08 مارس العيد العالميّ للمرأة/ ألف تحيّة لأيقونات الحرّيّة.

الطايع الهراغي

الحوار المتمدن-العدد: 7178 - 2022 / 3 / 2 - 13:51
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    

"وأعشق عمري
لأنّي إذا متّ أخجل من دمع أمّي"
(محمود درويش)
"المرأة هي مستقبل الرّجل "
( لويس أراغون ).
"كانت أمّ سعد قد علّمتني طويلا كيف يجترح المنفى مفرداته وكيف ينزّلها في حياته كما تنزل شفرة المحراث في الأرض"
(غسّان كنفاني/ رواية أمّ سعد).
نضالات المرأة جزء من مسيرة الإنسانيّة المتألّمة الطّامحة إلى غد أفضل للقطع مع عالم بائس من ماض ليس أقلّ بؤسا. دور المرأة في أكثر من ثورة وفي أكثر من محطّة نضاليّة منحوت بأحرف تاجيّة وبدم زكيّ وبصمود شامخ، هو لها وسام ولجلاّديها وصمة عار.
دونكم هذه العيّنات من مساهمات نساء مسيرتهنّ طبعت التّاريخ وباتت تراثا نضاليّا وشموعا مضيئة في سماء الإنسانيّة.

++ جميلة بوحيرد/ ملهمة الشّعراء
الحديث عن حرب التّحرير الجزائريّة هو بالضّرورة استحضار لأيقونات الثّورة الجزائريّة، جميلات الجزائر،جميلة بوعزّة /جميلة بو باشا والأشهر جميلة بوحيرد، جان دارك العرب (1935/ 2019 ).
جميلة بوحيرد ملهمة الشّعراء في أكثر من سبعين قصيدة. فهي القدّيسة في شعر أحمد عبد المعطي حجازي" قدّيستي كان إسمها جميلة" وهي"أسطورة الصّحراء" في شعر سليمان العيسي.وعنها يكتب الشّاعر العراقيّ صالح الظّالمي" إنّها الفكرة والفكرة عنق ليس يُلوى".تعود شهرتها إلى أنواع التّعذيب الذي تعرّضت إليه وإلى الصّمود الأسطوريّ الذي تحلّت به. هي همزة الوصل بين قائد الجبل في جبهة في التّحرير الجزائريّة ومندوب القيادة في المدينة ياسين السّعدي .في المستشفى بعد القبض عليها صعقت بالكهرباء لإجبارها على الاعتراف . كانت تغيب عن الوعي ولمّا تعود من بعيد تردّد في تحدّ واعتزاز "الجزائر أمّنا". حوكمت سنة 1957وظلّ المناضلون والثّوريّون يشيدون بفرادة شخصيّتها وبموقفها البطوليّ أمام المحكمة والجلاّدين .جابهت حكم الإعدام بمقولة مأثورة عنها "أعرف أنّكم سوف تحكمون عليّ بالإعدام .. ولكنّكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرّة مستقلّة."
. جميلة الجميلات، أيقونة ثورة المليون ونصف شهيد تضطرّ في أخريات حياتها لمّا تقدّم بها العمر واشتدّ بها المرض إلى أن تطلق نداء استغاثة للشّعب الجزائريذ(الجزائر أمّنا) حتى تتمكّن من العلاج بالخارج من جملة أمراض باتت تعاني منها

++ ليلى خالد/ الأسطورة الفلسطينية الثائرة
(1944....)أيقونة الثورة كما يحلو للفلسطينيّين تسميّتها،"أفضل إرهابيّة فدائيّة في العالم" كما ينعتها خصومها وأعداؤها، طائر الفينيق المنبعث من ركام الهزائم،سفيرة فوق العادة لأنبل وأعدل قضيّة قوميّة وإنسانيّة. اسمها الحركيّ شادية أبو غزالة تيمّنا بأوّل شهيدة فلسطينيّة بعد هزيمة 1967. أوّل امرأة هوايتها النّضاليّة خطف الطّائرات تطبيقا لشعار وديع حدّاد" وراء العدوّ في كلّ مكان." قامت بجولة بطائرتها المختطفة في سماء حيفا التّي هجّرت منها . أرغمت العدوّ الصهيونيّ على التّفاوض مع من جزم بأن لا تفاوض معهم.أجبرت الجميع على أن يتعاطى مع "مغامرتها" كحدث فرض نفسه عل العالم وكشكل من أشكال التّعريف بالقضيّة الفلطينيّة.شعارها"عندي قضيّة نبيلة،أكثر نبلا من أيّة قضيّة. من جرّائها يجب أن تكون في مرتبة ثانية كلّ المصالح والاهتمامات الخاصّة".

++ دلال المغربي/ قصيدة فلسطين .
لمّا سئل الشّاعر الفلسطينيّ معين بسيسو عن القصيدة التي لم يكتبها بعدُ أجاب" القصيدة التي أردت كتابتها كتبتها دلال المغربي لمّا وطئت بقدميها سواحل فلسطين." لمّا كانت القضيّة الفلسطينيّة تمرّ بفترة عصيبة ، فشل معظم العمليّات العسكريّة مع تنامي المذابح الوحشيّة في المخيّمات اللّبنانيّة. قال عنها نزار قبّاني "فدائية أقامت الجمهوريّة الفلسطينيّة مدّة أربع ساعات". وقال عنها النّاقد والرّوائي إلياس خوري" لم تذهب دلال المغربي ورفاقها إلى الانتحار أو الموت بل ذهبت إلى القتال لأنّها تصنع الحياة". دلال المغربي عروس يافا (1958/ 1978)،اسمها الحركي نادية، أنجزت مغامرة استشهاديّة تاريخيّة-11 مارس1978- عرِفت العمليّة باسم كمال عدوان لأنّها أرادت نفسها ثأرا من اغتيال الصّهاينة للثّالوث كمال عدوان/ كمال ناصر وأبو يوسف النّجّار. تمثّلت العمليّة في إنزال على الشّاطئ الفلسطينيّ والسّيطرة على حافلة عسكريّة والتّوجّه بها إلى تلّ أبيب لمهاجمة مبنى الكنيست وإجبار السّلطات على التّفاوض على جملة من الأسرى في سجون الاحتلال. لم يجد ايهود باراك - من هول الصدمة والمفاجأة- بدّا من التّشنيع بجثّتها بعد استشهادها. صورة تناقلتها عدسات المصوّرين فخلّدت من حيث لا تدري بطولة دلال.تركت وصيّة مكتوبة شدّدت فيها على ضرورة "تصعيد التّناقض الرّئيسيّ ضدّ العدوّ الصّهيونيّ وتوجيه البنادق، كلّ البنادق، نحو العدوّ"، "استقلالية القرار الفلسطينيّ تحميه بنادق الثّوار".لأبيها تقول "لا تذرف دمعا كثيرا فقد صرت بنتا للبلاد". سيتذكّر الفلسطينيّون دوما أنّهم يوما ما أسّسوا دولة دامت أربع ساعات، هي عمر رحلة دلال مع المغامرة الاستشهاديّة لمّا قبّلت بطلتهم العلم الفلسطينيّ بكلّ خشوع وعلّقته داخل الحافلة وهي تردد "بلادي، بلادي،بلادي. لك حبي وفؤادي/ فلسطين يا أرض الجدود، إليك لا بدّ أن نعود.".

++سناء المحيدلي/ عروس الجنوب
(1968/ 1985 ) فتاة السّبع عشرة سنة، أوّل فدائيّة تقوم بعمليّة استشهاديّة ضدّ جيش الاحتلال الصّهيونيّ في جنوب لبنان. الثّلاثاء السّاعة الحاديّة عشرة من شهر أفريل 1985 اقتحمت بسيّارة مفخّخة تجمّعا لآليّات جيش الاحتلال وفجّرت نفسها. أعلنت بنفسها وصيّــتها التي تناقلتها أجهزة التّلفزة في لبنان والشّام وقبرص بالصّوت والصّورة مساء تنفيذ العمليّة. لم تطلب لا المجد ولا الجاه . وصيّتها أبسط من البساطة، ممّا جاء فيها "الحياة وقفة عزّ فقط .أنا لم أمت بل حيّة بينكم،أتنقّل،أغنّي، أرقص ، أحقّق كلّ أمانيّ .وصيّتي هي تسميتي عروس الجنوب". وفعلا كانت للجنوب عروسا وظلّت.

++ روزا لوكسمبورغ /الوردة الحمراء
(1871/ 1919) "روزا الحمراء" شهيدة الثورة الألمانية، نسر الماركسيّة المحلّق عاليّا باعتراف خصومها ومجادليها الذين اعتبروها العقل الثّاني بعد ماركس، سنديانة الماركسيّة الحمراء. يُحسب لها مجادلتها لكبار المنظّرين والزّعماء الثّوريّين( لينين/ تروتسكي / برنشتاين/ كاوتسكي) .قال عنها فرانز مهرينغ -كاتب سيرة ماركس- أنّها واحدة من أعظم تلامذة كارل ماركس. تمرّدت على كارل كاوتسكي زعيم الحزب الاشتراكيّ الدّيمقراطيّ الألمانيّ والمنظّـر الماركسيّ المعترف بأبوّته النّظريّة، تمرّدت عليه حالما ارتدّ عن الخطّ الثّوريّ ولم تتردّد في نعته بــ"قائد المستنقع" . ربطتها به وبعائلته صداقة حميمة ورفاقيّة يصعب فصمها. بين الذاتيّ والموضوعيّ اختارت روزا بوعي الوفاء للقضيّة العماليّة والوفاء لمبادئ الأمميّة كما صاغها العقل الأوّل ماركس ورفيق دربه انجلز.انحازت للاشتراكيّة ضدّ البربريّة وضدّ الحرب الامبرياليّة وقطعت علاقتها بمن يُجمع الكلّ على أنّه "بابـا" الماركسية.
1896 ادوارد برنشتاين الذي يرى نفسه الوريث الشّرعيّ لإنجلز يكتب سلسلسة من المقالات في مراجعة النّظريّة الماركسيّة حول حتميّة انهيار الرّأسماليّة معتبرا أنّ الهدف لا يعني شيئا وأنّ الحركة هي كلّ شيء. نذرت روزا نفسها للرّدّ عليه بمقالات عاصفة كقصف الرّعد(إصلاح اجتماعيّ أم ثورة؟) تُعدّ بحقّ دفاعا عن الماركسيّة في نقاوتها، أساسها أنّ أزمة الرّأسماليّة هيكليّة وليست دوريّة وأنّ قدر الطّبقة العاملة أن تتحرّر وتحرّر المجتمع، شعارها الاشتراكيّة أو الانحدار إلى البربريّة. عندما اندلعت الثّورة الألمانيّة (1918 /1919)وتكالبت القوى الرّجعيّة عليها قرّرت الحكومة المسمّاة زيفا اشتراكيّة قمع الثّوريّين فتتالت الحملات التّحريضيّة في الجرائد المواليّة بعناوين دلاّلة ضدّ رابطة سبارتكوس، الجناح الثّوريّ الذي تتزّعمه روزا ورفيق دربها كارل ليبنيخت"سبارتكوس هي المسؤولة عن كلّ شيء"،سبارتكوس ترتكب الفظائع".كان بإمكان روزا الفرار أو الاختباء فالكلّ - الأعداء كما الأصدقاء- يدرك أنّ رأسها مطلوب.ولكنّها فضّلت أن تكون إلى جانب العمّال في أعسر مرحلة إذ لا يليق بالثوريّين مقاسمة الطّبقة العاملة أفراحها زمن انتصاراتها والتّخلّي عنها في محنها وهزائمها. أيقونة كانت ونسرا كما لقّبها لينين.كتبت في أحلك الأيّام التي مرّت بها برلين "الحماسة والوعي النّاقد هما كلّ ما نحتاجه".وكان أن تمّ اغتيالها هي ورفيقها كارل ليبنيخت يوم15 جانفي 1919 في برلين من قبل ميليشيّات الثّورة المضادّة . ولم يُعثر على جثّتها إلاّ بعد أربعة أشهر.

++ لويز ميشال/ سيّدة اللاّسلطويّة
(1830/1905).من الشّخصيّات السّياسيّة الأكثر نفوذا في النّصف الثاني من القرن التّاسع عشر. من أشهر أبطال أوّل ثورة اشتراكيّة في العصر الحديث،الثّورة الفرنسيّة الرّابعة التي اشتهرت باسم كومونة باريس (1871). شكّل الكومونيّون حكومة اشتراكيّة راديكاليّة معادية للكنيسة .من مآثرها إلغاء العمل اللّيلي وفصل الدّين عن الدّولة وإلغاء الضّرائب المضروبة على أجور العمّال وتعديل لون العلم الفرنسي بالأحمر (رمز الثّورة والفداء) .قاتلت لويز ميشال مع الكتيبة 61 لمونمارتر.نظّمت محطّات الإسعاف وبنت المتاريس.قال عنها أعداؤها "الذئبة المتعطّشة للدّماء" وقال عن نفسها" أحبّ رائحة البارود ولكن في المقام الأوّل انا مخلصة للثّورة". من القلائل النّاجين من المذبحة التي ارتكبت في حقّ الكومونة. تحسب لها جرأتها أمام المحكمة وتجرّؤها على القضاة. أليست هي القائلة "يبدو أنّ كلّ قلب يصرخ من أجل الحرّيّة لا يملك حقّا سوى القليل من الرّصاص.لذا فأنا أطالب بنصيبي.".

#الطايع_الهراغي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات