أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - الحل الذي يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!















المزيد.....

الحل الذي يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1665 - 2006 / 9 / 6 - 10:08
المحور: القضية الفلسطينية
    


"السياسة" تُصْنَع صُنْعا.. والفلسطينيون جميعا، أكانوا من "حماس"، أم من "فتح"، أم من الحكومة والمجلس التشريعي، أم من رئاسة السلطة، أم من منظمة التحرير الفلسطينية، يُظْهِرون مزيدا من العجز الذاتي عن صُنْع، أي عن إنشاء وتطوير، سياسة فلسطينية "موضوعية".. سياسة تقوم على "الحقائق الموضوعية"، بحلوها، إذا ما افترضنا وجود الحلو منها، وبمرِّها على كثرته. "الحقائق" أولاً؛ ثم "الأهداف"؛ ثم "الوسائل".

و"الأهداف" ليست سوى "المصالح العامة" و"الحقوق العامة" وقد تجنَّحت بـ "الحقائق الواقعة" و"المبادئ". نقول بذلك من غير أن نضرب صفحا عن حقيقة أن ليس من سور صيني بين ما يريده الفلسطينيون وبين رفض الواقع الموضوعي له، فالصراع هو وحده، وإذا ما خاضه الفلسطينيون بذكاء ومهارة، ما يجعل الواقع الموضوعي المضاد لما يريده الفلسطينيون يتغيَّر بما يوافق الإرادة السياسية الفلسطينية.

لم نَقُل كل هذا الذي قُلْنا إلا لتبيان وشرح أوجه الفشل والقصور والعجز في السياسة الفلسطينية التي يتحدَّاها الواقع الموضوعي، الذي تتلوَّن حقائقه باللون الإسرائيلي أولا، على أن تُصْلِح حالها بما يمكِّنها من أن تغدو أداة لتغييره.

الفلسطينيون يختلفون الآن في أمر يكفي أن يختلفوا فيه حتى يتأكَّد فشلهم في إنشاء وتطوير سياسة جديدة وجيدة. وهذا الأمر إنما هو "الراتب" لجهة السياسة التي يمكنها المجيء به، والحفاظ عليه، فسياسة الحكومة التي تقودها وتنفرد بها "حماس" ذهبت بـ "الراتب الحكومي"، فغدت استعادته مع الحفاظ عليه "القوَّة المحرِّكة" في السياسة الفلسطينية، وكأنَّ السؤال الذي يستبد بالعقل السياسي الفلسطيني الآن هو "ما هي السياسة التي ينبغي للفلسطينيين إنشاءها وتطويرها في سبيل استعادة الراتب الحكومي (على أهمية استعادته بالنسبة إلى نحو 140 ألف موظَّف حكومي مع عائلاتهم)؟".

إنَّ مأساة السياسة الفلسطينية، أو المقاومة السياسية للفلسطينيين، تكمن في كون الفلسطينيين، أكانوا من هذا الفريق أو ذاك، يحاولون العمل بمقتضى سياسة ضعيفة، وتزداد ضعفا، لجهة "جذورها الاقتصادية"، فالاقتصاد الفلسطيني ليس من النمط (أو الخواص) الذي يسمح لكلا الفريقين باتِّخاذ السياسة التي يأخذ بها طريقا إلى الأهداف السياسية القومية للشعب الفلسطيني، فالسياسة الفلسطينية القديمة والرسمية، وعلى الرغم من استيفائها ما يسمى شروط ومطالب المجتمع الدولي، فشلت في جعل التفاوض السياسي مع إسرائيل سبيلا إلى حل المشكلة القومية للشعب الفلسطيني، فنجح هذا الفشل، مع عوامل أخرى، في التأسيس للفوز الانتخابي الكبير الذي أحزته حركة "حماس"، التي أخذت بسياسة كان يمكن تقويمها على أنها ناجحة لو لم تتمخَّض عنها تلك الكارثة التي لحقت بـ "الراتب الحكومي"، وبالحياة الاقتصادية والمعيشية للفلسطينيين في وجه عام، فالحكومة الفلسطينية التي ألَّفتها "حماس" استمسكت بسياسة أصرَّ "المجتمع الدولي" على أن يفهمها على أنها مروق من شروطه ومطالبه؛ ثمَّ وقف منها موقفا ماليا ظَهَرَ من خلاله وتأكَّد أنَّه، في علاقته بالسلطة الفلسطينية، وبالفلسطينيين عموما، ليس بـ "مساعِد (أو مانح) مالي"، وإنَّما "رب عمل"، يَسْتَخْدِم سلطانه المالي والاقتصادي في الإفقار السياسي للإرادة الفلسطينية، وكأنه بأمواله، المقترنة باستمرار وتوسُّع وتزايد الاحتلال الإسرائيلي للاقتصاد الفلسطيني ولكل ما يلبي الحاجات الأولية للفلسطيني، يموِّل "السلام" الذي يقوم على مزيد من التسليم الفلسطيني بالأمر الواقع الذي تتوفَّر إسرائيل على صنعه يوميا!

هذا "السلام"، وليس "الخيار الديمقراطي" للفلسطينيين وما يتمخَّض عن الأخذ به من نتائج انتخابية، هو الميزان الذي به يزن "المجتمع الدولي" موقفه من الفلسطينيين، وكأنَّ "الخيار الديمقراطي"، في حدِّ ذاته، ليس المعيار أو المقياس، فـ "الديمقراطية" التي يؤيِّدها إنما هي التي تأتي بنتائج انتخابية، تُعزِّز ولا تُضعف كل سياسة فلسطينية تُلبي، وتستمر في تلبية، شروطه ومطالبه، التي، حتى الآن، لم يلبِّها الفلسطينيون إلا بما يعود عليهم بـ "نفع إنساني"، وبـ "ضرر سياسي"، وكأنَّهم يشترون "الحل الإنساني" بـ "الحل السياسي" لمشكلتهم القومية.

هل فشلت حكومة "حماس".. وما معنى الفشل؟ "حماس"، الحركة، فازت انتخابيا فوزا لا ريب فيه لجهة نتائجه (الانتخابية) ولو خالطه بعض الريب لجهة "الدوافع"، فناخبون فلسطينيون كُثْر أدلوا بأصواتهم لمصلحة مرشَّحي "حماس" للإعراب عن رفضهم لـ "فتح"، ليس في معناها "السياسي"، وإنما في معناها "الإداري".

و"حماس"، حركة وحكومة، نجحت، حتى الآن، في الاستمساك برفضها تلبية ما يسمَّى شروط ومطالب المجتمع الدولي. ولكنَّ "حماس" فشلت في تجنيب الفلسطينيين عموما، والموظَّفين الحكوميين منهم على وجه الخصوص، العواقب الاقتصادية والمعيشية لاستمساكها بذاك الرفض.

أعْلَمُ أنَّ الحصار الاقتصادي والمالي للفلسطينيين قد تضافرت على تشديده إسرائيل وقوى دولية عديدة؛ ولكن النجاح السياسي لـ "حماس" يفقد معناه وقوامه إذا لم يُتَرْجَم بـ "حلول اقتصادية ومالية" تُحصِّن اقتصاديا البرنامج السياسي لـ "حماس"، حركة وحكومة.

لو كان ممكنا أن يثمر البرنامج السياسي لحكومة "حماس" لجهة التحصين الاقتصادي والمالي للفلسطينيين ولإرادتهم السياسية، ولجهة إقامة الدليل العملي على أن الفلسطينيين يملكون، أو يمكنهم أن يملكوا، خيارا ينجح حيث فشل خيار "الحل عبر التفاوض السياسي"، لما جرؤ فلسطيني على التشكيك في نجاح التجربة السياسية الجديدة.

على أنَّ هذا التشكيك الواقعي، أي المبرَّر واقعيا، في نجاحها لا يعني، ويجب ألا يعني، أن استعادة "فتح" لما فقدته من سلطة ستأتي بما يؤدِّي إلى تحويل "الفشل" إلى "نجاح"، فهذه الاستعادة قد تؤدِّي إلى استعادة الموظَّف الحكومي لما فقده من رواتب، وإلى المحافظة على راتبه، وإلى رفع الحصار الاقتصادي والمالي عن الفلسطينيين؛ ولكن ليس ثمَّة ما يضمن أن تؤدِّي إلى استعادة ما فقده الفلسطينيون من ثقة بجدوى خيار "الحل عبر التفاوض السياسي". لقد فشل هذا الخيار حتى عندما كان للفلسطينيين حكومة ملبِّية، في برنامجها السياسي، لما يسمَّى شروط ومطالب المجتمع الدولي.

إنَّ مهمة الساعة هي تذليل العقبات السياسية من طريق نيل الموظَّف الحكومي، مع عائلته، لحقه في الراتب، ونيل الفلسطينيين عموما لحقهم في العيش بمنأى عن الحصار الاقتصادي والمالي، فـ "الحل الاقتصادي والمالي المضاد" لم يأتِ، وظَهَر على أنه وهم خالص.

على أنَّ إنجاز هذه المهمة من غير تفريط في الحقوق القومية للشعب الفلسطيني المُعَبَّر عنها في قرارات عديدة للأمم المتحدة يستلزم قيام حكومة فلسطينية ائتلافية، تتألف من "فتح" و"حماس" في المقام الأول، فتعطي "فتح"، عبر البرنامج السياسي لهذه الحكومة، لخيار "الحل عبر المقاومة بأشكالها كافة" ما يسمح لـ "حماس" بأن تعطي لخيار "الحل عبر التفاوض السياسي" كل ما يحتاج إليه؛ وتعطي "حماس" لخيار "الحل عبر التفاوض السياسي" ما يسمح لـ "فتح" بأن تعطي لخيار "الحل عبر المقاومة بأشكالها كافة" كل ما يحتاج إليه.

هذه هي المهمة التي في إنجازها يصبح ممكنا تحويل ما فشل فيه كلا الفريقين إلى نجاح فلسطيني عام. إنَّ "حماس" الأقرب إلى المعارضة منها إلى السلطة هي "حماس" التي يحتاج إليها الشعب الفلسطيني وقضيته القومية؛ وإنَّ "فتح" الأقرب إلى السلطة منها إلى المعارضة هي "فتح" التي يحتاج إليها الشعب الفلسطيني وقضيته القومية؛ ولقد قُلْتُ مذ أُعْلِنَت نتائج انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني إنَّ الشعب الفلسطيني لا يحتاج إلى "فتح"، ولا إلى "حماس"، وإنما إلى ما يشبه، في خواصه السياسية، "فتحماس"، أي هذا المركَّب السياسي الفلسطيني الجديد (الحكومة الائتلافية) الذي تنتفي فيه سلبيات كلا الفريقين، لتجتمع فيه، وتتعزَّز، إيجابياتهما.

وكلتا التجربتين، تجربة "فتح" وتجربة "حماس" في السلطة، أثبتت وأكدت أنَّ خير جهد يمكن، ويجب، أن يبذله الفلسطينيون في مقاومتهم القومية للاحتلال الإسرائيلي هو الجهد الذي يثمر تأسيسا وتطويرا لبنية تحتية اقتصادية لإرادتهم السياسية، فمن غير ذلك لن ينجح خيار "الحل عبر المقاومة" حيث فشل خيار "الحل عبر التفاوض السياسي"، ولن ينجح خيار "الحل عبر التفاوض السياسي" حيث فشل خيار "الحل عبر المقاومة"، وسيظل كلا الخيارين يعيد إنتاج أزمته، فلْتتركَّز جهود "حماس" و"فتح" في إنشاء وتطوير سياسة فلسطينية تعيد "الراتب"، وتعيد معه الدينامية السياسية لشعار "الأرض في مقابل السلام" حتى لا تنتهي الأزمة إلى حل يقوم على "الراتب في مقابل السلام"!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض من تجربتي في الفساد!
- -العَلَم العراقي-.. قصة ظلٍّ فقد جسمه!
- لِمَ تعادي الولايات المتحدة -إيران النووية-؟
- حلالٌ أن يتزوَّج الرجل ابنته.. حرام أن يتزوَّج مجتمعنا الديم ...
- صناعة تسمَّى -الاحتواء الإيديولوجي-!
- الحوار المستوفي لشروطه
- لهذا السبب ينبغي لإسرائيل استئناف الحرب!
- تناقض يطلب تفسيرا!
- -الأخلاق النووية- للولايات المتحدة!
- رياح الحرب ذاتها تتجه نحو إيران!
- غيض من فيض الدروس!
- -الدولة الأمْنِيَّة-.. قانون -الرعب المتبادَل-!
- لغز الموت!
- حزيران الذي انتهى في تموز!
- نصر يريدون إهداءه إلى إسرائيل!
- الاحتلال -الفارغ-!
- هذا القرار يجب أن يسقط!
- -أنا- و-الآخر-!
- دبلوماسية لإطالة زمن الحرب!
- لم يحضروا وإنَّما احتضروا!


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - الحل الذي يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!