الاتحاد الأوربي يعترف بالجمهورية الصحراوية كدولة

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 7166 - 2022 / 2 / 18 - 13:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

رغم اننا كنا نعرف حقيقة ما يجري ، فإننا كنا نتظاهر بمن يجهل ولا يعرف ما يجري . لكن ما حصل في عاصمة الاتحاد الأوربي Bruxelles ، بمناسبة قمة الشراكة السادسة بين الاتحاد الأوربي ، وبين الاتحاد الافريقي ، جعلنا نفتح اعيننا جيدا عن واقع كان موجودا منذ زمان ، وليس فقط وليد الآن، وجعلنا مجبرين هذه المرة الا نكذب على انفسنا ، وان نصارحها ونصارح الشعب المغربي ، انّ ما كنا نخشاه ، صار امرا واقعا ، وان قضية أطروحة الصحراء المغربية ، انتهت امام الحقيقة الصادمة التي جعلت لون ناصر بوريطة يصفر ، و حركاته منفلتة غير منضبطة ..
الاتحاد الأوربي اعترف صراحة بالجمهورية الصحراوية كدولة ، وليس فقط كجبهة .. وحضور إبراهيم غالي كرئيس لدولة الجمهورية الصحراوية ، وتبوئه مقعدا بين مقاعد رؤساء الدول ، ورؤساء الحكومات الاوربيين ، والافارقة .. ووضع علم الجمهورية الصحراوية امام مقعد جلوس إبراهيم غالي كرئيس ، ونصب علم الجمهورية الصحراوية في سماء عاصمة الاتحاد الأوربي Bruxelles ، مرفرفا مع اعلام الدول الافريقية ، والدول الاوربية ، والى جانب علم الدولة السلطانية التي يبرع بوليسها ، وجهازها السلطوي القروسطوي في الاعتداء على الشعب ، واهانته ، والمس بكرامته .. وهو الشعب الذي أدى كل فاتورة حرب الصحراء التي تجري اليوم ، وبشهادة الكاتب المغربي ادريس العبدي الذي أزال اللثام عنْ منْ كنا نجتهد لا خفاءه .. والقاء الرئيس الصحراوي لكلمته كرئيس دولة ، في اطار الجلسة الخاصة بالسلم والامن ، وامام رؤساء الدول ، ورؤساء الحكومات الاوربية والافريقية .. وامام انظار اخنوش وبوريطة .. كل هذا وما خفي اعظم ، يؤكد اعتراف الاتحاد الأوربي الصريح بالجمهورية الصحراوية ..
واعتقد ان المدير العام للمخبرات الاسبانية السابق ، حين قال مؤخرا ان اسبانية لن تعترف ابدا بمغربية الصحراء ، وقارن بين الاعتراف بها ، والاعتراف بشبه جزيرة القرم الاكرانية .. كان غاية في الصراحة ، وهو الموقف الذي تبناه كل الاتحاد الأوربي كاتحاد وكدول ، عندما رفض اعتراف Trump المقلب بمغربية الصحراء .. فحتى المانية لم تقدم تنازلا للنظام المغربي ، ولا يزال موقفها ضمن موقف الاتحاد الأوربي ، ومع المشروعية الدولية التي تعني الاستفتاء وتقرير المصير ، كحل ديمقراطي للنزاع ، أدى ثمنه غاليا الشعب المغربي المفقر ، الذي يُنهب فسفاط المنطقة باسمه ..
واذا اضفنا الى هذا الاعتراف الأوربي بالجمهورية الصحراوية ، تشطيب الرئيس الأمريكي John Biden ، على اعتراف Trump المقلب بمغربية الصحراء ، وتشديد الرئيس الأمريكي على تعيين مبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة بملف الصحراء ، وتشبته بالحل الاممي .... يكون المآل النهائي لحسم نزاع الصحراء ، قد اصبح وضاحا .. وانّ ذهابها مسألة وقت دخل نهاية عده العكسي ، الذي لن يتجاوز السنتين القادمتين ... وذهاب الصحراء سيضفون عليه مشروعية الأمم المتحدة ، على طريقة تيمور الشرقية .. والنظام السلطاني الذي اطلق العنان لبولسيه المريض ، ولجهازه السلطوي القروسطوي ، في الاعتداء على الناس ، لا ولن يستطيع مجابهة مجلس الامن ، ولا مجابهة الأمم المتحدة ، والاتحادات القارية كالاتحاد الأوربي ، الذي وجه صفعة لخذ النظام السلطاني ، عبّر عنها لون وجه بوريطة المائل الى الصفرة ، والاضطراب في الحركات ، من هول صدمة جلوسه الى جانب إبراهيم غالي ، الذي استقبل كرئيس للجمهورية الصحراوية .. وهو الذي تعوّد الجلوس الى جانبه في الاتحاد الافريقي .. لكن تواجد إبراهيم غالي في عاصمة الاتحاد الأوربي Bruxelles كرئيس لدولة ، علمها موضوع امامه في مكان جلوسه ، ورايتها ترفرف في سماء بلجيكا . والقاءه لكلمة امام رؤساء الدول ، ورؤساء الحكومات الاوربية والافريقية .. وقْعه اقوى من الجلوس قرب إبراهيم غالي في حضيرة الاتحاد الافريقي ..
وحتى لا نكذب على انفسنا .. وحتى نضع النقط على حروفها الصائبة ، وحتى لا نمارس التعتيم الذي يمارسه النظام السلطاني لا خفاء الحقيقة ،واخفاء ما يجري على الأرض .. وهو المسؤول عن النهاية التي وصل اليها نزاع الصحراء ، الذي كان يدار بمعيار الغنيمة ( الفوسفاط ، والاسماك ، والثروات ) ، لا بمعيار الشعب المغيب ، ولا بمعيار القبائل الصحراوية التي لها الكلمة النهائية في تحديد مستقبل الصحراء . فتم البيع والشراء في الأشخاص وتم إهمال القبيلة .. فالنزاع الدائر اليوم بالصحراء ، لن يتعدى السنتين القادمتين لتقرير مستقبل الإقليم ، بين ان يكون مغربيا ، وبين ان يتم طرد النظام السلطاني ، لان دولة الجمهورية الصحراوية التي تأسست في سنة 1976 ، يعترف بها الاتحاد الأوربي القوة الاقتصادية ، التي تكوّن دوله حلف الناتو العسكري ..
اليوم هناك حرب تدور في الصحراء ، يموت فيها أبناء الشعب الذي يمول حرب الصحراء ، ومفقر محروم من خيرات الصحراء ، التي تستغلها العائلة السلطانية ، والعائلات الفاسية ،والبرجوازية المرتبطة بها .. أي أكثرية الشعب الذي مول حرب الصحراء المفقر ، والأقلية التي تستغل الشعب في الدفاع عن ثرواتها ومصالحها التي لا تنضب ، عدوة الشعب ، وكارهة الشعب .. والكل يتذكر المدير العام للمكتب ( الشريف ) للفوسفاط مع الراقصة (..) بيخت في قعر البحر في عز الوحش ( كورونا ) ..
الحرب ستعرف تطورات ميدانية قادمة ، ستنفخ فيها مواقف الاتحاد الأوربي الذي اعترف بالجمهورية الصحراوية ، وموقف John Biden الذي شطب على اعتراف Trump المقلب بمغربية الصحراء .. وتشديده على المشروعية الدولية ، وعلى الأمم المتحدة ، دون ان ننسى موقف روسيا الاتحادية ، وجمهورية الصين ، وكوريا الجنوبية ، وكندا ، والاتحاد الافريقي... فحتى إسرائيل لا تعترف بمغربية الصحراء ، وتجنح الى الحل الاممي .. بل لا ننسى مواقف الاتحاد الأوربي ، وإسرائيل ، وواشنطن الذين تضامنوا مع الدولة الاسبانية ، في ازمتها مع النظام السلطاني الذي فقد البوصلة ، واضحى تائها من دون اتجاه صحيح ...
فإلى جانب الحرب التي تدور ، من المنتظر ان يعقد مجلس الامن دورة خاصة عن الصحراء في شهر ابريل القادم .. وكغيرها من الدورات ، لأنها مجرد مسرحية تلعب .. فالدورة القادمة ستكون الدورة ما قبل الأخيرة ، لخروج مجلس الامن بقرار خطير ، يعلن فيه فشله عن إيجاد حل لنزاع عمر لأزيد من سبعة وأربعين سنة .. وهنا فان القادم الوحيد الأوحد ، هو احالة مجلس الامن النزاع على انظار الأمم المتحدة برلمان الشعوب ، لتبث فيه بما يقتديه القانون الدولي ..
في هذا السيناريو القادم الذي يجب انتظاره ، سيكون امام الجمعية العامة للأمم المتحدة حلين لا ثالث لهما .
-- الحل الأول ، هو ان يعرض حل تقرير المصير على انظار جلسة عامة ، ويخضع لتصويت .. وتصرّف الجمعية العامة هنا سيكون على ضوء نتائج التصويت .. فإذا كانت نتيجة التصويت تدعو الى تقرير المصير .هنا الجمعية العامة سترجع الملف مع توصية ، الى مجلس الامن كحكومة الشعوب ، ليتخذ الإجراءات المسطرية ، ليفرض الاستفتاء طبقا للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة .. وهنا فلا مناص من استعمال المجلس لسلطة الضبط والقهر ، لتنزيل دعوة الجمعية العامة على الأرض .. أي فرض الاستفتاء بالقوة .. وهنا سنكون امام حالة ثانية لحالة تيمور الشرقية . Timor Oriental .. ونظرا لان الصحراويين مغرمين ، ويحبون السلطان ، ودولة السلطنة ، فان نتائج التصويت بالاستقلال / الانفصال ، ستكون 99 في المائة مع تأسيس دولة صحراوية جديدة ...
-- الحل الثاني وهو المرجح . ان تتجاوز الجمعية العامة للأمم المتحدة حل الاستفتاء وتقرير المصير ، لان الدولة الصحراوية موجودة ، اعترف بها الاتحاد الأوربي الذي من دوله أعضاء دائمين بمجلس الامن ، وكل دوله عضوة بالأمم المتحدة .. واعترف بها النظام السلطاني المغربي صراحة في يناير 2017 ، واكد هذا الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، في الجريدة الرسمية للدولة السلطانية العلوية عدد 6539 ..
هنا فان الجمعية العامة ستتجاوز الاستفتاء ، لتطرح مباشرة على انظار الجمعية العامة ، التصويت مباشرة على مسألة الاعتراف ، او عدم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، التي اعترف بها النظام العلوي السلطاني ...
وكالعادة ، فان تصرف الجمعية العامة ، سيكون على ضوء نتيجة التصويت .. وهي نتيجة محسومة مسبقا لصالح الدولة الصحراوية ، التي ستصوت لها كل دول الاتحاد الافريقي ، وكل دول الاتحاد الأوربي ، والولايات المتحدة الامريكية ، وروسيا ، والصين ، وكندا .. وحتى الجزائر ، وتونس وموريتانية ...
فالتصويت بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، سيضطر الجمعية العامة ، ان ترجع الملف مع نتائج التصويت ، الى مجلس الامن الذي سيتخذ الإجراءات المسطرية ، لتنزيل ما صوتت عليه الأمم المتحدة برلمان الشعوب ... والسؤال هنا . هل يستطع النظام السلطاني العلوي مواجهة ، ومجابهة مجلس الامن ، الأمم المتحدة ، والاتحادات القارية ، كالاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ... لخ ...
ومع كل هذه الهزيمة La défaite النكراء .. ومع الصفعة القوية التي وجهها الاتحاد الأوربي الى خذ النظام السلطاني العلوي المغربي ... يستمر الاتحاد الأوربي في استبلاده للنظام السلطاني حين ردد مسؤولوه . ان الاتحاد الأوربي لم يوجه الدعوة الى الجمهورية الصحراوية .. ولا يعترف بها ... والنظام المغربي المنهزم ، وهو السبب الرئيسي في كل ما حل من نكسات بقضية الصحراء ، لأنه تعامل معها كغنيمة ، خاصة عندما اقتسمها مع موريتانية .. ولم يتعامل معها كسكان .. همه الفوسفاط ، والاسماك ، والثروات ، والدولار مقابل الصيد في المياه الصحراوية .. سيقبل بهذا الاستبلاد ، لأنه سيخفف من صدمته ، ولو بالكذب على نفسه .. حقا ان الاتحاد الأوربي لا يعترف بالجمهورية الصحراوية ، ولم يستدعيها لحضور لقاء الشراكة السادس بين الاتحاد الأوربي والاتحاد الافريقي ..
فماذا يعني استقبال إبراهيم غالي بالمطار البلجيكي ، بسيارات فارهة ، وبروتوكول رسمي ، واستقباله في قاعة اللقاء وعلم الجمهورية الصحراوية امامه في مقعد جلوسه ، وراية الجمهورية الصحراوية ترفرف الى جانب رايات الدول الافريقية ، والاوربية بسماء عاصمة الاتحاد الأوربي Bruxelles .. بل ماذا عن الكلمة التي القاها امام الجمع الأوربي الافريقي في إطار الجلسة الخاصة بالسلم والامن ...
فعلى من تضحكون ...
ان ما جرى ويجري ، وهو كان متوقعا ..لكننا كنا نوهم انفسنا ونكذب عليها .. لهو اعتراف صريح من الاتحاد الأوربي بالجمهورية الصحراوية .. وهو موقف كان واضحا من الموقف الموحد للاتحاد الأوربي من اعتراف Trump المقلب بمغربية الصحراء ، ورمي John Biden لهذا الاعتراف المقلب في المزبلة ..
ففي غضون السنتين القادمتين يجب انتظار الصدمة ، حتى لا تفاجئ الرعايا .. اما النظام المدرك بالنهاية التي وصل اليها الصراع الذي خسره .. فهو لا يزال يناور .. لكنه تائه ، فاقد للبوصلة التي اضاعها ، يوم سلم مقاليد الدولة للأصدقاء والاحباب الخاوين الوفاض .. واطلق يد بوليسه السياسي ، وجهازه السلطوي العفن في الاعتداء على الناس ، وقمعهم ، والتنكيل بهم ، ورميهم ظلما بمحاضر بوليسية مزورة ، غياهب سجون امير المؤمنين ، الامام المعظم ، حفيد الرسول الكريم ، السلطان محمد السادس نصره الله وحفظه ..
انتظروا دراسة قادمة عنوانها : الهزيمة / La défaite

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات