|
الى الضابط السابق في الجيش الملكي ، المعارض لمغربية الصحراء ، النقيب / القبطان مصطفى اديب
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7214 - 2022 / 4 / 10 - 15:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الى الضابط في الجيش الملكي ، المعارض لمغربية الصحراء ، النقيب / القبطان مصطفى اديب . هذه حججنا التاريخية والعلمية على مغربية الصحراء . فهاتوا انتم بحججكم العلمية والتاريخية ان كنتم حقا صادقين . وبعد قراءة هذه الدراسة الموضوعية التي تتضمن مذكرة / وثيقة للوالي مصطفى السيد مؤسس الجبهة ، يعترف فيها بمغربية الصحراء ، ونشر وثيقة لقادة جيش التحرير المغربي يؤكدون فيها مغربية الصحراء ، وتأكدت لك الحقيقة تب لله الذي خلقك فسواك ، واستغفر ربك ، واعلنها جهرا وجهورا ، امام كل الحاقدين والمتربصين ، وبصوت مدوي مسموع . إن الصحراء مغربية انصافا للتاريخ وللشعب وللجغرافية .. فالاعتراف بالخطأ فضيلة وليس هزيمة . القرار الأخير الذي أصدره مجلس الأمن 2602، كان صدمة لجبهة البوليساريو ، لأنها ومن خلال البروباغاندا التي واكبت التصريحات قبل الانسحاب من الكركارات ، بربط الانسحاب بتحديد وقت زمني محدد لتنظيم الاستفتاء ، فان العديد من الملاحظين اعتقدوا أن تطور الأوضاع سيتخذ منحى أكثر خطورة ، وربما أن في عدم الانسحاب ، قد تندلع مواجهة عسكرية بين طرفي النزاع . لكن المتتبعين لمختلف التطورات ، والعارفين بحقيقة التهديدات ، وبحقيقة جبهة البوليساريو ، كانوا يدركون أن موقف الجبهة ، لا يعدو أن يكون عبارة عن نفافيخ وبالونات هوائية ، للضغط على ان يكون قرار مجلس الأمن متجاوبا مع حجم التهديدات . لقد اتضحت الصدمة ، في البيان الذي نشرته قيادة الجبهة مباشرة بعد صدور القرار ، وفي مختلف التبريرات والحجج الواهية التي وظفتها القيادة للتغطية على هول الصدمة ، ولبعث الروح المفقودة في نفوس المحتجزين ، الذين أمطرتهم بوابل من الكذب ، قبل ان تنسحب بشكل مهين ساعة قبل صدور قرار مجلس الأمن . وهنا لن نعود للتذكير بمكامن خيبة الأمل التي عكسها بيان الجبهة ومرتجئتها ، وتبريريتها ، ونحن لم نكن نعلم ان الجبهة لم تعد ثورية ، وانه أصبح لها جماعة من المرجئة والتبريرية التي ترجئ عمل اليوم الى الغد ، وتبرر الفشل والهزيمة بتحويلهما الى نصر ، لا يوجد إلاّ في مخيلة القيادة المفصولة عن القواعد الصحراوية المحتجزة بمخيمات تندوف . ان الرجوع الى هذه المسائل من قبيل عدم توسيع صلاحيات المينورسو ، وعدم تحديد مفهوم دقيق لمصطلح الاستفتاء ، والتحكم في معبر الغرغرات ... الخ . تمت معالجته سابقا ، كما تناولته العديد من المواقع التي تعاملت مع القرار باحترافية ومهنية عالية ، لذا فإننا لن نعود إليها . وبالرجوع الى مختلف المواقف المعبر عنها منذ أن طرح النزاع على الهيئات الدولية ، وبالضبط أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وأمام مجلس الأمن ، تخندق العديد من المتتبعين لأصل وتطور الصراع ، إلى جانب أطروحة الانفصال ، ومنهم من حاول تبرير إنكارهم لمغربية الصحراء ، بدوافع إيديولوجية ( موقف لينين من تقرير المصير ) ، ومنهم من أنكر مغربية الصحراء ، ليس لاقتناعهم بعدم مغربيتها . بل لأن النظام نجح بسبب كرههم له ، بسبب تعرضهم لظلم من قبله ، في تكريههم في مغربية الصحراء ، معتقدين عن خطأ ، ان الإضرار بمغربية الصحراء ، هو إضرار بالنظام . ومن ثم فإنهم اختزلوا الصحراء في النظام ، والعكس . في حين ان قضية الصحراء المغربية ، هي قضية الشعب المغربي ، الذي عبر ما من مرة ومناسبة عن التمسك بها ، والدفاع عنها من خلال مواقف عملية ، رغم ان النظام الذي همشه في هذه القضية ، لا يلجئ أليه إلاّ عندما يحتاجه من اجل التضحية في سبيل الصحراء ، مثل الدعوة الى المسيرة ، او عدد الشهداء ويعدون بالآلاف ، استشهدوا من اجل الصحراء ، وتركوا عائلاتهم تتدور الجوع والفقر . كما لا ننسى التهييج ضد الفعاليات الأممية ، بدعوى أساءتها الى القضية الوطنية ، قبل ان يسيء الى النظام نفسه . إذن لنطرح السؤال . وهو موجه بالأساس لمن ينكر مغربية الصحراء من اللينينيين ، ومن يشكك فيها من المعارضين غير الماركسيين اللينينيين ، ونطرح نفس السؤال على الهيئة القيادية لجبهة البوليساريو ، التي تعتبر المغرب محتلا لأراضي الصحراء الغربية المغربية ، وأملنا ان تنير الإجابة عن السؤال ، الشباب الصحراوي الذي عايش فقط أطروحة الجبهة الانفصالية ، ولم يتسنى له الاضطلاع بحقيقة نزاع الصحراء ، وبأصل المشكل المفتعل من قبل القوى المعادية ، وبما فيها كيفية تفسير القرارات الأممية ، بما يزكي الفكر الانفصالي ، وتفنيد حجج الفكر الوحدوي ، الذي يرتبط بالصحراء ، كتاريخ ، وحجج ، وجغرافية ، وبشر ، كما يرتبط بها ، من خلال مختلف القرارات الأممية الداعمة لمغربية الصحراء . وقبل الاسترسال في التحليل ، أؤكد هنا على أني لن أناقش أطروحة ( اللينينيين ) التي يمكن مناقشها في دراسة قادمة مستعملا اللينينية والماركسية التي بها يتحججون . لكن سأناقش الغير اللينينيين الذين يشككون في مغربية الصحراء ، بسبب كرههم للنظام الذي نجح في تكريههم لمغربية الصحراء ، إضافة الى قيادة الجبهة ، والشباب الصحراوي الذي يجهل اي خطاب عن الصحراء ، غير الخطاب الانفصالي . سأقسم دراستي إلى المحاور التالية : 1 ) محور القرار 1514 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة . 2 ) محور جبهة البوليساريو . 3 ) محور الشعب الصحراوي . 4 ) محور الاستفتاء وتقرير المصير . أولا . محور القرار 1514 الصادر سنة 1960 : يركز الشباب الصحراوي المغرر به ، وتبرر قيادة الجبهة مواقفها الانفصالية ، بالتركيز على القرار 1514 الصادر في سنة 1960 ، الذي يعتبر الصحراء مناطق مشمولة بتصفية الاستعمار . أي أن حلها ، لن يخرج عن الاستفتاء ، كحل ديمقراطي لإنهاء الاحتلال . سنتساءل هنا : من هي الدولة ، او الجهة التي كانت وراء إصدار القرار 1514 ، من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة ؟ هل الجزائر ؟ . هل جبهة البوليساريو ؟ . هل الجمهورية الصحراوية ؟ . هل الشعب الصحراوي المزعوم ؟ . هل جنوب إفريقيا ؟ . هل كوبا ؟ ... الخ . اعتقد أن الجواب لا يحتاج إلى عناء تفكير . ان المغرب ومن خلال دعواته بالأمم المتحدة منذ 1960 ، بحل قضية الصحراء بالاستفتاء وتقرير المصير ، وهي الدعوة التي تم رفعها ومن أعلى منبر للأمم المتحدة في سنة 1960 ، و 1961 ، و ،1963 ، و 1966 ، و ،1967 ، و 1968 ، و 1969 ، كان هو من يقف وراء صدور القرار المذكور . والمغرب حين كان يطالب بالاستفتاء ، فلان الصحراء كانت تحتلها اسبانيا . لذا فالسؤال الذي كان سيطرح على الصحراويين يتحدد بين . إمّا البقاء تحت الاستعمار الاسباني ، وإمّا العودة الى المغرب . ولم يكن هناك في السؤال ، ما ينصص او يشير ، الى حل الانفصال وتأسيس دويلة بالجنوب المغربي . إذن . ان الاستفتاء كحق معترف به للشعوب من قبل الأمم المتحدة . الغاية منه التحرير والتحرر من الاستعمار ، وهو حق كان مشروعا ، لمّا كانت اسبانيا تحتل الصحراء . لكن عندما تم استرجاع الصحراء الى المغرب ، اصبح حق الاستفتاء ، حق غير مشروع ، لأنه فقد وظيفته القانونية ، وأصبح كل من يتمسك به بعد استرجاع الصحراء الى المغرب ، يستعمله كحق يراد به باطل . وهنا فحتى لينين عندما اعترف بحق الشعوب المستعمرة في تقرير مصيرها ، فذلك لتخلصها من الاستعمار الأجنبي الذي يحتلها ، ولم يعترف لينين لهذه الشعوب بحق تقرير المصير ، للانفصال عن بلادها وشعوبها ( انظر كراس لينين " حق الأمم في تقرير مصيرها " ، وهو كراس كتب في مرحلة ما بين 1913 – 1916 ، لمواجهة أطروحات الطفولة اليسارية التي انزلق لها قسم من الماركسيين ، أمثال روزا ليكسنبورگ ، راديك ، بوخارين ، بياناكوف .. الخ ) . ففرق كبير بين حق تقرير مصير القُرى ، والمد اشر ، والقبائل ، وبين حق تقرير مصير الأمم والشعوب . ان الخلط في فهم الماركسية واللينينية ، هو ما جعل اللينينيين يُسقطون نظريات على واقع ووضع ، لا علاقة له البتة بمضمون تحليل النظرية الماركسية ، ولا باللينينية وموقفها من تقرير المصير . ان الماركسية علم وطريقة علمية في التحليل ، وليست نصوص جامدة مثل التوراة ، او الإنجيل او القرآن . وعليه فالماركسي الذي يتعامل مع الماركسية كنصوص لا كعلم ، لا يختلف عن الداعيشي الذي يوظف القرآن والتّيْمِيّة كنص لا كمعنى . هكذا ومع تطور الأحداث وتسارعها ، أصبح كل شيء ممكن ومباح ، طالما انه يزعج ما يعتبرونه الخصم العدو ، من اجل إرهاقه والقضاء عليه . فهل معارضة النظام ، وأي نظام ، تستدعي التنكر للتراب ، وللوطن ، بدعوى خلق القلاقل للنظام ؟ . وهل التضحية بمغربية الصحراء من اجل البؤرة الثورية ، لا يخدم في شيء الامبريالية والصهيونية ، التي تدمر اليوم بالشرق الأوسط دولا مثل سورية ، والعراق ، وليبيا ، والسودان ، واليمين ... الخ . وحتى نكون واضحين مع قيادة الجبهة ، ومع الشباب الصحراوي المشحون فقط بأطروحة الانفصال ، والجاهل لأصل الصراع ، ولمختلف تطوراته التاريخية . سأطرح عليهم ، وعلى من يكره الصحراء بسبب كرهه للنظام ، السؤال التالي : وأملنا ان يجيبوا عليه ، بتجرد ، وبدون انفعالية ، وبطريقة ديمقراطية . السؤال هو : إذا كانت الجزائر تعارض المغرب مغربية الصحراء ، باستنادها على القرار ألأممي ، 1514 الذي صدر 1960 . اين كانت الجزائر في هذا التاريخ ؟ . وأين كانت جبهة البوليساريو ؟ . وأين كانت الجمهورية الصحراوية ؟ . وأين كان الشعب الصحراوي المزعوم ؟ وأين كانت جنوب إفريقيا وكوبا ... ؟ . الجزائر ، كانت لا تزال خاضعة للاستعمار الذي استعمرها لما يفوق مائة وأربعين سنة ، ولم تكن بعد دولة حتى سنة 1962 .. قيادة جبهة البوليساريو التي تأسست في 1973 ، كانوا لا يزالون تلاميذ بالمدارس الثانوية المغربية ، بالرباط ، والدرالبيضاء ، ومراكش ، وتزنيت ، وترودانت ، ومنهم من كان قد ولج كلية الحقوق والآداب بالرباط ، وكانوا مناضلين في صفوف المنظمة الطلابية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، وفي صفوف الأحزاب المغربية ، من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، الى حزب التحرر والاشتراكية ، الى جماعات الحركة الماركسية ، الى حزب الاستقلال ، ولم تكن فكرة الانفصال ، تعشش في مخيلتهم وذاكرتهم المرتبطة بمغربية بالصحراء . وهنا يمكن الرجوع الى تصريح البرزاني ، الذي التقى بالوالي بموريتانيا قبل بدأ العمل العسكري ضد الإسبان في سنة 1973 . الجمهورية الصحراوية التي أنشأها الهواري بومدين ، ومعمر القدافي في سنة 1976 ، لم تكن موجودة ، و لا معروفة أصلا ، ولا احد كان يفكر فيها ، او في غيرها من الجمهوريات الانفصالية . الشعب الصحراوي الذي اكتشفوه بغثة في سنة 1977 ، كانت قرارات الأمم المتحدة حتى 1974 ، تعتبره مجرد سكان ، وليسوا بشعب . جنوب إفريقيا كانت تعيش نظام الأبارتيد ، وكوبا كانت تعيش ظروف ثورتها ، ولم يكن لها اي دخل في قضية الصحراء المغربية . بل إنهم كانوا يساندون طلب المغرب بالأمم المتحدة ، من اجل تنظيم استفتاء يعيد الصحراء إلى بلدها الأصلي المغرب . فعن أي جمهورية ، وأي شعب ، وأي جبهة صحراوية يتحدثون اليوم ؟ . اللهم تزوير التاريخ بما يكرس للتجزئة وللانفصال ، خاصة وان التبريرات والحجج المقدمة من قبل المشككين ، او الرافضين لمغربية الصحراء ، باطلة . لأنها حجج انتقامية من النظام الذي نجح في تكريههم لمغربية الصحراء ، بسبب كرههم له ، بسبب الاعتداء عليهم ظلما . ان اسبانيا التي احتلت الصحراء ، وهي العارفة بتاريخ المنطقة ، اقترحت على الحسن الثاني في سنة 1960 ، ان تعيد للمغرب الصحراء ، مقابل ان يتنازل لها المغرب نهائيا ، عن سبتة ومليلية ، والجزر الجعفرية . لكن الحسن الثاني رفض العرض ، حتى لا يسجل كإنجاز تاريخي للحكومة التي ترأسها الأستاذ عبدالله ابراهيم . لكن سنجد اسبانيا الاستعمارية تغير موقفها كليا ، وتتشبث بالصحراء ، عندما ظهر الفوسفات كثروة بالمنطقة ، ومن ثم بدأت تحيك ، وتدبر المؤامرات التي بلغت حدها ، عندما أرادت تنظيم استفتاء مصطنع ، لخلق دويلة من المرتزقة تكون تابعة لها . ان تركيز قيادة الجبهة البرجوازية ، والعسكرتارية ، والمخابرات الجزائرية على القرار 1514 ، هو مجانب للصواب وللحق . ان القرار كان مشروعا طيلة الستينات ، وحتى سنة 1974 . لأنه كان يخدم الحقوق المغربية التاريخية ، والجغرافية ، والقانونية ، والبشرية . لكن الغير المفهوم ، والذي أضحى يشكل خطرا على الحقوق المغربية ، هو استعمال هذا القرار استعمالا يناقض هدفه الأساسي ، الذي صدر من اجله ، والذي هو عودة الصحراء الى المغرب . هكذا وبعد تدخل الجزائر كطرف رئيسي في الصراع ، أصبحت تستند على هذا القرار 1514 ، في إذكاء روح الانفصال ، ومع العلم ان هذا القرار فقد بريقه وحجيته بالنسبة لمغربية الصحراء ، منذ استردادها من طرف المغرب . فاستعمال الأمم المتحدة للقرار بشكل مغلوط ، لبتر جزء من أراضي الدولة ، هو من جهة اعتداء سافر على حق شعب الدولة ، ومن جهة يبين و بالواضح ، ان الصراع هو بين الجزائر وبين المغرب ، وهو صراع هيمنة ونفوذ بالمنطقة ، ومن جهة هو تسفيه لحق الاستفتاء وتقرير المصير . لكن الذي يغديه ، هو النفخ فيه من قبل الدول العظمى ، التي تكابد بخلق شمال إفريقيا جديد ، على غرار ، وكتكملة لمشروع الشرق الأوسط ، الذي يشطب اليوم دولا ، في أفق خلق كانتونات ودويلات مارقة ، ستكون طيعة في يد الامبريالية والصهيونية ، لفرملة اي عجلة للتقدم والتطور ، وتقود الى الاستقلال الحقيقي عن كل مراكز الهيمنة الدولية . ان التمسك بالقرار 1514 لتبرير انفصال إقليم عن المغرب ، هو تمسك بحق أضحى باطلا بعد استرداد المغرب لصحرائه ، ومن ثم فان الاستمرار في التشبث بهذا القرار ، هو معاكسة للوضع القانوني السليم ، الذي أصبحت عليه الصحراء منذ استرجاعها من قبل الشعب المغربي . ويكون اي موقف غير هذا الموقف السليم ، هو اعتداء سافر على الشعب المغربي المتمسك ، والمرتبط بالصحراء . ثانيا . محور جبهة البوليساريو : هنا سنناقش ظروف تأسيس الجبهة ، ومن هي الأشخاص التي وقفت وراء هذا التأسيس ؟ . كل متتبع للشأن العام الوطني ، وبالأخص المتتبع لقضية الصحراء المغربية ، سيكتشف ان المغاربة الذين انشئوا الجبهة ، كانوا طلابا بالجامعات المغربية ، وكانوا مناضلين بالأحزاب الوطنية و اليسارية . ان غيرة هؤلاء على مغربية الصحراء ، وكمثقفين يساريين وثوريين ، دفعت بهم إلى الاتصال مع (قادة وزعماء ) الأحزاب السياسية ، من عبدالله ابراهيم ، الى عبدالرحيم بوعبيد ، الى علال الفاسي ، الى ابراهام السرفاتي ، عارضين عليهم فكرة التحرك لتحرير الصحراء من الاستعمار الاسباني ، وعودتها الى المغرب . وكطلبة يساريين وثوريين ، وكشباب ارْتوى بالأفكار الثورية التحررية التي كانت سائدة آنذاك ، خاصة استلهامهم التجارب التحررية للعديد من الحركات السياسية ، التي كانت تحارب الاستعمار في عقر داره ، صدمتهم موافق تلك القيادات الرجعية ، حين رفضت فكرتهم التحريرية ، بدعوى ان قضية استعادت الصحراء هي من اختصاص القصر .. لكن الذي تجهله أكثرية المتتبعين للشأن العام الوطني ، ان الموقف السياسي لهؤلاء ( القادة ) ، لم يكن هو الموقف الوحيد في الساحة السياسية . إذ كان الى جانب هذا الموقف السلبي ، موقف آخر ايجابي جسدته الأطر المناضلة التي كانت تتمركز بالجزائر ، وبفرنسا ، وببلجيكا كلاجئين سياسيين . واخص بالذكر منهم الأطر التي غادرت المغرب على اثر أحداث 16 يوليو 1963 . ان أغلبية هذه الأطر ، تنتسب الى جناح المقاومة وجيش التحرير ، وينتسبون الى التجربة الراديكالية للاتحاد الوطني لقوات الشعبية . لقد لعب هؤلاء ، دورا أساسيا في دفع المغاربة المنحدرين من الأقاليم الجنوبية للمغرب ، الى تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، كما هم من لعب دورا أساسيا في إقناع الهواري بومدين ، ومعمر القدافي ، بضرورة اعتماد الجبهة الثورية ، من جهة لتحرير الصحراء من الاستعمار الاسباني ، ومن جهة لتوظيف الجبهة التي دخلت النضال المسلح ، ضد النظام الملكي لتدميره ، وتقويض أركانه لصالح النظام الجمهوري الذي كان من أولويات الأساسية عند الحركة الاتحادية الأصيلة . اي استعمال الصحراء وتوظيفها لتحرير المغرب من النظام . بمعنى خلق البؤرة الثورية من الصحراء كمنطلق ، لتحرير المغرب من النظام السلطاني العلوي .. لقد لعب الفقيه محمد البصري ، ومومن الديوري ، وآيت قدور ، وبوزاليم ، وعبدالفتاح سباطة ، و آخرون ، دورا في هذا الإقناع الذي أعطى ثمرته بربط النضال من اجل التحرير الوطني ، بالنضال من اجل التحرر الديمقراطي . ففي الوقت الذي تم فيه تأسيس الجبهة في سنة 1973 ، تم فيه كذلك دخول الكوماندو المسلح في 3 مارس 1973 الى المغرب ، لإشعال حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد . وللتذكير ، فانه ما ان تم انطلاق العمل المسلح ضد الإسبان في سنة 1973 ، حتى بادرت القيادة التاريخية لمنظمة 23 مارس الماركسية اللينينية ، إلى تأييد النضال التحريري بالتوازي مع النضال للتحرر السياسي ، لكن في إطار وضمن المغرب ، لا خارجه . أدى فشل حركة 3 مارس في سنة 1973 ، المعروفة بخنيفرة مولاي بوعزة ، الى نكوص في العمل السياسي التحريري الوطني ، كما أدى الى ارتدادات خطيرة على مستوى القضية الوطنية . وبالرجوع الى الرعيل الأول الذي انشأ جبهة البوليساريو، وبدعم وتشجيع من جناح المقاومة وجيش التحرير ، لم يكن يخطر ببال احد منهم ، فكرة الانفصال ، او تأسيس جمهورية ، او المطالبة بحق تقرير المصير عبر الأمم المتحدة ، غير تقرير المصير عبر حرب الشعب الطويلة الأمد . فكان الفكر الوحدوي تيمُّنا بالأفكار التي سطرتها الحركة القومية العربية ، هو المهيمن والسائد . ولم يكن احد يناضل خارج الربط ، بين النضال التحريري للصحراء ، وبين شروط بناء الدولة العصرية ، وتقويض النظام الملكي المتعارض مع أفكار وبرنامج المشروع الإيديولوجي للبرجوازية الصغيرة . لكن ما ان حلت سنة 1976 التي أصبحت فيها الجزائر طرفا رئيسيا في الصراع ، بفضل تحريض الصهيوني هنري كيسنجر للهوار بومدين ، ليكون له منفذ على المحيط الأطلسي ، حتى تغير كل شيء ، فانقلبت الجبهة من منظمة وحدوية ، الى منظمة انفصالية تخدم مخططات النظامين الليبي والجزائري ، ضمن الحرب الباردة التي كانت تحسم في الكثير من الأطراف ، بطرق تخدم احد المعسكرين المتقابلين ، الرأسمالي ، او الاشتراكي المنحل . لقد خاضت الجبهة حربا بالوكالة عن الجزائر وليبيا دامت ستة عشر سنة ، ولم يوضع لها حد ، إلاّ باتفاق وقف إطلاق النار ، الموقع بين الجبهة وبين المغرب في سنة 1991 ، وهو الاتفاق الذي نشأت عنه هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية " المينورسو " . ورغم مرور أكثر من ثلاثين سنة خلت من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار ، لم تنجح المينورسو في مهمتها السياسية بتنظيم الاستفتاء ، الذي تترك كل قرارات مجلس الأمن ، وبخاصة القرار الأخير 2602 ، كل الحرية في فهمه ، وتفسيره لأطراف النزاع . أي ان القرار لم يفرض إلزامية التقيد بشكل معين في الاستفتاء ، الذي يبقى بالنسبة للمغرب ، هو الحكم الذاتي ، ويبقى بالنسبة للجبهة والجزائر ، هو الانفصال . فهل أخطئت جماعة البوليساريو موعدها مع التاريخ ، حين انقلبت من منظمة وحدوية اشرف على إنشاءها مغاربة ، وتوسطوا لها لتُحض بالدعم من لدن الهواري بومدين ، ومعمر القدافي ، بغرض استغلال استعمالها لتقوض دعائم النظام الملكي في المغرب ، وهي نفس الخطة تبناها جيش التحرير قبل القضاء عليه في سنة 1960 ب، تحالف النظام السلطاني ، والنظام الاسباني ، والفرنسي .. الى منظمة انفصالية ، تخدم أجندات العسكرتارية والمخابرات الجزائرية ، المعادية للوحدة الترابية للمغرب ؟ . وهل نجحت الجبهة في تحقيق شعاراتها الانفصالية ، منذ انقلابها عن المشروع الوحدوي في سنة 1976 ، تاريخ تدخل الجزائر كطرف رئيسي في الصراع ؟ . ان الجواب يعبر عنه بشكل جلي الوضع المتهرئ ، والمتفكك الذي تعيشه الجبهة منذ 1991 والى اليوم . ان القرار الأخير لمجلس الأمن 2602 ، كان تعبيرا عن الفشل ، وتعبيرا عن هول الصدمة التي أصابت القيادة البرجوازية للجبهة ، من خلال اللجوء الى التبرير ، والخلط ، وفي الأخير الاستسلام . ان جبهة البوليساريو ، هي الابن اللاّشرعي لخيانات الطبقة السياسية المغربية ، المتحالفة مع الكمبرادور ، كما انه الابن اللاّشرعي لخيانات النظام ، سواء بالتآمر مع الفاشية الاسبانية ، والامبريالية الفرنسية لضرب جيش التحرير المغربي ، الذي أكمل المسير لتحرير الصحراء في مؤامرة " المكنسة " او " ايكوفيون " سنة 1956 ، او عند إبرام اتفاقية مدريد الثلاثية ، بين النظام المغربي ، والنظام الموريتاني ، والدولة الاستعمارية الاسبانية ، حيث تم تقسيم الصحراء كغنيمة احتفظ فيها النظام بالساقية الحمراء ، واحتفظت موريتانيا بوادي الذهب . اما اسبانيا التي أعطتها الاتفاقية حصتها من الفوسفات والسمك ، فرغم انها من الموقعين الأساسيين عليها ، فهي لا تعترف بها ، لأنها غير منشورة بجريدتها الرسمية . كما أنها لا تعترف للمغرب بالسيادة ، وتعترف له فقط بالإدارة ، الى حين تنظيم استفتاء لتحديد السيادة وجنسية الإقليم . هذا دون ان ننسى مؤتمر نواديبو الذي كان يخطط لتقسيم الصحراء ، بين موريتانيا ، والمغرب ، والجزائر التي كانت ستظفر بممرّ نحو المحيط الأطلسي . انّ القول بثورية جبهة البوليساريو ضد النظام الدكتاتوري السلطاني . وانّ القول بأنها منظمة اشتراكية تعادي النظام ( الرأسمالي ) والإقطاعي المغربي .. هو ادعاء مغلوط ، ولا يعكس حقيقة الجبهة كمنظمة ، بعد ان كانت مغربية قبل 1973 ، تحولت بعد 1976 ، الى منظمة انفصالية تخدم أجندات جزائرية وامبريالية ، لا علاقة لها بما تدعيه من شعارات ، فقدت بريقها بأفول الحرب الباردة ، من قبيل تقرير المصير ، الجمهورية الاشتراكية ، الشعب العربي الصحراوي . ان التحليل العلمي ، وكل تجارب حركات التحرر الوطني ، علمتنا ألاّ ننخدع بالشعارات الكاذبة ، لمجرد أنها ترفع السلاح ضد العدو الطبقي ، او أنها تدعي الفكر الاشتراكي التحرري . ان التحليل العلمي يعلمنا ، ان الحكم على الأفراد والمنظمات ، لا ينبغي ان يكون بالأفكار التي يُروجون لها . بل أن نحكم عليهم ، بالشروط المادية لوجودهم . فكثير من الأمثلة التاريخية لمنظمات عديدة ، أبانت لنا ، أنها كانت في صلبها ، ردة فعل رجعية ، او يمينية ، رغم مظهرها التقدمي ، سواء على الصعيد الطبقي او الوطني . ولنا في تجربة الصراع الطبقي بحزب البوند الروسي ، أوضح مثال عن هذه الحقيقة . لقد اعتمد هذا الحزب الماركسية منهجا له ، وكان من روافد الحركة الاشتراكية الديمقراطية المعادية للقيصرية ، والمناضلة من اجل الاشتراكية ، وسيادة الطبقة العاملة . لكن حزب البوند ، اعتمد أساسا ، اضطهاد الطبقة العاملة اليهودية ، ليجعل منه منطلقا ، في ان يكون حزبا خاصا بالعمال اليهود ، فكان بالتالي حزبا رجعيا ، لأنه يقسم وحدة الطبقة العاملة ، ويريد ان يرجع بها إلى الوراء ، ولأنه عزل بعض الأوضاع التاريخية لفئة العمال اليهود ، عن مجموع الأوضاع التاريخية لاضطهاد الطبقة العاملة الروسية ، رغم ما يميز فئة العمال اليهود من اضطهاد مزدوج كعمال أولا ، وكيهود ثانيا . وفي التاريخ المعاصر كذلك . قد لا نبتعد كثيرا في عمق التاريخ . لان قضية كابيندا ، هذا الجزء من الوطن الأنغولي الذي أرادت له الامبريالية الانفصال باسم جبهة تحرير كابيندا ، وحق الشعب الكابيندي في تقرير المصير ، مثالا ساطعا عن المؤامرات الامبريالية لتقسيم الدول والشعوب . ورغم ان المثال الكابيندي يختلف عن قضية الصحراء المغربية ، لان كابيندا على الأقل تحتوي على سمات قومية خاصة ، وأنها منفصلة جغرافيا عن أنغولا . كما لنا مثالا ساطعا عن الجبهة الشعبية لتحرير السودان الجنوبي ، في حين ان السبب ، هو إسلامية الشمال ، مقابل مسيحية الجنوب ، فكان لزاما على القوى الامبريالية من تدعيم فصل الشطر الجنوبي عن الشمالي ، باسم الشعب ، وباسم حق تقرير المصير . فهل كلما رغبت القوى الامبريالية باسم الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ، بتقسيم المقسم ، وبفصل الدول عن بعضها وشعوبها ، إلاّ ويجب الخضوع لقراراتها العدوانية ؟ . شيء مستحيل قبوله او تقبله ، لان قضية الوحدة الترابية للمغرب ، هي قضية شعب ، وليست قضية نظام ، او مجتمع دولي ، او قضية جيران ، أصابهم الله بمرض الطاعون الملعون ، الذي شفاءه من عدمه ، لا يكون إلاّ وقد انفصلت الصحراء عن المغرب . وخلاصة القول ، ان حكمنا على اية حركة ، يجب ان ينطلق من الشروط المادية لوجودها ، لا من أفكارها عن نفسها . وان معارضتها لعدو طبقي مشترك في مرحلة تاريخية معينة ، لا يعني بالضرورة أنها قوة تقدمية ، و ثورية ، و ديمقراطية ، وان فعلها وممارستها يستحقان المساعدة والدعم . ان شعارات جبهة البوليساريو من تقرير المصير ، حرب الشعب ، الشعب الصحراوي ، الجمهورية الصحراوية ، الديمقراطية الاشتراكية .. هي أكاذيب تغلف حقيقتها الحقيقية كمنظمة خارجة عن القانون ، أنها الوليد اللاّشرعي لتطور التناقض الوطني والطبقي . اليوم 10 ابريل 2022 ، تكون قد مرت على تأسيس جبهة البوليساريو ، حوالي خمسون سنة خلت . وخلال هذه الفترة أنقلب الجبهة من منظمة مغربية ، أسسها مناضلون مغاربة ينتمون الى المقاومة وجيش التحرير في 10 مايو 1973 ، الى منظمة انفصالية ، بعد ان دخلت الجزائر كطرف رئيسي في الصراع في أواخر سنة 1976 . وطيلة هذه المرحلة انتقلت الجبهة من انفصاليين يخوضون حرب انفصال عن المغرب ، ودامت الحرب ستة عشر سنة ، الى جبهة أسست لمليشيات ، سمتها جيشا منذ التوقيع على وقف إطلاق النار ، بينها وبين المغرب ، وتحت إشراف الأمم المتحدة . ومنذ ذاك التاريخ ، تاريخ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار ، تكون قد مرت ثلاثون سنة ، والجبهة وجيشها يعيشون حالة لا حرب ولا سلام ، حتى 13 نونبر 2020 تاريخ واقعة الغرغرات .. . ومن خلال تحليل كل المعطيات السياسية المتجمعة منذ 1991 ، نستطيع الحكم ، ان جبهة البوليساريو الانفصالية ، قد تم تجريدها من شعاراتها ( الثورية ) الداعية الى الحرب ، لصالح شعارات تركز على النضال الدبلوماسي ، وعلى ميدان حقوق الإنسان . وهو ما يعني ان الجبهة تحولت الى منظمة سياسية تمارس الثرثرة من اجل الثرثرة ، لخلط الأوراق المكشوفة ، وللنفخ في بالونات هوائية ، كلما كان مجلس الأمن بصدد بحث نزاع الصحراء منذ 1975 ، لكي تأتي قرارات المجلس مستجيبة للشعارات البالونات الهوائية للجبهة . لكن لنا ان نتساءل لماذا لا تزال العديد من المنظمات السياسية اليسارية والشبه اليسارية في أوربة خاصة في اسبانية والعالم ، تؤيد الجبهة في كل تصوراتها الانفصالية ؟ . ان الشروط التي أدت إلى انقلاب الجبهة ، من منظمة مغربية تحارب لإرجاع الصحراء الى المغرب ، الى منظمة انفصالية تسعى لتأسيس دويلة قزمية بالجنوب المغربي ، ومساندة كل أحزاب قوى اليسار لها ، بعد ان أسبغت كل مواقفها الحر بائية بالبريق التقدمي ، وأعطتها شهرة رخيصة وسريعة ، نجملها كالآتي : 1 ) طبيعة النظام السلطاني الرجعي ، وخاصة خيانته السابقة لمهمة استكمال وحدة الوطن ، وتحرير الصحراء المغربية . لقد وقف الحكم الرجعي ، وبتحالف مباشر مع الفاشية الاسبانية ، والامبريالية الفرنسية ضد جيش التحرير ، وضد تحرير الصحراء في خيانة ( المكنسة ) المسماة ( ايكوفيون ) . ولم يحرك ساكنا إلاّ بعد ان ظهرت له مصالح مباشرة في المنطقة ، مرتبطة بالحفاظ على عرشه من جهة ، ومن جهة بعد ان أدرك انه لا يستطيع أمام مبادرات الامبريالية ، والفاشية الفرنسية الاسبانية في فرض دويلة في المنطقة ، ان يتمادى في صمته . وهو الذي يعيش مرحلة التأزم المطلق اقتصاديا وسياسيا ، ويعجز راهنا ، رغم كل الشروط الايجابية ، عن استكمال وحدة الوطن بسبتة ومليلية ، لخوفه من الجماهير ، ومن الجيش اللذين لا بد ان تؤدي هذه المعركة ، الى تحريكهما بشكل من الأشكال . 2 ) عجز القوى الوطنية ، والتقدمية ، والديمقراطية ، والثورية عن استدراك الوضع ، وتحمل مسؤولياتها المباشرة في تعبئة الجماهير المغربية في الصحراء ، رغم انها لم تتخل يوما ما ،عن الدعوة والمطالبة بتحرير الصحراء ، وسبتة ومليلية ، والجزر الجعفرية . ان هذا العجز ، يرجع الى أسباب موضوعية وذاتية . منها العمل في إطار إمكانيات النظام ومحدوديته ، ومنها تراجع القوى الذاتية الجماهيرية لهذه القوى منذ العشرية الأولى من الألفية الثالثة . 3 ) تناقضات المصالح الدولية في المنطقة ، وتناقضات دول المنطقة فيما بينها ، وضعف الحكم وعزلته الدولية أمام هذه التناقضات . 4 ) انعزال نضال الجماهير الصحراوية المغربية لمدة ليست بالقصيرة ، في مواجهة استغلال واضطهاد الفاشية الاسبانية ، إلاّ بعد تأسيس الجبهة الشعبية في 10 مايو 1973 كمنظمة مغربية ، وانقلابها من منظمة وحدوية ، الى منظمة انفصالية في أواخر سنة 1976 ، بعد تدخل الجزائر الرئيسي في النزاع المفتعل بالمنطقة . ان هذه العوامل بمجموعها ، حيث ان طبيعة الحكم وخياناته ( ضرب جيش التحرير في سنة 1956 ، بالتحالف مع الفاشية الاسبانية ، والامبريالية الفرنسية ، وتوقيع اتفاقية مدريد التي قسمت الصحراء بين المغرب وموريتانيا ) ، والمواقف المتناقضة عند معالجته القضية الوطنية منذ 1975 .. هي التي أفسحت المجال واسعا لبروز هذه الردة الانفصالية ، وهي التي سمحت للأقلية الصحراوية المثقفة ، ان تستغل الظرف التاريخي ، لتركب طموحات الجماهير الصحراوية في التحرر ، ولتحقق هي طموحاتها الطبقية ، من وراء جمهورية تندوف التي أسسها الهواري بومدين ، ومعمر القدافي . ثالثا محور الشعب الصحراوي : اكتشاف آخر ساعة : هنا اطرح السؤال على القيادة البرجوازية لجبهة البوليساريو ، ومنه إنْ استطاعت ، وملكت الجرأة على الإجابة ، ستكون الإجابة تنويرا للأجيال التي نشأت على سماع بوق واحد ، هو بوق الانفصال . كما نوجه السؤال للمغاربة الذين ينكرون مغربية الصحراء ، ليس بسبب اقتناعهم بعدم مغربيتها . بل إنهم ينكرون مغربية الصحراء نكاية في النظام ، معتقدين ان في موقف كهذا ، يوجهون ضربتهم للنظام ، كنظام طبقي ، وعدواني ، وقمعي . وهو نفس التحجج لقيادة الجبهة التي بررت مواقف الانفصال ، برفض العيش ، والخضوع للدكتاتورية ، والعبودية ، والتعلق بالحرية ، والاشتراكية . ولنا ان نسأل هؤلاء : منذ متى ظهر ما يسمى بالشعب الصحراوي ؟ . هل ظهر خلال الستينات وكل قرارات الجمعية العامة تعتبرهم مجرد سكان ؟ . هل ظهر في سنة 1975 تاريخ بدأ الصراع مع الجزائر ؟ . هل ظهر بشكل متوازن مع تأسيس جبهة البوليساريو في سنة 1973 ؟ . ثم كيف نفهم ان الجبهة أسسها مغاربة في 10 مايو 1973 ، ورغم تأسيس الهواري بومدين ، ومعمر القدافي لجمهورية تندوف في أواخر سنة 1976 ، لم يكن هناك شيء يسمى الشعب الصحراوي . ولماذا انتظار حتى نهاية سنة 1977 لتعلن الجبهة بعد ان أصبحت أداة طيعة في يد الجزائر ، عن وجود شيء سموه بالشعب الصحراوي ؟ . إذا كانت البوليسايو كمنظمة انفصالية منطقية مع نفسها ، لأنها تعرف وتدرك قيمة التاريخ في تكوين الشعوب ، بسبب معرفتها ان التاريخ وان كان مزورا ، هو الذي يجسد طموحات شعب ، ويميز شخصيته الخاصة به . وان الشعب المغربي لا تاريخ له ، ولا وجود له ، لأنه ليس علامة منفصلة إضافية لشعب ما . بل هو الشعب عينه .. فأنها ، اي البوليساريو ، لم تتردد ان تفبرك لنفسها تاريخا خاصا بها ، يلهم ضمير هذا الشعب المصنوع ، وتتكلف أجهزة الإعلام الثورية ، بتقنينه ، وترسيخه في ذاكرة الجماهير الصحراوية ، والجماهير العربية والإفريقية ، والعالمية . إذن في أي كتاب مدرسي قبل 1976 وبعدها ، قرأتم ، او سمعتم ، ان بجنوب المغرب ، هناك شعب آخر اسمه الشعب الصحراوي ؟ . وهل لمواجهة النظام وقلبه ، يقتضي الأمر تزوير التاريخ ،على يد ثوريين حديثي العهد بالثورية ، وصنع شيء من عدم ، اسمه الشعب الصحراوي ؟ . اعتقد ان اية معالجة علمية وسديدة للمسألة ، تقتضي طرح السؤال عن كيفية تشكل الشعب المغربي عبر التاريخ . فبدون الرجوع الى هذا التشكل الذي سيجيب عن سؤال وجود او عدم وجود شعب يسمى بالشعب الصحراوي ، سيكون موقفا غريبا وشادا ، وسيكون عدوانا على التاريخ الذي يشهد على المقاومة المدينية والجبلية التي قادها جيش التحرير المغربي ، كما سيكون تبخيسا للمجاهدين الذين ثاروا ضد فرنسا حتى النصف الأول من ثلاثينات القرن الماضي عندما تعرضوا لغدر النظام السلطاني ، وآل الفاسي بزعامة علال الفاسي ، وللثوار الذين ثاروا ضد الاقطاع قبل سنة 1912 ، و الثائر الهيبة ، ولابنه احمد الذي دخل مراكش ونصب نفسه ملكا عليها . ان الدراسة التاريخية لصيرورة تشكيل كيان الشعب المغربي ، تثبت لنا أنها كانت مرادفة لعملية تعريب المغرب ، والتي تمت بصورة عفوية تلقائية ، وبعيدة عن اي شكل من القسر او العنف . لقد شكل الفتح العربي الإسلامي للمغرب ، عملية نهوض متقدمة في التاريخ المغربي ، وساهمت الديانة والحضارة الإسلامية ، في رسم صورة المجتمع والشعب الجديد . ان إشعاع الدين الإسلامي ، والحضارة العربية .. قد وجدا في المغرب قبولا تلقائيا ، وباعتباره كان يشكل النموذج الذي يحتدا به ، اثر بذلك تأثيرا واسعا ، سواء في تغيير التقاليد الاجتماعية والثقافية ، او في مجرى الحياة السياسية المغربية . ان الديناميكية الجديدة التي أحدثها هذا التطور في المغرب ، وتوافد ثلاث هجرات أساسية من الشرق العربي ، والأندلس ، للاستقرار والعيش في المغرب ، والتي بلغت أزيد من ثلاثمائة ألف عربي ، والتي استقرت دفعاتها الأولى في المدن ، ثم استقرت الدفعات الأخرى في السهول والواحات الصحراوية ، قد خلقت سبكا جديدا متقدما في بلورة كيان الشعب المغربي ، والذي لبعت فيه الحضارة العربية ، واللغة العربية ، والدين الإسلامي .. الدور القيادي في كل المجالات السياسية في البلاد : السياسية ، والعسكرية ، والتجارية ، والإدارية ، والمدنية ، والثقافية . ان هذا التطور الذي شاهده المغرب اثر الفتح العربي الإسلامي ، حيث أصبح مندرجا ضمن إطار اعم ، هو العالم العربي ، ويلعب دورا هاما على صعيد المنطقة ، من جهة كقاعدة انطلاق لفتح اسبانيا وأوربة ، ومن جهة أخرى كقاعدة أساسية في المغرب العربي الامازيغي تطل على جزء هام من إفريقيا ،،، قلنا ان هذا التطور عمق عملية انصهار ووحدة العنصر البربري الامازيغي والعربي ، داخل الشعب الواحد . ويتجلى ذلك في المكانة التي احتلها الدين الإسلامي في الحياة السياسية والاجتماعية ، والمكانة التي احتلتها اللغة العربية في الحياة العسكرية ، والإدارية ، والدينية ، واختلاط . بل واندماج العنصرين البربري الامازيغي والعربي ، في علاقات اقتصادية واسعة ، باعتبار ان المدن والسهول التي تم تعريبها ، كانت تلعب دورا اقتصاديا مستمرا ولا غنى عنه ، مع سكان الجبال الامازيغ ، حيث شكل هذا العامل احتكاكا مستمرا ، عزز عملية التعريب والانصهار في إطار الشعب المغربي . وعلى عكس ما يذهب إليه المنظرون الاستعماريون ، فان تتبع كل العصور التاريخية ، تشهد ان العرب والامازيغ ، قد عملوا معا على نشر الإسلام داخل المغرب وخارجه في الأندلس ، وفي أوساط إفريقيا . كما شاركوا بكيفية موحدة ، في إقامة حكومات مغربية على رأسها اسر عربية الأصل ( الأدارسة ، السعديون ، العلويون ) ، وبربرية امازيغية الأصل ( كالمرابطين ، الموحدين ، والمرينيين ) ، و لم يكن الصراع الداخلي وسط الشعب المغربي ، يتمثل في صراع عنصري بين البربر الامازيغ والعرب ، بقدر ما كان صراع الجماهير المغربية كلها ضد كل نظام سلطاني ظالم ، وعدواني ، ومفترس . او ضد ايّ عدوان أجنبي معتد . ان اخطر شيء بالنسبة لمعارضي مغربية الصحراء ، واخص بالذكر منهم البوليساريو ، واللينينيين الماركسيين ، هو محاولتهم تفسير التاريخ المغربي اعتمادا على النموذج الأوربي الرأسمالي المتطور ، واعتمادا على خيط ، او اتجاه التطور كما جرى في الغرب ، وفي البلدان الرأسمالية المتقدمة ، والتي تمت فيها عملية التوحيد السياسي ، وإقامة الدولة القومية الوطنية ، كحصيلة وكنتيجة لنمو وتطور الطبقة البرجوازية ، وفي أثناء ثورتها ضد طبقة الإقطاع ، وبتحالف واسع مع الجماهير الشعبية : الفلاحون والعمال . إن تاريخ الدولة في هذا الواقع ، قد شهد خطا واحدا متصاعدا في التطور . فبدل تجزيئ الوطن إلى إمارات ، ودويلات ، وكانتونات صغير .. يصبح التقسيم الى جهات ، وولايات ، وعمالات ، تقسيما إداريا محضا ، في إطار الدولة القومية الواحدية والواحدة . انه يلخص بكلمة واحدة على الشكل التالي : نمو الواحدية القوية ، على حساب التعددية الضعيفة . ان مجرى التطور عندنا في المغرب يختلف . لان الدولة الواحدة في عموم الوطن المغربي ، تقام في فترات تاريخية متعددة ، دون ان يكون ذلك مرافقا لوجود طبقة برجوازية سائدة في الإنتاج والدولة . وبالمقابل نجد تعددية الدولة ، تقلص نفوذ الدولة ، وظهور مناطق السيبة الثائرة ، واحتفاظ مناطق واسعة باستقلالية اكبر عن الحكم المركزي المخزني . ان تعاقب هذين الشكلين . الصراع بين هذه الواحدية – سيادة الدولة الكاملة – التي لا تدوم ، وبين تقلص الدولة ، وظهور مناطق السيبة ، هو ما يطبع كسمة خاصة التاريخ المغربي . ان الحضارة المغربية كانت حضارة مدنية ، أساسها التجارة الصحراوية . وليس غريبا إذا رأينا المرابطين ، والموحدين ، والمرينيين ، لا يعرفون التوسع والازدهار إلا بعد استيلائهم على مدينة سجلماسة باب الصحراء ، وملتقى الطرق التجارية بين شمال وجنوب المغرب . فخلال القرن الحادي عشر الميلادي ، ظهرت قوة الدولة المرابطية ، بسيطرتها على طرق القوافل التجارية . فبعد استيلاء المرابطين على سجلماسة – 1056 – ومراكش ، نراهم ينطلقون لإخضاع كافة أجزاء المغرب الأقصى ، وجزء من المغرب الأوسط ، قبل ان ينتقلوا الى الأندلس . وخلال القرن الثاني عشر ، صمدت الدولة المرابطية في وجه أعداءها الموحدين مدة ثلاثين سنة ، دون ان تسقط ، الى ان تمكن الموحدون من السيطرة على سجلماسة سنة 1145 . وبعد ذلك مباشرة ، تمكنوا من إخضاع كافة أجزاء المغرب لسلطتهم ، من مراكش الى القيروان ، وذلك في سنة 1152 ، وعلى نفس المنوال ، فلم تسقط الدولة الموحدية ، إلاّ بعد استيلاء المرينيين على باب الصحراء سجلماسة سنة 1255 . ان تعاقب هذه الدول على الحكم في المغرب ، في القرون الوسطى ، كان نتيجة لتمكن إحدى الجماعات السياسية المتصارعة ، انْ تجمع في نفس الوقت ، بين القوة السياسية العسكرية ، وبين السيطرة على خطوط التجارة الصحراوية . ان جزءا هاما من مدخول الطبقة الحاكمة – الارستقراطية القبلية والتجارية – ، مصدره الأساسي ، السيطرة على خطوط التجارة ، حيث يتم جباية هذا المدخول ، إمّا عبر الضرائب والرسوم التي يفرضها النظام المركزي المخزني على مختلف العمليات التجارية ، وإمّا عبر إشراك عدد من التجار في العمليات التجارية الخاصة بالنظام المخزني ، او بواسطة عملاء تجاريين يثق فيهم ، ويعهد إليهم بجزء من تجارته . ان الدولة في وضعها هذا . بحاجة ماسة من اجل تطورها واستمرارها ، الى تنشيط التجارة ، والى دعم فئة التجار . وفي المقابل فان هؤلاء بحاجة اكبر للدولة ، من اجل توفير شروط الأمن في تنقلاتهم ، ومن اجل حماية عملياتهم التجارية في مختلف مراحلها . محتاجون لدولة تبسط نفوذ سلطتها على مجموع البلاد ، وبالخصوص في جميع خطوط مرور التجارة ، ومواقع تمركزها في الحركة الدائمة للتصدير والاستيراد . ان قيام وانتصار دولة مركزية ، وسيطرتها على خطوط التجارة ، كان يؤدي الى تفاحش غنى وترف الطبقة الحاكمة بشكل لا يطاق ، وفي نفس الوقت يفرض قيام هذه بوظيفتها في حماية امن الخطوط التجارية ، ضرورة تكوينها ، وتجهيزها لجيش قوي بالغ التكاليف ، تجنى أمواله من عرق جبين الجماهير الكادحة ، وبالخصوص من الفلاحين ، الذين لم يكونوا يزرعون إلاّ ما يسد رمقهم . خصوصا وأنهم يعرفون ، أن كدهم ، وعملهم لتوسيع الإنتاج ، سوف يقطفها الحكم المركزي عبر الحگرة ، او عبر السُّخرة التي يفرضها قايْدْ المنطقة . ففي عهد الملك اسماعيل ، فإن جباة مملكته ، قد جرّوا ذيول الظلم على الرعية ، فأكلوا اللحم ، وشربوا الدم ، وامتصوا العظم ، وابتلعوا المخ ، ولم يتركوا للناس دنيا ولا دينا ( انظر كتاب الاستقصاء ج 7 ص 81 رسالة احد العلماء الى السلطان إسماعيل ) . ان الجماهير الكادحة لم تكن تنظر في قيام الدولة المركزية ، وازدياد قوتها ، وبسط نفوذها ، سوى وجه مضاعفة استغلالها المدمر ، لدرجة المجاعة كما هو الحال اليوم . ولهذا بالضبط ، كلما أصاب الضعف الدولة المركزية ، او حرمت من إحدى إمكانياتها في التطور ، او تفاقمت تناقضاتها الداخلية ، والمتمثلة خصوصا في الصراع على الحكم وولاية العهد بعد موت الملك ، كلما سارعت الجماهير الى حماية نفسها من اضطهاد الحكم المركزي ، وفرض استقلالية نسبية في حكم نفسها بنفسها عبر مجلس الجماعة ، ورفض دفع الضرائب ، وتشكيل جبهة مع بعضها ، لمنع وصول جيش النظام المخزني لإخضاعها . بل وتنتقل هذه القبائل في سنوات الجفاف ، الى غزو المناطق السهلية الخاضعة لسيطرة وحكم النظام المخزني ، باحثة عن اي مصدر لسد حاجيات عيشها ، ولو بالنهب ، والسرقة ، وقطع الطرق ، مُشّكلة بذلك تهديدا قويا لأمن بلاد المخزن نفسها ، والتي تضيق رقعتها أحيانا ، لتنحصر في المدن والمناطق السهلية . وهنا أتوجه بالسؤال الى القيادة البرجوازية لجبهة البوليساريو ، المفروض فيها أنها تملك من الرصيد الثقافي التاريخي ، ما يمكنها من فهم أصل الصراع ، والى الشباب الصحراوي الذي قرأ نزاع الصحراء المغربية من بوثقة واحدة ، وهو نفس السؤال أوجهه حتى للماركسيين اللينينيين ، وللمغاربة الذين ينفون عن الصحراء مغربيتها نكاية في النظام ، معتقدين عن خطأ ان في إضرارهم بمغربية الصحراء ، فهم يضرون بالأساس النظام : هل وضع الصحراء الغربية المغربية التي حافظت على استقلال عن المناطق المغربية الأخرى ، منذ بداية القرن الرابع عشر ، الذي شهد تحويل الطرق التجارية باتجاه مصر ، كان وضعا خاصا فريدا بالصحراء الغربية المغربية . فقط دون غيرها من الأجزاء الأخرى من المغرب ، والتي شهدت نفس هذه الوضعية المتسمة بشبة استقلال نسبي ، وأيضا نمو مناطق السيبة الخارجة عن نفوذ وسلطة الحكم المركزي السلطاني المخزني ؟ . فمنذ عهد المرينيين ، وفي عهد بني وطاس ، كان قسم هام من البلاد قد رفض عادة دفع الضرائب ، وأصبح يمارس استقلالا فعليا عن الحكم المركزي المخزني السلطاني ، وبذلك توسعت مناطق السيبة ، حيث شملت حتى الصحراء الغربية المغربية ، وموريتانيا ، ومناطق جبال الأطلس المتوسط ، وجبال بني يزناسن ، وبني وراين ، ومناطق ملوية ، ومناطق الريف وغيرها . لذلك فان الاعتماد على تفسير مناطق السيبة لإلغاء مغربية الصحراء ، لمّا أصبح هناك شيء اسمه الشعب المغربي ، اللهم إلاّ في المدن والسهول حيث نظام الحكم المخزني السلطاني . منذ القرن الثامن وحتى القرن الرابع عشر ، والمغرب يتطور كشعب مستقل ، ويحافظ لحقبة طويلة على هذا الاستقلال . فالدولة – المخزن تنشأ وتتطور ، وتبسط نفوذها بناء على سيطرتها على طرق التبادل التجاري ، في اتجاه البحر الأبيض المتوسط ، وبلدان المغرب العربي الامازيغي ، ومع السودان عبر الصحراء الغربية المغربية وموريتانيا . وخلال هذه الحقبة ، يشهد المغرب أرقى مراحل تطوره ، المبنية على هذا الدور الخاص ، الذي يلعبه على الساحة الدولية ، ويستطيع ان يلم كل أجزاء الوطن المغربي في وحدة متماسكة . لكن مصدر هذه القوة يرتبط بالسيطرة على مراكز التجارة ، الموانئ ، ومراكز القوافل التجارية في الصحراء المغربية . لكن هذا التطور سيتوقف ، لتحل محله ، مرحلة القوة ، ومرلحة الضعف والانتكاسة . فمنذ القرن الرابع عشر ، وبداية القرن الخامس عشر ، يحتل البرتغال واسبانيا المدن الساحلية : سبتة ( 1415 ) ، أصيلا وطنجة ( 1481 ) ، أسفي ( 1508 ) ، ازمور ( 1513 ) . ان ضعف السلطة المركزية ، وانعدام قوة فئة التجار ، وتدهور قوى الإنتاج ، واشتداد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ، واستفحال مناطق السيبة ، يرتبط الى حد كبير ، بهذا التطور المفروض من الاستعمار . ان احتلال اسبانيا والبرتغال لكل الموانئ المغربية تقريبا ، باستثناء مينائي سلا والرباط ، قد أدى الى انقطاع تيار المبادلات التجارية التي كانت تنشط بين المغرب ، وبلدان البحر الأبيض المتوسط . كما ان العلاقة العدائية مع الأتراك ، كانت تضعف المبادلات مع بلدان المنطقة ، وبالأخص منها الجزائر . هذا بالإضافة الى تدهور التجارة عبر الصحراء المغربية مع السودان ، والتي أصبح البرتغال واسبانيا يسيطران على قسم واسع منها . انه رغم هذه الفترة الاستثنائية ، التي كانت تعرف المد والجزر بين الحكم المركزي ، وبين مناطق السيبة الثائرة ، فان ذلك لم يمنع ، وخلال القرن التاسع عشر ، وبداية القرن العشرين ، اقتصاد المغرب ان يدخل تدريجيا في إطار السوق الامبريالية العالمية ، كاقتصاد كولونيالي ومجزأ ، وواقع وجود مناطق شبه مستقلة .. يتعمق بشكل آخر وأكثر شمولية ، واقع التجزئة يترسخ في شكل أعلى . وبسيطرة التجارة الأوربية على أهم الموانئ والمراكز التجارية ، تغلغلت الشركات الرأسمالية الغربية في قلب البلاد ، عبر شبكة السماسرة المغاربة الذين منحوا ما يسمى بحق الحماية . وعبر هذا التطور يتم احتلال المغرب ابتداءً من سنة 1912 . ومع دخول الاستعمار واستقراره ، استطاع ان يوحد البلاد لضرورات الاستغلال الرأسمالي ، فيقضي بذلك على مناطق السيبة الثائرة بمباركة فصيل مما يسمى بالحركة الوطنية ( علال الفاسي ) . لكنه في هذا التوحيد من اجل تسهيل الاستغلال ، يقسم المغرب الى أجزاء متناثرة ، منطقة موريتانيا وتحتلها فرنسا ، مناطق الصحراء الغربية المغربية وتحتلها اسبانيا ، منطقة الداخل وتحتلها فرنسا ، المنطقة الشمالية إضافة الى سبتة ومليلية والجزر الجعفرية ، وتحتلها اسبانيا ، وتدويل مدينة طنجة . إذن بعد ان استعرضنا ، وبالتحليل المادي والتاريخي الملموس ، كيفية تشكّل الشعب المغربي . وبعد ان استعرضنا كل مراحل التآمر الاستعماري الفرنسي الاسباني في تفتيت المغرب وتقسيمه شمالا وجنوبا ، يجدر بنا طرح السؤال الحرج : هل طرح مغربية الصحراء هو طرح مغلوط ؟ . وهل سكان الصحراء شعب ، ام جزء لا يتجزأ من الشعب المغربي ؟ . هنا سوف لن نطرح السؤال عن تاريخ ظهور " الشعب الصحراوي " . هل ظهر المصطلح في الخمسينات ، او الستينات ، او حتى 1976 ، السنة التي أسست فيها الجزائر جمهورية تندوف . لكننا سنعود الى وثيقة مكتوبة بخط يد الوالي مصطفى السيد ، يؤكد فيها على مغربية الصحراء ، وانتماء سكان الصحراء الى الشعب المغربي ، والوثيقة هذه حررها حتى قبل ان تلتحق مجموعة الرباط المثقفة بمجموعة الزويرات بموريتانيا . بالرجوع الى المذكرة التي حررها الوالي شخصيا في عام 1973 ، سنجد الوالي مصطفى السيد مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، يؤكد الهوية الوطنية للصحراء الغربية المغربية ، وبنيتها الاقتصادية والسياسية والثقافية والبشرية والصحية ... الخ ، كما يستعرض تجربة الحزب المسلم ، ومواقف أنظمة المغرب العربي ، ومخاطر السياسة الاسبانية ، مقدما بذلك أهم وثيقة صحراوية عن الصحراء ، شكلت المصدر الرئيسي لكافة المنشورات والمطبوعات التي أصدرتها المنظمات الوطنية بالمغرب منذ مطلع سنة 1975 ، وذلك لاحتوائها على اكبر قدر من المعلومات حول المنطقة . بطبيعة الحال القيادة البرجوازية للجبهة ، رفضت هذه المذكرة ، بعد ان دخلت الجزائر وليبيا كأطراف رئيسية في الصراع . ولو لا ان الوثيقة مكتوبة بخط يد الوالي شخصيا ، لأنكرتها القيادة جملة وتفصيلا بالرجوع الى المذكرة سنجد : أولا : ان السيد مصطفى الوالي ، يعتبر الصحراء الغربية ، كانت تاريخا مرتبطة بالمغرب ، وأنها تشكل عمليا جزءا منه . وفي هذا يقول : " ان تعاقب الدول ، والتنازع على السلطات ، وتناحر القبائل ، أدت الى زيادة الهجرة لهذه المنطقة المحايدة الآمنة ، واللجوء أليها من كل مغلوب . بل وفي كثير من الأحيان ، الاعتصام بها من طرف الثائرين ، الذين يُحضّرون للانقضاض على أعدائهم ، ونتيجة لهذه الهجرة المتعاقبة صوب الصحراء ، والمعاكسة أحيانا منها الى المغرب ، فقد كانت المنطقة مرتبطة ارتباطا وثيقا في غالب الأحيان بالسلطة القائمة في المغرب . وكثيرا ما كانت تمارس سلطات مركزية من قبل الحكومات على سكان المنطقة ، وخصوصا في حالات الحروب ، فكانت كثير منها ، تجند سكان المنطقة ، لنصرتها ، ويمكن القول ان المنطقة كانت إقليما كسائر الأقاليم المغربية الأخرى " . ثانيا : يربط الوالي بين الهجرات المتبادلة ، فيتحدث عن بنية اجتماعية واحدة ، خاضعة لنظام قبلي مشترك ، تطل منه الصحراء بوصفها جزءا من بينة مغربية ، هاجرت الى الصحراء بشريا . ثالثا : اثبت الوالي في مذكرته ، الترابط التاريخي المصيري ، بين الصحراء الغربية المغربية ، وبين المغرب ، من خلال اعتباره ، ان الصحراء كانت نقطة استراتيجية في صراع القوى الاستعمارية المتنافسة على المغرب . لذلك يؤكد الوالي " ان جماهيرنا الصحراوية ، ساهمت بصورة فعالة في جيش التحرير المغربي ، وحتى استقل المغرب ، وحل جيش التحرير وادمج في الجيش النظامي " . رابعا : يتناقض موقف الوالي مع تاريخ احمد بابامسكي لسياسة الحزب المسلم . فبينما يرى بابامسكي البصيري مناضلا صحراويا استقلاليا ، يراه الوالي مغربيا دفعته الظروف ، الى خوض نضال صحراوي وحدوي ، رغم عفوية الحركة . وبهذا يعرض الوالي تاريخ الحزب المسلم ، وكيفية نشأته ، وعملية تمويله الذاتي ، وبنيته القاعدية مقيما تجربته قائلا " وبقي الحزب يكتسح الساحة الوطنية على جميع المستويات ، وداخل سائر الفئات الاجتماعية الصحراوية ، من جنود ، وعمال ، وعاطلين ، وبدو ... " وكانت مبادئ الحزب : " التحرير بالسلاح ، والارتباط مع المغرب .. " خامسا : من خلال مراجعة المذكرة ، لا يوجد فيها أية إشارة إلى شيء يسمى الشعب الصحراوي ، الذي اعتبرهم الوالي سكانا صحراويين مرتبطين بالشعب المغربي ، كما لا توجد هناك ولا إشارة تدل على الانفصال وتأسيس دويلة بالجنوب المغربي . كما ان مصطفى بوهْ احد قادة البوليساريو الملقب بالبرزاني ، ذكر انه حين التقى مصطفى الوالي السيد عام 1973 في موريتانيا ، لم تكن فكرة الاستقلال عن المغرب في رؤية الوالي . كما ان كل أدبيات البوليساريو ، وحتى سنة 1976 . اي قبيل تأسيس جمهورية تندوف ، تخلو من أية إشارة الى كلمة استقلال او انفصال . وان النزعة الانفصالية لم تظهر ، إلاّ بعد سنة 1976 ، حين أصبحت الجزائر طرفا رئيسيا في الصراع . إذن السؤال الذي نوجهه الى القيادة البرجوازية المسيطرة في الجبهة ، والى الشباب المحتجز في المخيمات ، والذي لم تتح له الفرصة لاضطلاع على حقيقة الصراع وأسبابه ، والى المغاربة الذين يشككون في مغربية الصحراء بسبب كرههم للنظام . متى ظهر الشعب الصحراوي ؟ . هل في الستينات ، ام في السبعينات ، وبالضبط سنة 1977 ؟ . بالرجوع الى ستينات القرن الماضي ، حيث الجمعية العامة للأمم المتحدة ، هي التي كانت تتولى بحث النزاع المغربي الاسباني ، فإنها كانت تعتبر الصحراويين مجرد سكان وليسوا بشعب . والمغرب الذي كان وراء إصدار القرار 1514 ، هو من كان يطالب بالاستفتاء لتقرير مصير الصحراويين . ان السؤال الذي كان سيطرح على الاستفتاء هو ، إمّا البقاء تحت السيطرة الاسبانية ، ام العودة الى المغرب . واسبانيا التي كانت تطالب بالاستفتاء ، تراجعت عنه عندما اكتشفت الفوسفاط ، لكن بازدياد الضغط عليها ، نجدها تتقن سياسة الهروب الى الإمام ، وذلك حين وطدت العزم على تنظيم استفتاء مشبوه ، يؤدي الى كيان دويلة قزمية ، تكون أداة طيعة في يدها . عندما أسس طلاب صحراويون ، وبدعم مباشر من قبل مقاومين مغاربة ، ينتمون الى تيار المقاومة وجيش التحرير ، وكانوا متمركزين بالجزائر وبفرنسا ، في 10 مايو 1973 جبهة البوليساريو ، فذلك للدفع بعملية التحرير الوطني ، وفي نفس الوقت استخدام الجبهة التي ستباشر النضال المسلح ، كاداه لتقويض النظام السلطاني . لكن وبعد ان أصبحت الجزائر طرفا رئيسيا في الصراع ، وأسست جمهورية تندوف في 27 / 02 / 1976 ، حتى انقلبت الجبهة من منظمة مغربية ثورية ووحدوية ، الى منظمة انفصالية تخدم أجندة الجزائر وليبيا بالمنطقة . لكن كيف سيتم تأسيس الجبهة في 10 مايو 1973 ، وانتظار ثلاث سنوات حين ستؤسس جمهورية تندوف في 27 / 02 / 1976 ، وانتظار نهاية سنة 1977 للإعلان عن كشف الشعب الصحراوي المزعوم ؟ . فكما ان ( منيرفا ) خرجت من رأس ( جوبيتير ) ، فان الشعب الصحراوي خرج من رأس الجزائر والبوليساريو بعد ان اعتنق فكرة الانفصال . ان انتفاضة احمد الهيبة ماء العينين بعد دخوله مراكش ، كان ضد الغزو الاستعماري الاسباني والفرنسي ، ولم يكن من اجل الانفصال وتقزيم المغرب . وان مواصلة الكفاح المسلح للصحراويين المغاربة منذ 1956 ، كان يتم ضمن جيش التحرير المغربي ، بل كانوا عماد هذا الجيش الذي قاتل الاستعمارين الاسباني والفرنسي . فحتى سنة 1956 لم يكن الصحراويون شعبا مستقلا عن الشعب المغربي . بل كانوا هم عماد جيش التحرير المغربي الذي انتقل الى الجنوب ، من اجل متابعة الكفاح الوطني التحرري المسلح ضد الاستعمار الفرنسي في موريتانيا ، والمناطق الأخرى ، والاستعمار الاسباني في طرفاية ، وسيدي افني ، والساقية الحمراء ووادي الذهب ، وذلك بعد ان قرر القصر حل جيش التحرير في الشمال ، ودمجه في الجيش السلطاني الذي تم تأسيسه في نفس السنة . لقد كان انتقال جيش التحرير الى الجنوب بقرار من قيادة المقاومة وجيش التحرير ، يدخل ضمن خطة شاملة للتحرير ، تبدأ بطرد الاستعمار من المنطقة ، وتنتهي بتقويض دعائم النظام المخزني ، وإقامة نظام وطني ديمقراطي . وانه نفس المخطط هدف إليه قادة المقاومة وجيش التحرير ، حين دفعوا بشباب الى تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب في 10 مايو 1973 ، قبل ان تسيطر عليها الجزائر وتحولها الى منظمة انفصالية . فعن اي شعب ، وعن اية جبهة ، وعن اية جمهورية يتحدثون ؟ . انه تزوير التاريخ الذي سيرمي بهم الى مزبلته . رابعا محور الاستفتاء وتقرير المصير : قلنا سابقا ان القرار 1514 الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1960 ، كان المغرب وراءه ، لان النزاع كان بين طرفين هما المغرب واسبانيا ، والسؤال الذي كان متوقعا عرضه على الاستفتاء لا يخرج عن حلين : إمّا البقاء تحت السيطرة الاسبانية ، وإمّا العودة الى المغرب . ولم يكن السؤال يتضمن حلا ثالثا يؤدي الى الانفصال ، وتكوين دويلة . وباسترجاع المغرب لصحرائه ، يكون القرار 1514 قد فقد بريقه القانوني الذي صدر من اجله ، ويكون التمسك بهذا القرار لفض نزاع الصحراء ، تمسكا غير مشروع وغير قانوني ، وانه أضحى حقا يراد به باطل . لكن سنجد انه منذ دخول الجزائر طرفا رئيسيا في النزاع ، وبالضبط منذ 1975 ، حتى كثر التمسك بهذا القرار الذي أضحى في تعارض مع الطبيعة القانونية لقضية الصحراء . ولنا ان نتساءل . هل تتعامل الجزائر مع مطلب تقرير المصير . من منطلق تكتيكي ام استراتيجي . اي يتجاوز الشعب الصحراوي الى مصالح الجزائر التي تلحقها في أمنها وفي ( ثورتها ) ، وكونها أصبحت مطوقة من المغرب مؤسس الإمبراطوريات ؟ . لماذا تقرير مصير الشعب الصحراوي في الصحراء الغربية المغربية ، وليس تقرير مصير الشعب الصحراوي في الصحراء الشرقية التي تحتلها الجزائر ، بعد ان فوتتها لها فرنسا الاستعمارية ؟ . كيف يكون تقرير المصير حلالا في المغرب ، ويكون حراما في الجزائر ؟ . لماذا لم تحترم الطغمة الفرنسية الحاكمة في الجزائر ، إرادة الشعب الجزائري في تقرير مصيره حين صوت في انتخابات 1991 لصالح جبهة الإنقاذ الجزائرية ؟ . ألا يؤدي إنشاء دويلة قزمية في الصحراء ، الى تعطيل وتأخير وحدة شعوب شمال إفريقيا ؟ . ألا يؤدي أنشاء دويلة صغيرة عشائرية في الصحراء ، الى ان تصبح اتوماتيكيا قاعدة حديثة للاستعمال الامبريالي ، مثل إسرائيل بمنطقة الشرق الأوسط ؟ . أليس سكان الصحراء مغاربة ، ام انهم ليسوا كذلك ؟ . تنطلق الجزائر والبوليساريو في دعوتهما لتقرير المصير بالصحراء من مبدأ المحافظة على الحدود الاستعمارية ، وهو نفسه المبدأ التي تبرر به الجزائر احتلالها لتندوف . لأننا وكما يقولون ، إذا أردنا ان نتجاوز هذه الحدود بالرجوع الى الوحدة الأصلية للشعوب ، سنفتح بابا لا يغلق من صراعات الحدود بالمنطقة . والغريب ان النظام حين التحق بالاتحاد الإفريقي ، يكون من جانبه قد اقر بهذا المبدأ الذي اقره الاتحاد في قانونه الأساسي ، رغم ان الاستعمار هو من عبث بوحدة راضيها ، وشعوبها ، وخلق دويلات كأمر واقع . ان المحافظة على الحدود الاستعمارية كما هي ، هو إذن أساس وجود ما يسمى بالشعب الصحراوي . لا شك ان الدعوة للمحافظة على الحدود الاستعمارية قد خدمت في بعض الحالات ، وبصفة مؤقتة بعض الدول الإفريقية ، لأنها وجهت طاقاتها للنضال ضد الاستعمار ، بدل إهدارها في الصراعات المسلحة على الحدود . لكن هذا لا يحجب انها دعوة محافظة ورجعية ، بل خيانية تعمل في نطاق تركة الاستعمار والامبريالية . ان الاستعمار لم يخلق شعوبا ، بل خلق دولا قسم شعوبها الموحدة الى دويلات لخدمة مصالحه الاقتصادية ، والعسكرية ، وإبقائها في نطاق التخلف والتبعية . ان القبول بتقسيم المغرب وفرضه كأمر واقع ، هو امتداد تاريخي لتقسيمات الاستعماريين المحتلين ، منذ مؤتمر الجزيرة الخضراء ،.وهو بالتالي تزكية لمخطط استعماري لم يستطع الاستعمار نفسه ان يحلم به رغم قرن من الاحتلال ، والقهر العسكري والسياسي . لقد أدى تاريخ نضال الشعب المغربي وبشروط ذاتية وموضوعية ، الى الحصول على استقلال سياسي شكلي ، والقبول به كمساومة مؤقتة مع الاستعمار ، حدد إطارها آنذاك اتفاقية ايكس ليبان . وكان من جملة نتائج هذه المساومة ، ان بقيت أجزاء من الوطن المغربي بيد اسبانيا . واليوم بعد القبول بتقسيم المغرب وفرضه كأمر واقع تحويلا لهذه المساومة الى هزيمة كاملة ونهائية ، وتفريطا بمكاسب ونضال أزيد من نصف قرن ، ضد الاستعمار ، والاستعمار الجديد ، قدم فيها الشعب الكثير من التضحيات . ان تاريخ المنطقة الصحراوية هو جزء لا يتجزأ من التاريخ الاقتصادي والسياسي للوطن وللشعب المغربي : أولا كنظام قبلي جماعي يحكمه النظام المخزني ، والذي لعبت فيه التجارة الدور المركزي . وثانيا كنظام خضع بمجموعه لحركة الاستغلال الاستعماري وتقسيماته المختلفة . وعلى هذا الأساس ، فان علاقة السلطة المركزية في ترابطها ، او انحلالها مع المناطق ، او القبائل التي كان سائدا فيها ، إمّا النظام الزراعي ، او النظام الرعوي ، هي علاقة تُشكل جزءا لا يتجزأ من التاريخ الاقتصادي والسياسي للمغرب ، وهو تاريخ تكون وتبلور الشعب المغربي . ان حجتنا الأساسية في ذلك نستقيها من التاريخ نفسه ، من تصرف الجماهير الشعبية ذاتها . ان المقاومة العفوية للملايين من سكان المغرب ، ورد الفعل الغريزي لطرد اي عدوان أجنبي ، قد تجلى في تاريخنا منذ القرن السادس عشر ، والسابع عشر ، وفي مطلع القرن العشرين ، ضد التدخل الاسباني والبرتغالي ، وضد التدخل الفرنسي . ان الجماهير الشعبية المغربية ، من طنجة الى تخوم الصحراء ، كانت تتصدى بحمية وطنية عالية لصد العدوان الأجنبي ، وتقف مناطق وقبائل السيبة الثائرة بالذات ، المناطق التي تمثل السكان الأكثر اضطهادا والأكثر كفاحية ، اعتبارا لتقاليدها العريقة ، في مقدمة الانتفاضات المسلحة العروبية والامازيغية للدفاع عن حرية ووحدة التراب المغربي . ان سكان الصحراء المغربية هم سكان إقليم فحسب ، له خصائص ومميزات مثل أقاليم كل المغرب ، وعلما ان سكان الساقية الحمراء ووادي الذهب ، يُكوّنون فقط جزءا من الأقاليم الصحراوية الكاملة المكونة ، من طرفاية ، وسيدي افني ، تتداخل قبائله ، ولهجاته ، وعاداته ، الأمر الذي ينفي بالمطلق وجود مقومات الشعب او القومية . فعن اي استفتاء وتقرير المصير يتحدثون ؟ . ان الاستفتاء وحق تقرير المصير هو سلاح بيد الشعوب والقوميات والأمم المضطهدة ، والمجزأة في مواجهة العدو الوطني والقومي ، وليس هو أبدا حق الأقاليم ، والمناطق ، والقبائل ، والعشائر ، والأديان ، والطوائف ، في التجزئة والانفصال عن الوطن ، وتقسيم وحدة الشعب . ان حق تقرير المصير الذي ينُصّ عليه القرار ألأممي 1514 ، لم يعد متطابقا مع الحالة المغربية . ان هذا القرار يعني الأراضي التي تحتلها دول أجنبية . لذا فالقرار الذي وقف وراء إصداره المغرب ، كان مشروعا حين كانت اسبانيا تحتل الصحراء . لكن عندما استعاد المغرب أرضه ، أضحى تطبيق القرار في الحالة المغربية خارجا عن المقتضيات القانونية التي يعنيها القرار ، ومن ثم أصبح الاستفتاء متعارضا في حالة الصحراء المغربية . ان استعماله في هذه الحالة هو حق يراد به باطل . ومرة أخرى نوجه السؤال : اين كانت الجزائر ، وجبهة البوليساريو ، وجمهورية تندوف ، ومقولة الشعب الصحراوي .. عندما صدر القرار 1514 في 1960 . وأين كانوا طيلة الستينات ، وحتى سنة 1977 تاريخ اكتشاف مقولة الشعب الصحراوي ؟ . فرجاء لا تخلطوا بين معارضة النظام التي تبقى حقا مشروعا ، وبين معارضة مغربية الصحراء نكاية في كرهكم للنظام . ان قضية الصحراء المغربية هي قضية شعب ، قبل ان تكون قضية نظام . وثيقة نادرة : بلاغ حول الاراضي المغربية المغتصبة . - الاتحاد الوطني للقوات الشعبية - من بين وثائق الحركة التقدمية المغربية حول الأراضي المغربية المغتصبة من قبل الاستعمار الاسباني ، توجد هذه الوثيقة التي أصدرها زعماء الحزب الذين لعبوا دورا أساسيا ، من خلال تمركز جزء مهم منهم كلاجئين سياسيين بالجزائر ، في تدعيم انشاء حركة التحرر المغربي في 10 مايو 1973 ، التي ستعرف بالجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، لتوظيفها ، من جهة لاستكمال التحرر من الاستعمار الاسباني ، وبالموازاة مع ذلك ، توظيفها كحركة مسلحة في قلب النظام السلطاني ، وتعويضه بنظام جمهوري ، على غرار الأنظمة الجمهورية العربية . ان العناصر التي ستباشر الانخراط في هذا المشروع ، منهم المنحدرون من تجربة جيش التحرير المغربي ، الذي أكمل الطريق بعد 1955 نحو الصحراء لتحريرها واسترجاعها الى المغرب ، ومنهم طلبة صحراويون كانوا يدرسون بالمعاهد الثانوية في تارودانت ، مراكش ، الرباط ، وطلبة كانوا بكلية الحقوق ، وبكلية الآداب بالرباط كذلك . يلاحظ ان نشر البلاغ هذا ، صادف مرور احدى عشر سنة من مؤامرة ( إيكوفيون ) او ( المكنسة ) التي تعرض لها جيش التحرير المغربي في سنة 1956 ، من قبل النظام المغربي ، وبالتنسيق مع الدولة الامبريالية الفرنسية ، والدولة الفاشية الفرنكونية ( فرانكو ) الاسبانية ، بسبب انتماء جزء مهم من ذاك الجيش الى المعارضة المغربية التي كانت تخطط للحكم لا للحكومة ، وهذا ما يفسر مرور خمسة اشهر بين بلاغ 8 أكتوبر 1972 ، والانتفاضة المسلحة في 3 مارس 1973 ، التي قادتها حركة 3 مارس التي جسدت الخط ، والاتجاه الراديكالي للحزب ، او ما يمكن تسميته بدراعه المسلح . فحركة 3 مارس التي كان العديد من مناضليها مستقرين بالجزائر كلاجئين ، تحركت بعد فشل انقلاب الطائرة الذي اشتركت فيه الحركة ( الفقيه محمد البصري .... لخ ) ، وبعد اختطاف الضباط ، وضباط الصف ، والجنود في سنة 1973 من السجن المركزي بالقنيطرة وترحيلهم الى سجن تزمامارت الرهيب . لذا كان موضوع الصحراء ، ومن كلا الجانبين ، النظام والمعارضة ، يُستعمل في الحرب الدائرة بينهما حول الحكم . فالنظام استعملها لتخفيف الضغط المسلط عليه ، والذي كان يوشك باسقاطه ، والمعارضة استعملتها لقلبه ، لان كل الاخطار وكل المنافع التي تسلطت على المغرب كانت من الصحراء ، وكل السلالات التي حكمت جاءت من الصحراء ، وسقطت كذلك من الصحراء . والصحراء لا تزال الى اليوم ، تشكل محور الصراع في الساحة ، كما انها وفي حالة ضياعها لا قدر الله ، سيفقد النظام الحكم ، وسيتحول المغرب الى دويلات لكل منها حدودها وجواز سفرها . إن الصحراء منذ ان كانت والى اليوم ، وهي تنطق بمغربيتها ، وارضها نطقت ولا تزال تنطق مغربي ، وهواءها ، وتياراتها ، وكل طقوسها كانت مغربية . لكن ان كانت هذه هي الحقيقة ، والتاريخ المشترك الذي صنعه الشعب المغربي في مواجهته المؤامرات الاستعمارية عبر كل العصور والازمنة ، فالسؤال : لماذا انقلب الصحراويون على صحراويتهم المغربية ، وارتموا بدون تردد ، وراء دعوات الانفصال ، بتبريرات واهية لا علاقة لها بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها ؟ . الصحراويون المغاربة هم الأكثر ارتباطا بالأرض المغربية ، وكانوا حتى سنة 1999 ، والاغلبية أعربت عن ذلك ، من مناصري الوحدة ، والتمسك بالتاريخ والهوية . لكن بعد مرور بعض الوقت ، سينقلبون مثلما انقلب اسلافهم الذين سُرقوا في ليل بهيمي من قبل عسكر الجزائر نحو تندوف . وانقلابهم لم يكن بسبب تنكرهم لمغربية الصحراء ، وهم الذين يقتنعون بذلك . بل ان نفورهم كان بسبب القمع الذي تعرضوا له ، والتهميش واللاّمبالات التي اضحوا ضحاياها . وبما ان المصير المأساوي الذي انتهى له أعضاء المقاومة وجيش التحرير المغربيين ، والشعب الذي لعب الدور الأكبر في عملية التحرير ، في حين تم اهداء المغرب الى آل الفاسي الذين تنكروا للمقاومة المغربية حين اعتبروا انها تشوش على نضالهم البرجوازي الذي يرتكز على الدعاية ، وتآمرهم على جيش التحرير ، وعلى القبائل البربرية ، والعروبية التي خاضت النضال ضد الاستعمار في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي ، حتى يخلوا لهم الجو لوحدهم لترتيب الأوضاع بما يجعل المغرب بعد الاستقلال في قبضتهم : يقول عراب آل الفاسي علال الفاسي في كتابه ( الحركات الاستقلالية ص 127 ) " . يكاد العهد الذي يفصل بين 31 مارس سنة 1912 ، و 16 مايو 1930 ، ان يكون عهد كفاح عسكري مسلح محض ، لأن الأغلبية الساحقة من سكان البلاد أعلنت الثورة بعد توقيع الحماية ، ولم يمكن اخضاعها الا بعد جهود جبارة ، وبصفة تدريجية ، ولان نخبة الجيل الذي سبق الحماية او عاصرها ، التجأت كلها الى الجبال تقود الثورة وتدبر الكفاح ، والذين غلبتهم القوة على امرهم أصيبوا بدهشة العسكري المغلوب الذي لا يستطيع أي عمل بعد تجريده من السلاح ... " . فحين يقر الفاسي بهزيمة جيش التحرير التي قادتها بلاد الثورة التي سموها ببلاد " السيبة " ، فهو يؤسس لمستقبل البرجوازية الميركانتيلية ، كي تتسلم المغرب بعد استقلاله ، وهو نفس الاستقلال ذهب بالمغرب الى حضن الخونة الذين كانوا عملاء عند الاستعمار الفرنسي . ان هذا المصير المأساوي الذي تعرضت له المقاومة وجيش التحرير واسرهم من بعدهم ، وهو نفس المصير تعرضت له عائلات الذين استشهدوا بالآلاف ودفنوا في مقابر جماعية في حرب الصحراء ، هو ما دفع بالصحراويين من الخشية من نفس المصير الذي سينتظرهم عندما سيتم حسم الصراع لصالح النظام . فرغم الرشاوى المختلفة التي تدفع لهم وبطرق مختلفة لإسكاتهم ، ورغم انخفاض الاثمان في كل المواد بالأقاليم المسترجعة ، فالصحراويون يعتبرون ان كل شيء زمني ووقتي ، وان طمأنينتهم لا تكتمل الا بالهروب من الحكم المُعتدي والمُتَعدّي والاستبدادي ، لا من المغرب الذي يبقى بلدهم الأصلي . مجبر اخوك لا بطل . هذا نص البلاغ : " ان اللجنة المركزية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية المجتمعة في دورتها العادية يوم 8 أكتوبر 1972 للحزب بالبيضاء : --- امام الخطر الذي يمثله استمرار احتلال الاستعمار الاسباني لعدة مناطق من الوطن المغربي . --- واعتبارا لسياسة الاستيطان التي ينهجها ، مع الاعتماد على الاحتكارات الامبريالية العالمية للاستغلال الخيرات التي تتضمنها الصحراء المغربية ، وخاصة مناجم فوسفاط بكراع . --- ونظرا لان الحاكمين فضلوا الى الآن مسالمة الحكم الاسباني ، عوضا عن وضع مشكل الصحراء بصفة جدية . --- ونطرا لان الحاكمين كلما وضعت قضية الصحراء في الهيئات الدولية ، الاّ ويدخلون في مغازلات مع الحكم الاسباني ، ويستقبلون ممثليه ، من اجل مفاوضات حول تعاون مزعوم . --- ونظرا لان سكان الصحراء المغربية ، برهنوا بكفاحاتهم الدموية ، عن رفضهم للاحتلال الاسباني ، ومعارضتهم لخطة المسالمة التي ينهجها الحاكمون . --- ونظرا لان برامج الإنتاج والتجهيزات التي أقامها الاستعمار الاسباني ، والاحتكارات الامبريالية ، تشكل خطرا قاتلا على الاقتصاد المغربي . فان اللجنة المركزية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، تعلن : --- ان تحرير الصحراء المغربية التي يحتلها الاستعمار الاسباني قضية وطنية ، يجب ان تجند الجماهير الشعبية من اجلها باستعجال . --- وان قضية الصحراء لا تنفصل عن واجب تحرير سبتة ومليلية ، والجزر الجعفرية ، لا سيما وان اسبانيا نفسها تضع قضية جبل طارق دون تهاود او مسالمة للاستعمار البريطاني . --- وان الأساليب والطرق المتبعة الى الآن ، لا يمكن الاّ ان تركز وجود الاستعمار الاسباني ، والاحتكارات الامبريالية على أراضينا وخيراتنا . توجه اللجنة المركزية نداء الى جميع المناضلين والوطنيين ، لشن حملة توعية واسعة في صفوف الجماهير الشعبية ، قصد توضيح الخطر الذي يمثله الاحتلال الاسباني ، وحول واجب تجنيد الشعب المغربي ، من اجل تحرير الصحراء المغربية ، وسبتة ومليلية ، والجزر الجعفرية . تؤكد بانه لا سبيل لتحرير المناطق المغربية المذكورة ، الاّ بتحديد موقف واضح من طرف الحكومة المغربية ، التي يجب ان تحدد الطرق والاجل ، وتطرحه على اسبانيا ، وعلى الهيئات الدولية التي سبق ان نظرت في المشكل ، واتخذت قرارات تجاهلتها اسبانيا . تعلن ان عدم تطبيق المسطرة المحددة دوليا في الاجل المحدد ، يقتضي تجنيد الشعب المغربي من اجل تحرير المناطق المحتلة من ترابه بالوسائل التي عرفتها اسبانيا وفرنسا على يد جيش التحرير المغربي في الجنوب . "
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
11 ابريل 2007 - الحكم الذاتي - .
-
المعارضة في الاسلام
-
هل سيكون للرسالة الشخصية - لبيدرو سانشيز - رئيس الحكومة الاس
...
-
اهم مصطلح ساد في السبعينات اسمه - الانفتاح والاجماع -
-
زيارة وزير الخارجية الأمريكي الى الرباط ، والى الجزائر العاص
...
-
هل يجري اعداد حلف ضد ايران ؟
-
الحكم الذاتي
-
رسالة رئيس الوزراء الاسباني ، الى السلطان العلوي محمد بن الح
...
-
رعايا السلطان المعظم ، يتدورون الفقر ، والفاقة ، والجوع ، بس
...
-
لماذا العرب المسلمون ضعاف متخلفون ، ولماذا المسيحيون واليهود
...
-
ذكرى ثورة فشلت حتى قبل اطلاق الرصاصة الاولى مع برنامج الحركة
...
-
التحالف الطبقي السلطاني
-
الاحكام البولسية للدولة السلطانية .
-
رئيس الحكومة الاسبانية السيد - بيدرو سانشيز - يستقبل ابراهيم
...
-
الاتحاد الأوربي يعترف بالجمهورية الصحراوية كدولة
-
ثمانية وثلاثون سنة مرت على مجزرة 1984
-
النظام السلطاني المغربي مقبل على تحدٍّ كبير . يومي 17 و 18 م
...
-
الصحراء الغربية / الصحراء المغربية
-
الدولة أنا / أنا الدولة / أنا ربكم الاعلى فإيّاي فساجدون .
-
من اقوال السلطان المغربي
المزيد.....
-
مباشر: ضربات إسرائيلية تستهدف طهران وغرب إيران
-
مطرقة منتصف الليل: الضربة الأمريكية لحظة بلحظة
-
لماذا اضطرت إيران إلى استخدام صاروخ خيبر ضد إسرائيل لأول مرة
...
-
خبير: -إيران تُخفي النووي المخصب على الأرجح في منشآت تحت الج
...
-
هل نتانياهو الفائز الأكبر من الضربة الأمريكية لإيران؟
-
تضارب في تصريحات ترامب قبل الضربة لإيران وبعدها
-
أبرز ردود الفعل الإيرانية بعد القصف الأميركي للمنشآت النووية
...
-
أول تصريح لترامب عن إمكانية -تغيير- النظام الإيراني بعد الضر
...
-
مقتل وإصابة 72 شخصاً بتفجير انتحاري بكنيسة في دمشق والداخلية
...
-
مقتل 20 في تفجير انتحاري بكنيسة في دمشق
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|