أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - بعض من تجربتي في الفساد!














المزيد.....

بعض من تجربتي في الفساد!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1664 - 2006 / 9 / 5 - 05:55
المحور: المجتمع المدني
    


جرائم الفساد، في أوجهه كافة، كثيرة، وكثيرة جدا؛ ولكنَّ معظمها وأخطرها في بروج مشيَّدة، نراه بأبصارنا وبصائرنا، ونعاني ونكابد ويلاته، من غير أن نجرؤ على أن نقف ضده، أو من غير أن نتمكَّن من مواجهته والتغلُّب عليه، وكأنَّ مرتكبو تلك الجرائم سلطة لا تعلوها سلطة.

لقد رأيتُ كثيرا من جرائم الفساد، وفي وضوح يعدل وضوح النهار؛ ولكن ثمَّة ما أعجزني عن أن أكون جزءا من الجهود والمساعي المبذولة لمكافحتها، على قلة "الحقيقي" من تلك الجهود والمساعي، فأنا أولا لا أملك من "المنعة القانونية" ما يمكِّنني من أن أستوفي لـ "التهمة" شروطها القانونية؛ ذلك لأنَّ "جريمة الفساد"، التي أراها ببصري وبصيرتي، "مُتْقَنَة" من الوجهة القانونية، أي أن مرتكبها لديه من "المنعة القانونية"، المستمدَّة من قوانين ظاهرها مكافحة جرائم الفساد وباطنها حمايتها، ما يسمح له بردِّ "التهمة"، وبتحويلي من "متَّهِم" إلى "متَّهَم".

إنني أرى، وأعاني، واتَّهِم؛ ولكنني لا أملك دليلا من تلك الأدلة التي يدعوني "القانون" إلى امتلاكها حتى يستمع إليَّ، وكأنه لم يُكْتَب ويُقَر ويُعمَل به إلا ليكافِح مَنْ يعمل في سبيل مكافحة الفساد وجرائمه.

أمَّا لو وُفِّقْتُ، على ما يكتنف محاولتي من مصاعب، في التأسيس القانوني لـ "التهمة"، وفي الإتيان بكل الأدلة التي يقرها القانون، فإنَّ "محامي الشيطان"، مع ما يملكه "المتَّهم" من نفوذ وتفوُّق مالي، قد يوفَّق في تبرئة ساحة "الشيطان"، الذي، عندئذٍ، سيُوفَّق، أيضا، في أن يُوجِّه إليَّ تهمة "الإساءة إلى سمعته"، أو "الإضرار بمصالحه".

ونحن، في "مجتمعنا المدني"، لا نملك من الهيئات والمؤسسات والقوى، ما يُشجِّع "المواطِن المُتَّهِم" على "المغامرة"، أي على توجيه التهمة بما يملك من أدلة، وبما تشتمل عليه محاولته من أوجه الصواب والخطأ.

إنَّهم يرتكبون "جرائم الفساد"، التي بعضها تَراهُ وتُدركهُ، وبعضها لا يمكنكَ أن تصل إليه لا ببصركَ، ولا بسمعكَ. وفي المرئي والمُدرَك من تلك الجرائم، يتحدُّونكَ على أن تملك، أو تستجمع، من "الأدلة القانونية" ما يسمح لك بتوجيه التهمة إليهم، وبمقاضاتهم؛ و"الاتِّهام" المستوفي لشروطه القانونية لا يفوقه صعوبة سوى "إدانة المحكمة".

والمواطِن، في ذِكْرنا للرادع الثالث الذي يردعه عن المحاولة، عَلَّمتهُ التجربة أن يخشى توجيه إصبع الاتِّهام إلى مواطِن عادي، أو صغير؛ ذلك لأن للفساد تنظيما؛ والتنظيم لا يتألف من أعضاء فحسب، وإنَّما من قادة و"حيتان".

ولو كان الفساد، مع جرائمه، سلوكا فرديا لهان أمره، ولسَهُلت مكافحته والقضاء عليه؛ ولكنه حزبا، أو أحزاب، تتصالح تارة، وتتصارع طورا. وطالما علَّمَتْنا التجربة أنَّ كثيرا من الحملات التي تُجرَّد لمكافحة الفساد يمكن ويجب إدراجها في الصراع بين أجنحته أو أحزابه.

وعلَّمَتْنا، أيضا، أنَّ كثيرا من محاربي الفساد لم يحاربوه إلا ليصبحوا جُنْدا له إمَّا عبر "فن الإقناع" وإمَّا عبر "فن الإكراه"، وكأننا، في قسم كبير منا، على نوعين: نوع انغمس الفساد، ونوع يَنْتَظر ما يغريه بالانغماس فيه.. وكأننا لا نحاربهم إلا لنشاركهم، ونصبح منهم، وعلى مثالهم!

إنَّكَ لا تستطيع أن تُنجِز عملا لكَ مصلحة في إنجازه، أو تحتاج إلى إنجازه، من غير طريق الفساد التي تزدان بمن لعنهم الله، أي بـ "الراشي" و"المرتشي" و"الرائش". وإيَّاك أن تتوهَّم أنَّكَ تستطيع أن تقضي حاجة أو أمرا إنْ أنتَ خسرت فضيلة الكرم، أو ربأت بنفسكَ عن طلب مساعدة من صديق أو قريب "نافِذ". أمَّا إذا دَخَلْتَ مؤسَّسة تزدان بعبارات من قبيل "لا للواسطة!"، فإيَّاك أن تفهم "لا" على أنها حرف نفي، فإذا فهمتها على أنها كذلك وَقَعْتَ في شرِّ فهمكَ!

وإيَّاكَ، أيضا، أن تفهم "التأخير" في إنجاز عملك، وقضاء حاجتك، على أنه من "البيروقراطية"، فهذا الفهم لا يعود عليك بالنفع والفائدة. عليكَ أن تُحْسِن الفهم، أي أن تفهم "التأخير" على أنه "طلب" و"استعطاء"!

وإذا هُم حدَّثوكَ عن "النواقص"، و"المخالفات القانونية"، في "طلبكَ" فإيَّاك أن تعتقد أنهم يدعونكَ إلى إصلاحه وتقويمه، فافهم الأمر كما يريدون لك، حقا، أن تفهمه. افهمه على أنه "خدمة" يقترحون إسداءها إليك، فَلْتُعطهم أجرهم قبل أن يجف عرقهم!

وأخيراً، إيَّاكَ، ثمَّ إيَّاكَ، أن تُظهر المال الذي تضعه في يده على أنه "رشوة"، فخير لكَ، وله، أن تُظهره على أنه "حقٌ له"، ولا ريب في شرعيته، أكانت سماوية أم أرضية.

المأساة، أي مأساتي الشخصية، أنني، وعلى ما بَذَلْت، لم أقطف بَعْد "الثمرة"، التي لي فيها حقٌّ لا ريب فيه، وكأنهم يريدون أن يقولوا لي: لا تيأس، فالحل ما زال في "يدكَ"، فاسْتَمِرَّ في العطاء حتى تفرغ تماما!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -العَلَم العراقي-.. قصة ظلٍّ فقد جسمه!
- لِمَ تعادي الولايات المتحدة -إيران النووية-؟
- حلالٌ أن يتزوَّج الرجل ابنته.. حرام أن يتزوَّج مجتمعنا الديم ...
- صناعة تسمَّى -الاحتواء الإيديولوجي-!
- الحوار المستوفي لشروطه
- لهذا السبب ينبغي لإسرائيل استئناف الحرب!
- تناقض يطلب تفسيرا!
- -الأخلاق النووية- للولايات المتحدة!
- رياح الحرب ذاتها تتجه نحو إيران!
- غيض من فيض الدروس!
- -الدولة الأمْنِيَّة-.. قانون -الرعب المتبادَل-!
- لغز الموت!
- حزيران الذي انتهى في تموز!
- نصر يريدون إهداءه إلى إسرائيل!
- الاحتلال -الفارغ-!
- هذا القرار يجب أن يسقط!
- -أنا- و-الآخر-!
- دبلوماسية لإطالة زمن الحرب!
- لم يحضروا وإنَّما احتضروا!
- يريدون جعل السياسة امتدادا للحرب!


المزيد.....




- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - بعض من تجربتي في الفساد!