أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هناء عبيد - الرغيف الأسود؛ مرآة بؤس المواطن العربي














المزيد.....

الرغيف الأسود؛ مرآة بؤس المواطن العربي


هناء عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 7149 - 2022 / 1 / 30 - 13:36
المحور: الادب والفن
    


"الرغيف الأسود" عنوان كتاب يحكي عن مذكرات طفولية للأديب المغربي حسن المصلوحي، صدر عام 2020 عن مؤسسة مقاربات للنشر والصناعات الثقافية. يقع الكتاب في 117 صفحة من الحجم المتوسط

من الجميل أن نتعرف على حياة الآخرين من خلال ذكرياتهم أو سيرتهم الذاتية، وهذا ما جاء في كتاب الرغيف الأسود الّي أطلعنا على طبيعة الحياة في المغرب، فقد استطاع الكاتب حسن المصلوحي أن يأحذنا إلى عوالمه من خلال عدة فصول تسلط الضوء على معظم جوانب الحياة في المغرب، الاجتماعية والسياسية و الجغرافية وغيرها من الأمور التي تهم الشعوب.

ويبدو أننا نتشابه نحن العرب في ظروف حياتنا في كل المراحل منها، إذ نرى كم هي متشابهة طفولتنا وإن تفاوتت أحيانا في بعض الفروقات، فمن خلال أحد الفصول يطلعنا الكاتب على طفولته في الحي الذي كان يعيش فيه وكيف كان للطبيعة الدور الأكبر في صقل شخصيته، فهو يعتبر أن الطبيعة هي المربي الأول للطفل، حيث يعرفنا على شقاوته هو وأترابه حينما كانوا يلاحقون الأفاعي والعقارب، وكم كان يعشق المطر والريح والبحر والشمس، والأرض التي كان يلتقط نباتها مثل الخبيزة والحريكة، هذه الطفولة تتشابه كثيرًا مع طفولتنا وشقاوتنا في فلسطين، وإن اختلفت في بعض التفاصيل فالجوهر واحد، فقد كنا في طفولتنا نعشق الشمس والمطر والريح، ونلعب بالماء والطين والتراب، ونلتقط الخبيزة وبعض الأعشاب الأخرى كالببونج من الأرض، كم كانت طفولة جميلة رغم كل ما كان يعتريها من بؤس وشقاء، وربما هذا ما يجعلنا أحيانا نشفق على طفولة هذا العصر الّتي ارتبطت بالألكترونيات واتسمت بالجمود ومحدودية الاطلاع ومعرفة الطبيعة التي تبني الأجسام وتنمي العقل والشخصية.

وفي فصل عنونه بأول يوم في الدراسة، يحدثنا عن المدارس في طفولته وعن سياسة الضرب التي تكرّه الأطفال بالدراسة، ومدى بشاعة تأثيره على النفس، وأظنها أساليب ما زالت متبعة في بعض البلدان العربية، كما يأخذنا معه لنشاركه خياله الّذي كان يصور له الهروب من المدرسة للتخلص من عصا المعلم، كلها ذكريات تأخذنا إلى طفولتنا المشابهة لطفولته، وكأننا نحن أبناء العروبة كتب علينا البؤس والخوف والضرب حتى في مراحل التعلم والدراسة، لكن رغم كل ذلك كان اجتهادنا كبيرًا كما اجتهاد طفولة حسن ورفاقه في خلق مساحات الفرح من بين ضغوطات الحياة التي تضيق العيش. ولا ينسى أن يحدثنا عن مدى حبه لمعلمته سمية واحترامه لها، ولا تخلو أيام الدراسة من الشقاوة التي لا يتخلى عنها الأطفال، إذ يحكي لنا عن سرقة الطلاب لقلمه الأخضر وانتقامه منهم بسرقة أغراضهم.

يعرفنا الكاتب من خلال ذكرياته على بعض العادات والتقاليد المتبعة في المغرب عند احتباس المطر، كما نتعرف معه على بعض الأغاني والتراث الشعبي فيه، وبعض الطقوس المتبعة لإقامة صلاة الاستسقاء، أيضا يطلعنا على الأزياء الشعبية التراثية المغربية.

يحدثنا الكاتب عن حكايا العشق الّتي تبدأ بحبه الطفولي لابنة الجيران التي كان يرافقها إلى المدرسة، والّتي كان يشترك معها في حياة البؤس حيث منازلهم المبنية من الصفيح الّذي لا يستطيع أن يمنع مياه المطر من التسرب إلى داخل البيت، وهذا يأخذني إلى آدم شخصية روايتي "منارة الموت" الّتي يحب ابنة الجيران هانا، والتي كان يصطحبها دوما إلى المدرسة، وهما يعيشان نفس حياة البؤس التي يصورها أديبنا حسن هنا، حيث أن آدم وهانا يعيشان في بيت مصنوع من الصفيح وسقفه من الزنك الذي لا يمنع مياه المطر من التسرب إلى داخل البيت، وكأن خيالنا يأبى إلا أن يلازم واقعنا ليصب ويجسد لنا مراحل عيش طفولتنا البائسة لنكتبها على الورق.

لم تخل ذكريات الكاتب من تعريفنا على بعض المدن الجميلة في المغرب، لننتقل من سكون مكاننا إلى حمامة البحر الأبيض المتوسط تطوان، وهنا يتجلى عشقي للمدن الّذي جعلني أبحث في جوجل عن هذه المدينة وصورها، لأرى مدى تطابق وصف الكاتب بالكلمات لهذه المدينة وهي تمتثل أمام ناظري، وأظنه قد أتقن الوصف تمامًا، فيا لسحر هذه المدينة الّتي تترامى بعض عماراتها على الجبال بمشهد مهيب يسر الناظرين، ولعلّ هذا من أهم فوائد الأدب الذي يتجاوز المكان والجغرافيا والزمان ليصلك بالعالم الآخر رغم أنك لم تتجاوز حدود مكانك.

وكما تتشابه ذكريات الطفولة في بلادنا، يتشابه البؤس فيها، حيث الفقر والجوع والظلم والاستعمار، ورجال السلطة، والسرقات، وحيث الرغيف المغمس بالذل، ذكريات تعتبر مرآة لحال الشعوب العربية دون استثناء.
استمتعنا بهذه الذاكرة رغم الألم والحزن اللذان يشوبانها من خلال لغة الكاتب القوية المتينة الشاعرية التي استخدم فيها اللغة العربية الفصحى.
تخلل النصوص بعض المفردات من اللهجة المحكية المغربية، التي كنا نتمنى لو تم وضع معانيها بين قوسين أو وضع هامش مخصص لشرح معانيها.

الرغيف الأسود، هو رغيف المواطن العربي مهما اختلفت رقعة الأرض التي يعيش عليها.
كتاب الرغيف الأسود كتاب ثريّ غنيّ بالمعلومات يضيف قيمة أدبيّة إلى رفوف المكتبة العربية.



#هناء_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلاوة برتقال يافا في قصة الدكتورة روز اليوسف شعبان
- قراءة في مسرحية بيت ليس لنا
- رواية بلد المنحوس للروائي سهيل كيوان
- رواية اليتيمة والثقافة الشعبية
- قراءة في المجموعة القصصية نوارس تبحث عن الأحباب للأديبة نزهة ...
- حوار مع المهندس أحمد ممدوح حول منصة اليوتيوب وأهميتها في الو ...
- حوار مع الدكتور وليد سرحان حول الاكتئاب
- هل سيطرت منصة اليوتيوب على العالم المعلوماتي؟
- حوار مع الدكتور وليد سرحان حول الخرف.. أجرى الحوار المهندسة ...
- قراءة في قصة السنجابة والعقاب للكاتبة رفيقة عثمان والشاعر صل ...
- نجاح في غزة
- عيون الحب
- بيروت؛ عيون القلب
- حوار مع الدكتور وليد سرحان عن الشّخصيّة المثاليّة
- عيد بلا عيد
- إنّهم يعشقون القطط
- حوار مع الدكتور وليد سرحان أجرى الحوار هناء عبيد
- فرح فيسبوكيّ
- الورد جميل
- تبسّم للنّبي


المزيد.....




- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هناء عبيد - الرغيف الأسود؛ مرآة بؤس المواطن العربي