أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد رضا عباس - ما دور الكتلة النقدية في ارتفاع الاسعار؟















المزيد.....

ما دور الكتلة النقدية في ارتفاع الاسعار؟


محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7189 - 2022 / 3 / 13 - 19:44
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الاقتصاد العالمي دخل مرحلة تضخم مالي وسوف لن يعفي بلدا منه سواء كان صغيرا او كبيرا , مشارك في الحرب الأوكرانية ام لا. وطالما وان التضخم المالي أصبح ظاهرة عالمية, فلابد للقارئ التعرف على بعض اراء المنظرين لهذه الظاهرة , ومنهم ملتن فريدمان (Milton Friedman) الاقتصادي الأمريكي والحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد. عند ملتن , النقود (العملة المحلية التي في جيبك وجيبي) لا تختلف عن أي بضاعة أخرى تجدها في محل بقال في منطقتك. انها لا تختلف عن الطماطة , كيلو لحم بقر, او كيلو من الشاي. أسعار هذه السلع تزداد وتنقص حسب العرض والطلب عليها. ولكن النقود حسب تعريفها يمكن مبادلتها باي سلعة او خدمة , وعندما تنخفض قيمتها السوقية يسمى هذا الانخفاض ب " التضخم المالي" او صعود معدل الأسعار , عندما يتصاعد أسعار معظم السلع والخدمات.
ما هو سبب انخفاض قيمة النقد؟ الجواب ببساطة هو زيادة عرضه في السوق مقارنة الى حجم السلع والخدمات المتوفرة فيه. أي ان هناك نقد كافي عند المواطنين لشراء ما يحتاجه من سلع وخدمات، ولكن السلع والخدمات غير كافية لحاجات المواطنين. ملتن فريدمان يتحدث عن هذه الظاهرة بالقول " دائما وفي كل مكان التضخم المالي هي ظاهرة مالية وهي فقط نتيجة زيادة سريعة في حجم النقد المتوفر أكثر من الإنتاج". ولهذا السبب يعلق أنصار الاقتصادي فريدمان من ان التضخم المالي قديم كقدم استعمال النقد في التعاملات. بكلام اخر, طالما وان الانسان يتعامل بالنقد, طالما هناك تضخم مالي.
ومن اجل تثبيت صحة نظريتهم هذه , فانهم يرجعون الى أوائل أيام اكتشاف النقد كأداة في التعامل التجاري. ولكن التحدث عن علاقة النقد بالتضخم المالي قد يطول ويتعب القارئ , ولذلك سوف اختار بعض الأمثلة لخدمة الموضوع الذي اتحدث عنه وستكون هذه الأمثلة من الولايات المتحدة الامريكية.
في القرن السادس عشر دخل الرجل الأبيض أمريكا وبدخوله الى القارة الامريكية بدء ينقل الذهب والفضة الى اسبانيا بكميات كبيرة وتحويلها الى نقد من الفضة والذهب ,مما سبب ارتفاع مذهل في حجم الكتلة النقدية في اسبانيا مقارنة بإنتاج السلع والخدمات وأدى الى ارتفاع في الأسعار بنسبة 400%. اما في أمريكا فلم يكن هناك تضخم مالي بسبب عدم استخدام النقد بعد. كان نظام المقايضة هو السائد في ذلك الزمان.
ولكن عندما بدأت الثورة الامريكية , بدأت الحاجة لتمويل الثورة , ولما لم يكن هناك بعد ضرائب على الدخل او القدرة على الاقتراض من الداخل والخارج ,استخدم قادة الثورة مكائن طبع النقود , وما بين عام 1775 و1779 طبعوا مالا يقل عن 225 مليون دولار , ولكن بنفس الوقت تضاعفت الأسعار عام 1776و تضاعفت أيضا في عام 1777 و1778. وبعام 1781 صعدت الأسعار في أمريكا ما يقارب 80 مرة مقارنة مع قيمة الدولار.
طبع النقود أكثر من الازم عادت مرة ثانية بعد اعلان الحرب الاهلية الامريكية , حيث ان الحكومة الفيدرالية (الولايات المتحدة اليوم) والحكومة الكونفدرالية (الولايات الجنوبية من الولايات المتحدة) كانوا في حاجة شديدة الى سيولة مالية من اجل تمويل الحرب. كان عند كل جهة ثلاث طرق لجمع ما يحتاجونه من أموال وهي , الضرائب, الاقتراض ,وطبع النقود. كلا المجموعتين استخدموها , ولكن لم يستطيعوا من جمع ما كان مخطط له فاضطرا الى طبع نقود إضافية. الحكومة الفيدرالية كانت في حاجة الى 12% من حاجتها او 450 مليون دولار , فيما كانت حاجة حكومة الكونفدرالية(الجنوبية) ما يقارب 50% , او 1.5 مليار دولار , حوالي ثلاث مرات الحكومة الفيدرالية.
النتيجة كانت كارثية على الكونفدرالية , حيث وصل التضخم المالي فيها الى 700% في السنتين الاوليتين من الحرب , واستمرت نسبة التضخم بالازدياد وبدء اقتصاد الجنوب خارج عن السيطرة , وظهرت السوق السوداء ,وبدء الدعم الشعبي للحرب يتراجع. ومع انتهاء الحرب لصالح الحكومة الفيدرالية أصبحت الأوراق المالية التي أصدرتها الكونفدرالية خارج التداول وأصبحت ليس لها قيمة , وهكذا أصبح اقتصاد الجنوب والذي يعتمد على الزراعة ,اقتصاد متخلف في قلب نظام اقتصادي متقدم حتى دخول القرن العشرين.
الإدارة الامريكية حاولت السيطرة على التضخم في سنوات الحرب العالمية الأولى , الا ان الطلب الأوربي على السلع الامريكية وبالأخص المواد الزراعية , السفن, السكك الحدية , والمعدات العسكرية صعدت الاسعار الى ما يقارب 100% في السنتين الاوليتين من دخول أمريكا الحرب , مما اضطر الإدارة الى فرض قوانين تجميد الأسعار , ولكن بعد انقضاء الحرب رجعت الأسعار الى حالتها الطبيعية , خاصة بعد ان دخل الاقتصاد ركود اقتصادي قصير ما بين 1920 و1921.
وفي الحرب العالمية الثانية , ظهرت شحة في الكثير من المواد , وكاد التضخم ان ينطلق , الا ان قرار الإدارة الامريكية بتجميد الأسعار والأجور حالت دون ذلك , وبقيت الأسعار مستقرة الى ان قرر الرئيس ترومن (Truman) الغائها عام 1946 , وحال الغاء السيطرة على الأجور والاسعار , وارتفاع المصاريف الحكومية بنسبة 40% اندفعت الأسعار بالتصاعد , حيث ارتفعت أسعار المواد الزراعية بنسبة 12% شهريا.
وبعد ان سحب الكونغرس الأمريكي يد الرئيس عن الميزانية عام 1974 , خرجت المصاريف عن السيطرة واصبحت نسبة العجز المالي يعادل 54مليار دولار سنويا بعد ان كانت في المعدل 11.3 مليار دولار, وبحلول عام 1980 وصل التضخم المالي الى 13.5% , وهو الأعلى في وقت السلام , ولم تهدئ الموجة الا بعد ان قرر البنك الاحتياطي الأمريكي تحت قيادة بول فولكر (Paul Volcker) الى رفع نسبة الفوائد وادخال الاقتصاد الوطني الى مرحلة التراجع وبلغت نسبة العاطلين عن العمل 10.8% وهي الأعلى منذ ثلاثينيات القرن الماضي. ولكن التضخم تراجع من 13.5% الى 4.1% بحلول عام 1984 , وبقيت التضخم مسيطر عليه في العقود اللاحقة.
بعد ركود عام 2008 ازدادت الديون على الخزينة الامريكية ووصلت الى 10 ترليون دولار عام 2010 وتضاعفت عام 2017 , ومع دخول كورونا البلاد وصلت الديون الى 29 ترليون دولار , ومع هذا لم تتصاعد الأسعار, لان الاقتصاد كان معطل تقريبا بعد ان وصل الركود الاقتصادي نسبة 31.4%في الربع الثاني من عام 2020. ولكن مع استمرار حزمة المساعدات المالية للمواطنين , واختيار الملايين من العمال البقاء في بيوتهم دون عمل , ورفض ادارة بايدن من التوسع في انتاج المزيد من الغاز والنفط , يضاف لها الانقطاعات في سلسلة التوريدات , قفز التضخم المالي الى الواجهة مرة أخرى ليصل الى ما يقارب 7% في كانون الأول 2021 , وهو الأعلى منذ 40 عاما.
العجز المالي في ميزانية الدولة سوف يستمر بالتصاعد بعد إقرار الكونغرس على صرف ما يقارب 5 ترليون دولار على إعادة بناء البنى التحتية , مما خلق معارضة قوية من قبل الجمهوريين , الا ان إدارة الرئيس بايدن تصر على ان الوقت ليس وقت ملتن فريدمان , وان الوقت قد تغيير , ولكن الحقيقة باقية وهي ان زيادة عرض النقد في السوق لا تؤدي الا الى ارتفاع الأسعار, التضخم المالي.

ملاحظة: الأرقام اخذت من:
John Steele Gordon, Inflation in the United States, Imprimis, January 2022.



#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من فضلكم ابعدوا المحكمة الاتحادية العراقية عن السياسة
- معالجة ارتفاع الاسعار في الاسواق المحلية ليست من وظيفة القوى ...
- دروس من اوكرانيا الى الشرق الاوسط
- اوكرانيا ليست افغانستان وروسيا ليست الاتحاد السوفيتي
- البيت الابيض لا ينفع في اليوم الاسود
- حاربوا التضخم المالي بالكتلة النقدية
- القانون ليس فوق الجميع في العراق
- من ذاكرة التاريخ ..الدعوة لتشكيل دولة سومر
- ليس فقط انفلات سلاح في العراق, وانما تصريحات ايضا
- ضربة حظ ..درس مفيد في ادارة الاعمال
- فرصة ذهبية اخرى تطرق باب العراق
- الطريق الى تخريب الشعوب والاوطان
- تاثير ازمة اوكرانيا على اسعار الطاقة, الدولار , و الذهب
- تيه سياسيو شيعة العراق
- العراق اختار التضخم المالي مقابل توفير فرص العمل
- مستقبل حكومة الاكفان
- توصيات للاطار التنسيقي
- مخرجات الجلسة الاولى للبرلمان العراقي
- روسيا الاتحادية تظل المسؤولة الاولى عن حماية سوريا من الاعتد ...
- هل ستكرر الادارة الامريكية الانسحاب من العراق على الطريقة ال ...


المزيد.....




- واشنطن تتمسك بالعراق من بوابة الاقتصاد
- محافظ البنك المركزي العراقي يتحدث لـ-الحرة- عن إعادة هيكلة ...
- النفط يغلق على ارتفاع بعد تقليل إيران من شأن هجوم إسرائيلي
- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...
- الأناضول: استثمارات كبيرة بالسعودية بسبب النفط وتسهيلات الإق ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد رضا عباس - ما دور الكتلة النقدية في ارتفاع الاسعار؟