أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بلمزيان - كل شيء على ما يرام !














المزيد.....

كل شيء على ما يرام !


محمد بلمزيان

الحوار المتمدن-العدد: 7211 - 2022 / 4 / 5 - 16:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أصبح من المألوف أن تجيب كل من يسألك عن الأحوال بعبارة كل شيء على ما يرام ،أو ( مليح) (مزيان) ، للدلالة على وضعية إيجابية ،والحال أن الجواب يستبطن عبارة أخرى مناقضة تماما تفيد العكس في أغلب الأحوال، وهيأن سوء الوضعية، وانكماش كل فرص الفرح والمستقبل، ومع ذلك يلتجيء المجيب الى نفي هذه الوضعية برمتها والإرتكان الى استعمال خطاب نقيض ، يعاكس بذلك الإحساس الداخلي الذي هو حقيقي، ويناقض مواقفه الدفينة جملة وتفصيلا، فهل هذا دليل جبن وخوف أو هو مجاملة زائفة في عالم مزيف أو هو نوع من الموضة درجت عليه الأجيال البشرية التواقة الى حجب الحقيقة ودفنها حتى ولو تعلق الأمر بالواقع الإجتماعي المر الذي يغلي على وقع الغلاء المتواصل للمواد الأساسية والرفع المتزايد للأسعار.
في ظل البحث عن الذرائع التي تدفع بالمرء الى استعمال هذه العبارات المعاكسة للعقل الباطل، قد يستوقفك أحدهم ليقول بأن الحاجة الى هذه القواميس هو ضروري لنشر طاقة إيجابية بين الناس والتفاؤل بالمستقبل والغد المشرق،بدل البوح بالحقيقة على ( حقيقتها) التي من شأنها نشر القلق والياس والخوف والنظرة ( السوداوية )، وهي تحمل كلها طاقة سلبية تحطم كل الآمال والطموحات نحو معانقة غد مغاير، لكن هذا الفهم في رأيي لا يستند على أساس موضوعي ، ذلك أن إخفاء الحقيقة أو جزء منها يعتبر كذبا أو نفاقا وغيرها من أوجه التلفيق، وبالتالي فإن المداومة على نشر هذا النمط من التفكير ينتج عنه انتشار ثقافة ( النفاق) بين صفوف الناس الى حد التباهي فيما بينهم بأساليب وعبارات تحمل من المكر والخداع بما يجعلها تقلب كل الحقائق رأسا على عقب، حتى يتحول لدى الكثيرين ما يعتبر قيما إنسانية أو اجتماعية متوارثة مجرد أقاويل وأحابيل يمكن القفز عليها وتحريفها أو حتى إنكارها. فكيف يا ترى يمكن تشييد المستقبل المشرق بناءا على النفاق والكذب في مقابل طمس الحقيقة وانعدام الصدق؟ إنها مفارقة غريبة أن يتعلم الطفل هذه البراديغم من السلوك ويكبر ليصير شابا مزهوا بنفسه، ثم رب أسرة أو رئيس إدارة ، كيف هو متشبع بهذه الثقافة النمطية الغارقة في النفاق والكذب وإخفاء الحقيقة، كيف يمكن أن نتصور حجم الضرر الذي يمكن أن يلحقه بالمحيط الذي يتحرك فيه والتأثير السلبي والخطير لهذه ( الثقافة) التي تنحو نحو قلب الحقائق ومعاكسة الوقائع وما تشكله من نصب واحتيال على الآخر.
لعل حجم الضرر اللاحق فضيع وفادح لا محالة، حينما تنتشر أساليب الغش والخداع في المجتمع، والتي تنطلق منذ الطفولة ثم الأسرة وانتهاء بالمجتمع، فكيف لمؤطر ( استاذ) مثلا درج على استهلاك هذا الصنف من (الموروث ) ومتشبع حتى الثمالة بثقافة استهلاكية تعيد تدوير ثقافة محنطة ، أن يعلم الأجيال على قيم أخرى وهو يستبطن أفكارا مغايرة في قرارة نفسه، من قبيل كيفية ولوجه المهنة بالغش في الإمتحانات وبعدها في المباراة، وهو يشاهد كيف بتنافس التلاميذ والطلاب في الإبداع في فنون الغش، فكيف لموظف تسلق الرتب عبر التملق والوجاهة أن يعامل مواطنا بشفافية بعيدا عن الإبتزاز وهو الذي ولج الوظيفة ونجح بقدرة قادر على حساب متبار آخر تبخر حلمه في وسط الطريق، وكيف لفلاح دأب على سقي زراعته بالمياه العادمة لإسراع نموها وتقديمها الى المستهلك بأثمان باهضة وهي مغشوشة بل ومسمومة، وهو الذي عانى كثيرا مقابل حصوله على بذور الغرس والدعم بطرق ملتوية، هي نماذج مختلفة قد نصادفها في واقعنا المعيش هو نفس الواقع الذي تعيشه المجتمعات المعاصرة خاصة مع التطور التكنولوجي والتقني والقدرة الهائلة لوسائل الإتصالات الجديدة، تندرج ضمن السلوكات المنحرفة والهدامة لكل القيم الإنسانية النبيلة. إنه لأمر محزن حقا أن تحجب الحقيقة خلف ستار من الكذب، ويتوارى الصدق خلف جبال من الغش والخديعة، حتى أصبح بعض المهووسين بهذا ( النمط الثقافي) يكتسحون المجالات المختلفة ، مرجعهم الوحيد هو النفاق والكذب وهدفهم الإستراتيجي هو مراكمة الأرباح والغنائم بهذه الأساليبة البراغماتية الضيقة المشحونة بأساليب المكر والخديعة.



#محمد_بلمزيان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش اليوم العالمي للمرأة ، شذرات من الذاكرة
- الإعلام بين الحقيقة والتضليل
- ألا تخجلون ؟!
- ثرثرة في حافلة
- الطفل - ريان- والدرس المستفاد.
- عاد من حيث أتى
- في يوم بارد وحزين
- الجزء الثاني تتمة لمقال ( مقولة نهاية المثقف) بين الواقع وال ...
- مقولة نهاية المثقف بين الواقع والخيال
- اليوم العالمي لحقوق الإنسان هل من جديد ؟
- الطفولة بين ثالوث الأسرة - المدرسة- المجتمع
- حدود الإلتقاء والإختلاف بين جيلين
- في زمن التردي كل شيء مباح
- مفاهيم بين الإستهلاك والواقع
- في الحاجة لثقافة مغايرة
- سياقات غير متطابقة
- صراع أجيال أم خلل في القيم ؟
- المقال
- متاهة البحث عن الذات !
- على إيقاع ثقافة الدهماء


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بلمزيان - كل شيء على ما يرام !