|
ذكرى ثورة فشلت حتى قبل اطلاق الرصاصة الاولى مع برنامج الحركة السياسي / حركة 3 مارس الاتحادية
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7179 - 2022 / 3 / 3 - 00:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ذكرى ثورة فشلت حتى قبل اطلاق الرصاصة الأولى ، مع البرنامج السياسي للحركة الثورية المغربية ، حركة 3 مارس الاتحادية / الاختيار الثوري / . ( 1 ) بحلول 3 مارس 2022 يكون قد مر تسعة وأربعين سنة عن أحداث " خنيفرة ، گلميمة ، مولاي بوعزة " ، مع ما أعقب تلك الأحداث من نتائج كانت سلبية على مجمل العمل السياسي بالمغرب . الأحداث الثورة المجهضة ، جاءت كجواب على إعدام الضباط الوطنيين الأحرار بدون محاكمات في سنة 1971 . وجاءت كجواب على اختطاف ضباط ، وضباط صف ، وجنود من السجن المركزي بالقنيطرة في سنة 1973 ، وترحيلهم الى السجن السيئ الذكر تزمامارت . وكجواب على محاكمة مراكش في سنة 1971 التي حُكِم فيها التيار الراديكالي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية . وللإشارة فان الهدف من هذه الدراسة ، ليس أعضاء الكومندو، أو عددهم الذي لم يكن بالحجم الثقيل لِما تم التخطيط له . لان هذا معروف وتم استهلاكه سواء أثناء ( جبر الضرر ) ، أو عند تحضير لوائح المعتقلين التي كانت تنشر بالخارج ، أو الأسماء التي قدمت إلى المحاكمة ، وصدرت بحقها أحكام وصلت إلى الإعدام الذي نفد في بعضهم ، وعلى رأسهم عمر دهكون ، الذي لم يعد احد يتذكره من رفاق الدرب . إن ما هو أهم من هذا ، هو دراسة المحتوى الإيديولوجي للمشروع الذي جاء قافزا على الواقع ، نحو رؤى غارقة في الأحلام التي تبخرت منذ اليوم الأول لتحرك المجموعة. أي طبيعة الدولة التي كانت المجموعة الصغيرة تعمل لإحلالها محل الدولة السلطانية ، وهي الدولة البرجوازية الصغيرة ، التي ظلت حلما طالما راود العديد من الجماعات ، التي لم تستطع تجاوزه بفعل غربتها عن المجتمع التي تدعي الدفاع عنه. وللإشارة فان هذا النموذج من ( الثورة ) ، و( الدولة) ، كان متأثرا بالنماذج الجاهزة في المشرق العربي ( البعث + الناصرية ) ، وبتجربة نظام برجوازية الدولة في الجزائر بلد ( ثورة المليون شهيد ) ، خاصة تجربة ( احمد بن بلة ، والهواري بومدين ) . إن هذه النماذج لم تعط للوطن العربي غير المشاكل ، حيث كانت سببا في ضياع الأراضي العربية التي تحتلها إسرائيل اليوم ، وكانت سببا في دخول جحافل المار ينز ، إلى الخليج العربي الفارسي ، بعد الحرب العبثية بين نظام البعث وإيران ، بدافع وتشجيع من الغرب ودول الخليج . وبسبب الغزو العراقي للكويت الذي تسبب في كارثة لا يزال العرب يعانون ويلاتها إلى الآن . وهنا لا ننسى انه في خضم الحرب العراقية البعثية ضد إيران ، وانشغال الجميع بها ، وجدت إسرائيل الفرصة سانحة للانقضاض على لبنان في 1982 ، ومحاصرة بيروت أمام أنظار العرب ، الذين ظلوا وسيظلون عاجزين عن مواجهة التحدي الذي تفرضه إسرائيل بالمنطقة . كما لعبت تلك النماذج من الحكم ، دورا في قمع الحريات ، وممارسة التصفيات ، وفتح السجون بدعوى الدفاع عن قضية فلسطين البريئة منهم ومن أفعالهم . وقبل الغوص في الموضوع ، لا بد من إثارة بعض الملاحظات الدالة التي أحاطت بالحدث، وجعلت التفسيرات تختلف بشأنه . -1 إن حركة 3 مارس تعرضت لقمع شديد أجهضها في المهد، وهذا ليس بفعل المشروع الذي لم تروج له بين الشعب . بل بسبب أن الدولة اعتبرتها امتدادا للانقلاب العسكري الذي دبره الجنرال محمد أفقير ضد الحسن الثاني في غشت 1972 . ومما ينبغي التأكيد عليه ، أن الجناح البلانكي المسلح في حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، وعلى رأسه الفقيه محمد البصري ، شارك أفقير في انقلاب الطائرة . وهذا يظهر من خلال أحكام المحكمة التي أدانت آيت قدور ، والفقيه البصري. كما يظهر من خلال رسالة الاعتراف التي نشرها الأستاذ عمر الشغروشني باسم الفقيه البصري في جريدة (le journal) ، وهو ما أثار إحراجا للأستاذ عبد الرحمان اليوسفي ، وللقيادة الاتحادية المشاركة في حكومة الملك . كما أثار ضجة سياسية وصلت الى حد منع الجريدة من الصدور ، إلى جانب جرائد أخرى نشرت الرسالة . يلاحظ ان العلاقة بين البصري ، وبين أفقير ترجع إلى ما قبل أحداث 16 يوليوز 1963 ، عندما تم كشف خلايا ثورية من منظمتين مسلحتين ، ( واحدة يرأسها الفقيه محمد البصري ) ، و ( الثانية تابعة لشيخ العرب المسمى احمد اجوليز ) ، حيث كان المهدي بن بركة ينسق بينهما ، ويقدم لهما التغطية السياسية . بعد اعتقال المجموعتين ، وبعد الأحكام التي وصلت بالنسبة للفقيه ، وآخرين الى الإعدام ، ووصلت بالنسبة لليوسفي وآخرين سنتين سجنا موقوفة التنفيذ ، أُطلق سراح البصري بأمر من أفقير الذي مده بجواز سفر مغربي ، فغادر سنة 1964 الى باريس التي كان يستقبله بمطارها ( انطوان لوبيز ) الذي مكنه من شقة بشارع ( champs Elysée) ، وليعلن في 29 أكتوبر 1965 عن اختطاف المهدي بن بركة . وهو ما يفسر ان الصراع كان على أشده بين الفقيه البصري، شيخ العرب ، المهدي بن بركة ، وبين أفقير والجيش لمن يحض بشرف السبق للسيطرة على الحكم . فكان ان ذهب المهدي ضحية هذا الصراع ، حيث كان الكل يطالب بالحكم . -2 يلاحظ ان حركة 3 مارس اعتمدت على التضخيم الإعلامي من خلال صوت التحرير بليبيا ، ومن خلال الأبعاد السياسية التي أعطيت لها ، والتي كانت تتجاوز طاقتها وإمكانياتها بكثير . وهنا فان الفكرة تم التخطيط لها قبل انقلاب الطائرة . وعندما فشل الانقلاب ، تسرع البصري الخطوات للدفع بالتنظيم الى خطوات لم تكن محسوبة النتائج ، حيث تم تضخيم الذات ، خاصة سيطرة الغرور على الحركيين ، عندما اعتقدوا ان أجواء الثورة تخيم على المغرب ، وان الشعب سيهب للانخراط في العمل المسلح ، بمجرد سماع صوت التحرير من ليبيا ، او سيهب لنجدتهم اذا تعطل العمل بسبب خطا تنظيمي . لكن الذي حصل ان هذه التصورات ظلت في واد ، والشعب في آخر ، حيث لم يعرهم أدنى اهتمام ، خاصة عندما تكالبت على المعتقلين الصعاب والشدائد . ان المشروع كان فوقيا مغامراتيا ، وكانت النتيجة المزيد من التصدع الذي أفضى بعقد المؤتمر الاستثنائي في سنة 1975 الذي قطع مع الخط البلانكي ، وقطع مع الخط الراديكالي للاتحاد منذ خروجه عن حزب الاستقلال في سنة 1959 . -3 بعد الفشل . دب الخلاف بين الحركيين في الخارج الذين ظل الكثير منهم وفيا للتنظيم ، حيث سيعلنون قطع العلاقات التنظيمية مع الاتحاد الاشتراكي ، وسيؤسسون حركة الاختيار الثوري ، التي ظلت إطارا حركيا يوحد الرؤى ، ويعمل لتجاوز الإخفاق . ان هذا الخروج الذي كان إدانة لمقررات المؤتمر الاستثنائي ، سيتطور باتجاه عكسي ، لمّا بدا الفقيه البصري يتنصل من التزاماته الحركية ، من خلال اللعب على التناقضات بين الأنظمة العربية ، وأجهزة مخابراتها . ومن خلال تعامله مع جميع الكيانات السياسية ، رغم تناقضاتها السياسية والإيديولوجية ( الإخوان ، إيران ، البعث ، ليبيا والجزائر .. ) ، وهو ما حدا بالتنظيم ( مناضلي 3 مارس ) ، والاختيار الثوري ، الى إصدار قرار يقضي بطرد الفقيه من التنظيم . يلاحظ انه بعض القرار هذا ، التف البصري على التنظيم ، وعلى الحركيين عندما أعلن ان سبب خروجه من التنظيم ( ينكر ويتجاهل قرار الطرد ) ، سببه اختلافه مع الرفاق ، بخصوص مستقبل حركة الاختيار الثوري . ان الإخوان يريدون ان تكون الحركة تنظيما ، في حين ان البصري يريدها فقط إطارا للتفكير. -4 يلاحظ ان الخلافات بين البصري والحركيين ، لم تقف عند هذا الحد .. بل وصلت درجة من الخطورة ، وقلة المروءة ، لما تنكر البصري للتنظيم ، وتنصل من المسؤولية الكاملة عما حدث ، حيث قال انه في الوقت الذي حصلت فيه الأحداث ، كان هو يتواجد في المشرق العربي ، وان لا علاقة له بما حصل . ثم زاد قائلا " ان الرفاق بعد ان ضاقت بهم الأرض في الجزائر بسبب ضغط المخابرات الجزائرية ، قرروا الدخول طواعية الى المغرب ، والموت فيه عوض الانتظار ( لاحظوا لم يقل يستشهدوا فيه) . وهنا فان درجة الخطورة حين يتهكم على الأموات ، ومن بقي من الحركيين على قيد الحياة ، فيصفهم بالمختلين الذين لا يميزون ، ولا يستشرفون الخطر ، فقرروا بمحض إرادتهم مثل قطعان الماشية ، المجيء طواعية الى المجزرة للذبح . -5 تسببت أحداث 3 مارس ، في انعكاسات سلبية على الوضع التنظيمي لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، حيث سيتم منع فرع الرباط الذي كان من ابرز قادته عمر بن جلون ، وعبد الرحيم بوعبيد ، و عبد الرحمان اليوسفي .. حيث كان هذا التيار ميالا الى التغيير السلمي ، لكن بواسطة القوى الشعبية المغيب الرئيسي في مشاريع تلك التيارات .. وفرع الدار البيضاء بقيادة الأستاذ عبد الله إبراهيم ، وكان يمثل الجناح النقابي الذي كان ضد دمج العمل النقابي بالعمل السياسي ، الأمر الذي كان يرفضه الجناح التقدمي ، الذي كان يراهن على تسْييس العمل النقابي كرافد أساسي في التغيير . وبينما تم حل جناح الرباط بعد الأحداث مباشرة ، ظل جناح الدار البيضاء يشتغل طبقا لقانون الحريات العامة . وبينما كانت أكثرية الاتحاديين بجانب فرع الرباط ، ظل فرع الدار البيضاء متقوقعا في إطار الاتحاد المغربي للشغل . وبالفعل أدت هذه الأحداث الى تغيير اسم الحزب ( فرع الرباط) من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، الى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في سنة 1974 ، وفك الارتباط مع الاتحاد المغربي للشغل ، لما تم تأسيس الكن فدرالية الديمقراطية للشغل في سنة 1978 . -6 تعتبر أحداث 3 مارس 73 ، وأحداث 16 يوليوز63 ، وانقلاب الطائرة في سنة1972 ، قمة المواجهة بين الحزب ، وبين القصر ، حيث كان الحزب الى جانب اليسار الماركسي السبعيني ، يطرح مسألة الحكم من مفهوم ثوري ، وليس إصلاحي ( الجمهورية ) . أي عبر العنف ، وليس عبر صناديق الاقتراع . في هذا الصدد يقول المهدي بن بركة " ان الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، لم يشارك في الانتخابات بهدف تكريس مصداقيتها ، ولكن مشاركته كانت بهدف تعرية زيفها ، وإقبارها في المهد .." . تم قال " ان نوابنا لن يذهبوا لركوب السيارات الفخمة ، ولكن عملهم سينحصر في فضح الحكم المتعفن ، والمساهمة في القضاء عليه .." تم قال " ان أهم أهدافنا لن يتحقق عن طريق البرلمان ان كان هناك برلمان ، بل سيتم بحول الله خارج البرلمان ، وبفعل العمل المنظم الذي تقوم به الطبقة الكادحة ، والفلاحون ، والشباب ، والمثقفون .. " " . وبذلك اختارت منظمتنا ان تخوض معركة جديدة داخل صفوف القوات الرجعية نفسها . وان قرارنا هذا لا يمكنه ان يترك مجالا ، ما دام الحزب هو المنظمة الثورية التي تواجه النظام الإقطاعي الفردي ، وما دام ان احد أهدافنا ، هو محو الإقطاع لكي تخلفه مؤسسات شعبية ..." عندما اندلعت أحداث 3 مارس 1973 ، كان حينها محركها ، الفقيه محمد البصري ، لا يزال ينتمي الى حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . ونفس الشيء عندما وقع انقلاب الطائرة في 16 غشت 1972 ، ولم ينفصل البصري عن الحزب تنظيميا ، إلا بعد المؤتمر الاستثنائي في 11 يناير سنة 1975 ، حيث سيتهم الفقيه ، قيادة الحزب التي قرأت رسالة بعثها الى المؤتمر عبدا لرحمان اليوسفي ، ورفضت قراءة رسالته التي بعث بها من باريس ، بالانقلاب على خط الحزب ، وعلى ماضيه ، ومناضليه ، وتنكرا لأرواح من ضحوا من اجل مبادئ الثورة ، وتنكرا لمن يؤدي ضريبة السجن التي تسببت فيها تلك الأحداث . هكذا سيؤسس تنظيما مستقلا في الخارج عرف بحركة الاختيار الثوري . لقد عرت حركة 3مارس في حينها عن الوجه الحقيقي لدعاة الملكية الشكلية ، الذين كانوا يقدمون التغطية السياسية لدعاة الخط البلانكي الانقلابي ، أصحاب نظرية البؤرة الثورية . وكيف ما كانت التقييمات ، والتحليلات السياسية التي أجراها العديد من الفرقاء والمهتمين لتلك الأحداث .. فان الحركة جاءت في مضمونها متجاوزة للسياسات الاستراتيجية ، والقناعات الفلسفية ، والإيديولوجية التي كانت تعتقد بها جزء من الطبقة السياسية المغربية والتي تحدده كما يلي : ا – الخلاف هو حول مفهوم الملكية ( مستبدة ) ام ( شكلية / برلمانية ) يبقى فيها للسلطان فقط الدور الشكلي ، وتسند جميع سلطاته الدستورية الى الوزير الأول ، الذي سيصبح الرئيس الفعلي للجهاز التنفيذي .. وهو ما يعني في فكر أصحابه تحويل المغرب مؤقتا من ( سلطنة تقليدية تؤسس سلطتها على الدين ، الى ملكية حداثية ) ، تنتفي فيها مرجعية الحكم التي أساسها إمارة أمير المؤمنين .. وهو ما يعني كذلك في فكر أصحابه ، التحضير للتغيير الجدري الذي يبدأ بتقسيم الحكم ، وينتهي بالاستيلاء عليه . ان التعبير الدال عن هذه الأطروحة ، تتلخص في مرحلة أولى في إضعاف السلطنة لصالح الأحزاب ، وإضعاف السلطان لصالح الوزير الأول ، في انتظار ما سيأتي من تقلبات عبرت عنها حركة 3 مارس ، كما عبر عنها انقلاب الصخيرات ، وانقلاب الطائرة .. لقد كانت هذه الأطروحة هي قناعة الجناح السياسي التقدمي الذي قاده في مرحلة معينة كل من عبدا لرحيم بوعبيد و عبدا لرحمان اليوسفي، ومنظر الطبقة العاملة المغربية مهندس التقريري الإيديولوجي في المؤتمر الاستثنائي عمر بن جلون ، رغم انه كشعار ، كان متجاوزا من طرف القواعد ، والتيارات التي ظلت مرتبطة بحركة المقاومة ، وبجيش التحرير في الجنوب . لقد تسببت هذه الازدواجية في العمل السياسي ، الى بلورة قناعات سياسية جديدة ، أدت الى انسحابات من الحزب ، والى تشقق في بناءه التنظيمي ، حيث أضعفت الحزب ، وعطلت من قدرته على تحقيق برامجه الراديكالية . ب – العنف سيؤدي الى التدخل الأجنبي ، والحل هو المائدة المستديرة بين القوى التقدمية الوطنية . وكانت هذه هي أطروحة على يعته بسبب ضعف الحزب الذي يرأسه ، بالمقارنة مع حزب الاتحاد الوطني / الاشتراكي للقوات الشعبية . ج – ضرورة التعبئة الجماهيرية ، والتنظيم المحكم ، و الخطة المرحلية . و كانت هذه أطروحة عبدا لله إبراهيم ، حتى يلجم اندفاع حماس العناصر التي كانت ترفع شعارات استراتيجية ، لحرق المراحل ، والانقلاب من فوق . ورغم الحسم مع فرع الدار البيضاء لحزب الاتحاد الوطني في سنة 1972 ، خاصة بعد أحداث 3 مارس ، فان الحزب ( الاتحاد الوطني) ، ظل أكثر التصقا بالعمل في نقابة الاتحاد المغربي للشغل ، أكثر منه في العمل السياسي الذي احتكره جناح الرباط ، الذي سيعرف في سنة 1974 بالاتحاد ( الاشتراكي للقوات الشعبية ) . ومن خلال البحث في جذور حركة 3 مارس ، والخط العام الذي سارت عليه ، يتبين ان ظهور الحركة داخل حزب الاتحاد ، لا يعتبر في حد ذاته قفزة نوعية في تطور الحركة الاتحادية الراديكالية ، لكنه كان امتدادا لثورة 16 يوليوز 1963 . وكانت كذلك امتداد للانقلاب العسكري للجنرال محمد أفقير في 16 غشت 1972 . لقد كانت الحركة بذلك ، استرسالا لنفس الممارسات ، منذ الانشقاق عن حزب الاستقلال في سنة 1959 مع ما رافق من تصريحات ، من قبل قيادة الحزب التاريخية ، وعلى رأسهم المهدي بن بركة ، والفقيه محمد البصري ، حيث كانت كاشفة للتناقضات السياسية والمذهبية ، التي سادت الاتحاد منذ بداية النصف الأول من الستينات ، والتي من أهم وابرز تجلياتها ، المحاولات المتكررة لإسقاط النظام بالعنف ( المنظمة المسلحة لشيخ العرب ، ومومن الديوري ) ، و( منظمة الفقيه محمد البصري ) .. ومن جهة أخرى ، ترك العمل الجماهيري ظاهريا في حدوده الإصلاحية ( الملكية الشكلية ) للمهدي بن بركة ، ودون حرق المراحل التي تستوجبها الثورة . لقد أعلنت حركة 3 مارس عن نفسها كجبهة وطنية ثورية ، لمّا قدمت برنامجا أدنى يلبي بعض القضايا الاستراتيجي ، مثل إقامة جمهورية برجوازية برلمانية انتخابية ( التأثر بنماذج الدولة البرجوازية في الشرق العربي ، البعث + الناصرية ) ، وبالنموذج الجزائري الذي أقامته جبهة التحرير الوطنية الجزائرية ( بن بلة + الهواري بومدين ) ، واعتمدت في ذلك على عفوية الكفاح المسلح الفوقي ( التآمر مع الجيش ، وبالأخص ضباط فرنسا ) للسيطرة على الحكم ، ولم تعتمد على الحزب الطليعي الثوري ، الذي يعتمد الجماهير ، من عمال وفلاحين ، وطلبة ، في العملية التغييرية . وللإشارة فان خط حركة 3 مارس من الناحية الإيديولوجية ، وليس التنظيمية ، استمر داخل الاتحاد الاشتراكي بعد المؤتمر الوطني الثالث ، من خلال إفرازات 8 ماي 1983 ( اللجنة الإدارية الوطنية ) ، من خلال الخطابات التي كانت تروج لها في الجامعة ، لائحة رفاق الشهداء او رفاق المهدي وعمر . لكن الذي يلاحظ من الناحية الفنية ، ان برنامج 8 ماي ، لم يكن قادرا على تحمل أعباء مشروع حركة 3 مارس ، وإنها لم تكن تستطع الانتقال الى أساليب عمل هجومية ، بسبب القمع الذي لحقها من طرف جماعة المكتب السياسي ، التي تحالفت مع إدريس البصري في قمعها ، فكانت النتيجة دخول أصحاب 8 ماي السجن ، وعلى رأسهم عبدا لرحمان بنعمر ،و احمد بنجلون ، في حين دخلت مجموعة المكتب السياسي للحزب ، إلى البرلمان ، والحكومة ، وليس إلى الحكم . لقد قامت حركة 3 مارس بتقييم مغلوط للوضع السياسي بالمغرب ، فتوصلت إلى أن الظرف السياسي قد اكتملت فيه شروط الأزمة العامة لإعلان الثورة المسلحة ، وان الجماهير المُغيب الرئيسي في برامج الحركة ، وبرامج الأحزاب ، ستهب للثورة بمجرد سماعها طلقة الرصاصة الأولى ، وهو ما لم يحصل حيث ظلت الأحداث في واد ، والجماهير في آخر ، ولم تعلم بما حصل إلاّ عن طريق الإذاعة والتلفزة ، وبعد اعتقال جميع أعضاء الكوماندو . ومن أهم ما جاء في تقييم الحركة للوضع السياسي بالمملكة : 1 - إن النظام الملكي في المغرب أصبح غير قادرعلى الاستمرار في الوجود بفعل التناقضات الداخلية والخارجية . فداخليا نمت التناقضات داخل مؤسسات النظام ( الجيش ) ، و أسفرت عن انقلابين عسكريين ، بينما الوضع الاقتصادي ينمو في اتجاه الأزمة العامة ، ويزداد معه تعفن جهاز الدولة ، وتضارب المصالح بين الفئات السائدة المساندة للنظام ، وبالتالي سقوط هيبة الدولة والنظام في أعين الجماهير ، وتبلور وعيها بإمكانية إسقاط الحكم الملكي ، وإقامة آخر جمهوري محله . اما خارجيا ، فقد تنامت التناقضات بين حلفاء النظام فرنسا وأمريكا ، وفقدان ثقة المستثمرين الأجانب ، وزيادة حجم الديون ، والارتهان للابناك ، وللمؤسسات المالية الأجنبية . وهو الوضع الذي ينبئ بإمكانية المراهنة على الحصول على تزكية دولية ، للتغيير الجدري ، بإحلال نظام جمهوري برجوازي قوي ، مكان نظام ملكي ضعيف ، وهش ، وقابل للسقوط في كل وقت وحين . 2 -- اتساع نطاق الحركة الجماهيرية والمطلبية ، واستعداد الجماهير للدخول في أي عملية ثورية ضد الحكم . 3 -- تردد القوى الإصلاحية التقليدية ( المرجئة الجدد ) ، واقتصارها على مطالبها الدستورية ، والمؤسساتية من اجل التحالف ظرفيا مع الحكم ، وذلك لتجنب المصير المجهول الذي ينتظرها في حالة نجاح الجيش في السيطرة على الحكم ، ثم عجز هذه الأحزاب البرجوازية الصغيرة في تنظيم الجماهير ، وترويضها للدفع بها نحو الثورة . يلاحظ ان هذا التقييم المغلوط للوضع ، لا يختلف عن التقييم المغلوط الذي قامت به الحركة الماركسية اللينينية المغربية حين اعتبرت أن النظام في المغرب مشدود بخيط عنكبوت ، وان مصدر الخطر ، هو في كيفية التحضير ، والاستعداد لمواجهة التدخل الأجنبي ، خاصة الفرنسي لانقاد النظام . لكن تبين من بعد ، ان الذي كان مشدودا بخيط عنكبوت هو البرنامج البرجوازي الصغير لحركة 3 مارس ، والبرنامج الماركسي للمنظمات الماركسية المغربية . أما النظام التوتاليتاري فكان يمسك بزمام المبادرة ، وبلغ من القوة درجة جعلته حدد مربع تحرك الخصم الذي أذعن لرغباته عند طرح قضية استرجاع الصحراء المغربية ، حيث لم يعد النظام هو العدو الرئيسي ، بل أصبح العدو يتمثل في أعداء الوحدة الترابية . أيْ ان العدو أصبح خارجيا ، وليس داخليا الأمر ، الذي كون وحدة وطنية وراء النظام ، اجتمعت فيه جميع الحركات والمنظمات المعارضة ، أي بما فيها حركة الفقيه البصري ، ومحمد بن سعيد آيت يدر .. إن هذا التقييم المغلوط للوضع السياسي الذي قامت به حركة 3مارس ، او ما يسمى بالجناح المسلح البلانكي في الحزب ، والطريقة المبسطة التي نهجتها في تشخيص أسباب الأزمة العامة .. هو الذي دفع بها الى طرح بدائل الكفاح المسلح ، والبؤرة الثورية ، لإقامة جمهورية انتخابية برجوازية ، وبرلمانية تسود فيها البرجوازية الوطنية ، والبرجوازية الما فوق متوسطة ، والصغيرة ، وتحتكر لوحدها الحكم ، ومن ثم قمع باقي الطبقات التي يتكون منها المجتمع المغربي ، وعلى رأسها الطبقة العاملة والفلاحين المغربية ، وباقي الطبقات التي تكون لها برامج متناقضة مع برنامج الحركة . واختصارا ان الطبيعة التكوينية لحركة 3 مارس ، تبين أنها انبثقت عن التناقضات الأساسية لحزب الاتحاد الوطني / الاشتراكي للقوات الشعبية التي عجزت في التوفيق ، بين خطين أساسيين متعارضين ، احدهما يتبنى ظرفيا وتكتيكيا الخط العمل الإصلاحي ، والآخر متعجل انقلابي جمهوري يريد السيطرة على الحكم بكل السبل والطرق . اذا كان التغيير يبدأ بفكرة جنينية ، تكون من وحي احد حكماء التنظيم ، ثم يعرضها للنقاش على الأشخاص الذين يكون لهم استعداد لتقبلها ، والعمل على ضوئها ، ثم بعد ذلك تسريبها وسط القطاعات ، والمنتديات التي تكون لها رغبة في التغيير وتبديل الوضع بآخر ، حتى عندما يحصل تعريض القاعدة ، آ نذاك يمكن الشروع في الثورة ... فان جميع البرامج والمشاريع العامة التي عرفها المغرب كانت مستوردة من الخارج ، أي كانت فوقية . لقد تأثرت حركة 3 مارس بالحركة البعثية ، وبالناصرية ، وبتجربة الحزب الوحيد في الجزائر .. كما تأثرت الحركة الماركسية اللينينية المغربية باليسار الجذري في أوربة ، خاصة 8 ماي 1968 ، وتأثرت حركة الإسلام السياسي في سبعينات القرن الماضي بالثورة الإسلامية في إيران . ولم تكن المشاريع منبثقة من دراسة معمقة للوضع الداخلي ، فكان ان فشلت جميع تلك المشاريع ، وكان ان كانت الغلبة والنصر للدولة السلطانية المستبدة والمطلقة . أي انتصار المشروعية اللاهوتية على المشاريع المختلفة التي عرفها الصراع على الحكم . لقد رجع الفقيه محمد البصري الى المغرب أيام الحسن الثاني ، وحظي باستقبال محمد السادس ، بعد ان تحول من الثورية الى نقيضها ، حيث أصبح يعتبر إن مشكلة المغرب ليست سياسية تتمثل في الكتلة التاريخية الثورية ، او الجبهة الوطنية التقدمية . ولكنها في الحقيقة مشكلة وطنية تهم جميع المغاربة سلطانا وشعبا . وبخلاف السيد إبراهيم اوشلح الذي يعتبر المخرج في كرامويل الانجليزي ( الملكية الشكلية ) ، فان الفقيه محمد البصري اعتبر الحل في بسمارك الألماني . ان وضع المغرب الذي يتميز بخصوصية يمليها تاريخ تشكل الدولة ، و يمليها الحق في الاختلاف ، وباعتبار ان الاختلاف رحمة ، يبقى مصيره السياسي والإيديولوجي في نجاح نموذج بيسمارك القوي ، وليس كرامويل الضعيف . أي الملك القوي ، والملكية القوية ، ووحدة الأمة والدولة . انه نفس الانقلاب في الفهم والممارسة تجسده اليوم كل الأحزاب السلطانية ، وبما فيها الاشتراكي الموحد والطليعة . ومن خلال الرجوع إلى مختلف الثورات التي عرفها المغرب ، يتبين ان القبائل المغربية لم يسبق ان ثارت ضد الوحدة الترابية للمغرب ، بل كانت تثور ضد الملك الضعيف ، وضد المخزن الضعيف . أي ضد الدولة الضعيفة . ( 2 ) برنامج حركة 3 مارس للتاريخ حتى لا ُينسى ويضيع . لأساتذة علم السياسة ، والعلوم السياسية ، وعلم الاجتماع السياسي ، ولجميع المهتمين بمادة الاحزاب السياسية . لأرشيف وتراث الحركة الاتحادية الراديكالية . هذا البرنامج تم الاعلان عنه عشية اندلاع احداث 3 مارس 1973 المعروفة بأحداث خنيفرة مولاي بوعزة . وقد تمت اذاعته على راديو صوت التحرير بليبيا ، وتم توزيعه بفرنسا ، الجزائر ، وسورية للتعريف بالحركة ، وشحذ الدعم لها . الملاحظ ان اندلاع الاحداث جاء مباشرة بعد فشل انقلاب الطائرة الملكية في انقلاب 1972 ، التي كان الفقيه البصري متورطا فيها الى جانب الجنرال محمد افقير . وجاء بعد فشل النضال السياسي الذي دخل النفق المسدود ، وعجز عن الوصول الى الحكم الذي كان محط نزاع وصراع مرير ، بين الحركة الاتحادية بشقيها السياسي الثوري ، والانقلابي البلانكي ، وبين النظام السلطاني . كما جاء في ظروف اتسمت بالجو المشحون الذي خلفته حالة الاستثناء ، ودستور 70 ، واختطاف المهدي بن بركة . كما جاء على اثر الهزات الفاشلة للجيش في الانقضاض على الحكم ، مما كان يوحي للراديكاليين سواء منهم داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، او منظمات الحركة الماركسية اللينينية ، بان الحكم ضعيف ، وانه مشدود فقط بخيط عنكبوت ، فحان الوقت لقطع ذاك الخيط . ومما يجب التذكير به ، ان الفقيه محمد البصري الذي اشرف على تكوين وتدريب المجموعة ، تبرأ منها مصرحا عدم مسؤوليته عن الاحداث ، التي اعتبرها نزوة طائشة لمجموعة من المناضلين ، الذي قرروا الدخول الى المغرب من الجزائر ، والانتحار فيه . بطبيعة الحال سيؤدي الصراع السبعيني ، والتطورات السياسية التي اعقبته بعد فشل تجربة الانقضاض على الحكم بالقوة ، الى حصول شرخ في صفوف الاتحاديين ُتوج بعقد مؤتمر ُسمي بالاستثنائي ، ُعقد خصيصا للقطع مع كل التجارب الراديكالية للاتحاد ( احداث 16 يوليو 1963 ، وأحداث 3 مارس 1973 اضافة الى التصريحات النارية لزعماء الحزب الموجهة مباشرة الى رأس الدولة والنظام السلطاني ) . اذا كان الجناح الاصلاحي قد هدف من عقد المؤتمر الاستثنائي تصفية الحسابات مع جناح الخارج ، فانه تسبب في رفض الراديكاليين قبول القرارات التي اسفر عنها المؤتمر ، فلجئوا الى انشاء تنظيم الاختيار الثوري الذي ظل وفيا لماضي الحركة الاتحادية الراديكالية ، معتبرين القرارات التي خرج بها المؤتمر ، ارتدادا وتراجعا عن خط الاتحاد الراديكالي ، وماضيه . بل تاريخه الثوري . يلاحظ هنا ان الذين ناصروا المؤتمر الاستثنائي ، سرعان ما تراجعوا عن تأييد قراراته ، من خلال توجيه نوع من النقد المحتشم الى التصنيف الطبقي للمجتمع المغربي . فاعتبروا ان الكثير من التفاصيل التي جاء بها المؤتمر ، معارضة ، ولا علاقة لها بالماركسية اللينينية ، وبالطبقة العاملة . وهذا الموقف بطبيعة الحال سيعمق الفوارق بين السياسيين الاصلاحيين بزعامة عبدالرحيم بوعبيد ، وبين الراديكاليين الذين كانوا ينظرون في الاصلاحيين وجه العملة الثانية للحكم . ه كذا سيتطور الصراع من جديد ليفضي الى بروز اتجاهين متعارضين ، واحد يطلق عليه " المكتب السياسي " ، والثاني عرف في الساحة ب" اللجنة الادارية الوطنية " التي قاطعت انتخابات 1983 ، وانتهى بها المطاف الى السجون ، ودخول المكتب السياسي الحكومة والبرلمان . ان هذا التطور الذي عرفته الحركة الاتحادية ، سيؤثر على نوع التحالفات السياسية في الساحة ، وفي الاطارات الموازية ، وفي المركزيات النقابية . وبطبيعة الحال فان انتقاد جناح " اللجنة الادارية الوطنية " من بعد ، للقرارات التي خرج بها المؤتمر الاستثنائي ، ورفض هذه القرارات من قبل جناح الخارج الذي اسس حركة الاختيار الثوري ، سيسهل عملية التواصل بين الجناحين ، حيث سيتوج بانضمام حركة الاختيار الثوري بعد حل نفسها الى جناح " اللجنة الادارية الوطنية " الذي سيتخذ تسمية حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي . " باسم الشعب . ايها المواطنون ، ايتها المواطنات . في اطار النضال السياسي الطويل الذي خاضته جماهيرنا المغربية ، سواء للقضاء على سلطة الاستعمار المباشر في بلادنا ، او من اجل الديمقراطية والاشتراكية بعد الاعلان عن الاستقلال ، تأكد لنا وبشكل قاطع ان الحكم الاقطاعي الذي يترأسه الحسن الثاني ، شكل عرقلة اساسية لكل تطور ديمقراطي داخل بلادنا ، ويشكل الاداة الطيعة في يد الاستعمار القديم والجديد ، وذلك نتيجة طبيعة هذا الحكم الاقطاعي البغيض ، الذي يتمسك بكل سلطة في البلاد ، وينهج سياسة قتل الاحرار وتشريدهم ، ومنع الحركات التقدمية والوطنية من كل امكانيات التعبير .. كما تأكد لنا في اطار هذا القمع ، ان اقلية من السماسرة والإقطاعيين ، تغتني باستمرار على حساب الطبقات الكادحة . و لتحسين اوضاع مجموع الطبقات الشعبية المغربية المنتجة يلزم : -- ضرورة العمل على تحقيق امكانيات الشغل لكل العاطلين ، وبناء مجتمع جديد يكون فيه الشغل حقا ، وواجبا على كل مواطن . -- اعادة الاعتبار لثقافتنا ، وتقاليدنا العربية ، والإسلامية ، بخلق وتطوير ثقافة شعبية حقيقية ، وذلك بتعريب التعليم ، وتعميمه ، وديمقراطيته ، وتوحيده ، وتحقيق امكانيات التعليم والثقافة لكل ابناء الكادحين ، وبناء مجتمع جديد يكون فيه التعليم حقا ، وواجبا على كل مواطن . في اطار استعماله اساليب النضال الديمقراطي داخل بلادنا ، وفي اطار كون حكم الاقطاع ، هو العرقلة الاساسية لهذا التطور ، وباعتبارنا امتدادا للنضال السياسي الذي خاضته الحركة التقدمية الوطنية ، قررنا البدء بالثورة الشعبية المسلحة ، للإطاحة بنظام الحكم الاقطاعي العميل ، واضعين امام اعيننا الاهداف الاساسية التالية ، التي تكون العمود الفقري لبرنامجنا : 1 ) تحقيق وحدة التراب المغربي ، باسترجاع جميع المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الاستعمار . 2 ) طرد القواعد العسكرية الاجنبية من بلادنا من اية قوة دولية كيفما كانت . 3 ) تحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي للمغرب ، بتحطيم كل استغلال لطاقات بلادنا المادية والبشرية ، من طرف القوى الاقتصادية العالمية . 4 ) حماية المياه الاقليمية المغربية وخيراتها من السيطرة الاجنبية . 5 ) تحرير المواطن المغربي من كل انواع الاستغلال . تحقيق الديمقراطية : 1 ) تحقيق نظام جمهوري شعبي ديمقراطي ، يكون العمود الفقري فيه ديمقراطية ، ومراقبة ، واسترجاع الجماهير الشعبية الكادحة لوسائل الانتاج في بلادنا . 2 ) انتخاب الشعب مجلسا تأسيسيا يضع دستورا للبلاد يجري به العمل بعد مصادقة الشعب عليه . 3 ) ضمان حرية التعبير ، والتنظيم السياسي ، والنقابي ، وحرية تأسيس الجمعيات والأندية الثقافية . البناء الاقتصادي والاجتماعي : 1 ) تحقيق ثورة زراعية شاملة ، باسترجاع الفلاح المغربي حقه على الارض التي ُسلبت منه ، سواء من طرف المعمرين الاجانب ، او العملاء الحاليين للحكم الاقطاعي . 2 ) تصنيع المغرب حتى يأخذ مكانته اللائقة به ، في صفوف البلدان التقنية المتقدمة ، بنهج سياسة تصنيعية تأخذ بعين الاعتبار ، الحاجيات الوطنية المنطلقة من المتطلبات الاساسية للجماهير الكادحة . 3 ) استرجاع المصالح الاقتصادية الحيوية للبلاد ، برفع كل استغلال لها من طرف اقلية من الاحتكاريين ، وتسخير هذه الطاقات للمساهمة في : هياكل الدولة : 1 ) اعادة بناء ادارة جديدة تكون العلاقة فيها علاقة عمل ، من اجل مصالح الكادحين ، وإلغاء سيطرة الرأسمال عليها ، هذه السيطرة التي تلغي ظاهرة الرشوة ، وتحد من معطيات سلطة الاقطاع والرأسمال . 2 ) اعادة بناء الجيش ، وأجهزة الامن ، التي يستعملها الاقطاع كوسيلة قمعية لحماية مصالحه ، اداة ثورية تحمي مصالح الوطن ، ومصالح الجماهير الشعبية الكادحة ، وتساهم معها في بناء مغرب حر ديمقراطي اشتراكي . الوطن العربي : ثورتنا جزء لا يتجزأ من الثورة العربية ، وتحرير فلسطين قضية وطنية قومية اساسية ، وكل نصر تحققه القوى الثورية في الوطن العربي ، هو نصر للجماهير العربية ، وخطوة اساسية نحو الوحدة العربية . بناء المغرب العربي في اطار الوحدة العربية الشاملة ، ينطلق من متطلبات الجماهير الشعبية في المغرب العربي ، وهو قبل كل شيء مهمة القوى الوطنية والتقدمية . السياسة الخارجية : تطبيق سياسة خارجية حرة ومحايدة ، تتعاون مع كل الحكومات والشعوب الراغبة في السلام ، والديمقراطية ، والعدالة في العالم . سياسة ترفض السيطرة الاستعمارية على بلادنا ، سواء على الطريق المباشر او عن طريق سلطة رأس المال ، وتساند الشعوب المكافحة من اجل تحررها الاقتصادي والسياسي ." . يلاحظ ان هذا البرنامج لا يرقي الى مستوى طموح حركة 3 مارس ، الذي كان يهدف ازالة النظام ، وتعويضه بجمهورية برلمانية على الطريقة العربية . البرنامج غير متناسق ، وفيه ارتجال ، وهو اشبه برغبة مكبوتة تم تفجيرها ، دون مراعاة السياق الزمني ، والمكاني ، وحقيقة الوضع المتحكم فيه بالساحة . وربما ان السبب في هذا ، يرجع الى ضغط الوقت الذي فاجأ المسلحين ،لأنهم ربما حرروه بعشوائية بعد ان وصل الى خبر المجموعة المتواجدة بالخارج ، خبر فشل الكومندو ، وبدأ عمليات الاعتقالات التي ساهم فيها القرويون الذين من المفروض ان العملية الانقلابية جرت لحسابهم ، ووصول اخبار عن سقوط صرعا برصاص الجيش . ان هذا الارتجال يبين بالواضح ، خطأ تقييم الانقلابيين للوضع العام ، ولشروط المرحلة التي يمر بها العراك السياسي الوطني . لذا قامت مبادرة حركة 3 مارس بناء على تقييم الوضع ، نتيجته ان الظرف السياسي قد اكتملت فيه اكبر شروط الازمة الثورية . بل ان الظرف لم يسبق له مثيل في كل الاوقات التي حاول فيها نفس الاتجاه القيام بنفس العمل ، اي السيطرة على الحكم . ومن خلال تقييمنا لهذه الشروط التي كانت مغلوطة ، وتسببت في مآسي تنظيمية وإنسانية : 1 ) ان الدولة السلطانية ، اصبحت غير قادرة على الاستمرار بفعل التناقضات الداخلية والخارجية . فداخليا نمت التناقضات داخل الجيش الركيزة الاساسية للحكم ، بعد محاولتي الانقلاب في سنة 1971 ، و 1972 .. بينما الواقع الاقتصادي ينحو في اتجاه الازمة الدائمة ، ويزداد معه تعفن جهاز الدولة ، وتضارب مصالح الفئات داخل الطبقة الحاكمة . وفي الحصيلة سقوط هيبة الدولة السلطانية في اعين الجماهير ، وتبلور وعيها الثوري بإمكانية وضرورة اسقاطها . ان هذا التقييم الخطأ ، ابطلته مشاركة الجماهير القروية والمدينية السلطات العمومية ، والجيش ، اثناء مطاردتها للانقلابيين . بل والمشاركة في اعتقالهم ، وتسليمهم الى السلطات الامنية ، وهي نفس الجماهير التي شاركت السلطات عند البحث عن الضباط ، وبعض المدنيين الذين فروا في سنة 1975 من معتقل النقطة الثابتة رقم 3 . Le point fixe N 3 وخارجيا ، تنامي التناقضات بين حلفاء النظام فرنسا والولايات المتحدة الامريكية ، لتناقض حاجياتهم المستعجلة في المنطقة ، وبالتالي ، فقدان الثقة في ضرورة الابقاء على مصالحهم تحت حماية الدولة السلطانية . 2 ) اتساع الحركة الجماهيرية في كل القطاعات ، وخاصة بعد الانقلابين العسكريين ، حيث ان هذا المد لم ينقطع تصاعدا . بل جدب الانقلابان الفاشلان ، ابعد الجماهير عن التسييس ، الى ميدان الصراع السياسي والثوري ضد النظام السلطاني . 3 ) تردد القوى الاصلاحية التقليدية ، ومطالبتها بأحسن ما لديها من الشروط للتحالف مع السلطان ، وذلك لخوفها من المصير المجهول للدولة السلطانية . ومن جهة اخرى لتخلفها وعدم قدرتها على التحكم في الحركة الجماهيرية ، وبالتالي فشل اللقاء الذي كان محتملا مع القصر . ولا ننسى هنا ان حركة 3 مارس ، عملت دوما على تحييد القوى الاصلاحية التقليدية على اساس واحد ، هو عزل الدولة السلطانية لإضعافها ، قصد الاجهاز عليها . كما ان النمو المضطرد للقوى الثورية ، وتشكيلها لحركة فاعلة الى هذا الحد او ذاك في الوضع السياسي ، كان في حساب حركة 3 مارس ، يتوقف امتصاصه وتجاوزه ، بالدخول المباشر في الكفاح المسلح . تلك هي الشروط العامة التي تجمعت في تقييم الحركة للوضع بالمغرب ، وهو تقييم مغلوط ، لأنه اعطى للحركة صلاحية نقل ممارستها الى الكفاح المسلح ، كتعبير عن اليأس ، والإحباط وسد السبل ـ مع العلم ان الحركة في تقييمها المغلوط اخرجت من حسابها الشرط الحاسم في هذا الوضع للانتقال الى اساليب النضال المسلح المنظم من جهة ثورية ، ألا وهو تغييب دور الحركة الجماهيرية التي كانت ولا تزال ، مشدودة ومرتبطة مع السلطان والنظام السلطاني . ان الخط العام لذا حركة 3 مارس الذي حاول تجاوز هذه الحقيقة ، كان يقوم على الاسس المغلوطة التالية : 1 ) – ) ان الحركة في حد ذاتها ، هي اطار جبهوي لكل الطبقات المعادية للإمبريالية والملكية ، حيث ان المهمة المركزية للحركة هي استكمال التحرر الوطني . 2 ) لهذا الغرض ، لتحرير المغرب من الامبريالية ، والنظام السلطاني ، فان ممارسة الكفاح المسلح ذاتها ، وبدون ضرورة لعمل سياسي تحضيري وثوري ، قادر على تفجير الطاقات الجماهيرية ، واستقطابها حول الكفاح المسلح ، وان الظرف السياسي الحالي ناضج تماما لبداية هذه المسيرة المسلحة . وفعلا ومن هذه الرؤية الخاطئة ، اعلنت الحركة نفسها ك " جبهة وطنية " ، وقدمت برنامجا ادنى يلبي بعض قضايا التحرر الوطني ، وأساسا اقامة " الجمهورية " على الطريقة العربية . ومن جهة اخرى ، اعتمدت الحركة على عفوية الكفاح المسلح ، و لم ترتكز على حزب ثوري ، مارس نشاطه السياسي والتنظيمي وسط الجماهير . بل ان حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية نفسه ، وهو الركيزة الاساسية المعول عليها ، لم يكن مكيفا لتحمل اعباء هذا المشروع الذي فشل في المهد ، ولا هو انتقل الى اساليب عمل هجومية وجماهيرية . وهذا يدل عليه الشروع في الكفاح المسلح مع التركيز على المناطق الجبلية المرتفعة منها على الخصوص الريف ، والأطلس المتوسط ، حيث ان الطباع الاساسي فيها هو الغلبة لبقاء الانتاج التقليدي ، المقرون بتربية المواشي ، وتفتيت الملكية بشكل كبير . حقا ، لقد عولت الحركة على الرصيد السياسي والجماهيري لحزب القوات الشعبية ، وبدون الرجوع الى بنية الحزب الهلامية ، وخطه السياسي ، ودرجة تعمقه التنظيمي وسط الجماهير ، وخاصة العمالية والفلاحية منها ، مما كان له اشد الوقع في فشل المحاولة الانقلابية التي اشرفت عليها عناصر من البرجوازية الصغيرة ، وليس الجماهير التي كانت البيانات تصدر باسمها . بل ان هذه الجماهير هي نفسها انخرطت في عملية تعقب الكوماندو ، واعتقال عناصره ، وتقديمهم الى السلطة . فما اشبه الامس باليوم ...
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحالف الطبقي السلطاني
-
الاحكام البولسية للدولة السلطانية .
-
رئيس الحكومة الاسبانية السيد - بيدرو سانشيز - يستقبل ابراهيم
...
-
الاتحاد الأوربي يعترف بالجمهورية الصحراوية كدولة
-
ثمانية وثلاثون سنة مرت على مجزرة 1984
-
النظام السلطاني المغربي مقبل على تحدٍّ كبير . يومي 17 و 18 م
...
-
الصحراء الغربية / الصحراء المغربية
-
الدولة أنا / أنا الدولة / أنا ربكم الاعلى فإيّاي فساجدون .
-
من اقوال السلطان المغربي
-
رمي الاتهام في فشل حل نزاع الصحراء
-
التقاليد المرعية ، وسيادة الجهل ، والطقوس القروسطوية وسط الم
...
-
واشنطن ونزاع الصحراء الغربية المغربية
-
المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بملف الصحراء ستيفا
...
-
الدولة البطريركية / الأبوية السلطانية
-
وجاءت سنة 2022 ، ولا تزالون على نفس الحال تنتظرون ، منذ ستة
...
-
حين تعرّب الفاسبوك ، او حين اصبح الفاسبوك عربيا .
-
الرئيس الالماني يوجه دعوة شخصية الى ملك المغرب محمد السادس
-
جمهورية ألمانية الديمقراطية .
-
الدولة الاسبانية توشح وزيرة الخارجية السابقة السيدة أرونشا گ
...
-
من الخائن الحقيقي . هل محمد السادس ، أم محمود عباس ؟ سكيزوفر
...
المزيد.....
-
شاهد.. فوضى وذعر بمركز تجاري بالدوحة عقب هجوم إيران الصاروخي
...
-
إيران تدعي سقوط 6 صواريخ على قاعدة العديد الجوية.. وتؤكد: ال
...
-
أول تعليق من إدارة ترامب بعد هجوم إيران على قاعدة العديد بقط
...
-
تداول فيديو مزعوم عن -هروب جماعي من قطر نحو السعودية عبر منف
...
-
وزارة الصحة الفلسطينية في غزة: مقتل أكثر من 17 ألف طفل منذ ا
...
-
تضامن عربي مع قطر إثر القصف الإيراني لقاعدة العديد
-
حماس تنفي بيانا منسوبا إليها بشأن التصعيد العسكري في الخليج
...
-
قراءة في الحسابات الإسرائيلية بعد الضربة الأميركية لإيران
-
عشرات الشهداء في غزة والقسام تعلن استهداف 3 جنود إسرائيليين
...
-
الفلاحي: إيران بدأت تنوع أهدافها وتستهدف إيلام إسرائيل
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|