أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - 11 ابريل 2007 - الحكم الذاتي - .















المزيد.....


11 ابريل 2007 - الحكم الذاتي - .


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7213 - 2022 / 4 / 8 - 19:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بحلول 10 ابريل 2022 ، يكون قد مر على طرح النظام السلطاني المغربي حل الحكم الذاتي ، خمسة عشر سنة بالتمام والكمال . والنظام عندما تقدم بطرح حل الحكم الذاتي ، فذلك لتفادي المأزق الخطير الذي كان ينتظره ، اذا أضاع سيطرته على الصحراء . فعندما سيكون رأسه هو المطلوب ، وستكون وحدة المغرب بالنسبة لمناطق أخرى كالريف هي المهددة .. فان النظام الذي استشعر بخطر الصحراء الذي يهدده ، حاول من طرحه حل الحكم الذاتي ، ارباك النظام الجزائري ، ومعه جبهة البوليساريو ، من خلال قرارات الأمم المتحدة التي تدعو الى المفاوضات السياسية ، لإيجاد حل ضمن قرارات الأمم المتحدة ..
وانّ القول بالمفاوضات السياسية ، وليس بالمفاوضات القانونية ، يعني تضحية الطرفين المتنازعين بالمواقف الأساسية المتصلبة ، لصالح تقديم تنازلات معقولة تحفظ ماء وجه الجميع ، ضمن سياسة وحل ، لا غالب ولا مغلوب .. فالنظام المغربي بطرحه حل الحكم الذاتي ، يكون حقا قد وضع نفسه كطرف ، استجاب لدعوة الأمم المتحدة بتبني المفاوضات السياسية ، التي تقوم على تقديم التنازلات .. وهو بذلك يكون يفكر في ارباك الوضع بما يجرجر الصراع امداً من الوقت ، في افق ظهور مستجدات قد تخدم أطروحة الحكم الذاتي ، الذي هو الحفاظ على مغربية الصحراء ، ونقل الصراع الى صراع اممي مع النظام الجزائري ، ومعه جبهة البوليساريو اللذان ظلا متمسكين بنفس المواقف ، وما بدلا تبديلا عن مطلب الاستفتاء وتقرير المصير المؤدي الى الانفصال ..
عندما طرح النظام المغربي حل الحكم الذاتي ، بعد ان دخل مسلسل نزاع الصحراء النفق المسدود الذي يهدد كيان النظام المغربي ، معتقدا ان هذا الحل سيتم بإجراءات مغربية ، وضمن مسطرة مغربية ، وهو يجهل انه اذا قبلت الجبهة ومعها النظام الجزائري ، سيكون حل الحكم الذاتي ضمن إجراءات الأمم المتحدة ، وضمن مسطرة مجلس الامن ، وتحت اشرافهما ، وهو ما قد يوصل وضع الأقاليم المتنازع عليها ، الى مرحلة ما قبل الانفصال التام ، اذا حصل ارتباك للنظام السياسي المغربي ، او اذا قامت ثورة ضده ، او تحرك الجيش ، وهنا يكون تبرير الانفصال بانّ معاهدة الحكم الذاتي قد تم تنظيمها مع نظام ، وبما ان هذا النظام لم يعد موجودا ، فان دوافع وأسباب الانفصال ، تصبح فارضة نفسها بإلحاح .. أي رفض التعامل مع النظام الجديد في المغرب اذا حصل ..
فحل الحكم الذاتي هنا الذي ستنظمه وتشرف عليه الأمم المتحدة ، سيكون مخالفا عن حل الحكم الذاتي الذي من المتوقع ان ينظمه ، ويشرف على التنظيم ، النظام المغربي دائما ، باستعمال الخصوصية المغربية التي توجد فقط في عقل السلطان ، ولا توجد عند غيره من الدول ، والمنظمات كالأمم المتحدة .. كذلك ماذا سيمنع الصحراويين إذا حصل ما من شأنه ان يربك النظام السلطاني ، ويربك الأوضاع في المغرب ، ان ينظموا استفتاء داخل نظام الحكم الذاتي ، يقررون فيها البقاء او الاستقلال عن الدولة الام .. وقد جربت هذا استراليا ، عندما نظمت استفتاء للبقاء او عدم البقاء تحت التاج البريطاني .. لكن نتيجة التصويت كانت لصالح البقاء مع الكمنولت لا خارجها ، وهو نفس الاستفتاء تم تنظيمه في جزر الفلوكاند / الملوين الارجنتيتية التي كانت نتيجته لصالح البقاء مع بريطانيا العظمى ...
عندما طرح النظام السلطاني المغربي حل الحكم الذاتي ، معتقدا انه سيلاقي استجابة دولية ، خاصة من قبل الدول الفاعلة في مجلس الامن أصحاب الفيتو .. للأسف ومن غير الاستهلاك الإعلامي في وقته ، لم تستجب اية دولة من دول مجلس الامن ، ولا حتى من فرنسا الى خرجة النظام المغربي ، الذين تجاهلوه بالمرة ، متشبثين بالحل الاممي الذي تجسده قرارات الجمعية العامة ، وقرارات مجلس الامن .. وهي قرارات من حيث التنزيل ، تبقى تعجيزية لتحميلها تفسيرات شتى ، تصب في صالح طرفي النزاع معا في حين انها لا تخدمهما في شيء .. فالحكم الذاتي الذي توقع النظام المغربي انه سيحصل على تأييد دولي ، تجاهله الجميع ، خاصة رفضه من قبل الأطراف المعنية به ، جبهة البوليساريو ، والنظام الجزائري .. فخرج الجميع بخلاصة او حكم قطعي ، على موت حل الحكم الذاتي قبل ان يجف الحبر الذي كتب به ..
هكذا . وامام تجاهل المنتظم الدولي لهذا الحل الذي اعتقد النظام المغربي انه سيلقى استجابة دولية ، وسيخلخل الوضع ، وينعش مواقف النظام في حربه المستمرة حول الصحراء .. حتى تأكد للنظام المغربي قبل غيره ، موت الحل ، وليس فقط فشله .. وحتى يغطي النظام على الفشل ، ابتكر نظام الجهوية الموسعة الاختصاصات ، لتسيير الأقاليم الجنوبية ، كتعويض عن حل الحكم الذاتي الذي اختنق في حينه . لكن كموت حل الحكم الذاتي ، فان نظام الجهوية الموسعة الاختصاصات ظلت هي كذلك حبرا على ورق ، خاصة وانّ مركز السلطة على مستوى ( الجهات ) ، والعمالات ، والاقاليم ، ظلت بيد الولاة والعمال المفروضين من فوق . أي ظل الوضع بيد وزارة الداخلية مفتاح مشاكل النظام المغربي ..
وعندما تبينت خطورة ضبط نظام الجهوية الموسعة الاختصاصات ، التي من المفروض ان تكون متخلصة من سلطة وزارة الداخلية ، عن طريف ولاتها وعمالها الممركزين للإدارة ، خاصة عند اضطرب الوضع السياسي ، او نشوب ثورة ، او أي خلل قد يؤثر على الوضع ، سيما وانه قد يكون على رأس الجهات ، اشخاص مستعدين للانتقال من جهة الى أخرى ، تابعين مصالحهم على مصالح ولي نعمتهم السلطان ، الذي سيكون وضعه جد مرتبك .. حتى تخلى النظام السلطاني عن نظام الجهوية الموسعة الاختصاصات ، لصالح الجهوية المتقدمة .. ومثل موت الحكم الذاتي ، وتشطيب نظام الجهوية الموسعة الاختصاصات ، سيفشل نظام الجهوية المتقدمة ، لان الدافع له كان ضبطا بوليسيا ، ولم يكن بدافع التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، خاصة بعد فشل النموذج التنموي الذي اعترف به السلطان بعظمة لسانه . لكن من دون ان ينجح في طرح بديل تنموي جديد ذهب ادراج الرياح ، مثل النموذج التنموي الأول الذي اعلن السلطان بفشله .. والحقيقة انه لم يكن ابدا شيء يسمى بالنموذج التنموي ، حتى يحكمون على فشله . فالذي كان ، الخبط خبط عشواء . أي الفوضى دون مكانزمات العقلنة في تسيير الدولة ، وفي تسيير مشروع التنمية ، لان فريق الأصدقاء الذين سلمهم السلطان المغرب ، خاويي الوفاض .. " سْطلْ بْلا تْقرقيبْ مُنغمسين ومهرولين نحو الاغتناء الغير مشروع " ..
ان خروج النظام المغربي بطرح حل الحكم الذاتي كبادرة ، لا يعني ان من سيتكلف بإخراج سيناريو الحل ، سيكون النظام المغربي .. ان حل الحكم الذاتي ، وفي قضية كقضية الصحراء الغربية ، انْ قبلت به جبهة البوليساريو ، والنظام الجزائري ، سيكون من تنظيم الأمم المتحدة . أي ستكون هناك شبه دولة مكتملة الأركان ، باستثناء الخارجية ، والدفاع ، والعملة . فالصحراويون لو قبلوا بالحكم الذاتي الميت ، سينظمون انتخابات ، وسيكون عندهم برلمان ، وحكومة ، ورئيس الحكومة . أي قيام الصحراويين عن طريق هيئاتهم التنفيذية ، والتشريعية ، والقضائية ، بممارسة السلطة الكلية على إدارة الحكم الذاتي المحلي ، والميزانية ، والنظام الضريبي الإقليمي ، وإصدار القوانين ، وتنزيلها ، والامن الداخلي ، والرعاية الاجتماعية ، والثقافة ، والتعليم ، والتجارة ، والنقل ، والزراعة ، والتعدين ، والفوسفاط ، ومصائد الأسماك ، والصناعات ، والسياسات البيئية ، والإسكان ، والتنمية الحضرية ، والمياه ، والكهرباء ، والطرقات ، والبنية الأساسية الأخرى .. أي دُولية لا ينقصها غير الجيش ووزارة الخارجية ..
فاذا كان النظام المغربي يعتقد انه عند قبول جبهة البوليساريو بحل الحكم الذاتي ، سيشرع في تنظيمه بالخصوصية المغربية ، فسيكون واهما ، وفاقدا للرشد والحكمة الذي يفتقر اليهما أصلا .. انّ أي مسطرة لتنظيم حل الحكم الذاتي ، ستكون تحت اشراف الأمم المتحدة .. وهنا فالخطير بالنسبة للنظام السلطاني المخزني ، الذي يُصرّف نظام حكمه بالبيعة ، والامامة ، والرعية الكبرى ، والامارة ، وربط الرعية بالسلطان عن طريق البيعة .. فان هذه العلاقة القروسطوية ، لن تكون مع الصحراويين الذين لن تربطهم مع السلطان ، لا امامة ، ولا رعية ، وامارة ، ولا بيعة . أي سيكونون اول شعب اعترف به السلطان في 2017 ( الجريدة الرسمية عدد 6539 ) يخلعون بيعة السلطان من عنقهم .. وهذا سيحصل باتفاق وسلطة الأمم المتحدة التي ستشرف على تنظيم حل الحكم الذاتي ، وبما فيه نوع العلاقة التي ستربط النظام السلطاني بالصحراويين .. وهذا سيكون حافزا لدفع رعايا الداخل الى البدء في المطالبة بالدولة المدنية ، عندما سينفضون غبار الرعية من " التلّيس " الموضوع على اكتافهم .. فعندما يتحلل الصحراويون من تقاليد حفل الولاء / البيعة الذي لاتعني لهم شيئا ، ويحددون علاقتهم مع السلطان كشخص مدني ، لا كشخص ديني ، ويمتنعون عن الركوع والسجود ، وتقبيل الارجل والايدي ... تكون بوادر تحقيق الاستقلال عن الدولة السلطانية في الأمد المتوسط ، قد حددت ورسمت خريطة طريق تحدد المراحل ما قبل الانفصال التام ..
فهل ستقبل جبهة البوليساريو ومعها النظام الجزائري ، بحل الحكم الذاتي الذي ايدته الدولة الاسبانية ، رغم انها تعارضه من حيث الجوهر ، وفي قرارة نفسها .. وهل حقا ان تأييد الدولة الاسبانية لحل الحكم الذاتي ، كافي لتغيير موقف الاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ، والجمعية العامة للأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، وحتى محكمة العدل الاوربية ... هذا ما سنعالجه قريبا جدا من خلال قرار البرلمان الاسباني دعوته ل Pedro Sanchez ، قبل ان يحط ارجله فوق التراب المغربي ، بالإسراع بتصحيح الموقف حتى يكون منسجما مع الحياد ، واسبانية ليست محايدة ولم تكن كذلك ، ومع المشروعية الدولية .. فهل قرار البرلمان الاسباني اسمى من قرار الملك الذي ايد ووافق Sanchez ، على مبادرة الحزب الاشتراكي الذي تجاوز الحكومة ، عندما ابرق رسالته الى السلطان المغربي .. ؟ ولي ان أتساءل . هل حقا ان تكون مفاوضات سرية بوشرت بين النظام السلطاني المغربي ، وبين الدولة اسبانية في شخص الملك الاسباني بواسطة Sanchez ، فحواها ومضمونها ، تنازل النظام المغربي عن مدينتي سبتة ومليلية ، مقابل اعتراف الدول الاسبانية بمغربية الصحراء ، من خلال اعترافها ومساندتها لحل الحكم الذاتي .. وهنا نعود الى التاريخ ، لنؤكد على مغربية الصحراء ، ومغربية سبتة ومليلية عندما قال عبدالرحيم بوعبيد في استجواب مع مجلة Le Nouvel Observateur في 23 شتنبر 1974 الصفحة 4 .. " في سنة 1960 قال لي وزير الخارجية الاسباني . تنازلوا نهائيا عن مدينتي سبتة ومليلية ، ولن يكون هناك مشكل حول الصحراء بيننا .. " ..وهذا اعتراف من قبل اسبانية بمغربية الصحراء ، وبمغربية سبتة ومليلية .. بل عندما طرح المغرب قضية الصحراء الغربية المغربية في سنة 1960 بالأمم المتحدة ، وكان وراء صدور القرار 1514 الذي اصبح يكبله ، لم يكن هناك وجود لشيء اسمه الجزائر .. فالجزائر في تلك الحقبة كانت مستعمرة فرنسية ، ولم تحرز على لقب دولة لأول مرة في تاريخها حتى سنة 1962 التي حصلت فيها على استقلالها .. وجبهة البوليساريو التي ركبت على الموجة ، واستعملت ككمبراس من قبل النظام الجزائري ، في حربه ضد النظام المغربي ، لم تكن موجودة في سنة 1960 ، وتم انشاءها من قبل المعارضة الجمهورية المغربية في سنة 1973 ، من جهة لتحرير الصحراء ، ومن جهة لتوظيفها في حرب تحرير شعبية لقلب النظام السلطاني ، واحلال محله النظام الجمهوري ... فإنشاء جبهة البوليساريو في 10 مايو 1973 ، ونشوب الثورة المسلحة انطلاقا من الجزائر في 3 مارس 1973 ( مجموعة الفقيه محمد البصري الذي شارك الجنرال افقير انقلاب الطائرة ) ، وخطف الضباط ، وضباط الصف ، والجنود من سجن القنيطرة ، واقتيادهم الى سجن تزمامارت السيء الذكر ، وكل سجون السلطان سيئة الذكر ، وفرار الضباط وضباط الصف ، مع سياسيين تقدميين كحسين المانوزي والاخوان بوريكات ) من النقطة الثابتة 3 / Le point fixe 3 ، كانت تصب في عملية قلب النظام السلطاني العلوي ، وتعوضيه بنظام جمهوري على شاكلة الأنظمة الجمهورية العربية الستالينية ، التي لا يزال منها النظام الجزائري وحده ، يمثل حقبة دخلت في خبر كان ..
ان جبهة البوليساريو والنظام الجزائري المعنيان حل الحكم الذاتي ، رفضاه ، ولن يقبلا به تحت اية دريعة كانت . وهما يتمسكان فقط بالاستفتاء وتقرير المصير .. لكن السؤال الأهم هو . ماهي الغاية من الاستفتاء وتقرير المصير بالصحراء .. هل حقا ان النظام الجزائري عندما يردد تقرير المصير في الصحراء ، فبسبب ان النظام الجزائري يساند حق الشعوب في تقرير مصيرها ، وهو الذي انشاء الجمهورية الصحراوية في 26 ابريل 1976 لوضع العصا في عجلة الوحدة الترابية للمغرب .. ام ان المغزى والمرمى من موقف النظام الجزائري ، هو الوصول الى مياه المحيط الأطلسي عندما تنفصل الصحراء ، ويتم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية دوليا .. وعندما يحصل اندماج بين الجزائر والجمهورية الصحراوية ، في أي شكل من اشكال الاندماج ، لتطويق المغرب ، وخنقة من اجل تركيعه واذلاله .. وهو المخطط الخبيث الذي يشتغل عليه ساسة الجزائر وعسكرهم ..
ان حقيقة تقرير المصير في الصحراء ، مخطط اسباني قديم لوحت به اسبانية كوسيلة لخلق كيان عميل وتابع ، وبعد ان عارضته كحل كان يعتبر ديمقراطيا ( القرار 1514 / 1960 ) في تمكين المغرب من استرجاع أراضيه المستعمرة . فعندما شرعت الدولة المغربية منذ الستينات ( 1960 ) ، تستغل جميع المناسبات للتذكير بمغربية الصحراء ، وبضرورة وضع حد للاستعمار الاسباني للمنطقة ، ومواجهة اسبنة الأقاليم الصحراوية .. لجات اسبانية الاستعمارية الى تغيير سياستها من منطق الاسبنة والضم النهائي للصحراء ، الى منطق تقرير المصير بعد افراغ هذا الحق من محتواه ، وبشكل يضمن مصالحها التي بدأت تزداد في أواخر الستينات والسبعينات .. لذا فالسياسة الاسبانية ستبدأ بسلوك خط تقري المصير كما تحدد معالمه واركانه هي .. وكما ستحول دون تنفيذه سنوات عديدة ، لكي يتسنى لها تحضير الوضع الداخلي الملائم لتقرير مصير مناسب ، لاستراتيجيتها الاستعمارية .. ولابد من التذكير هنا ان اسبانية اعدت سنة 1973 مذكرة عارضها في حينها ، وبكل قوة المغرب ، كانت تهدف ترسيخ الطابع الاستعماري على الصحراء . ومما جاء في تلك المذكرة المشؤومة :
1 ) تأكيد حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير .
2 ) التصريح ان الشعب الصحراوي وحده له الحق في التعبير بكل استقلال عن مستقبله ..
ان الجواب الواضح عن هذه المقترحات الاسبانية هو :
-- هل يجوز لسكان إقليم مستعمر ان يستفتوا على جنسيتهم وهويتهم ؟
-- هل يجوز لعدد سكان هذا الإقليم المستعمر الذين لا يتعدى عددهم ثمانون الف نسمة ، ان يُكوّنوا دولة ، ويعتبرون بذلك شعبا ؟
واذا كان الجواب على الاستعمار واضح . لماذا يحرم سكان الإقليم الذين نزحوا الى ارض الوطن الام المغرب من بطش الاستعمار ، من حقهم في الاستفتاء الذي قَصَر الاستعمار استعماله فقط ، على أبناء عائلاتهم الموجودين بمناطق الاحتلال الاسباني ؟
اين يتجلى هنا هذا التمييز المقيت العنصري ، بين افراد الاسرة الواحدة في معايير القانون الدولي المنظمة ، والمحددة لشروط الاستفتاء ؟
ان هذه الحقيقة التي يتنكر لها أعداء وحدة المغرب ، وعلى راسهم النظام الجزائري ، وابواق العملاء الخونة الذين باعوا المغرب ببضعة دراهم وسخة .. يثبت وبالملموس ، ان المصالح الاستعمارية وعملائها المتنوعين والكثر ، لا يهمهم من شعار الاستفتاء وتقرير المصير ، سوى السيطرة على الإقليم ، عندما ستكون هناك دويلة عميلة لا مقومات لها .
ان ما يستطيع ان يقوم به نظام عميل ، ودولة عميلة في الصحراء ، هو ان يحقق مستوى معيشيا رفيعا لجماهيره القليلة . ولكن دون ارتكاز هذا المستوى الاستهلاكي ، على بنية تحتية اقتصادية واجتماعية متقدمة . وتلك بالضبط هي الأمكنة التي يعشعش فيها الاستعمار الجديد ، دون خشية من مقاومة فعالة له ، بسبب تخلف البنية الاقتصادية والاجتماعية ، وبتراضي هذه الأخيرة بسبب المستوى الاستهلاكي المضمون مسبقا . لذا فان دعوة الاستفتاء وتقرير المصير التي تتمسك بها الجزائر ، وجبهة البوليساريو ، وبعض الدول المتمترسة داخل مجلس الامن ، تندرج ضمن نطاق تركة الاستعمار والامبريالية .
ان الاستعمار لم يخلق شعوبا . ولكنه خلق دولا ، وقسم شعوبها الموحدة ، واضعفها خدمة لمصالحه الاقتصادية ، والعسكرية ، وابقاءها في نطاق التبعية والتخلف . لذا فان القبول بتقسيم المغرب ، وفرضه كإمر واقع بواسطة الاستفتاء وتقرير المصير ، هو امتداد تاريخي لتقسيمات الاستعماريين المحتلين ، منذ مؤتمر الجزيرة الخضراء ، وهو بالتالي تزكية لمخطط استعماري ، لم يستطع الاستعمار نفسه ان يحلم به ، رغم قرن من الاحتلال ، والقهر العسكري والسياسي .
لذا فان حق تقرير المصير والاستفتاء فيما ما يخص الشعب الصحراوي الذي اعترف به السلطان العلوي ، هو طعن سافر لمفهوم الشعب الصحراوي ، ولحق تقرير المصير الذي يؤدي الى خدمة الامبريالية والاستعمار الجديد ، وتكريس التجزئة الانفصالية ، وخلق الكيانات الهزيلة ، والضعيفة ، والمصطنعة ، وذلك من خلال إضفاء الشرعية الممسوخة عليها .
ان هذه الاطروحة المزيفة ، تستفيد من الخلط بين المعطيات الصحيحة وغير الصحيحة ، على طريقة حق يراد به باطل . فاذا كان من الصحيح محاربة الاستعمار والصهيونية ، فان من غير الصحيح الوقوع في المستنقع الانفصالي ، الذي يضرب في الصميم مصالح الجيش ، والشعب ، والأرض .. ويخدم المخططات الامبريالية والاستعمار ، تحت غطاء مشوه المضمون ، هو حق تقرير المصير والاستفتاء .
ان حق تقرير المصير ، هو سلاح بيد الشعوب ، والقوميات ، والأمم المضطهدة ، والمجزئة في مواجهة العدو الوطني والقومي ، وليس هو ابدا حق الأقاليم ، والمناطق ، والقبائل ، والعشائر ، والأديان ، والطوائف ، في التجزئة والانفصال عن الجسم الوطني ، وتقسيم وحدة الشعب ، ووحدة الأرض .
ان الحقيقة التي لا جدال فيها . انّ اخطر ما استطاع الاستعمار القديم ، والجديد ، والصهيونية ، والعملاء ، ان يواجه به الجماهير العربية الكادحة ، في سبيل التحرر ، والانعتاق ، والوحدة ، والتقدم الاجتماعي .. هو اللعب على التفاوتات ، والفروقات الإقليمية ، والدينية ، والعرقية ، والاثنية ، والقبائلية ، واشباهها ، من اجل إرساء التجزئة / السرطان الذي كان ولا يزال يمزق الجسم العربي الإسلامي ، ويمنع الجماهير ان تتوحد لتوجه ضربتها القاسمة الى الوجود الاستعماري ، الامبريالي ، الصهيوني ، وعملائهم من الأنظمة المتصهينة ، في المنطقة .. ومرة أخرى . منذ متى كانت معارضة النظام ، تتم على حساب وحدة الأرض ، ووحدة الشعب ، ووحدة المغرب الموحد القوي ..
ان معاجلة قضية الصحراء ، يجب ان تكون في موضعها الصحيح ، والاّ تكون فقط من زاوية انتماء المنطقة الصحراوية التي كانت محتلة ، الى المغرب . ولكن أيضا من مبدا معارضة انشاء الكيانات الانفصالية العميلة ، للدوائر الأجنبية ، وللاستعمار الجديد بالمنطقة . ومن هذه القناعة الراسخة ، فان الحديث عن الاستفتاء وتقرير المصير بالنسبة للصحراء المغربية ، ينبغي ان يكون في منهى الحذر . تقرير المصير لمن ؟ وعلى من ؟ وهل من مصلحة المنطقة ان تقوم في الصحراء المغربية دولة مزيفة ، عميلة ، بحجة ان الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، والاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ... الخ موافقون على ذلك .. وبكل تأكيد فان هذه الدويلة ستنضاف اوتوماتيكيا الى اشباه وانصاف الدويلات الاحدى والعشرين المنخرطة فيما يسمى بالجامعة العربية ..
ان الدويلة المزمع اقامتها في الصحراء المغربية ، لا تمتلك أسباب وشروط البقاء ، وسوف تكون حتما بمثابة ورم خبيث ، في خاصرة الضلع الغربي الجنوبي للوطن العربي .
ان سكان الإقليم الصحراوي الذين يراد لهم تشكيل هذه الدويلة وباسمهم ، والتي يمكن ان يتحولوا فيها الى ثمانين الف من الأغنياء ، والمحظوظين في كل منطقة المغرب .. ان هؤلاء لا يشكلون شعبا حتى يكونوا دولة ، كما اعترف بهم وبدولتهم السلطان المغربي .. ان الشعوب وحدها لها الحق في تقرير مصيرها . اما الصحراويون فلا هم بشعب ، ولا قومية لهم . انهم سكان إقليم وحسب له ، خصائص ومميزات ، مثل كل أقاليم البلد الواحد . علما ان سكان الساقية الحمراء ووادي الذهب يُكوّنون جزءا فقط من الأقاليم الصحراوية ، المكون من طرفاية ، سيدي افني ، الساقية الحمراء ... الخ .. بتداخل قبائله ، وتداخل عاداته ولهجاته .. فاين هي مقومات الشعب والقومية ؟ وهل يجوز في هذا الوضع ، اللجوء الى الاستفتاء وتقرير المصير ، لتبرير التقسيم والانفصال ، داخل الإقليم الواحد ، ووسط نفس السكان الذين ينتمون الى نفس الشعب الذي هو الشعب المغربي ..
ان خيار وحل الحكم الذاتي إذا نظمته الأمم المتحدة ، بكل شروطه المعروفة في القانون الدولي ، وليس كما يريد ويشتهي النظام المغربي ، سينتهي بالمغرب الى ما قاله الحسن الثاني " هل يريدون مني ان أكون ملكا على جمهورية صحراوية " ...
ورغم تنكيل الحسن الثاني بالمغاربة ، وتعذيبهم ، وتجويعهم ، وقهرهم ، وسجنهم ، واعدامهم في عيد الأضحى ، واغتيالهم ، ورميهم في تزمامارت ، وايكدز ، وقلعة مكونة ، والكومبليكس .... لسنين ولسنين من دون محاكمات .. فقد ترك بصماته قوية على نزاع الصحراء ، حيث وبذكائه ، افرغ البوليساريو من عقيدة التحرير والكفاح المسلح ، عندما جرهم لتوقيع اتفاق 1991 ، وناموا بعده لإحدى وثلاثين سنة ، في سبات لم يسبقه سبات من قبل ، وليغرقوا في مفاوضات عقيمة من اجل المفاوضات .. ولو كانت لهم اطر محنكة . هل من مفاوضات والجيش المغربي يشيد ويبني الجدار .. ومثل بناء الجدار الصخري الذي حجب الصحراء .. ترك اقوالا مأثورة من خلال خطاباته نذكر منها :
" حينما يتعلق الامر بوحدتنا الترابية ، وضمان مستقبلنا ، فان المغاربة يقفون صفا واحدا كيف ما كانت مشاربهم السياسية ، وكيفما كان مستواهم الاجتماعي " ..
" ان اسبانية تسير الى إقرار نظام الاستقلال الداخلي ، ونحن نعلم طبيعة هذا الاستقلال الذي يبقي السياسة الخارجية والدفاع ، بين يدي الدولة المحتلة . فاذا اتجهت اسبانية الى هذا الاتجاه ، فانا كمسؤول عن وحدة البلاد من جهة ، وصيانتها من اخطار المستقبل من جهة أخرى – اصرح لشعبي – ، واترك هذه وصية لكل مغربي ، انه لا يمكن ان يتم تنصيب دولة مزيفة لا حقيقة لها في جنوب بلادنا . لأنه من الوجهة الاستراتيجية ، ومن الوجهة الهيدرولوجية ، ومن وجهة المنافد على المحيط الأطلسي ، لا يعقل هذا . لأنه سيكون خطرا مستمرا على سلامة بلادنا ، وحرمتها ، وعلى ابناءنا ، ومستقبل أبناء ابناءنا " ..
" المغرب مستعد ليبقى واقفا وصامدا الشهور والسنين ، ولكن لن يتنازل عن مطالبه . لا بد ان نبقى متحدين كرجل واحد فيما يخص مطالبنا الترابية ، ذلك هي أساس مستقبلنا . وان احسن شيء ، واحسن ارث سنتركه لأولادنا ، واحفادنا ، هو ان نترك لهم مغربا يتوفر على متنفس ، ويمكن لرئتيه ان تتنفسا بكل حرية ك، ما أراد طولا وعرضا .. " ..
ان بلوغ الجزائر لمياه المحيط الأطلسي ضمن شراكة ، او ادماج كونفدرالي ، او فدرالي ، او في أي شكل من اشكال الاندماج مع جمهورية جديدة في الجنوب المغربي ، يعني تطويق المغرب ، ومن ثم خنقه بخنق رئتيه .. فالمعركة ستطول ولو استغرقت سنين وسنين ، لان دولة فوق التراب المغربي يعني ، تجزئة كل المغرب .. فيصبح مغرب التاريخ بدون تاريخ ، وتصبح الجزائر التي عرفت الدولة لأول مرة في سنة 1962 ، صاحبة التاريخ العظيم ..
فحتى حل الحكم الذاتي ومن دون استشارة الشعب ، كان خطئا استراتيجيا ، فما بالك عندما اعترف السلطان العلوي بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، ويكون قد اعترف بالشعب الصحراوي الذي تمثله الجمهورية المعترف بها ، في يناير 2017 ، ونشر اعترافه بالجريدة الرسمية للدول السلطانية المخزنية العلوية عدد : 6539 ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة في الاسلام
- هل سيكون للرسالة الشخصية - لبيدرو سانشيز - رئيس الحكومة الاس ...
- اهم مصطلح ساد في السبعينات اسمه - الانفتاح والاجماع -
- زيارة وزير الخارجية الأمريكي الى الرباط ، والى الجزائر العاص ...
- هل يجري اعداد حلف ضد ايران ؟
- الحكم الذاتي
- رسالة رئيس الوزراء الاسباني ، الى السلطان العلوي محمد بن الح ...
- رعايا السلطان المعظم ، يتدورون الفقر ، والفاقة ، والجوع ، بس ...
- لماذا العرب المسلمون ضعاف متخلفون ، ولماذا المسيحيون واليهود ...
- ذكرى ثورة فشلت حتى قبل اطلاق الرصاصة الاولى مع برنامج الحركة ...
- التحالف الطبقي السلطاني
- الاحكام البولسية للدولة السلطانية .
- رئيس الحكومة الاسبانية السيد - بيدرو سانشيز - يستقبل ابراهيم ...
- الاتحاد الأوربي يعترف بالجمهورية الصحراوية كدولة
- ثمانية وثلاثون سنة مرت على مجزرة 1984
- النظام السلطاني المغربي مقبل على تحدٍّ كبير . يومي 17 و 18 م ...
- الصحراء الغربية / الصحراء المغربية
- الدولة أنا / أنا الدولة / أنا ربكم الاعلى فإيّاي فساجدون .
- من اقوال السلطان المغربي
- رمي الاتهام في فشل حل نزاع الصحراء


المزيد.....




- كتائب القسام تقصف مدينة بئر السبع برشقة صاروخية
- باستخدام العصي..الشرطة الهولندية تفض اعتصام جامعة أمستردام ...
- حريق في منطقة سكنية بخاركيف إثر غارة روسية على أوكرانيا
- ألمانيا تعد بالتغلب على ظاهرة التشرد بحلول 2030.. هل هذا ممك ...
- في ألمانيا الغنية.. نحو نصف مليون مُشّرد بعضهم يفترش الشارع! ...
- -الدوما- الروسي يقبل إعادة تنصيب ميخائيل ميشوستين رئيسا للوز ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 4 جنود إضافيين في صفوفه
- مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي يقرر توسيع هجوم الجيش على رفح
- امنحوا الحرب فرصة في السودان
- فورين أفيرز: الرهان على تشظي المجتمع الروسي غير مُجدٍ


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - 11 ابريل 2007 - الحكم الذاتي - .