانت مغربية . لكن ان كانت هذه هي الحقيقة ، والتاريخ المشترك الذي صنعه الشعب المغربي في مواجهته المؤامرات الاستعمارية عبر كل العصور والازمنة ، فالسؤال : لماذا انقلب الصحراويون على صحراويتهم المغربية ، وارتموا بدون تردد ، وراء دعوات الانفصال ، بتبريرات واهية لا علاقة لها بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها ؟ .
الصحراويون المغاربة هم الأكثر ارتباطا بالأرض المغربية ، وكانوا حتى سنة 1999 ، والاغلبية أعربت عن ذلك ، من مناصري الوحدة ، والتمسك بالتاريخ والهوية . لكن بعد مرور بعض الوقت ، سينقلبون مثلما انقلب اسلافهم الذين سُرقوا في ليل بهيمي من قبل عسكر الجزائر نحو تندوف . وانقلابهم لم يكن بسبب تنكرهم لمغربية الصحراء ، وهم الذين يقتنعون بذلك . بل ان نفورهم كان بسبب القمع الذي تعرضوا له ، والتهميش واللاّمبالات التي اضحوا ضحاياها .
وبما ان المصير المأساوي الذي انتهى له أعضاء المقاومة وجيش التحرير المغربيين ، والشعب الذي لعب الدور الأكبر في عملية التحرير ، في حين تم اهداء المغرب الى آل الفاسي الذين تنكروا للمقاومة المغربية حين اعتبروا انها تشوش على نضالهم البرجوازي الذي يرتكز على الدعاية ، وتآمرهم على جيش التحرير ، وعلى القبائل البربرية ، والعروبية التي خاضت النضال ضد الاستعمار في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي ، حتى يخلوا لهم الجو لوحدهم لترتيب الأوضاع بما يجعل المغرب بعد الاستقلال في قبضتهم : يقول عراب آل الفاسي علال الفاسي في كتابه ( الحركات الاستقلالية ص 127 ) " . يكاد العهد الذي يفصل بين 31 مارس سنة 1912 ، و 16 مايو 1930 ، ان يكون عهد كفاح عسكري مسلح محض ، لأن الأغلبية الساحقة من سكان البلاد أعلنت الثورة بعد توقيع الحماية ، ولم يمكن اخضاعها الا بعد جهود جبارة ، وبصفة تدريجية ، ولان نخبة الجيل الذي سبق الحماية او عاصرها ، التجأت كلها الى الجبال تقود الثورة وتدبر الكفاح ، والذين غلبتهم القوة على امرهم أصيبوا بدهشة العسكري المغلوب الذي لا يستطيع أي عمل بعد تجريده من السلاح ... " . فحين يقر الفاسي بهزيمة جيش التحرير التي قادتها بلاد الثورة التي سموها ببلاد " السيبة " ، فهو يؤسس لمستقبل البرجوازية الميركانتيلية ، كي تتسلم المغرب بعد استقلاله ، وهو نفس الاستقلال ذهب بالمغرب الى حضن الخونة الذين كانوا عملاء عند الاستعمار الفرنسي .
ان هذا المصير المأساوي الذي تعرضت له المقاومة وجيش التحرير واسرهم من بعدهم ، وهو نفس المصير تعرضت له عائلات الذين استشهدوا بالآلاف ودفنوا في مقابر جماعية في حرب الصحراء ، هو ما دفع بالصحراويين من الخشية من نفس المصير الذي سينتظرهم عندما سيتم حسم الصراع لصالح النظام . فرغم الرشاوى المختلفة التي تدفع لهم وبطرق مختلفة لإسكاتهم ، ورغم انخفاض الاثمان في كل المواد بالأقاليم المسترجعة ، فالصحراويون يعتبرون ان كل شيء زمني ووقتي ، وان طمأنينتهم لا تكتمل الا بالهروب من الحكم المُعتدي والمُتَعدّي والاستبدادي ، لا من المغرب الذي يبقى بلدهم الأصلي . مجبر اخوك لا بطل .
هذا نص البلاغ : " ان اللجنة المركزية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية المجتمعة في دورتها العادية يوم 8 أكتوبر 1972 للحزب بالبيضاء :
--- امام الخطر الذي يمثله استمرار احتلال الاستعمار الاسباني لعدة مناطق من الوطن المغربي .
--- واعتبارا لسياسة الاستيطان التي ينهجها ، مع الاعتماد على الاحتكارات الامبريالية العالمية للاستغلال الخيرات التي تتضمنها الصحراء المغربية ، وخاصة مناجم فوسفاط بكراع .
--- ونظرا لان الحاكمين فضلوا الى الآن مسالمة الحكم الاسباني ، عوضا عن وضع مشكل الصحراء بصفة جدية .
--- ونطرا لان الحاكمين كلما وضعت قضية الصحراء في الهيئات الدولية ، الاّ ويدخلون في مغازلات مع الحكم الاسباني ، ويستقبلون ممثليه ، من اجل مفاوضات حول تعاون مزعوم .
--- ونظرا لان سكان الصحراء المغربية ، برهنوا بكفاحاتهم الدموية ، عن رفضهم للاحتلال الاسباني ، ومعارضتهم لخطة المسالمة التي ينهجها الحاكمون .
--- ونظرا لان برامج الإنتاج والتجهيزات التي أقامها الاستعمار الاسباني ، والاحتكارات الامبريالية ، تشكل خطرا قاتلا على الاقتصاد المغربي .
فان اللجنة المركزية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، تعلن :
--- ان تحرير الصحراء المغربية التي يحتلها الاستعمار الاسباني قضية وطنية ، يجب ان تجند الجماهير الشعبية من اجلها باستعجال .
--- وان قضية الصحراء لا تنفصل عن واجب تحرير سبتة ومليلية ، والجزر الجعفرية ، لا سيما وان اسبانيا نفسها تضع قضية جبل طارق دون تهاود او مسالمة للاستعمار البريطاني .
--- وان الأساليب والطرق المتبعة الى الآن ، لا يمكن الاّ ان تركز وجود الاستعمار الاسباني ، والاحتكارات الامبريالية على أراضينا وخيراتنا .
توجه اللجنة المركزية نداء الى جميع المناضلين والوطنيين ، لشن حملة توعية واسعة في صفوف الجماهير الشعبية ، قصد توضيح الخطر الذي يمثله الاحتلال الاسباني ، وحول واجب تجنيد الشعب المغربي ، من اجل تحرير الصحراء المغربية ، وسبتة ومليلية ، والجزر الجعفرية .
تؤكد بانه لا سبيل لتحرير المناطق المغربية المذكورة ، الاّ بتحديد موقف واضح من طرف الحكومة المغربية ، التي يجب ان تحدد الطرق والاجل ، وتطرحه على اسبانيا ، وعلى الهيئات الدولية التي سبق ان نظرت في المشكل ، واتخذت قرارات تجاهلتها اسبانيا .
تعلن ان عدم تطبيق المسطرة المحددة دوليا في الاجل المحدد ، يقتضي تجنيد الشعب المغربي من اجل تحرير المناطق المحتلة من ترابه بالوسائل التي عرفتها اسبانيا وفرنسا على يد جيش التحرير المغربي في الجنوب . "



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 11 ابريل 2007 - الحكم الذاتي - .
- المعارضة في الاسلام
- هل سيكون للرسالة الشخصية - لبيدرو سانشيز - رئيس الحكومة الاس ...
- اهم مصطلح ساد في السبعينات اسمه - الانفتاح والاجماع -
- زيارة وزير الخارجية الأمريكي الى الرباط ، والى الجزائر العاص ...
- هل يجري اعداد حلف ضد ايران ؟
- الحكم الذاتي
- رسالة رئيس الوزراء الاسباني ، الى السلطان العلوي محمد بن الح ...
- رعايا السلطان المعظم ، يتدورون الفقر ، والفاقة ، والجوع ، بس ...
- لماذا العرب المسلمون ضعاف متخلفون ، ولماذا المسيحيون واليهود ...
- ذكرى ثورة فشلت حتى قبل اطلاق الرصاصة الاولى مع برنامج الحركة ...
- التحالف الطبقي السلطاني
- الاحكام البولسية للدولة السلطانية .
- رئيس الحكومة الاسبانية السيد - بيدرو سانشيز - يستقبل ابراهيم ...
- الاتحاد الأوربي يعترف بالجمهورية الصحراوية كدولة
- ثمانية وثلاثون سنة مرت على مجزرة 1984
- النظام السلطاني المغربي مقبل على تحدٍّ كبير . يومي 17 و 18 م ...
- الصحراء الغربية / الصحراء المغربية
- الدولة أنا / أنا الدولة / أنا ربكم الاعلى فإيّاي فساجدون .
- من اقوال السلطان المغربي


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الى الضابط السابق في الجيش الملكي ، المعارض لمغربية الصحراء ، النقيب / القبطان مصطفى اديب